من كان يقع عليه ظل حاكم أيام الفراعنة محكوم عليه بالموت! النقد لا يسعدني لكنه يساعدني عمتي مسلة الحكي بالنسبة لي..وحكايات والدي عن المعتقل أفادتني "الجائزة عبء على الكاتب يحاول بعدها أن يظهر بصورة جيدة" هكذا تؤكد الروائية والقاصة منى الشيمي في حوارها مع "محيط" بمناسبة فوز روايتها "بحجم حبة عنب" بجائزة "ساويرس" الثقافية فرع الرواية، ووصولها إلى القائمة الطويلة لجائزة "البوكر" العربية. وتتساءل الرواية ما الذى يمكن لأمٍ أن تفعله حينما تجد ابنها مصابًا بورم "بحجم حبة عنب" يكون سببًا فى فقدانها له، ربما لا يمكنها إلا الكتابة عن الوجع، وهذا ما فعلته الكاتبة منى الشيمى، فى روايتها الصادرة عن دار الحضارة للنشر. منى الشيمى القاصة والروائية الجنوبية التى تسكن بمدينة نجع حمادى فى قنا، والتى فازت بعديد من الجوائز المصرية والعربية عن أعمالها، منها جائزة الهيئة العامة لقصور الثقافة عام 2003، وجائزة نادى القصة المصرى، وجائزة دبى الثقافية عن مجموعة "من خرم إبرة"، وجائزة الشارقة عن مجموعة "وإذا انهمر الضوء. وتلفت الروائية إلى أن الواقع الثقافي مشوه، وهكذا المجتمع، مفضلة الصدق الذي يصدم القارئ على ألا تكتب غيره، مشيرة إلى أن الرواية عمل طويل لكن كتابة القصة القصيرة أصعب.. إلى نص الحوار: ماذا تمثل لكِ 2015 خاصة أنها تحمل في شهرها الأول مفاجآت سعيدة؟ عام الفوز، فعندي سنوات أفوز بها بجائزتين هذا حدث عام 2008، فزت بجائزتي دبي والشارقة، وهذا العام فزت بجائزة ساويرس الثقافية، ودخلت روايتي ضمن القائمة الطويلة لجائزة "البوكر"، وهما خبران جاءاني في يومين متتاليين. والجوائز مهمة لأنها تدعم المبدع خاصة بعدما يكون قد انتهى من عمله، تساعده أنه يصبح حكاءً مشهوراً، وتلفت نظر الجمهور والقراء إلى تجربته الإبداعية. ورغم أهمية الجوائز، فهي لا تشغلني حين أكتب، فلم تكن "البوكر" في ذهني حين أكتب العمل ولم أرشحه للجائزة، بل قامت بذلك دار النشر، وقد توقعت أن تفوز روايتي بجائزة ساويرس الثقافية لكني لم اتوقع دخولها في قائمة البوكر. يصفك النقاد بأنك حكّائة بامتياز..لماذا؟ لأني من مجتمع الجنوب، وهو مجتمع حكّاء بطبعه، فقد نشأت بين خالاتي وعمّاتي استمع إليهن، وعمّتي هي مسلة الحكي بالنسبة لي، فقد كنت أجلس بجوارها وحين تزورنا كنت أقدم على إجازة فوراً!. بجانب الاستماع إلى والدي الذي كان شخصية مثقفة في زمن قل به المثقفون، وأنا وليدة كل هذا، كان والدي يجمعنا ليروي لنا حكاياته في معتقل عبدالناصر، فقد كان والدي إخوانياً واعتقل في محاولة جمال عبدالناصر تصفية الإخوان في القرى والنجوع. لكِ اعتراض على مصر الفرعونية من حيث التقسيم إلى شعب وحكام؟ بالتأكيد، فهناك تصور فرعوني يقول أن من يمر عليه ظل فرعون فهو محكوم عليه بالموت، ليس من قبل الحكومة بل من قبل الآلهة، فليس من المفترض أن يقف في المكان الذي يمر عليه ظل فرعون، فتقديس الحاكم أمر فرعوني، والشعب المصري يستريح إلى فكرة أن الحاكم إله، وهي فكرة مستمرة إلى الآن، وهو أمر محزن، وأتناول في كتابتي هذه الجذور التي تعود إلى الحضارة الفرعونية، ولأني خريجة آثار أكتب عن ذلك جيداً. ما هو مشروعك الروائي؟ لدي أفكار كثيرة أريد كتابتها، ومن الصعب التحدث عن مشروعي، لكني أتمنى أن يظهر في كتاباتي، ولي رواية جديدة بعنوان "مذاق الحديد" ذو المذاق المر!. هل تشغلك فكرة الأكثر مبيعاً؟ أبداً، أعتقد أني لم أوزع أصلاً، وهذا لا يشكل لي هاجساً، وفكرة الأكثر مبيعاً لديّ عليها تحفظ، وكذلك على الوعي في مصر ونوعية الثقافة نفسها، المدهش ان البعض يصنف الأكثر مبيعاً على أنها روايات رائعة وهي ليست كذلك، كيف أطالب أجيالاتقرأ هذه الكتب وأطالبهم بعد ذلك أن تقرأ اعمالي مثلاّ؟!، الموضوع منظومة مجتمعية. ماذا تمثل لك مجموعتك "خرم إبرة"؟ تمثل لي مرحلة كنت أهتم بها بقضايا المرأة، أكثر نت الآن ربما لأنني لم أعد مقهورة، والمجموعة فازت بجائزة "دبي" الثقافية، وتحمس لها الروائي فؤاد قنديل ونشرها في أقل من شهر!. المجموعة تتناول حكاية مبدعة حاولت أن تنشر عملها ولجأت إلى أديب كبير، لكنه ماطلها ولم ينشر لها، وهذا بالمناسبة يحدث في الحقيقة، وقد كتبت عن ذلك الكاتبة السعودية زينب حنفي وحرمت من دخول السعودية، فهذه ظاهرة موجودة، ومن آفات الواقع الثقافي المشوه فهو جزء من المجتمع المشوه أيضاً. لماذا آثرت الكتابة عن السرطان في "بحجم حبة عنب"؟ ليست الرواية الأولى لي بل الرابعة، والموضوعات التي تشغلني كثيرة، وفي حينها كنت أرغب في تسجيل عواطف الأنثى في مواقف عدة، وأكتب عن المرأة لأني أراها مهمشة ويتم توجيه نوعان من الخطاب لها، إحداهما إعلامي من أجل عمل عرض "شو"، والآخر خطاب حقيقي واقعي مختلف عن الأول، ولدي تحفظات على قانون محكمة الأسرة والقوانين عموماً المتعلقة بالمرأة، فهي تشغلني لأنها لم تأخذ حقها إلى الآن. بمن تأثرت في مشوارك؟ تأثرت كثيراً بماركيز، وباولو كويلو، نجيب محفوظ، ومحمد المنسي قنديل، وبهاء طاهر بالتحديد في روايته "الحب في زمن المنفى"، نجيب محفوظ، ومحمد المنسي قنديل، ولن أخجل من قولي أن "منافي الرب" لأشرف الخمايسي أثرّت في كثيراً. وبصوت يملؤه الضحك تقول: هنأت الخمايسي وهشام الخشن لوصول رواياتهم إلى القائمة الطويلة لجائزة "البوكر"، لكني لا أتمنى لهم الفوز وقلت لهم ذلك!. لماذا لا يسعدك النقد؟ لا يسعدني لأن النفس البشرية أمارة بالسوء فنحن لا نتحمل الانتقاد، لكنه يساعدني بعد قراءته على مهل استفيد منه، ولا تعارض بين الاثنين. قلتِ أنك لا تهتمي بصدمة القارئ في أعمالك.. لماذا؟ هذا أفضل من أن أكتب أعمالاً لا ترضيني، فالصدق لديّ هو المعيار، اكتب عملي وأذهب ولا تعنيني الأحجار التي قد تقذف علي. *** ما زلت أرقد هنا، أعي زمن اللحظة جيدا، أرقب ما حدث، وما سوف يحدث، أنتظر شروق الشمس، لتغرب من جديد مسجونة في قالب من القار الأسود، محنطة يداي إلى قدمي، ومدفونة بعبثية في مكان رملي ما!".