كتب / محمد عبد الكامل ومحمد أيوب ومحمد مبارك في ضوء تطور الأحداث الحالية وما تشهده الأقطار العربية من تغير وتجديد في ظل الفوران العربي ، والذي أدى بدوره الى أن يتبوأ الإسلاميون مكانة مختلفة عن ذي قبل ، وهو ما أثار بدوره قلق وربما شبه فزع من جانب الغرب والولاياتالمتحدة .
وهو ما أدى بهما إلى اعادة النظر للاسلاميين ومحاولة ترتيب علاقة ناجحة معهم لامكانية التواصل وتحقيق المصالح المشتركة .
وما يعزز تلك الفرضية هو حصول حزب النهضة التونسي ذو الاتجاه الاسلامي على الاغلبية في الانتخابات البرلمانية الاخيرة ، وذلك على الرغم من التوجه العلماني التونسي .
بالإضافة إلى سيطرة وهيمنة جماعة الإخوان المسلمين ، وباقي التيارات الاسلامية الأخرى على المشهد السياسي في البلاد ، حتى ان الجميع يتوقع لهؤلاء نصيب الأسد في أي انتخابات مصرية قادمة .
ونتيجة لما سبق أبدت الولاياتالمتحدةالأمريكية ، ودول أوروبا الكبرى ، سلاسة منقطعة النظير في النقاش والتعاون مع الإسلاميين في دول الربيع العربي ، ولكن يبقى السؤال الأهم وهو هل تقوم علاقة ناجحة بين واشنطن والأحزاب السياسية ؟
فقد أعربت مؤخرا هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية عن إستعداد واشنطن للعمل مع الأحزاب المنتخبة بشكل ديمقراطي بما فيها الأحزاب السياسية الإسلامية.
وأكدت كلينتون في تصريحاتها على أن الإسلاميين ليسو جميعا سواسية ، فالمهم هو التحلي بالديمقراطية ، ونبذ العنف ، وإحترام القانون ، وحقوق المرأة ، والإلتزام بحرية التعبير عن الرأي.
كما حددت كلينتون أولويات واشنطن في الشرق الأوسط كالتالي: (أولا ضمان تدفق إمدادات الطاقة ، وثانيا ضمان أمن حلفاء واشنطن ، وأخيرا المساهمة في الحرب على تنظيم القاعدة).
وإذا نظرنا إلى وجهات النظر العربية في التعليق على هذا الموضوع سيتضح لنا مدى عمق تغير السياسات الغربية عامة ، والأمريكية خاصة ، في التعامل مع الإسلاميين كأنظمة حكم ومصادر قوى.
ففي البداية صرح "علي السيسي" الناشط السياسي التونسي ، بأن الأرضية المشتركة التي تجمع بين الولاياتالمتحدة والأحزاب الإسلامية في العالم العربي ، هي المصالح الأمريكية في بلاد الإسلاميين ، والعكس أيضا صحيح بالنسبة للأحزاب الإسلامية ومصالحها في أمريكا.
وأشار السيسي إلى أن المصالح وحدها تمثل النقطة المشتركة التي تجبر الطرفين على التعاون ، مؤكدا بأن مافعلته أمريكا بتخليها عن حلفائها السابقين يدل على أنها تريد مصالحها فقط ، كما أنها ليس لديها أصدقاء في المنطقة كما تدعي.
وعلى صعيد آخر صرح الناشط السياسي المصري "أشرف أبو المجد" المقيم بالسعودية ، بأن ما تقوم به الولاياتالمتحدة بعرض التعاون على الحكومات الإسلامية الجديدة بالمنطقة هو مجرد تكتيك في المرحلة الحالية ،وليس عرضا إستراتيجيا كما يزعم البعض.
وأكد على أنه إذا واشنطن أن هذا التعاون لن يثمر في مصلحتها ومصلحة إسرائيل أيضا ، فإنها لن تتورع عن إستخدام وسائل الضغط السياسية ، والعسكرية ، والإقتصادية ، لإجبار تلك الأحزاب الإسلامية المنتخبة على تنفيذ سياستها بالمنطقة.
وأضاف أبو المجد إلى أن الحل الوحيد لتفادي مثل هذه الأزمة هو التعاون السياسي والإقتصادي بين دول الربيع العربي الإسلامي ، لتكون ذات نفوذ يمكنها من الوقوف بوجه الولاياتالمتحدة وحلفائها.
ومن ناحية أخري أبدى "عزت سعد" المواطن المصري المقيم في أمريكا ، أن الولاياتالمتحدة قد أدركت الآن فقط أن مثل تلك التيارات الإسلامية هي الأقوى في بلادها ، وأنها الوحيدة المنظمة وأيضا كانت الوحيدة التي تعارض الأنظمة السابقة.
ويوضح سعد أن سياسات تلك التيارات لم تتغير بتاتا منذ نشأتها ، وأن ما تغير هو السياسات الأمريكية تجاهها ، مشيرا إلى أن تلك العلاقة ستنتهي عاجلا أو آجلا كما إنتهت علاقتها ب "أسامة بن لادن" ، ضاربا المثل في ذلك بقوله ( الخطان المتوازيان لا يلتقيان أبدا ).
و حول هذا الموضوع يقول "سعد عمارة" عضو اللجنة العليا لحزب الحرية والعدالة "الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمون" أنه لابد من أن تتجزأ الأمور ، ولا يجب أن تكون في خطين متوازيين على طول الخط.
ويضيف عمارة شارحا عبارته السابقة قائلا : إن أمريكا تحافظ على ثلاثة مصالح خاصة بها دائما وهي (ضمان تدفق البترول ، المحافظة على مصالح إسرائيل ، وأخيرا الحرب على تنظيم القاعدة).
ويسترسل في شرحه مؤكدا أنه وفي الوقت الراهن لا توجد مشاكل مع أمريكا بسبب ضمان تدفق البترول نظرا لإتفاقياتها مع الدول المعنية بذلك مثل السعودية والكويت.
ويفجر عمارة المفاجأة عندما يتحدث عن المشكلة الكبرى التي ستصتطدم بها أمريكا ألا وهي حماية حليفتها إسرائيل ، خاصة إذا حاولت الوصول لذلك عن طريق حزب النهضة في تونس أوحزب الحرية والعدالة في مصر وذلك للإنتماء الإسلامي بين الحزبين وبين الفلسطينيين.
ويؤكد عمارة في نهاية حديثه إلى أنه يجب على الولاياتالمتحدة أن تغير هي من سياساتها المنحازة دائما إلى جانب إسرائيل ، حتى تستطيع أن تنعم أمريكا بتعاون جدي مع الإسلاميون دون الخوض في مشاكل هي في غنى عنها.
ومن ناحية أخرى وبصدد هذا الموضوع أشار "حسين الجزيري" المتحدث بإسم حزب النهضة التونسي ، بأن حزب النهضة الإسلامي في تونس يدعو دائما للحوار والتعاون بين الدول بشكل قانوني قائم على الإحترام الوطني.
وفي نهاية إبداء الآراء إختتم "فرج عبد الحسيب" من الضفة الغربيةبفلسطين قائلا أن الولاياتالمتحدةالأمريكية والغرب لا يمانعون في وصول الأحزاب الإسلامية إلى الحكم ، بشرط أن تتخلى تلك الأحزاب عن أهدافها وطموحاتها مثل تطبيق الشريعة وإقامة دولة إسلامية.
ويستشهد عبد الحسيب بالتجربة التي خاضتها حركة حماس في فلسطين مشيرا إلى أنه بعد أن أقر الغرب وأمريكا بشرعية الإنتخابات ونزاهتها ، ما لبثت وسرعان ما تغيرت تلك السياسة ، بعد وصول الإسلاميين للحكم ، وذلك عن طريق وضع شروط تعجيزية للإسلاميين بهدف خدمة سياساتهم.
وبهذا يتضح للجميع أن الولاياتالمتحدة والغرب لا يريدون في كل الأحوال سوى أكبر قدر ممكن من الاستفادة المشروعة ، وحتى الغير مشروعة أيضا لمصالحهم دون النظر لمصالح الأمم والشعوب الأخرى، فهل يفطن الاسلاميون لهذا المخطط ، أم أنهم سيقوا في مستنقع الحكومات الساقطة فيما قبل الربيع العربي؟.