شهد يوم الجمعة، الأول من مايو/ أيار، احتفالات رسمية في عدة دول عربية وهو ما واكبه احتجاجات محدودة، وذلك في ذكرى يوم العمال. ففي الأردن، شهد يوم الجمعة عدة فعاليات بمناسبة اليوم العالمي للعمال، نظمتها النقابات العمالية في البلاد وأحزاب قومية ويسارية، للمطالبة بتحسين أوضاع العمال وإعادة النظر بالنهج الاقتصادي، بحسب مراسل الأناضول. وانطلقت في وسط العاصمة عمان مسيرة ضمت أعضاء ومناصري الأحزاب السياسية المنضوية تحت لواء ما يسمى ب"ائتلاف الأحزاب القومية واليسارية"، مرددين شعارات طالبت بالحد من "نفوذ رأس المال وتحكمه بكافة أطراف الإنتاج، وتحرير الاقتصاد العالمي من الهيمنة الأمريكية وهيمنة البنك الدولي". وفي المناسبة ذاتها، نظم اتحاد النقابات العمالية المستقلة في الأردن مسيرة عمالية انطلقت من أمام مجمع النقابات المهنية في الشميساني (وسط عمان) إلى مبنى رئاسة الوزراء (غربي عمان) بعد صلاة الجمعة. وهتفت مسيرة اتحاد النقابات ضد "تآكل القيمة الشرائية للرواتب الشهرية"، داعية إلى "إصلاح شامل لقانون العمل من أجل أن يحقق العلاقة المتوازنة بين أطراف الإنتاج، ومشاركة العمال في السياسات الاقتصادية والاجتماعية للدولة الأردنية"، والكف عن ما وصفها ب"سياسة تهميش الحركة العمالية في البلاد". كما نظم عدد من القوى المحلية في محافظات الكرك (جنوب) ومأدبا (جنوب شرق) فعاليات مختلفة للمطالبة بالمزيد من الحقوق العمالية وتوفير فرص العمل والحد من معدلات الفقر والبطالة. وفي الجزائر، قال الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، يوم الجمعة، إن شباب المناطق الجنوبية للبلاد "سيقفون في وجه كل من يحاول زرع الفرقة في صفوف الشعب"، في رد منه على موجة احتجاجات تشهدها هذه المحافظات للمطالبة بالشغل وكذا رفضا لمشروع حكومي لاستغلال الغاز الصخري. جاء ذلك في رسالة وجهها للشعب الجزائري بمناسبة اليوم العالمي للعمال، ونشرت مضمونها وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية. وقال بوتفليقة: "إنني على تمام القناعة بأن أجيالنا الصاعدة في ولايات جنوب البلاد التي تراوضها انتظارات اجتماعية مشروعة، مثلها مثل نظيراتها في شمال البلاد، ستقف هي الأخرى بنفس الروح الوطنية التي تحلى بها أسلافها، في وجه جميع من تسول لهم أنفسهم زرع الفرقة في صفوف الشعب الجزائري". وفي العراق، دعا الاتحاد العام لنقابات العمال في العراق (منظمة غير حكومية تعنى بالدفاع عن حقوق شريحة العمال)، يوم الجمعة، مجلس النواب (البرلمان) إلى إلغاء العمل بقرار صدر قبل 28 عاما وقضى بتحويل العمال في المؤسسات الحكومية إلى موظفين، وهو ما يعني منعهم من تشكيل أي نقابات عمالية. فيما أعلنت وزارة الداخلية المصرية أن الجهات التابعة لها لم تتلق أية طلبات بتنظيم تظاهرات في اليوم العالمي للعمال، في وقت خرج فيه أنصار الرئيس الأسبق محمد مرسي بمسيرات منددة ب"تردي" الأوضاع المعيشية، إحياء لهذا اليوم. وفي غضون ذلك، قالت قيادات عمالية في أحاديث منفصلة مع "الأناضول"، إنهم لن يخرجوا في مظاهرات عمالية، يوم الجمعة، حتى مع اعتراضهم على حكم أصدرته المحكمة الإدارية العليا، الأسبوع الماضي، بإحالة 3 مسؤولين بمحافظة المنوفية (دلتا النيل، شمال) إلى التقاعد، بسبب إضرابهم عن العمل. و"المحكمة الإدارية العليا" تختص بالفصل في المنازعات الإدارية، وأحكامها واجبة التنفيذ. ورفض جبالي المراغي، رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، أي مظاهر احتجاجية أو إضرابات عمالية بهدف تحقيق "استقرار مصر والدفع بعجلة الإنتاج". يأتي ذلك في وقت خرج فيه أنصار مرسي، في عدد من المدن المصرية، يوم الجمعة، بمسيرات منددة بتردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية في البلاد، وذلك استجابة لدعوة وجهها التحالف الوطني ل"دعم الشرعية ورفض الانقلاب"، المؤيد لمرسي، يوم الخميس، للخروج في مظاهرات، ضمن أسبوع ثوري جديد بعنوان "العمال طليعة الثورة"، بالتزامن مع عيد العمال. من جانبه، قال وزير المالية المصري هاني قدري، يوم الخميس، إن بلاده لن تقر العلاوة الاجتماعية لموظفي الحكومة خلال العام المالي المقبل. وأضاف في تصريحات لوكالة الأناضول على هامش مؤتمر عقد بالقاهرة: "لن نطبق العلاوة الاجتماعية خلال العام المالي المقبل، لأن الظروف الاقتصادية لا تسمح بذلك، ونحتاج إلى العمل الآن أكثر من أي شيء آخر". ويبدأ العالم المالى فى مصر فى الأول من يوليو/ تموز من كل عام وينتهى فى نهاية يونيو/ حزيران. وفي تونس، قال حسين العباسي، أمين عام الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر نقابة عمالية في البلاد) إن الاتحاد سيبقى "سداً منيعاً وملاذاً للكادحين والمظلومين، ولن يرضخ لمحاولات التركيع أو التشويه". جاء ذلك في كلمة ألقاها، يوم الجمعة، أمام تجمع عمالي، بساحة محمد علي، في العاصمة تونس، احتفالاً باليوم العالمي. العباسي أضاف في كلمته: "لن نقبل بالتهجم على منظمتنا، والقدح في رموزها، والتشكيك في نضالاتها ومطالبها المشروعة". وتابع: "لن يثنينا أحد من الدفاع عن الحق النقابي، وحق الشغليين (العمال)، ولن نقبل بهدر المال العمومي وابتزازه بأي شكل من الأشكال، وسنجعل من مقاومة التهرب الجبائي (الضريبي) الأداة الرئيسية لإعلان العدالة الجبائية". ولفت العباسي إلى أن الاتحاد "يعي صعوبة الأوضاع بالبلاد، وأنه على استعداد تام لتقاسم الأعباء"، مشيراً إلى أنه "لا يمكن في المقابل تحميل ضعاف الحال والأجراء (العمال) وحدهم هذا الواجب (تحمل الأعباء)". كما نظمت الجبهة الشعبية بتونس (ائتلاف لأحزاب يسارية)، يوم الجمعة، مسيرة بشارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة تونس بمناسبة الاحتفال بعيد الشغل. ورفع العشرات من المشاركين في المسيرة عدة شعارات من بينها في "عيد الشغيلة الأممي عاش نضال الكادحين في تونس"، "شغل حرية كرامة وطنية"، و"الحرية لوطن، الحكم للشعب، الثورة للمنتجين". فيما شارك المئات من العمال اللبنانيين، يوم الجمعة، بمسيرة في شوارع العاصمة بيروت، بمناسبة يوم العمال، مطالبين بمزيد من الحقوق لهم وللعمال الأجانب الموجودين في لبنان. وانطلقت المسيرة، التي دعا إليها الحزب الشيوعي اللبناني، وواكبها مراسل الأناضول، من منطقة البربير وصولا الى الوسط التجاري لبيروت، على وقع الأغاني الوطنية والحماسية. وحمل المشاركون بالمسيرة لافتات تطالب بحقوق العمال في لبنان، وأخرى توجه التحية لعمال فلسطين، إضافة إلى رفعهم للأعلام اللبنانية وأعلام الحزب الشيوعي اللبناني. وفي كلمة ألقاها، في نهاية المسيرة، وجه الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني خالد حدادة تحية للعمال اللبنانيين والعمال الأجانب في لبنان الذين قال إنهم "يعانون أيضا من الظلم كما عانوا في بلادهم". كما نظم الائتلاف اللبنانيالفلسطيني لحملة حق العمل للاجئين الفلسطينيين في لبنان، يوم الخميس، اعتصاما بمناسبة يوم العمال، أمام مبنى الأممالمتحدة "الاسكوا" في بيروت تأكيدا على حق العمل للاجئين الفلسطينيين في لبنان، مطالبا ب"رفع الحصار عن هذا الحق". ومن الرباط، قال رئيس الحكومة المغربية، عبد الإله بنكيران، يوم الجمعة، إن حكومته "رغم العراقيل التي تتعرض لها، استطاعت تحقيق إنجازات مهمة، ومصرة على مواصلة الإصلاح". واعتبر بنكيران، في كلمة خلال مهرجان خطابي نظمته نقابة الاتحاد الوطني للشغل، المقربة من حزب العدالة والتنمية، قائد الائتلاف الحكومي بالبلاد، بمناسبة الاحتفال بعيد العمال العالمي، أن المواجهة بين حكومته والمعارضة، "ليست مواجهة تقليدية بين حكومة ومعارضة، ولكنها صراع بين جبهة تريد الإصلاح وتصر عليه، وأخرى تناصر الفساد وتدعمه". وأوضح بنيكران أن حكومته "جاءت في ظرفية سياسية واقتصادية صعبة ومضطربة، اضطرتها إلى اتخاذ قرارات كانت من المحتمل أن تعصف بشعبيتها، لكنها اجتهدت في تحقيق عدد من المكتسبات، والمنجزات لصالح الفئات الفقيرة والمهمشة، وبادرت إلى إجراء قرارات" تهدف ل"الرفع من مداخل هذه الفئات، وتوفير التغطية الصحية لها، وضمان حياة كريمة لأبنائها". فيما خرج المئات من العمال، المنتسبين إلى نقابة الاتحاد المغربي للشغل، في مسيرة بمدينة الدار البيضاء (90 كلم جنوبالرباط) إحياءً لليوم العالمي للعمال، ودعما للإجراءات التي تقوم بها الحكومة ل"تحسين" وضعية الطبقة العاملة، في الوقت الذي اختارت نقابات أخرى مقاطعة مختلف مظاهر الاحتفال احتجاجا على "عدم التزام الحكومة بتنفيذ تعهداتها"، وفق مراسل الأناضول. وأعلنت 3 نقابات مغربية مقاطعتها احتفالات عيد العمال لهذا العام، بسبب ما أسمته "عدم استجابة" الحكومة المغربية لمطالبها، بينما قالت الحكومة إن الخلاف مع النقابات يتمثل في "المنهجية المعتمدة للحوار". جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي، يوم الأربعاء، بمدينة الدار البيضاء (كبرى مدن المغرب)، عقدته نقابات الاتحاد المغربي للشغل (أكبر نقابة مستقلة بالبلاد)، والكونفدرالية الديمقراطية للشغل (ثاني أكبر نقابة مستقلة)، والفيدرالية الديمقراطية للشغل (نقابة محسوبة على حزب الاتحاد الاشتراكي أكبر حزب يساري معارض). وقالت النقابات الثلاث في بيان لها إن مقاطعة عيد العمال في فاتح (مطلع) مايو (أيار)، تأتي بعدما تجاهلت الحكومة مطلبها المتعلق بالزيادة في الأجور، وجمود الحوار الاجتماعي. وأشارت النقابات في بيانها إلى ما أسمته "تجاهل الحكومة لكل المبادرات التي قامت بها المركزيات النقابية الثلاث حول المطالب الملحة والمستعجلة للطبقة العاملة المغربية". يشار إلى أن العالم العربي يضم 126 مليون عامل، يمثلون نسبة 36% من إجمالي السكان البالغ 361 مليون نسمة، وفقا لآخر إحصاءات رسمية، كما تشير التقديرات إلى وصول معدلات البطالة في الدول العربية إلى 16% خلال العام الماضي وفقا لتصريحات أحمد لقمان المدير العام لمنظمة العمل العربية.