سأروي لكم هذه القصة باختصار لعلي أجد ما يربط علي قلب كل مكلوم محزون .. مشمش باختصار قط أهدته إلى أسرتي إحدى قريباتنا .. في البداية كانت أمي تعامله بلطف متوقع من سيدة تخاف الله في حيوان ضعيف عمره عدة أشهر .. لكن الامر تطور بينهما، لقد ملأ هذا ال"مشمش" فراغا موحشا ساد أيامها الخالية .. خاصة وأن الأبناء كبروا وتزوجوا وتركوا بيت العائلة .. وغاب أبوهم في سفر بعيد من صغرهم .. فكان مشمش هو مؤنس السيدة ونشبت بينهما صداقة دافئة .. حتى حين جاء الأحفاد ليزينوا البيت بالفرحة ، كانت لمشمش مكانه المحفوظ في قلب السيدة ويومها .. كانت تدلله وتقرأ عينه الذكية وهي تحدثها كطفل لم يتعلم النطق بعد .. كان مختلفا حقا عن سائر القطط .. يشعر بألمها وفرحها ويشاركها فيه بحركات لا تخطئها عين .. ذات يوم وجدته يهرع فوق لوحة المفاتيح ويلمس ذرا ثم يطير لخارج الغرفة .. وإذا بها تقرأ دعاء اتخذ حجم شاشة حاسبها اللوحي بالكامل يقول "استغفر الله من كل ذنب حال بيني وبين ذكر الله" فقامت لتصلي العشاء فورا .. وسعدت بملاكها الصغير .. والذي اعتاد إيقاظها للفجر أيضا .. لكن مشمش وذات ليلة محتمة، قفز على سور شرفة المنزل بالطابق البعيد جدا عن الأرض ، كانت قفزة مرتبكة هوت به للفراغ .. التمس حديدة مذعورا وظل يصرخ بصوته المكتوم لكن أحداً لم يسمعه .. إذ كانت صاحبته مشغولة بأمر ما ومنهمكة فيه تماما .. ظل القط هكذا حتى خارت قواه وسقط مفارقا الحياة .. بالطبع هذه حادثة قد لا تؤلم المحيطين كثيرا .. وبالفعل فقد عاتبتها ابنتها لحزنها الكبير برغم ظروف الوطن الذي يزف شهداء بشريين وليسوا قططا .. كانت الأم تنصت وهي تخفي جزعها وتستعين بالله .. لكن الألم النفسي كأنه سيستمر ! .. ترى ماذا يفعل الأبناء مع أمهم الطيبة التي طالما بذلت لإسعادهم ولا تزال ؟؟ نور – مصر أقول لهذه السيدة .. أعانك الله علي حزنك وهنيئاً لك قلبك الكبير الرحيم ، إن ما انت فيه ليس إلا الدليل الكبير والاكيد علي خوفك من الله ، ورحمتك بهذا الحيوان الضعيف نسأل الله أن يجعل رعايتك له وحنوك وحدبك عليه في ميزان حسناتك لكن سيدتي اهدأي بالاً ولا تجزعي الحزن رحمة والإحساس بالذنب سمة من سمات أصحاب القلوب الكبيرة الرحيمة فتذكري أن الموت والحياة بيد الله فهو فقط يسبب الأسباب ، وآجال المخلوقات كلها بيده ، وهو القائل كل نفس ذائقة الموت ، سبحانه وتعالي قال لنا في الموت آيات ما أعظمها أنا أقدر مشاعرك جيداً وأعرف مدي شعورك العميق بالذنب نحو هذا الضعيف الذي لا حيلة له ، لكنها في النهاية إرادة الله وقضاءه الذي لا راد له ، ونحن أمام إرادة الله وحكمة الموت مجبولون علي الطاعة والرضوخ لأمره وعدم الاعتراض علي ما شاء وقدر . أرجو ألا تحملي نفسك فوق ما تحتمل ولا يعذبنك إحساسك بالذنب ، فيكفي أنك لم تقصدين إيذائه ، ولم تقصري تجاهه ، لكنه عمره وأجله الذي شاء الله له أن ينتهي بهذه الطريقة لا داعي لأن أذكرك وأنت بالتأكيد تعلمين كل ما أقول لك لأن رحمتك وحنوك علي هذا الحيوان بالتأكيد لم تأت سوي عن إيمان كبير بالله ومعرفة واسعة بدينك فهوني عليك سيدتي ، وتذكري أن كثيرين يموتون بأسباب ودون أسباب وأمام الموت نقف عاجزين لكننا لا نملك في النهاية سوي أن نقول ما يرضي الله ،ولا نملك سوي التسليم بقضائه ، فكم من أطفال ماتوا نتيجة إهمال أبويهم وسقطوا من الشرفات ، بإهمال جسيم عامد متعمد وجزع الأهل لكنهم سرعان ما نسوا وشغلتهم هموم الدنيا عما اقترفت أيديهم فلا يداخلنك شك في تقصير ، ولا يحزنك موته فهذا قضاء الله وقدره ، والموت هو نهاية كل حي شئنا أم أبينا وكل كائن حي سيرحل حين يحين الأجل . واطمأني فكما خلق الله الموت والحزن خلق لنا أيضاً نعمة النسيان مع نعم كثيرة جداً اشكريه عليها ، واشكريه ايضاً علي نعمة الأبناء البررة والأحفاد الرائعين ، فأنت القوة وأنت القدوة ، وهم جميعاً لازالوا في حاجة إليك وإلي عطاءك ، فانت قوية قادرة علي العطاء فلا تقهرك أزمة عابرة ستأخذ وقتها وتمر ، ساعدي نفسك لتعودي إلي دورك في حياة أسرتك وأخيراً سيدتي الفضلى عليك أن تعلمي أن أمر المؤمن كله خير كما اخبرنا نبينا الكريم صلي الله عليه وسلم حيث قال (عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، أو أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له)، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، فأعظمي بها من نعمة، فاجتهدي في التوجه إلى الله تبارك وتعالى، انت وكل مكلوم محزون ، توجوهوا غلي الله واصبروا وانتظروا جزاء الصابرين الذين يوفون أجرهم بغير حساب نسأل الله تعالي لك وللجميع ألا يريكم مكروهاً في عزيز لديكم ، وأن يرزق الجميع الصبر والثبات ، ويوفي الصابرين أجرهم بغير حساب سبحانه وتعالي خير من وعد وخير من يوفي . عواطف عبد الحميد نتلقي رسائلكم علي الرابط التالي أدخل مشكلتك هنا لإرسالها لقسم أوتار القلوب * ما هو مجموع 8 + 7