البنك الدولي: ديون أوروبا تحرم الاقتصاد العالمي من نشوة التعافي محيط – زينب مكي رغم ظهر العديد من الدراسات التي تؤكد أن أسس تعافي الاقتصاد العالمي آخذة في الرسوخ التدريجي، لم يستبعد تقرير دولي حول آفاق الاقتصاد العالمي أن يؤثر الركود الذي تشهده منطقة اليورو على نمو عدد من بلدان خاصة الاقتصادات الأكثر تنوعا وكذلك على دول مجلس التعاون الخليجي المصدرة للنفط، نتيجة تراجع الأسعار خلال الأسابيع الأخيرة وخاصة في شهر مايو الماضي.
ويرى التقرير الصادر عن البنك الدولي أنه بينما تم احتواء الآثار الناشئة عن أزمة الديون الأوروبية حتى الآن، فإن طول أمد أزمة الديون السيادية المتفاقمة قد يؤدي إلى رفع أسعار الائتمان وخفض معدلات الاستثمار والنمو في البلدان النامية.
وكشف التقرير الذي صدر تحت عنوان "الأفاق الاقتصادية العالمية لعام 2010": تقرير دولي " أن الانتعاش الاقتصادي العالمي لا يزال متقدماً، حيث توقع أن يشهد الناتج المحلي الإجمالي العالمي توسعاً بين 2.9% و3.3% في الفترة 2010 -2011، حيث سيعزز ذلك الناتج إلى ما بين 3.2 و3.5% في عام 2012 ويعكس اتجاه الانخفاض الذي كان بنسبة 2.1% في عام 2009، لكنه حذر في الوقت نفسه من أن أزمة الديون في أوروبا قد خلقت عقبات جديدة على طريق النمو المستدام على المدى المتوسط.
وكما توقع البنك في بيان صحفي نشر بموقعه الإلكتروني اليوم الخميس أن تشهد البلدان ذات الدخل المرتفع نمواً بنسبة تتراوح بين 2.1 و2.3% في عام 2010، قائلاً إن "التراجع عن انكماش بنسبة 3.3% لم يكن كافياً في عام 2009" حيث سيتبعها نمو متوقع بين 1.9 و2.4% في عام 2011، ، فيما توقع أن تنمو اقتصادات البلدان النامية بين 5.7 و6.2% في الفترة من 2010 إلى 2012.
الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
وأوضح التقرير أن الآفاق الاقتصادية المستقبلية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ستظل مدفوعة بأسعار النفط والنشاط الاقتصادي في الاتحاد الأوروبي الذي يعد الشريك التجاري الرئيسي للمنطقة، لافتا إلى أن انهيار أسعار النفط عند بداية الأزمة المالية، أدى بجانب القيود التي وضعتها منظمة أوبك على إنتاج أعضائها من النفط، إلى انخفاض كبير في الإيرادات النفطية، وهو ما انعكس سلبًا على تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتحويلات المغتربين وعائدات السياحة فيما بين بلدان المنطقة.
إلا أنه من المُتوقع أن تنتعش الصادرات، من حيث حجمها وقيمتها، لترتفع بنسبة 2.0 و 13.5% على الترتيب في عام 2010. ومن المُتوقع أيضاً أن تترسخ أسس التعافي في المنطقة، مع تحسّن النمو من 4.0% في عام 2010 إلى 4.3 و 4.5% في عامي 2011 و 2012 على الترتيب.
واستعرض التقرير مؤشرات التعافي التي بدأت تتزايد في اقتصادات المنطقة والتي أجملها في بدء تحسن أداء الحركة التجارية في المنطقة بعد التراجع الذي سجلته في 2009،حيث بدأت خلال الأشهر الأولى من العام الحالي في إظهار نوعا من النمو الإيجابي، الى جانب تحسن الوضع بالنسبة للحساب الجاري لهذه الدول ليتحول من اقترب من عجز نسبته 1.4% من الناتج الإجمالي الى نمو متواضع بنسبة 0.4% من الناتج هذا العام وخاصة مع تحسن أسعار النفط مقارنة مع متوسط العام 2009.
شرق آسيا والمحيط الهادي
وتوقع أن تحقق منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ معدل نمو نسبته 8.7% في عام 2010 و7.8% في عام 2011، وقد استفادت المنطقة من روابطها الوثيقة مع الصين التي قادت المنطقة نحو التعافي والانتعاش، لكن الزخم القوي الذي شهدته الصادرات والإنتاج في المنطقة في وقت مبكر قد أخذ في التراجع، كما بدأت فجوات الناتج في الانكماش بسرعة، وأصبحت القيود المفروضة على جانب العرض تشكل عائقًا شديدًا باطراد على النمو.
ووفقا للتقرير يمكن أن يؤدي ذلك، عند اقترانه بالتدفقات الرأسمالية الوافدة الكبيرة وارتفاع مستويات السيولة، إلى زيادة الضغوط التضخمية على أسعار السلع والأصول، ومن المُتوقع في ضوء هذه العوامل أن تتباطأ معدلات النمو في المنطقة والصين على حد سواء ليصل متوسطهما إلى 7.8 و 8.4% على الترتيب خلال العامين المقبلين.
أوروبا وآسيا الوسطى
وتشير توقعات البنك في منطقة أوروبا وآسيا الوسطى، إلى أن المنطقة ستنمو بنسبة 4.1% في عام 2010 ، وهو أبطأ بنسبة 3 نقاط مئوية من المتوسط الذي كان سائدًا في المنطقة خلال السنوات الخمس السابقة لاندلاع الأزمة، ويعكس هذا الانتعاش نموًا قويًا في روسيا وتركيا، وهما أكبر اقتصادين في المنطقة، حيث يشكلان معًا ثلاثة أرباع إجمالي ناتجها المحلي.
ومن المُتوقع أن يكون النمو في معظم الاقتصادات الأخرى بالمنطقة ضعيفًا نسبيًا أو أن يظل سلبيًا، كما سيواجه بعض القيود بسبب التصحيحات الكبيرة التي اضطرت بعض البلدان للقيام بها بسبب العجز الكبير في حساباتها الجارية قبل الأزمة، وقد أدى تعاظم أجواء عدم اليقين المرتبطة بأزمة الديون السيادية في بعض البلدان الأوروبية المرتفعة الدخل (اليونان، وأيرلندا، وإيطاليا، والبرتغال، وإسبانيا) إلى تأزيم الأوضاع في المنطقة.
وفي منطقة جنوب آسيا، يشير التقرير إلى أن نمو إجمالي الناتج المحلي قد استفاد من حزم التحفيز الاقتصادي (خاصة في الهند، وبدرجة أقل في بنجلاديش وسري لانكا)، والتحسّن النسبي في تدفقات تحويلات المهاجرين والمغتربين التي واصلت ارتفاعها (خلافًا لتراجعها في باقي مناطق العالم)، وانتعاش الطلب العالمي.
كما استفادت المنطقة من التدفقات الرأسمالية الوافدة المرنة نسبيًا، التي ارتفعت من حيث مستواها وكنسبة من إجمالي الناتج المحلي وذلك من 3.6% في عام 2008 إلى 3.9% في عام 2009 مدعومة في ذلك بالقيود المفروضة منذ وقت طويل على الحسابات الرأسمالية.
ومن المُتوقع أن تؤدي طائفة متنوعة من العوامل منها تباطؤ النمو العالمي، وتشديد الأوضاع المالية، وتشديد سياسات المالية العامة في بعض البلدان في المنطقة إلى تراجع متوسط معدل النمو إلى 7.7% سنويًا خلال السنوات 2010 و2012، مقارنة بالمعدل السائد قبل اندلاع الأزمة والذي بلغ 9.2% في عام 2007 (على أساس السنة التقويمية).
ومن المُتوقع أن تستمر الآفاق الاقتصادية المستقبلية لمنطقة أفريقيا جنوب الصحراء التي تهيمن عليها البلدان المنخفضة الدخل المصدرة للسلع الأولية في التحسّن ببطء، مدفوعة بزيادة غير مسبوقة في أسعار السلع الأولية وارتفاع الطلب الخارجي.
ويُتوقع بصفة عامة أن تشهد المنطقة نموًا في حدود 4.5 و5.1 و5.4% على الترتيب خلال 2012 ، مقابل نحو 1.6% في عام 2009 . ومن شأن الانخفاض الأخير في سعر صرف اليورو خلال 2010 أن يعزز القدرة التنافسية لبلدان المنطقة التي ترتبط عملتها باليورو.
أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي
ويشير البنك الدولي إلى استفادة التعافي في منطقة أميركا اللاتينية والبحر الكاريبي الذي تقوده بلدان المنطقة المتوسطة الدخل والمصدرة للسلع الأولية من الارتفاع المحدود في أسعار السلع الأولية والطلب القوي على الصادرات، والتحسّن في دورة المخزون، وبعد انكماش الناتج بحوالي 2.3% في عام 2009، من المُتوقع أن تشهد المنطقة زيادة في ناتجها في حدود 4.3% في2012، وهي نسبة أقل إلى حد ما من مثيلاتها أثناء فترة الرواج والازدهار السابقة.