18 يوما جمعت المصريين في ميدان التحرير، وسط القاهرة، خلال أحداث ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، مثلت موزاييك التأم فيه الطيف السياسي في مصر، واتسعت رقعته لتضم من ليس لهم اتجاهات سياسية بعينها، لكن تلك الروح لم تصمد طويلا أمام رياح الخلاف التي دبت سريعا بعد نحو شهر فقط من ذلك التاريخ، في صفوف شركاء الثورة. فقد مثل ميدان التحرير، في الأيام الأولى لثورة 2011 رمزا للتوافق والتخلي عن الأيدلوجيات، ربما تجلت بعض صوره في إجماع الثوار على رفض خطاب الرئيس الأسبق حسني مبارك، الذي ألقاه في 1 فبراير/شباط 2011 وبدا عاطفيا، وألمح فيه إلى تسليم السلطة بانتخابات تجري في سبتمبر/أيلول من العام ذاته. تواصلت وحدة ثوار يناير لما بعد تنحي مبارك يوم 11 فبراير/شباط من العام ذاته، ففي جمعة 17 فبراير/ شباط 2011، خرجت مسيرات ومظاهرات من مختلف التيارات أطلق عليها "جمعة النصر" تقدمها يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، في ميدان التحرير، أيقونة الثورة، احتفالا بسقوط مبارك. عقب تلك الجمعة بأيام، بدأت الخلافات تدب بين قوى الثورة، وظهرت جلية في الاستفتاء على التعديلات الدستورية في مارس/ آذار 2011، مرورا بالانتخابات البرلمانية في 2011، والرئاسية في 2012، ثم الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس الأسبق محمد مرسي في نوفمبر/ تشرين الثاني 2012، وبدء حملة التوقيعات حول عزله من حركة "تمرد". وفي 30 يونيو/ حزيران 2013، زادت حدة الانقسام بين المؤيدين والمعارضين لمرسي، قبل أن يتم إعلان عزله في 3 يوليو/ تموز من ذات العام، ليبدأ الخلاف حول ما إذا كانت خطوةة العزل "ثورة" أم "انقلاب"، وسط احتجاجات بين المؤيدين والمعارضين. ولم تتوقف مظاهر الانقسام، حتى عقب تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي، مقاليد الحكم في البلاد، حيث بدأ انقساما من نوع جديد حول الانتخابات البرلمانية وقوانينها. وفيما يلي رصد قام به مراسل الأناضول لأهم وقائع الانقسام السياسي "21 حالة" بين القوي التي اجتمعت في الثورة وحتى الآن: كان هذا اليوم بداية الانقسام المجتمعي في مصر عقب الثورة، حيث تبنت جماعة الإخوان المسلمين وحلفائها من التيار الاسلامي خيار التصويت ب "نعم" على تلك التعديلات الدستورية، التي كانت تؤسس لانتخابات برلمانية يعقبها انتخابات رئاسية، ثم استفتاء على الدستور، بينما كان يفضل التيار الليبرالي خيار "لا"، بما يعني أن خطوة إعداد دستور جديد، كانت ستسبق خطوتي الانتخابات البرلمانية والرئاسية. 14 أغسطس/ آب2011: الإعلان عن وثيقة علي السلمي نائب رئيس الحكومة حينها (المبادئ الدستورية أو فوق الدستورية الحاكمة) التي وافق عليها عدد من الأحزاب الليبرالية واليسارية، ورفضها الإخوان وحزب النور (سلفي) وبعض القوى الشبابية. 19- 25 نوفمبر/ تشرين الثاني 2011: وقوع اشتباكات في محيط ميدان التحرير وسط القاهرة، بين متظاهرين وقوات الأمن، استمرت من السبت 19 نوفمبر/ تشرين الثاني إلى 25 من الشهر نفسه، مما أدى إلى مقتل 41 متظاهرا، وإصابة المئات، بالخرطوش فى العين والوجه والصدر والغاز المسيل للدموع، وهو ما عرف إعلاميا ب"أحداث محمد محمود"، وتسبب هذا الأمر في انقسام بين القوى السياسية حيث رأي شباب الثورة أن جماعة الإخوان، التي لم تشارك في تلك المظاهرات التي خرجت احتجاجا على ممارسات الشرطة، تخلت عنهم من أجل انتخابات البرلمان (بدأ التصويت فيها يوم 28 من الشهر ذاته)، واعتبر الإخوان أن تلك الأحداث هي مخطط لإجهاض الانتخابات. 25 يناير/ كانون الثاني 2012: إحياء الذكرى الأولى للثورة في ميدان التحرير، وسط مناوشات واشتباكات بين قوى إسلامية خرجت للاحتفال، وأخرى ليبرالية رددت هتافات بسقوط حكم العسكر، في إشارة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة برئاسة المشير حسين طنطاوي وزير الدفاع الاسبق، الذي كان يدير شؤون البلاد منذ تنحي مبارك. مايو/ آيار- يونيو/ حزيران 2012: اختلفت قوى الثورة حول أكثر من مرشح في الانتخابات الرئاسية التي ترشح فيها 13 شخصا، بينهم من يوصفون بأنهم محسوبون على الثورة وآخرون محسوبون على مبارك، ما أدي إلى تفرق أصوات قوى الثورة بينهم، لتكون جولة الإعادة بين مرسي (مرشح الإخوان)، وأحمد شفيق آخر رئيس حكومة في عهد مبارك. 22 نوفمبر/ تشرين الثاني 2012: أصدر مرسي إعلانا دستوريا حصن فيها قراراته من الطعن القضائي، وحصن فيها عمل الجمعية التأسيسية (وضعت دستور 2012)، ومجلس الشورى (الغرفة الثانية للبرلمان) من الحل، وهو الإعلان الذي أثار موجة من الرفض من قبل المعارضة، أعقبه تشكيل تكتل من المعارضة أطلق عليه "جبهة الإنقاذ الوطني" وتشكلت من عدة أحزاب ليبرالية ويسارية ومرشحين سابقين في الانتخابات الرئاسية. وعلى الرغم من إلغاء مرسي إعلانه الدستوري في 9 ديسمبر/ كانون الأول 2012، مع الإبقاء على ما ترتب عليه من أحداث، إلا أنها خطوة لم ترض المعارضين، وزادت من الاتقسام بينهم وبين المؤيدين. 23 نوفمبر/ تشرين الثاني 2012: أصدر مرسي قرارا بتعيين القاضي طلعت إبراهيم نائبا عاما جديدا، وهو ما تسبب في تصاعد غضب قسم كبير من القضاة وأعضاء النيابة العامة، ودفع ذلك النائب العام الجديد للاستقالة تحت هذه الضغوط قبل أن يتراجع عنها بعد نحو أسبوع، وهو القرار الذي زاد الانقسام بين المؤيدين والمعارضين لمرسي. 5 ديسمبر/ كانون الأول 2012: وقعت اشتباكات بين مؤيدين ومعارضين لمرسي أمام قصر الاتحادية الرئاسي، على خلفية الإعلان الدستوري، سقط فيها 11 قتيلا من المؤيدين والمعارضين، وعشرات المصابين، بحسب وزارة الصحة، وتلاها استقالة 7 من هيئة مستشاري مرسي التي كانت تضم إجمالاً 17 مستشارًا؛ اعتراضًا على إصدار الإعلان الدستوري. 26 ديسمبر/ كانون الأول 2012: أعلنت اللجنة العليا المشرفة على الاستفتاء على دستور 2012، نتيجته بموافقة الشعب عليه بنسبة 63.8%، بينما رفض الدستور 33.2%، في استفتاء كانت نسبة المشاركة فيه 32.9%، ونسبة الامتناع عن المشاركة 67.1% ممن لهم حق التصويت. يناير/ كانون الثاني- فبراير/ شباط 2013: عقد مرسي عدة موائد حوار دعا فيها معارضوه للحضور لرأب الصدع، إلا أنهم رفضوا الحضور وقرروا مقاطعتها. 17 فبراير/ شباط 2013: إقالة خالد علم الدين، القيادي بحزب النور "سلفي" من منصب مستشار الرئيس لشؤون البيئة وهو ما أدى لاستقالة بسام الزرقا نائب رئيس حزب النور، ذي التوجه السلفي، من منصب مستشار الرئيس للشؤون السياسية، لتبدأ أزمة بين مؤسسة الرئاسة وحزب الحرية والعدالة الحاكم من جانب، وحزب النور من جانب آخر، لتفضي إلى قطيعة بين الحزبين وانتهاء التحالف السياسي بينهما، وتبني حزب النور لمواقف قريبة من مواقف معارضو مرسي. 26 أبريل/ نيسان 2013: تأسست حملة "تمرد" لجمع توقيعات لسحب الثقة من مرسى وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وأعلنت الحملة بعد أسابيع عن جمع 22 مليون توقيع ودعت للتظاهر يوم 30 يونيو/ حزيران 2013 (ذكرى مرور عام على تولي مرسي الرئاسة) ، وهو ما قابلها مؤيدوه بالتشكيك في صحة هذا الرقم، وبدعوات لتأكيد الثقة في مرسي تحت اسم حملة "تجرد". 26 يونيو/ حزيران 2013: أحزاب المعارضة تدعو لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وهو ما رفضها مرسي ومؤيدوه. 30 يونيو/ حزيران 2013: تظاهر معارضين لمرسى فى ميدان التحرير (وسط القاهرة) وغيره من ميادين مصر مطالبين بعزله وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، في الوقت الذي تظاهر مؤيدين له في ميداني رابعة العدوية (شرقي القاهرة)، ونهضة مصر (غرب القاهرة) مطالبين بالحفاظ على شرعيته. 3 يوليو/ تموز 2013: المجلس الأعلى للقوات المسلحة برئاسة الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع (آنذاك) يعقد اجتماعات مع ممثلي أحزاب، وشخصيات سياسية ودينية، قبل أن يخرج السيسي في خطاب تلفزيوني يكشف النقاب عن "خريطة طريق" لمستقبل مصر تتضمن عزل مرسي وتعليق العمل بدستور 2012 وتعديله، وتكليف عدلي منصور رئيس المحكمة الدستورية العليا بإدارة شؤون البلاد حتى يتم انتخاب رئيس جديد، وهو ما قابله معارضو مرسي بالتظاهر فرحا. وفي اليوم ذاته خرج مرسي في خطاب تلفزيوني رفض فيه قرار عزله، ووصفه بأنه "انقلاب عسكري"، وهو ما دفع أنصار مرسي للتظاهر دعما له. 14 أغسطس/ آب 2013: قامت قوات الشرطة والجيش بفض اعتصامي أنصار جماعة الإخوان فى ميدان رابعة العدوي ونهضة مصر، بعد 45 يومًا من بدايتها، وتتضارب الإحصاءات بشأن عدد ضحايا هذا الحادث، وهو ما أيده البعض، وعارضه آخرون من بينهم مؤيدين لعزل مرسي، وعلى إثر ذلك تقدم محمد البرادعي نائب رئيس الجمهورية حينها باستقالته من منصبه. 25 يناير/ كانون الثاني 2014: خرجت مظاهرات مؤيدة ومعارضة للسلطات الحالية، تزامنًا مع الذكرى الثالثة للثورة، واندلعت اشتباكات بين المعارضين والشرطة مما تسبب في وقوع 49 قتيلا و247 مصابا، بحسب وزارة الصحة. أبريل/ نيسان- مايو/ آيار 2014: انقسمت القوى السياسية بمصر إلى 3 أقسام، الأول يدعم وزير الدفاع المشير عبد الفتاح السيسي (آنذاك) في الانتخابات الرئاسية، في الوقت الذي اعلنت قوى أخرى دعمها للمرشح الآخر حمدين صباحي، وذلك في الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها السيسي بأغلبية 96.9%، بينما جاء القسم الثالث من الذين رفضوا عزل مرسي واعتبروا أن ما حدث معه انقلاب عسكري، أو الرافضين لتدخل الجيش في السياسة واعتبار أن النتيجة محسومة سلفا، وأعلنوا جميعا مقاطعة الانتخابات الرئاسية. 3 يوليو/ تموز 2014: خرجت مظاهرات مؤيدة ومعارضة للسلطات الحالية، تزامنًا مع الذكرى الأولى لعزل مرسي، مما تسبب في مقتل 6 بينهم شرطي وإصابة 22 آخرين، بحسب وزارة الصحة، فيما تم القاء القبض على 196 شخصا، بحسب الداخلية المصرية. ديسمبر/ كانون الثاني 2014: اعترضت عدد من الأحزاب السياسية المصرية على قانون تقسيم الدوائر الانتخابية الذي أصدره السيسي، وعقدوا عدة مؤتمرات وندوات مطالبين السيسي بتعديله، دون جدوى. يناير/ كانون الثاني- فبراير/ شباط 2015: اختلفت القوى السياسية حول دعوة السيسي لتشكيل قائمة انتخابية موحدة، وفشلت كل المحاولات لتلبية دعوة الرئيس، وتشكلت عدة قوائم مختلفة، وصلت إلى اتهام رئيس الحزب المصري الديموقراطي الاجتماعي محمد أبو الغار، في مقال له، أن مؤسسة الرئاسة تدخلت في عمل إحدى القوائم الانتخابية، وأن السيسي أصدر أعدادًا هائلة من القوانين بعضها غير دستوري والبعض الآخر يؤسس لدولة بوليسية، كما أنه لا يريد برلمانًا يؤدي وظيفته الحقيقية، وهو ما ردت عليه الرئاسة بأن الدولة لا تدعم أي قائمة انتخابية، وأنها لا تسعى لإنشاء "برلمان وهمي"، مشيرة إلى أن هناك إرادة قوية لوجود برلمان قوي.