كتب: محمد أبو المجد// بمشاركة أكثر من 70 شخصية من قيادات العمل السياسي وممثلين لحركات المقاومة للعدوان الأمريكي الصهيوني في أكثر من 17 دولة عربية وإسلامية وأوروبية منها مصر وفلسطين ولبنان والعراق وإيران وكوريا وفنزويلا, وعشرات المعارضين من كافة الاتجاهات الإسلامية والقومية والليبرالية والاشتراكية, انطلقت فعاليات المؤتمر الخامس للحملة الدولية لمناهضة الاحتلال الأمريكي والصهيوني والذي استضافته نقابة الصحفيين المصريين بالقاهرة, وشهد المؤتمر هذا العام حضورًا غير مسبوق لمختلف القوى الوطنية والسياسية المصرية والعربية وفي مقدمتهم حزب العمل وجماعة الإخوان المسلمون وحرص جميع قياداتهما على التواجد والمشاركة وكذلك المئات من أعضاء حزب العمل والإخوان. مرشد الإخوان: انشغالنا بهمومنا الداخلية لن يمنعنا من التصدي لعدوان الأعداء.. وحصولنا على حريتنا وكرامتنا شرط لفعالية هذا التصدي المسيري: مستمرون في مقاومة العربدة الأمريكية والصهيونية والأنظمة العربية العميلة. د. محمد البلتاجي: معركة "عض الأصابع" مع الصهاينة والأمريكان مستمرة ونحقق فيها انتصارات متتالية.
وقد أجمع كافة المشاركين في المؤتمر على أن تحقيق النصر في فلسطين والعراق مرهون بإسقاط الأنظمة العربية العميلة التي مهدت لهذا الاحتلال وساعدته وحاربت في صفه ضد المقاومة الإسلامية ومنعت شعوبها من التعبير حتى عما يجول بداخلها تجاه ما تتعرض له مقدساتهم وإخوانهم هناك!!, وأكدوا رفضهم للتعديلات الدستورية الأخيرة التي قام بها الحزب الوطني الحاكم من جانب واحد محذرين من تداعياتها الكارثية على الشعب المصري وتأثيرها السلبي على الدور المصري الإقليمي والعربي والعالمي.
وقد شارك جمع كبير من قادة وأعضاء العمل حزب بالإضافة إلى بعض الشخصيات العامة مثل الدكتور عبد الوهاب المسيري المنسق العام لحركة كفاية، وجلال عارف نقيب الصحفيين، وعدد من أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني علي رأسهم الدكتور أحمد البحر رئيس المجلس (بالإنابة) وكذلك الدكتور موسي أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس وجمع غفير من رموز المقاومة علي مستوي العالم. وقبيل بداية الجلسة الافتتاحية للمؤتمر نظم عدد من طلاب وطالبات كلية الطب بجامعة الأزهر وقفة احتجاجية صامتة وهم يرتدون البالطو الأبيض احتجاجا علي إحالة عدد من أساتذتهم إلي المحاكمات العسكرية ورفعوا لافتات تدين هذا التصرف البشع من قبل السلطات المصرية وتطالب بالإفراج الفوري عنهم .
كما نظم أيضا عدد من الأطفال من أبناء وأحفاد المعتقلين بجماعة الإخوان المسلمين والمحال منهم عدد كبير إلي المحاكمات العسكرية وقفة صامتة داخل القاعة الرئيسية للمؤتمر وهم يرتدون تشيرتات بيضاء عليها صور أبائهم ومكتوب عليها عبارات مختلفة منها "اشتقت إليك يا أبي ، وأفرجوا عن أبي ، ولماذا اعتقلوك يا ابي" ، ورفعوا لافتات باللغتين العربية والإنجليزية تطالب بالإفراج عن كل المعتقلين الأمر الذي أدي إلي استقطاب العديد من وسائل الإعلام وكاميرات التصوير الفيديو والفوتغرافي لهم.
وفي بداية الجلسة الافتتاحية وقف المشاركون دقيقة حداد علي روح شهداء المقاومة في جميع أنحاء العالم بعدها شن محمد سامي منسق المؤتمر في كلمته الافتتاحية هجوما حادا علي الأنظمة العربية الحاكمة التي اتهمها بالعمالة والموالاة لكل من أمريكا والكيان الصهيوني مؤكدا أن الجهاد الاكبر ليس فقط في هزيمة المشروع الصهوأمريكي وإنما في إزالة الحكومات والأنظمة العربية الفاسدة المحمية منه والعاملة له، مؤكدا أن هناك تلازم عضوي بين هزيمة هذا المشروع وإزالة هذه الأنظمة التي باتت لحظات انهيارها محدودة -علي حد تعبيره-.
وقد ألقى كلمة حزب العمل في المؤتمر الأستاذ مجدي حسين أمين عام الحزب, حيث رحب بكل رموز المقاومة والعمل السياسي في بلدهم الثاني مصر مؤكدًا أن مصر الحقيقية ترحب بهم وتحتفي بهم, بعكس مصر "الرسمية" التي عادة ما تحتفي بالأعداء مثل أولمرت وتكرم السفاحين من أمثال جون أبي زيد, وتحوي أرضها رغمًا عنها أربعة قواعد أمريكية منتشرة بين العين السخنة وسيناء, والتي قام حاكمها منذ أيام قليلة بتزوير إرادة شعبه في استفتاء صوري على تعديلات دستورية رفضتها كافة قوى المعارضة ولفظها الشعب بوعي كبير. هزيمة محتومة وأضاف حسين أن حزب العمل من لحظة دخول الأمريكان بغداد تنبأ بهزيمتهم واندحارهم عن العراق في أقرب وقت, وبالفعل ها هي الأيام تمر ويعترف قادتهم بالهزيمة التي جعلتهم يفكرون الأن في الانسحاب "بكرامة" من المستنقع العراقي الذي وصلت فيه خسائرهم إلى أكثر من 80 ألف قتيل وجريح أمريكي حسب الإحصائيات الحقيقية التي يقوم إعلامنا العربي بالتعتيم عليها ويستقي كل بياناته من العدو الأمريكي الذي اعترف بنفسه باستحالة البقاء في العراق وقام مجلس الشيوخ بوضع جدول زمني لانسحاب القوات الأمريكية من هناك, أما في أفغانستان فقد فقد التحالف الأمريكي الصهيوني سيطرته على الوضع الداخلي هناك, وأصبح يتكبد يوميًا عشرات القتلى ومئات المصابين. وقال حسين موجهًا كلامه للحضور: لا تستقوا معلوماتكم من الصحف المصرية ولا العربية الرسمية فهي لا تقول إلا ما يمليه عليهم قادتهم من الأمريكان والصهاينة, ولكن اقرءوا صحف الغرب والصهاينة أنفسهم ستجدون فيها الحقائق كاملة, لا تقرأوا الأهرام ولا الأخبار واقرءوا يديعوت أحرونوت ومعاريف. الكيان الصهيوني يحتضر وأكد حسين أن الكيان الصهيوني الآن يرقد في حالة الإنعاش بشهادة قادته مثل شيمون بيريز الذي صرح بأن الكيان الصهيوني يتآكل وذلك تحت ضربات المقاومة الفلسطينية واللبنانية البطلة التي أذاقت الصهاينة مر الهزيمة التي ما زالوا يتحدثون عنها حتى الأن خاصة مع سقوط نظرية الردع الإسرائيلية المزعومة على يد حزب الله, موضحًا أن الجيش الصهيوني هُزم في لبنان بعد أن دخل إليها محطمًا بفعل الانتفاضة الفلسطينية المباركة. وشدد حسين على وجوب إسقاط الحكام العملاء الذين فرطوا في الأرض وسمحوا للأمريكان والصهاينة أن يعيثوا في الأرض فسادًا وقتلاً لأهلنا, ثم اجتمعوا في الرياض لينفذوا آخر التعليمات الأمريكية التي نقلتها "رايس" إليهم قبل بدء قمتهم "الفاشلة" وعلى رأسها التعاون الكامل لضرب إيران بعد أن سهلوا ضرب العراق وأفغانستان وحصار فلسطين.
واستنكر حسين أن يركع الحكام العرب لرئيس الوزراء الصهيوني أولمرت التي لم تتجاوز شعبيته في آخر استطلاع رأي عن 2% بينما هناك أغنية حديثة صادرة عن مؤسسة الرئاسة المصرية اسمها "بحبك يا أولمرت"، مؤكدا أن المقاومة في فلسطين ولبنان دمرت الحصانة الصهيونية وأن الكيان الصهيوني يتآكل الآن من الداخل علي مختلف المستويات.
الداخل والخارج متلازمان أما كلمة الإخوان فقد ألقاها محمد مهدي عاكف المرشد العام للجماعة حيث أكد في كلمته أن استمرار الحملة المناهضة للاحتلال الأمريكي والصهيوني بمشاركة كافة القوى والأطياف الحية في مصر والعالم العربي هو دليل على إمكانية اللقاء على أجندة مشتركة, مطالبًا المشاركين بتطوير آلياتهم لتحقيق كل آمالنا بالنصر القريب. وأضاف أن انشغالنا بالهموم الداخلية لن يمنعنا أبدًا من التصدي للعدوان الغاشم على أهلنا في فلسطين والعراق وأفغانستان والصومال والسودان, فالداخل والخارج متلازمان وحصولنا في بلادنا على حريتنا وكرامتنا الإنسانية هو شرط لفعالية تصدينا للعدوان المتواصل. وأوضح عاكف أن شعبنا الفلسطيني يتعرض لأكبر حملة حصار دولي من أجل إخضاعه وإذلاله فضلاً عما يمارسه الاحتلال الصهيوني من مجازر وحشية وحملات إبادة منظمة, ويتزامن هذا مع تعرض الشعب العراقي لأضخم عملية للاستيلاء على ثرواته ونهب خيراته وقراره السياسي بالإضافة إلى مؤامرات بث الفتنة المذهبية والطائفية بين أبنائه, مشددًا أن علينا أن ننطلق من أرضيتنا المشتركة ونستغل مساحات الاتفاق الواسعة بيننا, فقد بدأ العدوان في الانحسار وانفضحت الخطط الشيطانية لزعيم الحرب بوش وحلفائه. وطالب فضيلة المرشد في ختام كلمته المشاركين في المؤتمر بأن يكونوا تحالفًا شعبيًا يتجاوز الأنظمة والحدود ويعلو فوق كل الانتماءات السياسية, وذلك لمواجهة التحالف الأمبريالي الصهيو أمريكي الذي يسعى إلى تركيع أمتنا وتوهين عقيدتنا وإفساد أخلاقنا ونهب ثرواتنا والقضاء على خصوصيتنا الثقافية وطمس معالم تراثنا الحضاري.
شهادة وفاة للمشروع الأمريكي أما نقابة الصحفيين فقد ألقى كلمتها الأستاذ جلال عارف نقيب الصحفيين والذي أشار إلى أن العام الماضي كان مليئًا بالاختبارات الصعبة علينا جميعًا داخليًا وخارجيًا, ولكنه كان أيضًا مليئًا بالإنجازات والانتصارات التي تثبت أن هذه الأمة لن تموت وقادرة على صنع المعجزات حين تتحقق لها الظروف المناسبة والإرادة الصلبة. واعتبر أن هذا العام كتبت فيه شهادة الوفاة للمشروع الأمريكي ليس فقط في العراق ولكن في المنطقة كلها سواء في فلسطين أو لبنان أو السودان حيث صمد الشعب العربي صمودا معجزا امام بطش العدو وأمام الإصرار الأمريكي علي حرب تجويع المنطقة مضيفا " رغم كل ما فعلوه بنا استرد الشعب العربي كله رؤيته الثاقبة بأنه لا حاضر ولا مستقبل إلا تحت مظلة العروبة. وأكد عارف أن الشعوب العربية لا تواجه العدو الخارجي فقط بل تواجه أيضا نخبة تسيطر علي العديد من مراكز النفوذ السياسي والاقتصادي والاجتماعي ، نخبة لا تعرف معني الوطن ، نخبة تريد أن تقود باعتبارها وكيلا عن مصالح أجنبية مضادة لمصالحنا، إنها نخبة مركز القرار في معظم الأقطار العربية مؤكدا ان هذا هو الخطر الحقيقي الذي يجب مواجهته أولا .
مستمرون في المقاومة وفي كلمته أكد الأستاذ الدكتور عبد الوهاب المسيري - المنسق العام لحركة كفاية- أن الحركة ستستمر في مقاومتها للنظام المصري الذي قضى على دور مصر على كل المستويات, يقودهم في ذلك المثقفين والنخب السياسية, مشددًا على وجوب وقوفهم صفًا واحدًا في مواجهة العربدة الأمريكية والصهيونية المدعومة من الغرب في بلادنا العربية والإسلامية. وأوضح المسيري أن الولاياتالمتحدة خلال ال100 عام الأخيرة استهلكت من الموارد الطبيعية أكثر مما استهلكه العالم كله عبر تاريخه وهو ما يفسر سبب العربدة الأمريكية في كل أنحاء العالم وهي محاولة السيطرة علي مقدرات الشعوب ومواردها الطبيعية في هذه البلاد .
وكان لافتًا حضور الدكتور أحمد بحر - رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني بالإنابة- والذي ألقى كلمة حيا فيها جميع رموز الشعب الفلسطيني وفي مقدمتهم أعضاء المجلس التشريعي الذين اختطفهم الاحتلال الصهيوني، وأكد بحر أن العدو الصهيوني الأن يتراجع في كل النواحي العسكرية والاقتصادية, بينما تنمو المقاومة الفلسطينية وتتطور بشكل مبهر وسريع جعل النساء الأن يجاهدن مع الرجال جنبًا إلى جنب. وأكد بحر أن المقاومة في فلسطين بخير رجالا ونساء وأطفالا وشيوخا وان خير دليل علي ذلك هو العملية الاستشهادية الأخيرة لفاطمة النجار التي تجازت السبعين من عمرها، وطالب بحر بضرورة العمل علي مساعدة المقاومة ضد المحتل الغاشم بكافة السبل والوسائل الممكنة والمتاحة.
شعب مقاوم
وفي كلمته استعرض الدكتور موسي أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الاسلامية حماس الضغوط التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني الآن؛ موضحا أن اللسان والقلم يعجزان عن وصف ما يتعرض له الشعب الفلسطيني ورغم ذلك فهو شعب صابر ومجاهد؛ مشددا علي أن المقاومة هي الخيار الاستراتيجي للشعب الفلسطيني ولن يتخلي عنها لأنها العنوان الذي اجتمع عليه الشعب الفلسطيني وحكومته. موضحا أن الشعب الفلسطيني الان يتعرض لضغوط شديدة تستهدف تركيعه وإنهاء المقاومة وتحقيق شروط الرباعية التي تتمثل في الاعتراف بالكيان الصهيوني والاتفاقيات الموقعة وإنهاء المقاومة، إلا أنه عاد وأكد أن الشعب الفلسطيني يواجه بكل قوة هذه الضغوط الكبيرة وانجزت المقاومة الفلسطينية ما لم ينجز في تاريخ الشعب الفلسطيني. وأشاد أبو مرزوق بكافة الجهود المخلصة التي ساهمت وساعدت في الوصول إلي اتفاق مكة التي أوقفت نزيف الدم الفلسطيني المؤلم وشكلت اول حكومة وحدة وطنية في تاريخ فلسطين موضحا أن الاتفاقية وضعت أسس للشراكة الفلسطينية وكانت اعتراف بنتائج الانتخابات الفلسطينية لأول مرة بصورة عملية خاصة من حركة فتح كما أنها أيضا حظيت باعتراف إقليمي بذلك، مؤكدا ان أول مهام هذه الحكومة كانت ولا زالت هو كسر الحصار عن الشعب الفلسطيني وتحقيق الثوابت الأساسية له أهمها حق العودة دون الالتفاف حول هذا المصطلح بأي عبارة أو كلمات سياسية أخري بعيدة عن المطلب الحقيقي لأكثر من 60% من الشعب الفلسطيني.
أما الدكتور محمد البلتاجي الأمين العام والمتحدث باسم كتلة الإخوان في البرلمان المصري فأشار في كلمته إلى أن معركة "عض الأصابع" مع الصهاينة والأمريكان مستمرة, ونحقق فيها حتى الأن انتصارات متتالية وبجدارة حتى تراجع مشروعهم الاستعماري بشكل كبير, مشددًا أن نواب المعارضة لن يسكتوا أمام الفساد والاستبداد الذي استشرى في جميع مجالات الحياة في مصر ووصل إلى أعلى مستوياته في إقرار التعديلات الدستورية الأخيرة التي ستقتل الحريات وتقضى على آمال الناس في العيش بشكل آدمي وكريم. جدير بالذكر أن هذا المؤتمر سيستمر لمدة ثلاثة أيام يناقش خلالها كافة القضايا المتعلقة بكيفية مقاومة المشروعات الأمريكية والصهيونية الاستعمارية وإجهاض مخططاتهم, وستقام على هامشه عدد كبير من الندوات السياسية والاجتماعية المهمة.