حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الخميس 20 نوفمبر 2025    أخبار فاتتك وأنت نائم| حادث انقلاب أتوبيس.. حريق مصنع إطارات.. المرحلة الثانية لانتخابات النواب    أوكسفام: أرباح مليارديرات مجموعة العشرين في عام واحد تكفي لانتشال جميع فقراء العالم من براثن الفقر    زكريا أبوحرام يكتب: هل يمكن التطوير بلجنة؟    انتهاء الدعاية واستعدادات مكثفة بالمحافظات.. معركة نارية في المرحلة الثانية لانتخابات النواب    تحريات لكشف ملابسات سقوط سيدة من عقار فى الهرم    زوار يعبثون والشارع يغضب.. المتحف الكبير يواجه فوضى «الترندات»    دعاء الفجر| اللهم إن كان رزقي في السماء فأنزله    بيان سعودي حول زيارة محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة    ترامب يعلن عن لقاء مع رئيس بلدية نيويورك المنتخب في البيت الأبيض    مستشار ترامب للشئون الأفريقية: أمريكا ملتزمة بإنهاء الصراع في السودان    سفير فلسطين: الموقف الجزائري من القضية الفلسطينية ثابت ولا يتغير    أدعية الرزق وأفضل الطرق لطلب البركة والتوفيق من الله    كيفية تدريب الطفل على الاستيقاظ لصلاة الفجر بسهولة ودون معاناة    فلسطين.. تعزيزات إسرائيلية إلى قباطية جنوب جنين بعد تسلل وحدة خاصة    مكايدة في صلاح أم محبة لزميله، تعليق مثير من مبابي عن "ملك إفريقيا" بعد فوز أشرف حكيمي    مصادر تكشف الأسباب الحقيقية لاستقالة محمد سليم من حزب الجبهة الوطنية    تضرب الوجه البحري حتى الصعيد، تحذير هام من ظاهرة تعكر 5 ساعات من صفو طقس اليوم    طريقة عمل البصل البودر في المنزل بخطوات بسيطة    منى أبو النصر: رواية «شغف» تتميّز بثراء نصّها وانفتاحه على قراءات متعددة    ياسر ثابت: واشنطن تلوّح بضغط سريع ضد مادورو... وفنزويلا مرشّحة لساحة صراع بين أمريكا والصين وروسيا    يحيى أبو الفتوح: منافسة بين المؤسسات للاستفادة من الذكاء الاصطناعي    إصابة 15 شخصًا.. قرارات جديدة في حادث انقلاب أتوبيس بأكتوبر    طريقة عمل الكشك المصري في المنزل    أفضل طريقة لعمل العدس الساخن في فصل الشتاء    مروة شتلة تحذر: حرمان الأطفال لاتخاذ قرارات مبكرة يضر شخصيتهم    خبيرة اقتصاد: تركيب «وعاء الضغط» يُترجم الحلم النووي على أرض الواقع    مأساة في عزبة المصاص.. وفاة طفلة نتيجة دخان حريق داخل شقة    تراجع في أسعار اللحوم بأنواعها في الأسواق المصرية اليوم    أسعار الدواجن في الأسواق المصرية.. اليوم الخميس 20 نوفمبر 2025    وردة «داليا».. همسة صامتة في يوم ميلادي    بنات الباشا.. مرثية سينمائية لنساء لا ينقذهن أحد    خالد أبو بكر: محطة الضبعة النووية إنجاز تاريخي لمصر.. فيديو    إعلام سوري: اشتباكات الرقة إثر هجوم لقوات سوريا الديمقراطية على مواقع الجيش    إطلاق برامج تدريبية متخصصة لقضاة المحكمة الكنسية اللوثرية بالتعاون مع المعهد القضائي الفلسطيني    بوتين: يجب أن نعتمد على التقنيات التكنولوجية الخاصة بنا في مجالات حوكمة الدولة    تأجيل محاكمة المطربة بوسي في اتهامها بالتهرب الضريبي ل3 ديسمبر    ضبط صانعة محتوى بتهمة نشر مقاطع فيديو خادشة للحياء ببولاق الدكرور    مهرجان القاهرة السينمائي.. المخرج مهدي هميلي: «اغتراب» حاول التعبير عن أزمة وجودية بين الإنسان والآلة    خالد الغندور: أفشة ينتظر تحديد مستقبله مع الأهلي    دوري أبطال أفريقيا.. بعثة ريفرز النيجيري تصل القاهرة لمواجهة بيراميدز| صور    تقرير: بسبب مدربه الجديد.. برشلونة يفكر في قطع إعارة فاتي    ديلي ميل: أرسنال يراقب "مايكل إيسيان" الجديد    بالأسماء| إصابة 5 أشخاص في حادث تصادم ميكروباص وملاكي بأسيوط    فتح باب حجز تذاكر مباراة الأهلي وشبيبة القبائل بدورى أبطال أفريقيا    أرسنال يكبد ريال مدريد أول خسارة في دوري أبطال أوروبا للسيدات    "مفتاح" لا يقدر بثمن، مفاجآت بشأن هدية ترامب لكريستيانو رونالدو (صور)    ضمن مبادرة"صَحِّح مفاهيمك".. أوقاف الفيوم تنظم قوافل دعوية حول حُسن الجوار    لربات البيوت.. يجب ارتداء جوانتى أثناء غسل الصحون لتجنب الفطريات    عصام صاصا عن طليقته: مشوفتش منها غير كل خير    تصل إلى 100 ألف جنيه، عقوبة خرق الصمت الانتخابي في انتخابات مجلس النواب    أمريكا: المدعون الفيدراليون يتهمون رجلا بإشعال النار في امرأة بقطار    ماييلي: جائزة أفضل لاعب فخر لى ورسالة للشباب لمواصلة العمل الدؤوب    علي الغمراوي: نعمل لضمان وصول دواء آمن وفعال للمواطنين    قليوب والقناطر تنتفض وسط حشد غير مسبوق في المؤتمر الانتخابي للمهندس محمود مرسي.. فيديو    خالد الجندي: الكفر 3 أنواع.. وصاحب الجنتين وقع في الشرك رغم عناده    أهم أحكام الصلاة على الكرسي في المسجد    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أخبار موكب الحجاج في عصور مصر الإسلامية
نشر في محيط يوم 26 - 10 - 2012

كانت رحلة الحج القديم من مصر إلى مكة المكرمة عبر سيناء تمثل منظومة اقتصادية اجتماعية ثقافية إعلامية متكاملة ؛ حيث كانت قافلة الحجاج عبر سيناء بمثابة انتقال مجتمع بأكمله يقودها أمير الحاج وهو القائد العام للقافلة كلها .
وكانت مهمة الأمير اختيار زمن التحرك وسلوك أوضح الطرق وترتيب الموكب فى المسير والنزول والحراسة وقتال من يتعرض للقافلة .
أما أول وكالة إعلام فى التاريخ أنشئت بمصر من أجل معرفة أخبار موكب الحجاج من مصر إلى مكة المكرمة عبر سيناء متمثلة فى مراسل مرافق للرحلة يسجل كل أحداثها ويسبق موكب الحج أثناء عودته ليسير مسرعاً للقاهرة بعد نهاية الرحلة ليبلغ السلطان والرأى العام بأحداث الرحلة وما صادفهم من مشقة وعدد الوفيات .
ولم يقتصر هذا الموكب على حجاج مصر فقط بل كان يضم حجاج المغرب العربى والأندلس وغرب أفريقيا
وتمثل رحلة الحجاج أول تنظيم مجتمعى متحرك فى العالم يعبر عن الرقى والفكر المتحضر للحضارة الإسلامية حيث كانت تضم القافلة قاضى المحمل الشريف لحل المنازعات و أميراخور للرفق بالحيوان كانت مهمته مراقبة الدواب وحالتهم الصحية ومعه طبيب بيطرى .

وكان هناك تقسيم عادل للمؤن طوال الرحلة وأثناء الراحة يقوم بها شاد المخازن والكيلار (القبانى) ومشرفون على ملئ المياه وتوزيعها ونظافة الأوعية الجلدية التى تحمل فيها المياه وهم شاد السقائين ومهتار الشراب خانه ومشرفون على طهى الطعام مثل شاد المطبخ والطباخون ومع الركب طبيب صحة وجراح (الجرائحى) وطبيب عيون وبعض الأدوية وهناك مقدم الضوئية وهو قائد حاملى المشاعل التى توقد بالزيت وبعضها بالخشب ومقدم الهجانة الذى يشرف على أكسية الجمال التى تتصف بشئ من الأبهة للحرص على جمال القافلة أثناء السير وهناك الشعراء .
وهناك الميقاتى لتحديد مواعيد الصلاة والمؤذن والوظائف الصغيرة كالخباز والنجار ومغسلى الموتى وكان يصاحب القافلة عدداً من الأمراء والجند لحراسة الموكب والأئمة والأدلاء من أهل سيناء للإرشاد لمعالم الطريق مع وجود علامات خاصة على طول الطريق تحدد معالمه .
ويصاحب الرحلة أيضاً رجال الإدارة لحسن إدارة الموكب وتنظيم الرحلة وتقسيم المؤن .
وكان موسم الحج مهرجاناً ثقافياً يترنم فيه الأدباء بالأشعار الدينية فى جو البادية الممتد فتمنحهم الخيال الخصب برؤية الكعبة المشرّفة أمامهم طوال الرحلة تنادى على عمارها فيلبون النداء لبيك اللهم لبيك
رحلة الحجاج
استخدام طريق الحج منذ بداية العصر الإسلامى وتميز بوجود ثلاث مراحل زمنية ، الأولى من الفتح الإسلامى حتى أواخر حكم الفاطميين ، والثانية من أواخر حكم الفاطميين حتى أوائل حكم المماليك ، والثالثة من أوائل حكم المماليك حتى عام (1303ه / 1885م) حين تحول للطريق البحرى .

وينقسم درب الحاج المصرى إلى أرباع ، الربع الأول من صحراء القاهرة المعزية إلى عقبة أيلة ، والثانى من عقبة أيلة إلى قلعة الأزلم ، والثالث من قلعة الأزلم إلى ينبع ، والرابع من ينبع إلى مكة المكرمة أما الجزء الخاص بطريق الحاج بسيناء فينقسم لثلاث مراحل تتقارب فى مسافاتها إلى حد كبير .
فالأولى من بداية الطريق عند العاصمة وحتى عجرود وطولها 150كم ، والثانية من عجرود إلى نخل وطولها 150كم والثالثة من نخل إلى عقبة أيلة وطولها 200كم وكانت تقطع كل مرحلة من هذه المراحل الثلاث فى نحو ثلاثة أيام بسير قوافل الحجيج .
ولم يكن درب الحاج المصرى قاصراً على خدمة حجاج مصر فى ذهابهم وعودتهم وإنما كان يخدم حجاج المغرب العربى والأندلس وحجاج غرب أفريقيا وتزايدت أهمية الدرب خاصة مع قيام دولة سلاطين المماليك .

ومع الأهمية الكبرى لدرب الحاج المصرى كمعبر لقوافل الحجاج إلا انه لم يكن المسلك الوحيد لهذه الرحلة المقدسة عبر الأراضى المصرية فهناك المسالك البحرية من خلال السفن المستخدمة لموانئ مصر على خليج السويس وهى ميناء القلزم (السويس) وميناء الطور بشهرته الواسعة خاصة أيام سلاطين المماليك والعثمانيين وميناء عيذاب المواجه للأراضى المقدسة الذى كان البديل الآمن عندما هددت الحملات الصليبية درب الحاج المصرى منذ آواخر حكم الفاطميين
فرحة الموكب
منذ عام 675ه فى عهد الظاهر بيبرس كان يدور المحمل بالقاهرة دورتين الأولى فى رجب لإعلان أن الطريق آمن لمن أراد الحج والثانية فى شوال ويبدأ الموكب من باب النصر وكان الناس يخرجون للفرجة على المحمل الشريف ويقود القافلة أمير الحاج وهو القائد العام للقافلة كلها .
وفى أيام المماليك كان السلطان هو الذى يعين أمير الحاج كل عام وكانت مهمته إختيار زمن التحرك وسلوك أوضح الطرق وترتيب الركب فى المسير والنزول والحراسة وقتال من يتعرض للقافلة ومن أشهرهم الأمير سلار نائب السلطنة وكان أميراً للحاج عام 703ه وكان له أفضال عديدة حتى عم الخير فدعوا له يا سلار كفاك الله شر النار .

وكانت القافلة تغادر مصر على النظام الآتى : الرسميون ثم الأعيان ثم الحجاج ، أما صندوق المال والمؤن والنساء والبضائع الثمينة فقد كانت توضع فى وسط القافلة ويتبعها ركب الحجاج العاديين من غير الرسميين والأعيان ، وقد تقرر مرتب خاص لرئيس المحمل قدره 18 ألف دينار و ألف أردب من القمح وأربعة آلاف أردب من الفول ويرافق أمير الحاج عدد من الموظفين والخدم والحاشية وكانت سوق التجارة فى مكة أعظم سوق فى العالم فى الأيام العشرة التى يقضيها الحجاج فى المدينة المقدسة وكان تبادل تجارة الهند ومنتجات الشرق يقدر بملايين من الدينارات وترسل تلك البضائع مع المحمل أو إلى جدة رأساً لنقلها من هناك إلى السويس أما جدة فهى الميناء التى تتجمع فيها غلال مصر وخضرواتها وتجارة الهند والقهوة اليمنية
الطريق عبر سيناء
كان لطريق الحج عبر سيناء ميزات عديدة فهو أقصر الطرق بين القاهرة وأيلة (العقبة) ويرتبط بمجموعة من الطرق الأخرى التجارية والحربية تزيد من أهميته .

ويأتى حجاج المغرب العربى والأندلس وغرب أفريقيا بالسفن للإسكندرية أو براً بالطريق الساحلى للبحر المتوسط حتى الإسكندرية وعبر غرب الدلتا حتى الجيزة عن طريق واحة سيوه – وادى النطرون – كرداسة جيزة وكان الطريق فى مرحلته الزمنية الأولى من شمال شرق الفسطاط إلى جب عميرة (بركة الحاج) التى كانت بداية الطريق على طول التاريخ وبعد أن أصبحت القاهرة عاصمة صارت الريدانية (العباسية) نقطة الانطلاق لبركة الحاج ثم عجرود (قرب السويس) إلى القلزم (السويس) ثم عيون موسى للتزود بالمياه العذبة والغزيرة ثم وادى صدر وبه ثلاثة عيون طبيعية إلى نخل بوسط سيناء إلى العقبة .

وفى المرحلة الثانية فى العصر الأيوبى تراجعت الوظيفة الدينية لهذا الطريق لتتحول لوظيفة حربية تسلكه الجيوش لقتال الصليبيين شرق نهر الأردن وأنشأ عليه صلاح الدين القلاع الحربية كقلعة الجندى بوسط سيناء وقلعته الشهيرة بجزيرة فرعون بطابا .

وفى أوائل حكم المماليك سيطر الصليبيون على أيلة واستردها الظاهر بيبرس 665ه 1267م وبذلك يعتبر نهاية الفترة الزمنية الثانية لطريق الحج وفى عام 666ه استعاد الطريق سابق عهده كطريق للحج وكسا الظاهر بيبرس الكعبة وعمل لها مفتاحاً ثم أخرج قافلة على هذا الدرب عام 667ه وزار مكة عن طريق أيلة

كان يتجمع الحجاج فى بركة الحاج لمدة ما بين ثلاثة إلى خمسة أيام وينصب بها سوق كبير فيه الجمال والملابس وما يحتاج إليه الحجاج من مأكل وملبس ويتم بها تبادل تجارى بين ما تحمله القوافل المغربية والأفريقية من سلع جاءوا بها للمقايضة بما يلزمهم عل طول الطريق ومنها إلى عجرود (110كم من القاهرة) .
وهناك بئر وساقية من إنشاء الناصر محمد بن قلاوون 698-741ه وجددها الغورى 915ه وبنى أحواضاً لسقى الحجاج ودوابهم وكانت سوقاً لقوافل الحج والتجارة لاتصالها بمدينة بلبيس وشرق الدلتا وموانئ مصر على خليج السويس حيث كانت تنقل الغلال من شرق الدلتا لموانئ التصدير ومن عجرود يمر الحجاج على 24 عامود حجرى ارتفاعها 2م وهى عبارة عن أعلام منصوبة للحجاج حتى لا يضلوا الطريق ومن عجرود إلى نخل (240كم من القاهرة)الذى يعقد بها سوقاً ضخماً به كل فوكه سيناء وأفران للخبز وتحوى آبار للمياه وبرك لحفظ المياه وأحواض لشرب الدواب وخان لمبيت الحجاج وقلعة وحواصل لذخائر الحجاج ومسجد وكلها فى مبنى واحد .

ويعود تاريخ هذه المنشئات من عصر السلطان بيبرس وحتى العصر العثمانى وقد أنشأ هذا الخان فى نخل السلطان الغورى وقد قام بتنفيذ ذلك خاير بك المعمار أحد المقدمين فى عام (915ه / 1509م) وكان الخان ضيقاً فتمت توسعته فى عام (959ه / 1551م) وبنخل ثلاث فساقى وبئران
وكان درب الحج السبب الرئيسى فى إحياء نخل والذى أهلها يوماً لأن تكون المركز الإدارى لكل سيناء والذى انتقل للعريش بعد هجر درب الحج وتشييد سكة حديد مصر وفلسطين 1916م ومن نخل إلى بئر التمد ومنها إلى دبة البغلة وفى منطقة دبة البغلة التى تبعد 20كم من قرية النقب بوسط سيناء طريق النقب – نخل توجد علامة هامة تحدد معالم هذا الطريق وهى نقش السلطان الغورى الذى يحوى نصوص قرآنية " إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطاً مستقيماً وينصرك الله نصراَ عزيزاً ..... " سورة الفتح آيات 1 – 3

والنص الخاص بتمهيد السلطان الغورى لهذا الطريق نصه (رسم بقطع هذا الجبل المسمى عراقيب البغلة ومهد طريق المسلمين الحجاج لبيت الله تعالى وعمار مكة المكرمة والمدينة الشريفة والمناهل عجرود ونخل وقطع الجبل عقبة ايلا وعمار القلعة والآبار وقلعة الأزلم والموشحة ومغارب ونبط الفساقى وطرق الحاج الشريفة مولانا المقام الشريف والإمام الأعظم سلطان الإسلام والمسلمين الملك الأشرف أبو النصر قنصوه الغورى نصره الله تعالى نصراً عزيزاً )ورنك خاص بالسلطان الغورى ومن دبة البغلة يتجه الحجاج إلى قلعة العقبة الذى أنشأها الغورى 914ه على بعد 50م من شاطئ خليج العقبة وبها مخازن للحبوب ومخبز وبئر مياه ومسجد وتستغرق كل هذه المسافة من بركة الحاج حتى قلعة العقبة تسعة أيام يتجه الحجاج بعدها للأراضى الحجازية بمحازاة البحر الأحمر للجنوب إلى حقل ، مدين ، ينبع ، بدر ، رابغ ، خليص بطن مر ، مكة المكرمة
ورغم استخدام طريق الحج البرى طيلة هذه المدة ولكن ظل جزءاً من المؤن الاحتياطية يتلقاها الحجاج فى العقبة بطريق البحر لذا كانت أيلة سوقاً للماشية والمؤن وكذلك الأمر بالنسبة لينبع فإن الحجاج يقيمون فيها بعض الوقت حتى تصلهم السلع والمؤن التى ترسلها مصر وغيرها بطريق البحر
تأمين الطريق

حرص خلفاء المسلمين على تأمين طريق الحج ففى سنة (79ه / 698م) أرسل الخليفة عبد الملك بن مروان (65- 86ه/ 685- 705م) أموالاً مع أمير الحج من أجل إنفاقها على كل من تضرر من الحجاج ولقد تضرر هذا العام حجاج الركب المصرى بسبب هطول أمطار غزيرة فى طريق الركب وفى سنة (91ه / 709م) أمر الخليفة الوليد بن عبد الملك (86- 96ه/705- 715م) بتمهيد طريق ركب الحجاج المصرى وحفر الآبار فى محطات الطريق .

وفى سنة (104ه / 722م) أمر الخليفة يزيد بن عبد الملك (101-105ه/720- 724م) بحفر الآبار فى طريق ركب الحاج المصرى ، وفى سنة (135ه/ 752م) أمر الخليفة أبو العباس عبد الله بن أحمد (132- 136ه/750- 753م) بإصلاح طريق الركب المصرى وحفر الآبار فى منطقة الوجه وفى سنة (137ه/ 754م) أمر الخليفة أبو جعفر عبد الله المنصور (136- 158ه/753 - 775م) عامله على مصر بأن يقوم بتوزيع أعطيات للأعراب القاطنين بطريق الحاج المصرى كما أنه أمر ببناء المساجد فى هذا الطريق .
وفى سنة (165ه / 781م) أمر الخليفة أبو عبد الله محمد المهدى (158- 169ه/775- 785م) صاحب البريد فى مصر بإقامة محطات للبريد فى طريق الحاج المصرى ووزع فيها البغال والحمير الخاصة بهذا الغرض وفى سنة (175ه / 791م) أمر أبو جعفر هارون الرشيد (170-193ه/786-808م) عامله فى مصر بإصلاح طريق الحاج وتوزيع أموال على الأعراب القاطنين فى الطريق وفى سنة (260ه / 873م) أصلح أحمد بن طولون طريق الحاج ووزع أعطيات على الأعراب .
وفى سنة (325ه / 936م) اهتم محمد بن الإخشيدى بطريق الحاج وفى سنة (410ه / 1019م) أعاد الحاكم بأمر الله (386-411ه/996-1020م) إصلاح طريق الحاج وفى سنة (555ه / 1160م) حج أسد الدين شيركوه مع حجاج الركب المصرى وفى سنة (648ه /1250م) أرادت شجر الدر الحج وفضلت الذهاب عن طريق البر فأمرت بإصلاح الطريق وحفر الآبار وبناء البرك على طول طريق الحاج المصرى .
وقد جاء فى وصف المحمل الذى احتفل به لأول مرة احتفالاً رسمياً فى عهد شجر الدر أن أعظم ما أشتمل عليه هى كسوة الكعبة بما تشمل عليه من كسوة مقام الخليل إبراهيم عليه السلام وبيارق الكعبة والمنبر وكانت الكسوة تعرض فترة عشرة أيام فى الحرم الحسينى ثم تخرج فى احتفال رسمى حتى تصل بركة الحاج وكان عدد الحجاج الذين يعبرون سيناء يتراوح بين 50 ألف و 300 ألف وهذا يدلنا على مقدار النشاط الذى كان يجرى فى سيناء وعلى اهتمام السلاطين المماليك بشئونها وفى عهد قانصوه الغورى (906- 922ه/1501-1516م) أصلح منشئات الناصر محمد فجدد الخان والبئر والساقية بعجرود وبنى أحواضاً تسقى الحجاج ودوابهم ومهّد طريق الحج كما ورد فى النص الخاص به فى منطقة دبة البغلة وأنشأ قلعة نخل وقلعة العقبة لراحة الحجاج .
وانتظم الحج فى العهد العثمانى وتكونت له إدارة سهلت على الحجاج قيامهم بفروضهم الدينية وسافرت أول قافلة بعد الفتح العثمانى لمصر (922ه/1517م) ووضع المحمل العثمانى والمحمل المصرى على جانبى مدرسة قايتباى فى مكة المكرمة وتقررت لحراسة المحمل قوة عسكرية من 60 إلى 100 جندى نظامى تعرض الحجاج لخطر كبير فى عام (578ه / 1182م)

صلاح الدين وطريق الحج
حين فكر الأمير الصليبى أرناط (رينو دى شايتون) أمير حصن الكرك فى توجيه ضربة حربية قوية لصلاح الدين تستهدف إعادة السيطرة على قلعة أيلة فى جزيرة فرعون ثم الإبحار فى بحر الحجاز للوصول إلى موانئ الحجاز وميناء عيذاب على البحر الأحمر ويستهدف من ذلك قطع طريق الحج المصرى (وكانت الحملة فى زمن الحج) والاستيلاء على مراكب التجار القادمة من اليمن وتخريب الموانئ والنزول إلى البر المصرى لاختطاف ما فى القوافل العابرة لصحراء مصر الجنوبية الشرقية بين عيذاب وقوص بل والوصول إلى الأراضى المقدسة فى موسم الحج .

وهذا ما ضاعف من خطورة الحملة وآثارها المدمرة لو نجحت فى تحقيق أهدافها وقد انتهز أرناط فرصة غياب صلاح الدين عن مصر ونجح فى تصنيع السفن ونقلها إلى أيلة حيث ركبت وشحنت بالرجال وآلات الحرب .
وبدأ صلاح الدين بمحاصرة القلعة فى جزيرة فرعون بمركبين بهدف تضييق الخناق على المدافعين بها بقطع المياه والمعونة حتى الاستسلام و أما الفريق الآخر من سفن أرناط فقد اتجهت لمياه البحرالأحمر لتنفيذ مهامها التخريبية فى الموانئ المصرية والحجازية وعلى الطرق البرية القريبة وحين وصلت أخبار هذه الحملة إلى القاهرة حيث نائب السلطان (الملك العادل أبو بكر أيوب) أمر الحاجب حسام الدين لؤلؤ بعمارة مراكب فى بحر القلزم (البحر الأحمر) وشحنها بالرجال وسار بها إلى أيلة ففك الحصار البحرى حول القلعة وأحرق سفن الصليبيين وأسر من فيها من الجند وواصل الأسطول الأيوبى ملاحقة مراكب الصليبيين فى البحر الأحمر وحال دون تقدمهم فى بلاد الحجاز وأسر من تبقى منهم على قيد الحياة مع إخلاء سبيل من أسر من التجار المسلمين ورد لهم ما أخذ منهم .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.