ردّ العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، الإثنين بموجب صلاحياته الدستورية، مشروع قانون معدّل لقانون يٌسمى بالتقاعد المدني لسنة 2014، كان يقضي بمنح أعضاء غرفتي مجلس الأمة "النواب والأعيان" رواتب تقاعدية مدى الحياة، فيما سبق الإرادة الملكية رفض شعبي وسياسي على لمشروع القانون الذي قدمته الحكومة. ووجه العاهل الأردني رسالة ملكية رافقت رد القانون، تضمنت نقدا غير مباشر لرئيس الحكومة الأردنية عبد الله النسور دعاه فيها إلى توخي الصالح العام دومًا وأن مصلحة الأردنيين فوق كل اعتبار وأنه لن يقبل "أن يتم المساس بتلك المصلحة" مهما كانت الأسباب. واستند العاهل الأردني في رسالته التي وصل لشبكة ال "سي إن إن" الإخبارية، قراره إلى الفقرة الثالثة من المادة 93 في الدستور الأردني، برد المشروع وعدم التصديق عليه، قائلًا: "إنه لم يعالج أسباب ما يواجهه الأردن من تحديات إقليمية تشكل عائقا أمام التقدم الاقتصادي والتي تستدعي سياسات ناجعة ترشد النفقات العامة وتحافظ على المال العام وتحقق العدالة لجميع أبناء وبنات الأردن". وتطرق العاهل الأردني في إشارة غير مسبوقة، إلى ما قال إنه الجدل الذي ظهر مؤخرًا حول مشروع القانون، لافتًا إلى أنه يشير إلى شبهة دستورية، حيث دعا الحكومة التوجه إلى المحكمة الدستورية للوقوف على رأيها، ومن ثم إعادة دراسة الموضوع بمختلف أبعاده وصولًا إلى حلول واقعية وعادلة تتفق مع أحكام الدستور. وفيما حفلت مواقع التواصل الاجتماعي، مساء الاثنين بالإشادة بالقرار الملكي و"السخرية" من أداء مجلس الأمة، عزا مراقبون رفض مشروع القانون إلى عدم جواز تلقي "النائب" مقابل خدمته العامة التي ترشح لها، إلى جانب الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها البلاد. وقال الكاتب الصحفي راكان السعايدة، في تصريح ل "سي إن إن": "إن صدور الإرادة الملكية بعد أيام قليلة على إقرار المجلس لمشروع القانون، يفتح الباب سريعا على تعدد السيناريوهات المحتملة من تعمق "الأزمة السياسية بين الحكومة والمجلس"- على حد تعبيره، لافتًا إلى أن الرسالة الملكية وجهت نقدا لكل الأطراف، إلا أنها لم تتضمن رفضا مطلقًا لمبدأ مشروع القانون. وأضاف السعايدة بالقول: "هناك تقدير أمني وقف وراء القرار الملكي بالدرجة الأولى في الوقت الذي تشهد البلاد فيه تحديات إقليمية وتبدلا حادا في مزاج الشارع حيال القانون، الآن يوجد خيارات عديدة قد يكون من بينها تغيير الحكومة وهو الأقل كلفة وحل البرلمان لكنه مخرج صعب للغاية في الوقت الذي أوجبت التعديلات الدستورية عدم إصدار قوانين مؤقتة إلا في حالات ثلاث فقط". ورجح السعايدة أن يتضح "مسار الأزمة " على حد تعبيره، عقب صدور قرار من المحكمة الدستورية التي ستقترب غالبًا من التوجه الملكي بحسبه، فيما اعتبر أن العلاقة بكل الأحوال بين "السلطتين التنفيذية والتشريعية" ستذهب إلى التأزيم في إقرار مشاريع قوانين مفصلية مرتقبة، كقانوني اللامركزية والبلديات وضريبة الدخل وغيرها.