« من كان يتخيل يوماً أن شيخاً قعيداً يغرس غرسة ضعيفة في أرض مقحلة فيبارك الله في غرسته وينتج عنها كل هذه الرياض والبساتين، فمن حجارة لم تكن تفعل شيئاً سوى إثبات صمود ماسكيها، إلى سكاكين وأسلحة خفيفة، إلى صواريخ ترعب الأعادي وطائرات بدون طيار تحلق فوق سماء فلسطينالمحتلة، قصة خيالية ما كنا نصدقها أبداً لولا أننا كنا عليها من الشاهدين » . « لقد فضحت المقاومة الفلسطينية في غزة الجميع يا سادة، فضحت الصهاينة وأوهامهم، والعرب وحكامهم، والمسلمين وغثائهم، وعرتنا جميعاً أمام أنفسنا قبل أن تعرينا أمام العالم أجمع ». « فضحت المقاومة الكيان الصهيوني، وأظهرت جبنه وخسته قبل أن تظهر ضعف قوته، وأثبتت أن هذا الكيان الدخيل من الممكن أن يُهزم، وأن قوته التي يتفاخر بها ما هي إلا نتاج ضعفنا نحن وخمولنا بل وتواطئنا، وأثبت المجاهدون في فلسطين أن كل ما يجب علينا فعله لننتصر هو أن نطبّق قول الله تعالى "وأعدّوا"، فقط نعدّ للعدو ما نستطيع، ليحقق لنا الله بحوله وقوته ما لا نستطيع ». « فضحت المقاومة حكام العرب، فضحت تخاذلهم عن نصرة قضية طالما تغنوا بها علينا في خطبهم، فكثيرا ما وصف حكام العرب الظالمون معارضيهم بالانتماء إلى المشروع "الصهيوأمريكي" فإذ بنا عندما جد الجد نجدُ حكامنا هؤلاء أكبر المساهمين في هذا المشروع، فحتى الشجب والإدانة توقف عنهما حكام العرب، وأصبحوا حقا كما وصفهم الشاعر أحمد مطر في قصديته الشهيرة التي يخاطب فيها الأمل بقوله: إذن حكام العرب سيشعرون يوما بالخجل؟ قال الأمل : ابصق على وجهي إذا هذا حصل ». « فضحت المقاومة الإعلام العربي، ورأينا الذين كانوا يتشدقون بالمقاومة ليلاً ونهاراً في الماضي يبيعونها الآن في أسواق الخيانة بأبخس الأثمان، وصارت المقاومة إرهاب، والصهاينة مواطنون لهم حقوق، فِأثبت لنا العدوان الحالي على غزة أن عندنا إعلاميون يلبسون شال فلسطين في العلن، بينما ملابسهم الداخلية مرسومٌ عليها نجمة داود ». « فضحت المقاومة المفاوضات والمفاوضين، وأكدت لنا صحة المبدأ القديم الذي يقول "ما أخذ بالقوة لا يُسترد إلا بالقوة" وعرفنا وفهمنا أن المفاوضات في فلسطين لا تكون بين الصهاينة وحركة فتح، بل بين الصهاينة وأنفسهم، وما حركة فتح إلا أداة تمويه ». « حتى نحن فضحتنا المقاومة، فضحت ما أصابنا من وهن، وأظهرت مدى عجزنا وانبطاحنا حتى بات أكثر رد فعل نأخذه تجاه الصهاينة وجرائمهم هو تغيير صورة "البروفايل" على الفيس بوك، ثم نعود من بعدها لنمارس حياتناً بشكل طبيعي، نخرج ونضحك ونشاهد برامج المسابقات والمباريات، وكأن ليس لنا أخوة يُقتّلون أما أعيننا ليل نهار، أين نحن من أمة كانت ورب الناس خير العالمين ». « قد لا تحقق المقاومة نصراً مؤزراً في حربها المستعرة الآن مع الصهاينة، وقد يستشهد الكثير من قادتها وأبنائها المخلصين، وقد تُدمر غزة كلها وتصبح ركاماً وأثراً بعد عين، لكن المؤكد أن هؤلاء الرجال لن يهزموا أبداً وسيفرضون شروطهم على الصهاينة، وأن هذه الأمة لن تموت وسينبت مكان كل مجاهد يموت ألف مجاهد، ويقيني أن غزة ستُبعث من جديد من تحت الركام، وأن جيش تحرير الأقصى لم يعد حلماً مستحيلاً، فيا كل صهيوني عربي كان أو يهودي؛ جيش محمدٍ قد شارف على العودة، وقد أقسم القسامُ فانتظر اللظى» . للتواصل مع كاتب المقال اضغط هنا