في بلدة المتلوي الغنية بالفوسفات الواقعة جنوبي تونس، سيجلب اهتمامك بلا شك منذ أن تطأ قدماك المدينة عشرات الخيام التي نصبها معتصمون يطالبون بالشغل.. خيام على الطريق وأخرى على سكة القطار.. خيام على الرصيف وأخرى على هضاب قريبة من مناجم الفوسفات وحتى أمام البيوت. وذكرت وكالة "رويترز" أن الحركة تبدو منعدمة في البلدة. أغلب المتاجر الصغيرة أغلقت منذ الساعة الحادية عشر صباحا سوى متجر من نوع خاص بقي مفتوحا: حائط علقت عليه شهادات جامعية لعاطلين عن العمل وكتب عليه "نقطة بيع شهادات عليا". قبل أربع سنوات ونصف أقدم شاب محبط في مدينة سيدي بوزيد على حرق نفسه احتجاجا على البطالة وأوضاعه الاجتماعية السيئة ليفجر انتفاضة انتهت بالاطاحة بالرئيس السابق زين العابدين بن علي في يناير كانون الثاني 2011. وتمكنت تونس خلال السنوات الماضية من اكمال انتقالها الديمقراطي بانتخابات حرة ودستور جديد وتوافق بيين الخصوم العلمانيين والاسلاميين. لكن كثيرا من التونسيين لا يشعرون بتحسن الأوضاع الاجتماعية بل يقرون بأن أوضاعهم الاجتماعية ازدادت سوءا مع تفاقم البطالة المتفشية. وارتفعت معدلات البطالة في تونس إلى 15 بالمئة حاليا من حدود 11 بالمئة في 2010. وكان التهميش ونقص التنمية والبطالة من الدوافع الأساسية للانتفاضة التي أنهت 23 عاما من حكم بن علي. في المتلوي الواقعة على بعد حوالي 400 كيلومتر جنوبي العاصمة تونس كثير من الشبان والعائلات المعتصمة في خيام في حرارة تفوق الاربعين درجة يقولون إنهم مستعدون للموت ولتفجير شرارة ثورة ثانية إن لم تتحقق مطالبهم في الحصول على شغل ينهي احباطا مستمرا منذ سنوات. والأسبوع الماضي أجبرت احتجاجات واعتصامات مستمرة منذ أكثر من شهر شركة فوسفات قفصة المصدرة للفوسفات الى ايقاف الانتاج وكل معاملاتها المالية لأول مرة. كانت تونس من بين كبار مصدري الفوسفات في العالم لكنها خسرت موقعها لصالح منافسين مثل المغرب بسبب الإضرابات والاعتصامات المتكررة منذ الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس بن علي في 2011