حذر البنك الدولي من احتمال أن "تتأثر الدول النامية من عواقب طويلة المدى نتيجة أزمة المال العالمية"، ولفت إلى أن معظمها "يواجه أوضاعاً مالية متدهورة تنذر بخفض الخدمات المقدمة إلى الفقراء، مثل الخدمات الصحية والتعليمية". وقدر أن الفجوة التمويلية ل 98 بلداً تتراوح بين 270 و700 مليار دولار، وستتوافر لربع هذه الدول المعرضة للمعاناة، موارد مالية للحد من آثار التراجع المالي في شبكات الحماية الاجتماعية وبرامج التوظيف. ورجح البنك الدولي في دراسة قدّمها خلال اجتماع وزراء المال في مجموعة العشرين الأسبوع الماضي في بريطانيا، تمهيداً للقمة المقررة في الثاني من إبريل المقبل، أن تدفع الأزمة الراهنة 65 مليون شخص جدد إلى براثن الفقر خلال هذه السنة، استناداً إلى دخل يومي يقل عن دولارين، وأن تجبر بعض الناس على بيع أصولهم التي يعتمدون عليها في كسب العيش أو سحب أطفالهم من المدرسة أو المعاناة من سوء التغذية. وأوضح أن بلدان شرق آسيا دخلت الأزمة الحالية وهي مستعدة في شكل أفضل مما كانت خلال أزمة المال الآسيوية عام 1997. لكنها تسجل أكبر خسائر تجارية في ضوء انخفاض الصادرات وتراجع الأسعار وهبوط قيمة العملة. ولفت إلى أن صادرات الصين تراجعت 25% مقارنة بما كانت قبل عام، بحسب إحصاءات الحكومة، فيما قدرت وزارة العمل أن 20 مليون شخص فقدوا أعمالهم. ورأى البنك الدولي في دراسته، أن منطقة أوروبا الشرقية ووسط آسيا تضررت تحديداً من التراجع السريع للصادرات والاستثمارات الأجنبية وتحويلات المغتربين وتشديد الائتمان. وعن منطقة إفريقيا جنوب الصحراء، لاحظ أن بعض دول هذه المنطقة «تعرضت لضغوط مالية، بعدما كانت معزولة في البداية عن آثار الأزمة المالية، نتيجة انخفاض أسعار السلع الأساسية، التي تشكل مصدراً رئيساً لإيرادات الحكومة». وأشار كما ورد في صحيفة "الحياة" اللندنية إلى البلدان المتدنية الدخل في المنطقة «تعتمد في شكل أساس على المعونة، لكن البلدان المتقدمة كانت تتخلف حتى قبل بدء الأزمة في الوفاء بتعهداتها بدفع 39 بليون دولار سنوياً». وأوضح أن القطاع المصرفي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كما في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء، «كان أقل انكشافاً على الأزمة المالية، لأنه أقل اندماجاً في الاقتصاد العالمي». لكن لم يسقط «المخاوف من آثار الأزمة على الاقتصاد الحقيقي والأفراد». ولفت إلى «انخفاض نمو الصادرات في معظم دول هذه المنطقة، نتيجة التراجع الاقتصادي العالمي وهبوط أسعار النفط». وتوقع أن «تشهد بلدان مصدرة للنفط، تضم أعداداً كبيرة من السكان وتملك موارد محدودة من النقد الأجنبي، تراجعاً يزيد على 20 في المئة من إجمالي الناتج المحلي في ميزان المعاملات الجارية، ومجالاً أقل في المالية العامة لتلبية الاحتياجات الاجتماعية». ولاحظ بوادر ظهور هذه الضغوط في البلدان التي تعتمد في شكل كبير على الوظائف والتحويلات والاستثمارات الأجنبية المباشرة من بلدان الخليج». أما البلدان غير المصدرة للنفط وذات الاقتصاد المتنوع والمرتبطة بقوة بأوروبا في مجالي التجارة والسياحة، فرجح أن «تشهد أشد الآثار الاقتصادية من خلال انكماش الطلب الأوروبي على الواردات وإنفاق السياح، كما سيتراجع تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر من أوروبا». واعتبر أن أوجه الضعف هذه «تستدعي برامج حفز مالي جيدة في بلدان كثيرة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا». وفي جنوب آسيا، رأى البنك الدولي في دراسته، أن لدى نشوب أزمة المال «كانت المنطقة بالكاد انتعشت من أزمة الأغذية والوقود العالمية العام الماضي، إذ تدهورت بحدة حساباتها الجارية وأرصدتها المالية وارتفع التضخم إلى مستويات غير مسبوقة». لذا اعتبر أن المنطقة «معرضة الآن خصوصاً لتراجع التحويلات من العمال المغتربين في بلدان الخليج». أما أميركا اللاتينية والبحر الكاريبي، فتواجه آثار الأزمة العالمية، من خلال اقتصادها الحقيقي في الأساس، بعد خمس سنوات من النمو المستمر (5.3 في المئة في المتوسط سنوياً)». إذ «تتأثر من تراجع النمو العالمي وارتفاع كلفة التمويل وانخفاض أسعار السلع الأساسية وهبوط تحويلات المغتربين أعقاب تراجع النمو. كما يشهد الإنتاج الصناعي تراجعاً، وتنخفض وتيرة نمو إجمالي الناتج المحلي».