ضمن نشاط "كاتب وكتاب" بقاعة ضيف الشرف بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، كان "سوسيولوجية الفتوى، المرأة والفنون نموذجا" لكاتبه من السودان الدكتور حيدر إبراهيم قيد المناقشة بمشاركة المهندس والكاتب محمد السباعي، والأستاذ بدار الإفتاء ووزارة الإعلام هاني ضوّة. الكتاب الصادر عن مركز الدراسات السودانية في الخرطوموالقاهرة، ينقسم إلى قسمين، الأول نظري والثاني تطبيقي أو نماذج للفتاوى وتطبيقها على الواقع. ويقول حيدر إبراهيم عن كتابه: بدأت منذ ثلاثة عقود بالاهتمام بموضوع علم الاجتماع الديني والجماعات الدينية، ولاحظت خلال الفترة الأخيرة أن الفتوى والفتاوى والمفتين أصبحوا يحتلون موقعا محوريا في المجتمع العربي وفي العقل العربي عموما وفي اهتمامات الإنسان العربي المسلم فلذلك بادرت نفسي بالسؤال لماذا هذا الاهتمام؟!. فقبل ذلك كان من الممكن أن تكون هناك أسئلة للاجتماعيين وعلماء النفس والسياسة، ولكن الآن أصبح المفتي هو المرجعية الأساسية، والفرضية التي انطلقت منها أن المجتمعات العربية والإسلامية تعيش عملية العولمة وفي عالم سريع التحول وسريع التغير وبالتالي يسعى الإنسان المسلم باستمرار لأن يقوم بعملية تكيف وتعايش بين نصه الديني وبين الحياة الواقعية فلذلك تطرح عليه كثير من الأسئلة ذات الطابع الجديد. بمعنى أن الفتوى تملأ الفراغ الحادث بين النص الديني وبين الواقع، و الفتوى دائما تكون في شكل سؤال وبالتالي تكون في قضية محددة، أما الرأي الديني فمن الممكن أن يكون في موضوع مجرد أو حقيقي، والفتوى يقوم بها بشر وتوجه لبشر لذلك تتعرض لتغيرات المكان والزمان فيكون شكلها نسبي تماما. فلذلك حاولت في القسم الأول من الكتاب استعراض بعض الأوضاع الاجتماعية والتاريخية التي أثرت على إصدار الفتوى ثم بعد ذلك عرجت على موضوع ما سميته مؤسسة الفتوى يعني كيف أصبح للفتوى مؤسسة أي دار إفتاء أي لم تعد الفتوى مجرد رأي فردي يقوم به عالم وإنما أصبحت هنالك مؤسسة وهذه المؤسسة طبعا في أحيان كثيرة قد ترتبط بالدولة أو ترتبط بالسلطة وهذا ما يولد إشكالية جديدة وهي: إلى أي مدى تكون الفتوى محايدة ومستقلة وموضوعية؟. وفي فصل من الفصول تحدثت عما سميته الفتوى والآخر، فعندما كانت المجتمعات الإسلامية قليلة كانت دائرتها ضيقة ولكن الآن انتشر المسلمون في كل أنحاء العالم وهنالك جاليات إسلامية تعيش في أوروبا الغربية وتعيش في كندا وتعيش في أستراليا وتعيش في الولاياتالمتحدة، وتحاول على قدر الإمكان أن تتعايش في هذه المجتمعات وفي نفس الوقت تكون مرتبطة بدينها. هنا تعاملت الفتاوى الإسلامية مع حضارات غربية أو حضارات مختلفة تماما لذلك حصل شكل من أشكال الصراع والتكيف وحصل ما يصطلح عليه بالإسلاموفوبيا، هذه كلها نتيجة لأن المسلمين يريدون أن يكونوا جزء من هذا العالم وجزء من هذا العصر وأن يكونوا أنفسهم في نفس الوقت، وقمت باختيار الفتوى والمرأة والفتوى فهما أكثر موضوعين حساسية واهتماما لدى المسلمين، وجاءت فيهم فتاوى كثيرة أثارت الجدل وما زالت تثير الجدل، وأنا عندما أكتب مقدمة نظرية لا أحتاج أن أفسر أي فتوى أو أشرح أي فتوى لأنني أهتم بقوة الفتوى الاجتماعية ، فقد تكون هنالك فتوى ضعيفة جدا فقهيا ولكنها قوية جدا في تأثيرها الاجتماعي. لم يتمكن د. حيدر من حضور المناقشة وقام بإرسال نسخ إلكترونية من كتابه للمشاركين في الندوة وأولهم محمد السباعي الذي قال تعليقا على الكتاب: قسم المؤلف كتابه ل3 فصول تحدث فيها عن الفتوى وتاريخها وكيف كانت جزءا تشريعيا في تكوين السلطة ثم خرجت من حكم الفرد وأصبحت كيانا منفصلا مختصا بالتشريع، وكيف بدأت بالسلطة القضائية وخرجت منها وأصبحت تابعة لها، وأصبحت سلطة موازية وهي سلطة دينية تكتفي بالتحريم وإصدار الفتاوى بدلا من التجريم والتنفيذ. وأضاف: أما الجزء الثاني من الكتاب فقد احتوى على الفتاوى الخاصة بالمرأة ، وهي فتاوى مطلقة بعيدة عن دراسة ظروف المجتمع ، لفت النظر من خلالها على أهمية مراعاة عنصر الزمان والمكان عند النظر إلى الفتوى لانفصالنا الآن عن ذلك تماما، وأخيرا كان الجزء الثالث من الكتاب يتكلم عن الفن كالتصوير، الموسيقى والرقص، ويتعرض للفتوى التي قبلت أو رفضت أحد الفنون دون تفسير محدد لطبيعة وماهية هذا الفن. وأضاف السباعي: الكتاب دراسي بحثي معرفي يجوز استخدامه كمرجع، غير أن به مجموعة من الفخاخ ونقاط مثيرة للتساؤل تظهر عند عرضه لوجهتي نظر، وأنا ليس لدي اعتراضات على الكتاب فهو عرض تاريخي ومسلسل لفتاوى فالكتاب عرض لكن لم يصل لنتيجة بعد رصد هذه الحالات فيما يخص المرأة والفن. من جانبه؛ قال هاني ضوة أن الكاتب سلط الضوء على أهم نقطتين وهما المرأة والفنون، وقد اعتمد في كتابه على حوالي 13مصدر أساسي أولهما القرآن والسنة كما أورد الظروف التي نشأت فيها هذه الفتاوى وردود المفتين، وعاب على الناس إدخال المرجعيات الدينية لكل حياتهم وقال إن هذا هو سبب هلعهم من الوقوع في الخطأ ودفعهم لتكرار الأسئلة في أصغر شئون حياتهم حتى يشق عليهم ذلك، وهذا ما روج له الشيوخ لفترة لا يستهان بها. وأضاف قائلا: لذلك صدر فقه الأقليات بما يعني أنه ليس كل حكم فقهي نستطيع تطبيقه على كل الأقليات وإنما البعض دون البعض الآخر، ففقه الأولويات ضرورة ملحة. وقال ضوة أما ما يخص المرأة والفنون، فإن أبرز الفتاوى عن الفنون جاءت من أشخاص لهم خلفية مسبقة أثرت عليهم في الاجتهاد الفقهي، وأكد الكاتب على ضرورة ربط أجزاء الفتوى بشكل كامل وعدم اقتطاعها من سياق، مطالبا بالمحافظة على الهوية وعدم التصادم مع المجتمع لأنه لا يطلب من أحد تغيير المجتمع وإنما الاندماج فيه والتعايش معه.