ينطلق منه أغنية "رمضان جانا (جاءنا).. أهلا رمضان"، فتظهر الفرحة في عيون الأطفال المصريين، وهي يقفزون ممسك كل منهم بفانوسه الصغير. وتبدأ كثر من الأسر المصرية في شراء فانوس رمضان كعادة قديمة راسخة لا يمكن الاستغناء عنها. وتروي عبير حسن، 39 سنة، لوكالة الأناضول قصتها مع استعدادات شهر رمضان، مشيرة إلى أنها اعتادت أن تتجول مع طفلتها وأخواتها في معارض بيع الفوانيس كل عام، خاصة في منطقة السيدة زنيب، وسط القاهرة، الشهيرة ببيع الفوانيس. فانوس رمضان بالنسبة لعبير حسن "يعيد لكل أسرة زمن البهجة والفرحة"، معتقدة أن "جو رمضان في مصر على هذا النحو من تجمع المصريين وفرحتهم بشراء الفوانيس أحسن من أي بلد آخر". وأضافت حسن أن "أشكالا جديدة من الفوانيس ظهرت هذا العام"، متابعة أنه "يكفي أن فيها (الرئيس عبد الفتاح) السيسي". وفانوس السيسي الذي صُنع في الصين، قريب الشبه بالرئيس الجديد، بات هو الأكثر رواجا في الأسواق، كما يقول محمد مصطفى، بائع فوانيس بمنطقة السيدة زينب. معرض مصطفى ليس الوحيد في السيدة زينب الذي يجمع بين الفوانيس الصينية والمصرية الأصلية المصنوعة من الصاج والزجاج بأحجام مختلفة في فترة بيع هذه المعارض، والذي عادة ما يبدأ عمله منتصف شعبان وينتهي مع أوائل أيام شهر رمضان. وعلى أحد جوانب هذا المعرض يريد أن ينهي مصطفي حواره سريعا، نظرا للإقبال الكبير من المصريين الفقير منهم والغني، والسائلين عن فانوس السيسي، وهو يجيب "موجود، وبسعر مناسب". وقال مصطفى لوكالة الأناضول "فانوس السيسي ازداد الإقبال عليه خلال الأيام الماضية، ليرتفع ثمنه من 40 جنيها (5.5 دولار) إلى 80 جنيها (11 دولار). وأشار إلى أن "بيع الفوانيس في رمضان هذا العام أفضل بكثير من العام الماضي"، والذي شهد اشتباكات بين معارضين للرئيس المعزول محمد مرسي والأجهزة الأمنية. وفانوس السيسي الذي يطلق أغاني مثل "بشرة خير"، و"تسلم الأيادي" وهما الأغنيتان الشهيرتان لدعم السيسي، كما ظهرت نسخة أخرى لفانوس صيني لشخصية السيسي وهو بداخل دبابة، بجانب فوانيس صينية أيضا على شكل جندي يرتدي زيه العسكري. وفانوس السيسي بهذا الإقبال يتفوق على فانوس "كأس العالم" الذي يشهد عدم تجاوب على شرائه، بحسب عدد من الباعة بمعارض بيع الفوانيس بمنطقة السيدة زينب، رغم انطلاق مباريات كأس العالم المقامة في البرازيل. وفانوس كأس العالم المنتشر في الأسواق يتكون من درع الكأس بلونه الذهبي، يعلوه كرة تدور، وتصدر عنه أغاني شهر رمضان المعروفة. وتختلف فوانيس رمضان حاليا في أشكالها عما كانت عليه في أزمان سابقة، وهو ما عبر عنه محمد أحمد، 60 عاما، والذي اصطحب أسرته لشراء فانون رمضان من أحد معارض السيدة زينب كعادة كل عام. وبابتسامة قال أحمد "رمضان لا يخلو من الفرحة، ولكن مع اختلاف كبير في أشكال الفوانيس الموجودة الآن". وروى الرجل عن فوانيس رمضان في زمنه قائلا "كانت فوانيس من الصاج والزجاج وبها شمعة داخلها"، متابعا "أما الآن فهناك أشكال كثيرة، وبأسعار مناسبة أيضا لكل أسرة". وخلف عم أحمد كانت الفوانيس الصاج بأحجامها الصغيرة التي تبدأ من سعر جنيهين (حوالي ربع دولار) حتى الكبيرة التي تقدر بمئات الجنيهات تملأ المعرض، لكنه اشترى فانوسا على شكل لعبة لحفيدته الصغيرة قائلا "نحن مع رغبة الأطفال وما يفرحهم". وبحسب روايات تاريخية، فإن أول من عرف فانوس رمضان هم المصريون، وذلك على يد الفاطميين خلال فترة حكمهم لمصر من 972 - 1171م. وتذكر تلك الروايات أن يوم دخول المعز لدين الله الفاطمي مدينة القاهرة قادما من المغرب، وكان ذلك في الخامس من رمضان، وخرج المصريون في موكب كبير اشترك فيه الرجال والنساء والأطفال للترحيب بالمعز الذي وصل ليلا، وكانوا يحملون المشاعل والفوانيس الملونة والمزينة وذلك لإضاءة الطريق إليه، وهكذا بقيت الفوانيس تضيء الشوارع حتى آخر شهر رمضان، لتصبح عادة يُلتزم بها كل سنة. وانتقلت فكرة الفانوس المصري إلى أغلب الدول العربية، وأصبح جزءا من تقاليد شهر رمضان لاسيما في دمشق وحلب والقدس وغزة وغيرها.