كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" عن أن وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" أخفت فشل الإدارة الأمريكية في العثور على أسلحة دمار شامل بالعراق في أعقاب الغزو الأمريكي والإطاحة بنظام الرئيس صدام حسين عام 2003. وقالت الصحيفة الأمريكية في سياق تحقيق نشرته عبر موقعها الإلكتروني، أمس الثلاثاء، إن القوات الأمريكية اكتشفت ودمرت نحو 5000 قطعة سلاح كيميائي في الفترة ما بين 2004 و2011 من بينها رؤوس حربية وقذائف مدفعية وقذائف طائرات. وأوضحت الصحيفة أن البنتاجون اختار عدم الإعلان عن هذه الاكتشافات لعدة أسباب، هو عدم إحراج بوش أمام الرأي العام وإظهار أن ما يوجد في العراق هي أسلحة كيماوية وليست أسلحة دمار شامل كما ادعى، يضاف إلى ذلك رغبة الإدارة الأمريكية في حفظ ماء وجهها لأنها لم تدرِ بوجود مثل تلك الأسلحة في العراق منذ الثمانينات في حين أن معظمها صناعة أمريكية. الرائد المتقاعد "جارود لامبير" الذي حضر اكتشاف 2400 قذيفة غاز أعصاب بالعراق، قال إنه تلقى أوامر بأن يصف هذا الاكتشاف ب"غير المهم"، رغم أنه يعتبر أضخم اكتشاف للأسلحة الكيماوية في هذه الحرب، كما أن الجنود كرهوا الإبلاغ عن اكتشاف هذا المخبأ لأن ذلك سيضيف ساعات عمل إضافية لهم سيقضونها في توثيق اكتشاف هذه الكمية الأمر الذي سيضيف عبئًا على أعبائهم. وقال جندي سابق مشارك في نفس الحرب ل"نيويورك تايمز"، "كان أمامي خيارين، إما أن أظل طوال اليوم في انتظار فريق الحماية كي يأتي لاستبيان الموقف ووقف مفعول تلك الأسلحة، أو أن أقوم أنا بإخفائها وانتهى الأمر"، لذلك وضَع صواريخ غاز الخردل مع بعض المتفجرات الأخرى التي يجب التخلص منها. وتابع أن تسليم تلك الأسلحة سبّب إصابات عديدة لم يأخذها الأطباء على محمل الجد آنذاك، فلم يكن الفريق المسؤول عن التخلص من تلك المواد على علم بأنها أسلحة كيماوية وظنوا أنها مجرد قذائف مدفعية قديمة. وأصيب جراء ذلك 17 جنديًّا بمواد كيماوية سامة من بينها غازات الخردل والسارين، حيث كان هناك سوائل تتسرب من الأسلحة أثناء نقلها عرّضت الجنود للغازات السامة، وتراوحت الأعراض التي ظهرت عليهم ما بين الدوار والغثيان إلى العمى وظهور طفح جلدي يغلي. ويسخر الرقيب السابق "جارود تايلور" الذي كان مسؤول عن التخلص من تلك الأسلحة وأحرقت جنديين من سريته: "إنها إصابات لم تحدث من أسلحة لم يتم العثور عليها، إنني بالفعل أضحك عندما أسمع أن العراق لم يعُثر به على أسلحة كيماوية". كانت عملية غزو العراق بدأت في 20 مارس 2003 من قِبل قوات الائتلاف بقيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية، حيث شكلت القوات العسكرية الأمريكية والبريطانية نسبة %98 من هذا الائتلاف. وكان تبرير امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل (السلاح النووي) من أبرز وأهم التبريرات التي حاولت الإدارة الأمريكية وعلى لسان وزير خارجيتها كولن باول ترويجها في الأممالمتحدة ومجلس الأمن. قبل وقوع الحرب صرح كبير مفتشي الأسلحة في العراق هانز بليكس، بأن فريقه لم يعثر على أسلحة نووية وكيمياوية وبايلوجية ولكنه عثر على صواريخ تفوق مداها عن المدى المقرر في قرار الأممالمتحدة (150 كم) المرقم 687 في عام 1991 وكان العراق يطلق على هذه الصواريخ اسم صواريخ الصمود، وقد وافق صدام حسين ومحاولة منه لتفادي الصراع بتدميرها من قبل فريق هانز بليكس. بعد سقوط بغداد، أرسل الرئيس الأمريكي فريق تفتيش برئاسة ديفد كي الذي كتب تقريرا سلمه إلى الرئيس الأمريكي في 3 أكتوبر 2003 نص فيه أنه " لم يتم العثور لحد الآن على أي أثر لأسلحة دمار شامل عراقية" وذلك وفقا لشبكة "إن بي سي"، الأمريكية.. وأضاف ديفد كي في استجواب له أمام مجلس الشيوخ الأمريكي أن "بتصوري نحن جعلنا الوضع في العراق أخطر مما كان عليه قبل الحرب. وفي يونيو 2004 وفي سابقة هي نادرة الحدوث أن ينتقد رئيس أمريكي سابق رئيسا أمريكياً حالياً قال بيل كلنتون في مقابلة له نشرت في مجلة تايمز Time Magazine أنه كان من الأفضل التريُّث في بدء الحملة العسكرية لحين إكمال فريق هانز بليكس لمهامه في العراق. وتسببت الحرب بأكبر خسائر بشرية في المدنيين في تاريخ العراق وتاريخ الجيش الأمريكي في عدة عقود، وانتهت هذه الحرب رسميا في 15 ديسمبر 2011 بإنزال العلم الأمريكي في بغداد وغادر آخر جندي أمريكي العراق في 18 ديسمبر 2011.