أحيت النقابات العمالية والتيارات السياسية فى العديد من الدول العربية اليوم العالمى للعمال الذى حل الأربعاء بمسيرات وفعاليات احتجاجية رفعوا خلالها مطالب عمالية منها تحسين الأجور، وتثبيت العمالة المؤقتة، وإيجاد فرص عمل جديدة، وإصلاح أنظمة التقاعد، لكنها فى الوقت نفسه لم تخلو من أجواء سياسية بامتياز. ولم تغب عن هذه الفعاليات الاحتجاجية المطالب السياسية التى ترفعها قوى المعارضة فى عدد من الدول العربية حاليا. ففى مصر، نظّم المئات من العمال والنشطاء فى أحزاب وتيارات سياسية معارضة مسيرة بالعاصمة القاهرة، طالبوا خلالها الحكومة بألا يقل الحد الأدنى لأجر العامل شهريًّا عن 1500 جنيه مصرى (نحو 200 دولار أمريكى). وحمل المتظاهرون معدات وأدوات بسيطة تستخدم فى الصناعة، رمزًا إلى العمل، إضافة إلى رايات كبيرة حملت شعارات أحزاب وتيارات مشاركة فى المسيرة. كما رددوا هتافات مناوئة للرئيس محمد مرسى وجماعة الإخوان المسلمين، التى ينتمى إليها، والحكومة المصرية منها: "العمال ما بيقبضوش، وما بيحسوش"، و"المال والسلطة معاهم.. وإحنا الفقراء نتحداهم"، و"عايزين، حكومة حرة.. العيشة بقت مرة". وفى تونس، نظم "ائتلاف الجبهة الشعبية"، تجمعا ضم المئات من العمال والقيادات السياسية والعمالية أمام مقر الاتحاد العام للشغل بالعاصمة. وقال عضو الجبهة الشعبية التى تضم أحزاب أقصى اليسار وبعض الأحزاب القومية، بتونى محمد البراهمى،إن "هذا التجمع رسالة من الطبقة الكادحة موجهة إلى الطغاة ورؤوس الاستبداد والفساد بأن العمال قادرون على طردهم من تونس كما طردوا (الرئيس السابق زين العابدين بن على"، فى إشارة إلى الحكومة الائتلافية التى تقودها حركة النهضة الإسلامية. فيما قال رئيس الحكومة التونسية على لعريض، خلال احتفال رسمى نظمته الحكومة، إن الإضرابات العشوائية تضعف من تركيز قوات الأمن فى المناطق المعرضة، لهجمات إرهابية، معتبرا أن حل مشكلة البطالة لن يكون إلا ب"مضاعفة الإنتاج". وشهدت نسبة الإضرابات فى تونس ارتفاعا خلال الثلث الأول من عام 2013 ب 14 %، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضى، حسب إحصائيات رسمية. وفى المغرب، نظمت "نقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب" الموالية لحزب الاستقلال (محافظ)، مسيرة حاشدة فى العاصمة الرباط، بمشاركة عشرات الآلاف، تحت شعار: "جهاد الكرامة". وخلال المسيرة، انتقد "حميد شباط"، زعيم النقابة، الأمين العام للحزب الشريك فى الائتلاف الحكومى، أداء الحكومة، معتبرا أن "حصيلتها هزيلة"، لكنه أعرب فى الوقت نفسه عن تمسكه بالبقاء فى الحكومة حتى نهاية ولايتها عام 2016. وفى الرباط أيضا، نظمت نقابة "الاتحاد الوطنى للشغل بالمغرب"- التى تعد الجناح النقابى لحزب العدالة والتنمية الإسلامى قائد الائتلاف الحكومى- مسيرة شارك فيها الآلاف. ورفع المشاركون فيها: شعارات مؤيدة لرئيس الائتلاف الحكومى عبد الاله بنكيران وحكومته من قبيل: "بنكيران ارتاح ارتاح.. كلنا مع الإصلاح". وفى مستهل المسيرة، أشاد عبد الإله الحلوطى، نائب الكاتب العام لنقابة "الاتحاد الوطنى للشغل بالمغرب"، بالإجراءات التى أقرتها الحكومة الحالية لصالح الطبقة العاملة فى البلاد، ومنها: إرساء منهجية عامة للحوار بين الحكومة والنقابات العمالية حول القضايا الكبرى من خلال تشكيل "لجنة عليا للتشاور"، والالتزام بتطبيق الزيادة العامة فى الأجور ب 600 درهم (71 دولار تقريبا)، ورفع الحد الأدنى لمعاش التقاعد الشهرى إلى ألف درهم مغربى (حوالى 118 دولارا)، إضافة إلى مواصلة دعم صندوق المقاصة الخاص بدعم السلع الاستهلاكية الأساسية، والتوجه نحو إصلاحه. فى الوقت نفسه، طالب القيادى النقابى الإسلامى، حكومة بلاده بحماية الحريات النقابية، حيث دعاها إلى "التدخل لجبر (إنهاء) ضرر المسئولين النقابيين الذى طردوا تعسفا من العمل بسبب أنشطتهم النقابية"، دون أن يكشف عن عدد هؤلاء النقابيين والمدن التى يتركزون فيها، فضلا عن الإسراع فى إصلاح أنظمة التقاعد، وتأسيس صندوق وطنى خاص للتعويض عن فقدان الشغل. من جانبه، قال بنكيران فى كلمة ألقاها بمدينة الدارالبيضاء (وسط)، بمناسبة عيد العمال، إن حكومته وظّفت نحو 50 ألف شخص منذ تقلدها المسؤولية مطلع عام 2012. وفى مدينة غزة، تظاهر مئات العمال الفلسطينيين العاطلين عن العمل؛ للمطالبة بتوفير فرص عمل لهم ومساعدتهم على مواجهة ظروف حياتهم الصعبة. وجاب العمال، فى مسيرة نظمتها "كتلة الوحدة العمالية" الذراع العمالية ل"الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين"، شوارع المدينة الرئيسية وحملوا الأعلام الفلسطينية، ولافتات تطالب بتوفير فرص عمل لهم، ومساعدتهم على مواجهة ظروف الفقر والبطالة التى يعيشوها منذ سنوات. وفى كلمة له خلال المسيرة، قال مسئول "كتلة الوحدة العمالية" فى غزة، نبيل عطا الله إن "الانقسام الفلسطينى بين حركتى (المقاومة الإسلامية) حماس و(التحرير الوطنى الفلسطينى) فتح ولّد أثرياء جدد يستفيدون من استمرار التبعية الاقتصادية الفلسطينية لإسرائيل ومن أنفاق التهريب (بين غزة ومصر) واحتكار المواد الغذائية والمحروقات". ومضى قائلا، إن الانقسام أدى إلى ارتفاع نسبة البطالة والفقر واستشراء الغلاء وفرض المزيد من الضرائب على العمال الفقراء. وفى اليمن، دعا جمال السنبانى، نائب رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال اليمن، الحكومة إلى الإسراع فى تثبيت العمالة المؤقتة وتحسين أجور العمال فى البلاد. وبشكل رسمى، احتفل اليمن فى العاصمة صنعاء بيوم العمال تحت شعار "معا لإنجاح مؤتمر الحوار (الوطنى الشامل) وبناء الدولة الحديثة وتحقيق العدالة الاجتماعية"، حيث تم تكريم 120 عاملاً وعاملة من مختلف محافظات البلاد. وقد انطلق "الحوار الوطنى الشامل" فى اليمن يوم 18 مارس الماضى، ومن المقرر أن يستمر لمدة ستة أشهر، لبحث عدة قضايا خلافية، على رأسها القضية الجنوبية والمصالحة. وفى كلمة ألقاها بالنيابة عنه خلال الاحتفالية وزير الخارجية أبو بكر القربى، هنأ الرئيس اليمنى عبد ربه منصور هادى العمال بعيدهم، ووصفهم بأنهم "حملة معاول البناء وصناع فجر غد اليمن الجديد الذى يتوق إليه الشعب". وفى البحرين، دعت المعارضة النظام الحاكم إلى "معالجة" ملف المفصولين عن العمل جراء مشاركتهم فى الاحتجاجات التى شهدتها المملكة يوم 14 فبراير. ففى بيان بمناسبة يوم العمال، وصل مراسل "الأناضول" نسخة منه اليوم، اعتبرت جمعية "الوفاق" المعارضة، أن النظام "غير جاد" فى معالجة هذا الملف. وكانت الأزمة السياسية فى البحرين قد خلفت الآلاف من المفصولين عن العمل من الذين شاركوا فى الاحتجاجات التى انطلقت عام 2011. وتردد الحكومة أن 98 % من العمال قد تمت إعادتهم إلى أعمالهم وتسوية قضاياهم، وهى نسبة تشكك فيها المعارضة، مرددة أن عدد الذين لم يعودوا لعملهم أكثر من 2 %. وفى لبنان، كان للاحتفال باليوم العالمى للعمال مذاق مختلف فعلى وقع الطبول ورقصة "الدبكة" التراثية اللبنانية احتفل عمال لبنان صباح الأربعاء بيومهم. فقد نظم "الاتحاد الوطنى لنقابات العمال والمستخدمين" فى لبنان مسيرة حاشدة ضمت مئات العمال والمستخدمين انطلقت من منطقة "البربير" فى العاصمة اللبنانية بيروت باتجاه ساحة "رياض الصلح" فى الوسط التجارى للمدينة. وحمل العمال المشاركون فى المسيرة لافتات تطالب الدولة ب"إنصافهم وإعطائهم كامل حقوقهم المشروعة بما فيها زيادة الأجور وتحقيق العدالة الاجتماعية"، مجددين العهد بمواصلة مسيرة العمل والإنتاج.