لم ينتهي مسلسل الإهمال الذي يشهده المصريين كل يوم في شوارع مصر، لكن أن يصل الأمر من الجهل والإهمال والتخلف أن يتم إزالة تمثال فني معاصر موضوع في إحدى ميادين مدينة "الشيخ زايد" بطريقة عشوائة تؤدي إلى كسره من أجل توسيع الشارع!!، هذا ما يستدعي إتخاذ موقف سريع مع القائمين على هذا الفعل ومعاقبتهم بجدية لأمرين. الأول هو الإهمال في أنهم يجهلون قيمة مثل هذه الأعمال الفنية التي تكلف الدولة الملايين لإنتاجها فكان يجب على من أرادوا إزاله التمثال أن يقوموا بإبلاغ صاحبة العمل أو الجهة التي تملكه لمعرفة كيفية نقله، خصوصا أن هذا التمثال ملك لوزارة الثقافة ضمن مقتيات المتحف المفتوح بأسوان فكان يجب أن يسئلوا أولي الأمر بشأن ما يجهلوه، وألا يتم التعامل مع التمثال بإهمال شديد. ثانيا جهل القائمين على إزالة التمثال بما يمثله من قيمة ثقافية وجمالية تنفذ إلى وجدان المارة من الشعب المصري بجانبه، والتي تزيل من أعينهم مشاهد القبح الموجودة في الكثير من شوارع مصر، لتستبدلها بأعمال فنية جادة تزيد من حاسة التذوق الفني والتذوق الجمالي لدى الشعب، والتي ترتقي بهم إلى مراتب ثقافية أكثر عمقا لفهم وتذوق مثل هذه الأعمال، فهذا ما يحدث في دول العالم المتقدم أن ترى تمثالا في كل ميادينه، والتي تكبدهم المليارات من أجل أن يرتقوا بشعوبهم، فعندما تتعاون وزارة الثقافة مع الدولة بخروج إحدى مقتنيات متاحفها لتجميل إحدى المدن يقابل هذا بإهمال وجهل يؤدي إلى كسر تمثال تبلغ قيمته المادية آلاف الجنيهات إلى جانب قيمته الثقافية التي تحدثنا عنها سابقا، وخصوصا أن هذا التمثال يمثل البيت المصري!!. وبسؤال الفنانة فيفيان البتانوني صاحبة التمثال عن هذه الواقعة قالت ل"محيط": "منذ حوالي أسبوع كان جهاز مدينة الشيخ زايد يقوم بعمل توسيع للشارع فأراد إزالة التمثال، فاستسهل الأمر ولم يبلغ وزارة الثقافة أو صاحبة التمثال، ونقلوا التمثال ب"لودر" إلى الجانب فتسبب في كسره، وهذا التمثال موجود في هذا المكان منذ عام 2001. وهذه لم تكن المرة الأولى التي يتم فيها إزالة تمثال بهذا الشكل المهين في نفس المدينة، ففي عام 2001 نقلوا تمثال لفنان أمريكي كان أيضا ضمن مقتنيات المتحف المفتوح وتم إنتاجه في سيمبوزيوم أسوان الدولي، وكنت من قام بتركيبه لأن الفنان لم يكن موجودا وقتها في مصر، وتم كسر قطعة من التمثال الذي كان موجودا في مدينة الشيخ زايد (مدخل 2)، وزعموا وقتها أن التمثال كان يطل على اتجاه قبلة الجامع في قرية "الندى"، وانزعجنا جميعا من هذا الأمر، لدرجة أن د. جابر عصفور غضب جدا وكتب عن التمثال فقام وزير الإسكان بإقالة رئيس جهاز مدينة الشيخ زايد من مهامه". واصلت الفنانة: "في هذه المرة أزالوا التمثال بعد تواجده 14 عاما في هذا المكان دون أن يخبروني!!، وقاموا بعمل ذلك بلودر تابع للحي وكأنه "كوم زبالة"!!!. في حين أنهم قاموا بعمل ميدان حوالي 20 متر في هذه المنطقة ويتوسطه عمود نور!!!! كان يجب عليهم التصرف باحترام وأن يخبروني بأنهم يريدوا إزالة التمثال فأعيده إلى المتحف المفتوح بأسوان، وهو مكانه الأصلي، لكن أن يكسروا التمثال بهذا الشكل المهين!!. بلغني الفنان آدم حنين قوميسير سيمبوزيوم أسوان بإزالة التمثال حتى أذهب لرؤيته واتحقق من الأمر، وبالفعل سافرت إلى القاهرة وشاهدته لأنني أقيم في الإسكندرية، كما بلغ الفنان آدم رئيس قطاع صندوق التنمية الثقافية المهندس محمد أبو سعدة لاتخاذ موقف، ويقوموا حاليا بكتابة تقرير سيرفع إلى وزير الثقافة د. جابر عصفور لاتخاذ موقف سريع مع الموضوع والاجتماع غدا". وعن التمثال قالت الفنانة ل"محيط": "التمثال من مقتنيات المتحف المفتوح مثل كل أعمال سيمبوزيوم أسوان الدولي، انتجته في إحدى دورات سيمبوزيوم أسوان عام 2000، وضعناه في مدينة الشيخ زايد لتجميل المدينة، وكل التماثيل الموضوعة بنفس الغرض في أماكن أخرى بالإسكندرية وغيرها يتم المحافظة عليها ولم تخدش. التمثال بعنوان "بيت مصري"، عبارة عن شكل هندسي معماري يعبر عن البيت المصري التقليدي، بداخله سلم بسيط يمثل إحدى نواحي العمل، ومن الناحية الثانية باب كبير به مسقط نور في واجهة التمثال، وإحدى الجوانب به امرأة ترتدي ثوب أسوان، والناحية الاخرى بنت صغيرة رمزا لأنهما أكثر من يتواجدوا بداخل المنزل. والتمثال بخامة الجرانيت الأحمر، بمقاس 4.75 متر، على ارتفاع قاعدة من الجرانيت بمقاس 35 سنتيمتر". وانهت الفنانة حديثها ل"محيط: "ما يحزنني أن جهاز المدينة لا يوجد فيه شخص يعرف حتى قيمة العمل، فلا يستلزم أن تكون مثقفا كي تعلم قيمة عمل فني، لكنهم للأسف لم يكن لديهم لا قيمة فنية ولا ثقافية ولا حتى اخلاقية، فهذه الأعمال أنتجت بملايين الجنيهات، لو لم يريدوه في المكان فكان يجب عليهم أن يبلغونا ولم يزيلوا التمثال بهذا الشكل الحقير".