امبراطورية الميكروباص فى بر مصر .. عالم مغلق على اصحابه ، لا يعرف مصطلحاته الا هم فقط ، ومن يحاول الاقتراب من هذا العالم بالاحتكاك باحدهم ، ربما يلقي من الويل والثبور وعظائم الامور مالا تحمد عقباه . ومع انتشار ظاهرة تعاطى المخدرات بين تلك الفئة على نطاق واسع ونعلم ان الكثير منها محترمون ويبغون لقمة العيش الحلال ومناداة البعض بتقنين الحشيش كسلعة استراتيجية تدر دخلا قوميا حسب وصفهم ، رصدت "محيط" هذا الحوار بين احد السائقين وصديقه من داخل احد الميكروباصات المتجهة الى منطقة امبابة الشعبية الشهيرة . بداية من تهالك السيارة ومرورا بعدم صلاحية المقاعد للآدميين، وانتهاءً بالسائق "المونون" الذي يشكو لصاحبه مأساة أصحاب "المزاج العالي" في البحث عن "الحشيش"، وعن غير قصد وجدنا أنفسنا أمام "ديالوج" جدير بالتسجيل، في رحلة من ميدان رمسيس الى منطقة الوراق . كشف هذا الحوار إلى حد كبير مدى التفاهم والتناغم في المصطلحات بين افراد عالم ادمان المخدرات والسائقين، مع الاحترام التام لفئة السائقين فمنهم الشرفاء والمكافحين، لكننا نتحدث عن فئة معينة لا تستقيم حياتها الا بالمخدرات والتباهى بتعاطيها وبطولات مقاومة الشرطة فيها رغم محاولات الاحكام الأمني الذي تقوم به وزارة الداخلية لاسقاط بؤر واوكار تجارة المخدرات : السائق : مساء الفل يا عم اشرف انت فين ياسطى من زمان محدش بيشوفك اشرف : انت اللى واحشنى ياسطى والله كنت بقالى يومين فى مشاكل انا و محمود روكا وعلى عبد الحميد . السائق : ليه يا أسطى. اشرف : العيال كانت الحكومة ماسكاهم بسيجارتين حشيش وراحو عالاستيفا لولا "دولار" لحقنا الراجل ده ميه ميه . السائق : فعلا حد يا شقيق ميه ميه ورجولة جدا . اشرف : الحكومة مبهدلة الدنيا اليومين دول يا صحبي ما فيش ولا حتة حشيش فى السوق كله . السائق : والله معاك حق انا اول امبارح كنت مع اشرف زيزو والواد هيمة اخو البت سلوى واحنا التلاتة بنضرب فى نص صباع . اشرف : والله انا قالب الدنيا ومش لاقى عارف ليه يا شقيق ؟ السائق : ليه يا صحبي اشرف : بيقولك الحكومة حاطة عالتجار "ملاحقة لهم" . السائق : لسة ماسكين اخو الواد احمد اطاطا اول امبارح فى روض الفرج عند السوق ب 25 كيلو وطبيعى يا "شقيق" لما الكبار بيتمسكوا اللى زى احمد مش هايلاقى واللى وراه مش هايلاقى حد يشترى منه معرفش الحكومة مش عايزة تسيب الناس تاكل عيش ليه وسمعت امبارح انهم ماسكين طن فى امبابة . اشرف : اسكت يا على والمصحف الشريف ولا عضمى يبقي زى النار دى يقصد سيجارته المشتعلة من اسبوع كنت راكب توك توك عند السنترال الساعة 3 الفجر كده وكان فيه لجنة "تفتيش" وكان معايا حتة صغيرة يقصد حشيش قمت طلعت حديدة وغزيتها فى كتف الواد سواق التوك توك وقلت له اجرى الواد حاول يجرى معرفش وعاديك يا شقيق "خلونى مثلت فيلم الارض" . السائق : ههههههههههه ياعم طب كنت تكلم الواد دولار وهو يخرجك . اشرف : يا صحبي ماهو كان واقف ولولاه كنت سافرت أبو زعبل . السائق : عمل معاك الصح؟ اشرف : ميه ميه راح للباشا وقاله ده اهله ممكن يقتلونى فى الموقف لو ماسبناهوش بس الباشا قاله ما ينفعش اسيبه بس ما تخافش عليه وسابونى بعد يومين ، بس يا شقيق لو كانت اتعملت اتجار كنت (........) -وطبعا قال لفظا غير صالح للنشر . جهود حكومية للملاحقة والمتابعة يتوقف السائق عن الكلام ويقول لاحد الركاب كان يهم بالنزول يالا عال" السخان " كده اللى نازل . السائق : من اسبوعين برضه مسكوني بسيجارة ولولا دولار كنت اتسحلت اشرف : ياعم احمد ربك انك ما "قضيتش" وأهم من ده كله إنك ما تسجلتش . السائق : والله يا اشرف قعدتى مع ابنى بالدنيا كلها يعنى "اتفو" على سجارة معفنة دفعت فيها 500 جنيه كنت قعدت مع ابنى وبيتى اولى بيها . اشرف : والله يا سطى الواحد نفسه حاله يتصلح شوية نفسي أركب "عجل" والعجل هو مصطلح السائقين على الميكروباص بقى، زهقت من الشغل عند الناس، اسكت معايا عيال فى محو الامية مسجلين خطر . يشير احد الركاب فى الشارع للسائق بالتوقف ويقول السائق للتباع هات " الجنيه اللى على الارض ده " فى اشارة الى قيمة الاجرة التى سيدفعها الراكب . السائق : انت فى محو الامية يا شقيق عشان الرخصة ؟ اشرف : اه يا عم نفسي اعمل "خصاية" رخصة قيادة درجة ثالثة ومش عارف عشان الشهادة . السائق : نفسنا نمشي صح بقي ، العيال بتكبر والواحد ماعمللهمش اى حاجة والله ساعات بقرف من نفسي لما اروح اشترى حشيش وابنى عايز فلوس الدرس واقوله ماعييش . وهممت بالنزول من الميكروباص وفى ذهنى تساؤل هل يعنى هذا أنهم يفكرون في عمل "الصح" بحسب لغتهم والابتعاد عن التعاطى؟ .