أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بسيناء ووجه بحرى بوزارة الاثار ، بأن درب الحج المصرى القديم عبر سيناء إلى مكةالمكرمة لم يكن قاصراً على خدمة حجاج مصر فى ذهابهم وعودتهم ، وإنما كان يخدم حجاج المغرب العربى والأندلس وحجاج غرب أفريقيا . وقال ريحان فى تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم إن طريق الحج استخدم منذ بداية العصر الإسلامى وتميز بوجود ثلاث مراحل زمنية الأولى من الفتح الإسلامى حتى أواخر حكم الفاطميين ، والثانية من أواخر حكم الفاطميين حتى أوائل حكم المماليك ، والثالثة من أوائل حكم المماليك حتى عام (1303ه / 1885م) حين تحول للطريق البحرى وتزايدت أهمية الدرب خاصة مع قيام دولة سلاطين المماليك. وأضاف أن الجزء الخاص بطريق الحاج بسيناء ينقسم لثلاث مراحل تتقارب فى مسافاتها إلى حد كبير فالأولى من بداية الطريق ببركة الحاج عند العاصمة وحتى عجرود وطولها 150كم ، والثانية من عجرود إلى نخل بوسط سيناء وطولها 150كم ، والثالثة من نخل إلى عقبة أيلة وطولها 200كم ، وكانت تقطع كل مرحلة من هذه المراحل الثلاث فى نحو ثلاثة أيام بالسير بقوافل الحجيج. وتابع الخبير الأثرى أن أول طريق يعبره حجاج مصر والمغرب العربى كان هو طريق قوص – عيذاب من عام 450 إلى 665ه الموافق 1058- 1266م ، حيث كان يخرج الحجاج من القاهرة قبل شهر رمضان ثم يسيرون لقوص 640كم من القاهرة ثم يقطعون 160كم إلى عيذاب أو القصير ويظلوا شهرين فى انتظار الفلايك التى تحملهم عبر البحر الأحمر إلى جدة. وأوضح أن شجرة الدر ارتادت درب الحج المصرى القديم عبر سيناء عام (645ه / 1247م) ، واعتبرت أول مرتاد لهذا الطريق الذى صار الطريق الرئيسى للحجاج ، وبعدها كسا الظاهر بيبرس الكعبة المشرفة وعمل لها مفتاحاً ثم أخرج قافلة الحج فى البر عبر سيناء عام (666ه / 1267م) فقل اتخاذ الحجاج لطريق عيذاب واستمر هذا الطريق كطريق تجارى حتى بطل عام (760ه / 1359م) ، وعلى الرغم من استتباب الأمن منذ حكم الأيوبيين إلا أن درب الحاج المصرى قد أصبح طريقاً حربياً فى فترة الحروب الصليبية مما أبقى على طريق قوص - عيذاب مساراً للحج. واشار الى أن القاهرة فى الفترة الزمنية الثالثة لطريق الحاج أصبحت مجمعا حضريا كبيرا يضم إلى جانب القاهرة المعزية قلعة الجبل والفسطاط وجملة من نواحى ظوهر القاهرة ، ومن ثم أصبحت صحراء الريدانية (العباسية) كأرض مكشوفة غير عامرة هى بداية الطريق نحو بركة الحاج ، وكان الركب ينزل بها قبل المسير إلى البركة وكان بها سوق عظيمة يقضى فيها الحجاج يومين أو ثلاثة قبل بدء الرحلة ويتزود منها الحجاج بكل احتياجاتهم والمسافة بينهما 22كم تقطع بسير القوافل فى خمس ساعات ، ومن عجرود يمر الحجاج على 24 عامود حجرى ارتفاعها 2م ، وهى عبارة عن أعلام منصوبة للحجاج حتى لا يضلوا الطريق ، ومن بركة الحاج إلى عجرود 130كم وتبعد 20كم شمال غرب مدينة السويس ومن ثم فقد كانت بعض قوافل الحاج تذهب إلى السويس قبل الدخول إلى سيناء طلباً للماء وقد قدّر المؤرخون أحد مواكب الحاج ب 80 ألف راحلة دون الدواب الأخرى. ولفت الى الطريق عبر سيناء إلى بئر مبعوق ومنها إلى قلعة نخل بوسط سيناء وفى نخل أنشأ السلطان الغورى خان وقد قام بتنفيذ ذلك خاير بك المعمار أحد المقدمين فى عام (915ه / 1509م) وكان الخان ضيقاً فتمت توسعته فى عام (959ه / 1551م) ، وينصب بقلعة نخل فى زمن الحج سوق وأفران لعمل الخبز وترد لهذا السوق جماعات من أهل سيناء وبذلك يتوفر للحجاج جملة خدمات من حيث الإقامة فى خان فى ظل حماية الحراس وتوفير الماء العذب الكافى من الآبار وفى الفساقى وحراسة الموكب من قبائل سيناء ن وكان يصل إلى نخل فى زمن الحج قوافل تجارية تجلب سلع الشام التى تلزم الحجاج. وأضاف الخبير الأثرى الدكتور عبد الرحيم ريحان أنه من قلعة نخل يسير ركب الحاج إلى بئر التمد ومنها إلى دبة البغلة التى تحوى علامة هامة تحدد معالم هذا الطريق وهى نقش السلطان الغورى الذى يحوى نصوص قرآنية ورنك خاص بالسلطان ونقش خاص بتعميره لهذا الطريق ومنها إلى سطح العقبة ومنها إلى عقبة أيلة ، وتستغرق الرحلة من بركة الحاج حتى قلعة العقبة تسعة أيام يتجه بعدها الحجاج للأراضى الحجازية بمحاذاة البحر الأحمر للجنوب إلى حقل ، مدين ، ينبع ، بدر ، رابغ ، بطن مر ومنها إلى مكةالمكرمة.