تحت شعار (معًا ضد إبادة وتجويع شعب غزة) استضافت نقابة المحامين بالقاهرة مؤتمرًا شعبيًا حاشدًا نظمه تجمع القوى الوطنية لدعم المقاومة، وشهد المؤتمرًا حضورًا جماهيريًا كبيرًا قُدر عدده بأكثر من ألف مواطن. وقد حضر المؤتمر نخبة من رموز الأحزاب السياسية والقوى الوطنية في مقدمتهم المستشار محفوظ عزام نائب رئيس حزب العمل، والدكتور مجدي قرقر الأمين العام المساعد للحزب، والأستاذ محمد مهدي عاكف المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، والمفكر الكبير الدكتور عبد الوهاب المسيري المنسق العام لحركة كفاية، وعبد الغفار شكر القيادي بحزب التجمع، وعصام شيحة عضو الهيئة العليا لحزب الوفد، وعبد العزيز الحسيني القيادي بحزب الكرامة، وعدد من أعضاء مجلس نقابة المحامين وعلى رأسهم سامح عاشور نقيب المحامين، وسيف الإسلام حسن البنا، ومحمد طوسون. مهدي عاكف: المشروع الصهيوأمريكي يريد تدمير الأمة بمساندة الحكام.. وغياب الحرية والعدل أساس البلاء عبد الوهاب المسيري: شهداء غزة أحياء بجهادهم وحكام العرب أموات.. وأرفض وصف الشهداء بالمنتحرين نقيب المحامين: ندعم القضية الفلسطينية.. ونقابتنا مستعدة لاستضافة الحوار بين الفرقاء الفلسطينيين
مطالب المؤتمر وقد طالب المجتمعون في المؤتمر الحكومات العربية بإتاحة الفرصة أمام الشعوب لدعم أهل غزة بكل السبل الممكنة وقطع العلاقات مع الكيان الصهيوني بشكل فوري، وطالبوا الحكومة المصرية على وجه الخصوص بسرعة فتح الحدود أمام أهل القطاع حتى يتغلبوا على آثار المحرقة الصهيونية التي أتت على الأخضر واليابس، إضافة إلى قطع الغاز والبترول والحديد المصري إلى الكيان الصهيوني وتزويد قطاع غزة بجميع احتياجاته من الكهرباء والوقود، ووجه المشاركون التهنئة للمجاهدين والأمة العربية والإسلامية بالعملية البطولية الأخيرة التي نفذت بمدينة القدسالمحتلة وأوقعت أكثر من 10 قتلى من الطلاب الصهاينة المتطرفين. أما الجماهير المحتشدة في المؤتمر فقد رددت الهتافات المنددة بالصمت العربي الرسمي تجاه المجازر الصهيونية المستمرة بحق الشعب الفلسطيني والمطالبة بفك الحصار عن القطاع ومنها: "يابن بلادي يابن بلادي.. طفل في غزة عليك بينادي"، "لا إله إلا الله.. طفل في غزة بيصرخ آه"، "مش هنسلم مش هنطاطي.. احنا كرهنا الصوت الواطي"، "اللي بيضرب في فلسطين.. بكره هيضرب رأس التين"، "ارفع صوتك قولها بعزة.. مش هنسيب إخواننا في غزة". أوقفوا التحريض وفي كلمته استنكر المستشار محفوظ عزام استمرار الحملة التي يشنها بعض الكتاب والصحفيين في الصحف الحكومية على المقاومة بالرغم من استمرار المجازر الصهيونية ضد أهالي غزة والتي كان من الأولى بهؤلاء الكتاب أن يدينوها بدلاً من أن يوجهوا سهامهم إلى حماس وغيرها. وأضاف عزام: إن العجز الرسمي المصري في قضية غزة علاوة على فشله في حماية السيادة المصرية في سيناء أصبح واضحًا وفاضحًا، فوزير خارجيتنا الذي توعد الفلسطينيين بكسر أرجلهم لم نسمع منه كلمة واحدة عندما قتل الصهاينة الطفلة المصرية "سماح" بدم بارد، وحتى لم تقم الخارجية المصرية بمجرد الشكوى للأمم المتحدة على الأقل مثلما يحدث في مثل تلك الحالات!! نريد مغامرة من أجل الأمة وأكد عزام أن الكيان الصهيوني الذي تخشاه الأنطمة العربية وتسعى إلى خطب وده، لم يستطع أن يهزم بضعة مئات من حزب الله في حرب مفتوحة وخرج الصهاينة من جنوب لبنان يجرون أذيال الخيبة، وكان هذا في الوقت الذي اتهم فيه الحكام العرب حزب الله بالقيام بمغامرة غير محسوبة بمصالح لبنان!!! ووجه عزام كلامه إلى الحكام العرب قائلاً: "بالله عليكم نريد منكم مغامرة واحدة لصالح الأمة العربية والمسلمة مثل مغامرة حزب الله ونحن مستعدون لتحمل العواقب". واختتم عزام كلامه بأن الرهان الآن هو على الشعوب فقط بعد أن أثبت الحكام عجزهم وقصورهم وانبطاحهم أمام الحلف الصهيوني الأمريكي بشكل علني وفاضح. النقاط على الحروف أما مهدي عاكف مرشد الإخوان فقد شدد في بداية كلمته أن هناك مشروع صهيوني أمريكي يريد تدمير الأمة العربية والإسلامية بلا رجعة ويستخدم في سبيل ذلك حفنة من حكام العرب والمسلمين وللأسف يسير في فلكه بعض المحكومين الذين ارتضوا الوقوف في خندق الأعداء وموالاتهم ضد أبناء جلدتهم، مؤكدًا أن قضية فلسطين والعراق ولبنان وأفغانستان والسودان والصومال إنما هي قضية واحدة أساسها هو ما سبق ولهذا يجب وضع النقاط على الحروف. وطالب عاكف النظام المصري بالتحرر من قيود اتفاقية كامب ديفيد التي كبلت مصر وأخرجتها من المعادلة العربية والإسلامية وجعلت ولاة أمورها ومسئوليها عاجزين عن تقديم أي شئ لقضايا العروبة والإسلام وهو ما يتنافى مع دور مصر ومكانتها كقائدة للعرب والمسلمين وتاريخها الكبير في نصرة هذا الدين. غياب الحريات أساس البلاء وشن مهدي عاكف حملة شرسة على نظام مبارك، واصفًا الأمن المصري بمجموعة من الجنرالات تفرغوا لكبت الحريات ومصادرة أرزاق العباد والتنكيل بالشرفاء حماية للفساد والمفسدين. وانتقد عاكف الحزب الوطني الحاكم الذي يضيق ذرعًا بمعارضيه ويحولهم إلى المحاكمات العسكرية ويعتقل منهم العشرات يوميًا ثم يأتي ويدعي أنه حزب ذو فكر جديد، مشبهًا أسلوبه في استباحة الحريات والحرمات بأسلوب الصهاينة في فلسطين ضد الشرفاء والمجاهدين. واعتبر عاكف أن الفساد في مصر وإجرام "جنرالات مبارك" على حد تعبيره هو سبب تخلف البلاد وتفشي الغلاء والفقر في كافة أنحاء مصر، وهو سبب الانبطاح المصري المهين أمام الصهاينة والأمريكان، مؤكدًا أن غياب الحرية والأخلاق سبب بلاء هذه الأمة. ووجه عاكف في ختام كلمته رسالة إلى مبارك قائلاً: "راجع نفسك.. واحمل الأمانة التي كلفك شعبك بها وحقق السلام والأمن داخل البلاد.. واترك الشعب يؤدي واجبه نحو وطنه في جو من الحرية والشفافية حتى يستطيع تأدية واجبه نحو أمته ونصرة قضاياها". الشعب المصري مع المقاومة وفي كلمته أكد عبد الغفار شكر القيادي بحزب التجمع أن الحركة الوطنية المصرية كانت ولا تزال داعمة للحركة الوطنية المقاومة الفلسطينية وهي بذلك تترجم موقف الشعب المصري الذي ينبض قلبه باسم فلسطين ويجري في دمه حب الأقصى وغزة. وأوضح شكر أن الشعب الفلسطيني يواجه حربًا جديدة للإبادة تستهدف تركيعه وكسر إرادته غير أنه يثبت يومًا بعد يوم أنه قادر على الصمود والانتصار وهذا عهدنا به دائمًا. واستنكر شكر القيود المفروضة على الجماهير المصرية والعربية لمنعهم من مساندة إخوانهم في غزة ودعمهم، مطالبًا الحكومة المصرية بفتح معبر رفح وكسر الحصار غن غزة بشكل فورى، والدفاع عن كل قطرة دم مصرية تسال على الحدود بأيدي صهيونية، والتبرؤ من اتفاقية كامب ديفيد وطرد القوات الدولية الغربيةوالأمريكية من سيناء التي تتجسس علينا وتنقل أخبارنا إلى الصهاينة أولاً بأول. أما عصام شيحة عضو الهيئة العليا لحزب الوفد، فأثنى على المقاومة ودورها مطالبًا الفصائل الفلسطينية بالتوحد لصد العدوان الصهيوني ولفظ العملاء وإعادة اللُحمة الفلسطينية، وطالب جامعة الدول العربية بأن تمارس يومًا دورًا مشرفًا لقضية فلسطين والأمة العربية بالضغط على الصهاينة لوقف جميع أشكال العدوان على الشعب الفلسطيني. وفي كلمة حزب الكرامة التي ألقاها عبد العزيز الحسيني، وجه في بدايتها التحية والإجلال لروح شهيد منفذ عملية القدس البطولية التي أرعبت الصهاينة بوصولها إلى قلب القدس حيث تحصيناتهم المنيعة وقواتهم المنتشرة بكثافة هناك. وهاجم الحسيني المزايدين على القضية الفلسطينية والذين يدعون أن مصر قدمت آلاف الشهداء من أجل فلسطين على مر التاريخ الحديث وبالتالي فيكقي ما قدمته للفلسطينيين، موضحًا أننا في حروبنا المختلفة مع الكيان الصهيوني كنا ندافع عن أرض مصر وأمنها قبل فلسطين وهو ما حدث في حروب 1956 و 1967 و1973. وأوضح الحسيني أن غزة كانت تحت السيادة المصرية وهي حتى الآن يجب أن تكون مسئولة من مصر، مؤكدًا أن الفلسطينيين عندما دخلوا إلى رفح والعريش فإنما دخلوا أراضيهم ولجئوا إلى إخوانهم. أعلنوا الحداد على حكامنا أما الدكتور عبد الوهاب المسيري المنسق العام لحركة كفاية فأوضح في بداية كلمته أنه كان يريد أن يطلب من الحاضرين أن يقفوا دقيقة حدادًا على أرواح شهداء غزة لكنه تراجع، فشهداء غزة أحياء عند ربهم يرزقون ويتمتعون ولا حداد عليهم، أما وقفة الحداد فيجب أن نقفها على الحكام العرب الذين ماتوا بخوفهم وتخاذلهم أمام الصهاينة والأمريكان وانحيازهم لمطالب الحلف الصهيوني الأمريكي ضد أبناء أمتهم. وأكد المسيري أن الاستشهاديين الذين ينفذون العمليات ضد الصهاينة ليسوا منتحرين كما يدعي الصهاينة وبعض من يدعون التفقه من أبناء جلدتنا، فهناك فرق بين الشهيد الذي يقبل على الشهادة بنفس راضية وبوجه مبتسم ويكون دائمًا ناجحًا في حياته، وبين المنتحر الذي يأس من حياته وفشله فقرر التخلص من حياته بأية وسيلة. واستنكر المسيري الادعاءات التي تقول أن هناك مدنيين صهاينة، موضحًا أن الذي يؤتى به من أوروبا أو روسيا ثم يعلموه الكراهية وحمل السلاح ليس مدنيًا على الإطلاق إنما هو محتل يجب قتله وهو ما تبيحه اتفاقيات جنيف. وأكد المسيري أن الإسلام أمرنا بإقامة العدل في الأرض ومن العدل أن إخراج المحتل وطرده من أراضينا ولن نتنازل أبدًا عن هذا الحق مهما قالوا أو اتهموا. كلمة نقيب المحامين أما كلمة نقابة المحامين فقد ألقاها نقيبهم سامح عاشور، حيث أكد أن قطاع غزة جزء صغير من الأمة العربية والإسلامية لكنه بمقاومته وصموده أصبح جزءًا مهمًا للغاية من هذه الأمة، ودعا الجميع إلى إنقاذ شعب غزة من حملة الإبادة التي يتعرض لها والتي يشارك فيها حفنة من العملاء يفرطون في كل مقدرات الأمة ويريدون لها الاستسلام والانبطاح أمام الحلف الصهيوني الأمريكي وتغليب لغة الحوار كما يزعمون. وتساءل عاشور: ماذا قدمت المفاوضات والحوارات مع الصهاينة غير المزيد من الدماء والشهداء، فالمفاوضات دون سلاح قوي يحميها لا فائدة منها. ودعا عاشور كل الأطراف الفلسطينية إلى أن تعيد ترتيب أوراقها لمواجهة العدو الصهيوني صفًا واحدًا موضحًا أنه لا غنى لفتح عن حماس ولا غنى لحماس عن فتح، ونحن ندعم القضية الفلسطينية والمقاومة قبل أن ندعم حماس أو فتح، عارضًا فتح أبواب نقابة المحامين لرعاية جولة موسعة من المفاوضات بين الفرقاء الفلسطينيين لإعادة الوحدة إلى الصف الفلسطيني. وعبر عاشور عن اعتقاده بأن القمة العربية القادمة لن تقدم شيئًا بل على العكس ستكون شؤمًا على العرب مثل كل القمم السابقة فهي لا تقدم إلا مزيدًا من التنازلات المهينة للأعداء. وتطرق عاشور إلى الأزمة الرئاسية في لبنان، فأوضح أن هناك أطرافًا يهمها استمرار تلك الأزمة وهي نفس الأطراف التي صنعت الأزمة من الأساس، وعبر عن اعتقاده بأن سوريا ليست وحدها هي المسئولة عن أزمة لبنان وعلى هذا الأساس فمن العار أن تتوقف القمة العربية على أزمة رئاسة لبنان فهناك من القضايا التي تمس الأمن القومي العربي أكثر أهمية من هذه الأزمة الآن، مشيرًا إلى البارجة الأمريكية التي رست قبالة السواحل اللبنانية ووصفها بأنها جاءت للتحرش بلبنان وحزب الله بينما يتجاهل حكامنا أمرها ويتهمون إيران أنها هي الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي!!! المقاومة شرعية أما أحمد سيف الإسلام حسن البنا فأكد في بداية كلمته على شرعية المقاومة وحقها الطبيعي في الدفاع عن أرضها ونفسها وهو ما تكفله المواثيق والقوانين الدولية لأي حركة تحرر ضد الاحتلال، مشيرًا إلى أن العالم اعترف بجميع حركات المقاومة وحقها المشروع وضرب مثالاً على ذلك بالمقاومة الفرنسية بقيادة ديجول ضد الاحتلال النازي أثناء الحرب العالمية وكونت لها حكومة في المنفى اعترف بها العالم أجمع، فلماذا تُحرم المقاومة الفلسطينية من هذا الأمر؟!! نداء القاهرة وفي نهاية المؤتمر وجه المجتمعون نداء القاهرة وذلك على لسان الدكتور محمد البلتاجي عضو الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين، حيث أشر إلى أن هذا البيان وقع عليه قادة ورموز القوى السياسية والوطنية في مصر ليعبروا عن غضبهم تجاه الممارسات الوحشية البربرية التي يقوم بها الكيان الصهيوني المحتل الغاصب في حق أهلنا في فلسطين ويذكرون أن القضية الفلسطينية قضية أمن قومي مصري في المقام الأول انطلاقًا من أن الدور المصري دور محوري واستراتيجي بالنسبة للمنطقة العربية بأسرها. وتقدم البيان بعدة طلبات إلى الأنظمة العربية والنظام المصري على وجه الخصوص أبرزها فك لحصار عن غزة وإعادة فتح معبر رفح، وإمداد غزة بالوقود وتمكين القوافل الإغاثية العربية والمصرية من القيام بدورها بتزويد أهالي القطاع بالمواد الطبية والغذائية، وإعادة النظر في اتفاقية كامب ديفيد التي تكبل السيادة المصرية على أرض سيناء، ووقف الحملات الإعلامية التحريضية الظالمة الموجهة لشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة وإلغاء كافة القيود التي تحول دون التحركات الشعبية واسعة النطاق في كافة الأقطار العربية لنصرة فلسطينوغزة.