أصحاب الكتب الممنوعة ل"محيط" : حان وقت الكلام الحر كتب جريئة محيط – رهام محمود بعد رحيل نظام مبارك هل نودع عصر اقتحام دور النشر واعتقال المؤلفين ومصادرة الكتب التي تنتقد النظام أو تفضح مفاسد رجاله ؟ سؤال طرحه "محيط" على عدد من الكتاب المعارضين بعد نجاح ثورة يناير ، هؤلاء الذين واجهوا وغيرهم من أصحاب الرأي الحر قمع الشرطة بدعوى "الحفاظ على الأمن العام" . من جهته يرى محمد هاشم صاحب دار "ميريت" أن منع الكتب كان بنسبة قليلة في عهد الرئيس مبارك، وكان معظمها كتب دينية، ولكن الكتب السياسية كانت تتاح للدار فرصة إصدارها ومنها كتاب د. جلال أمين "مصر والمصريون في عهد مبارك" أو كتب د. عبدالحليم قنديل، ومن خارج الدار كتب د. علاء الأسواني التي تنتقد النظام بشدة . لكن المؤسف برأي هاشم من ظلوا يمشون بجوار الحائط بحسب المثل المصري في عهد الرئيس مبارك والذين لم يؤيدوا الثورة بقوة، وهم اليوم يركبون الموجة وكأنهم أبطال شعبيين، ولا يصدقهم من كان يعرفهم . محمد هاشم صاحب دار ميريت وقال هاشم أنه يسعى لترخيص من المجلس العسكري الحاكم بمصر لإقامة معرض للكتاب بميدان التحرير بعد إلغاء معرض القاهرة للكتاب. مصر الجديدة الكاتب محمد خير مؤلف الكتاب الجريء "قصر العروبة" قال للشبكة: نعيش مرحلة ثورية لها قوانينها الخاصة، وسيختلف وجه مصر سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، ونسعى لرفع المحظورات على الإعلام والثقافة . كان نظام مبارك كما يقول الكاتب يقصي الكتاب الذين لا يعجبه آراءهم من جوائزه ، ولا يساعدهم عبر مؤسساته الرسمية على نشر أعمالهم. وكانت إدارة بوليسية تتبنى الإعلام ، ونعلم جميعا كم كانت ضغوط أمن الدولة على برامج الإذاعة والتليفزيون بل والفضائيات المستقلة والرسمية ، وكيف كان عدد كبير من العاملين في المطابع يجندون لصالح النظام لمنع طبع الكتب التي تثير حفيظة النظام . يقول الكاتب : رأينا مؤلفات لضباط شرطة استقالوا وهي تفضح الدولة البوليسية ككتاب العميد محمود قطري وكتاب عمر عفيفي الذي سافر لأمريكا بعدما استقال والكتاب بعنوان "عشن متضربش على قفاك" ، وكان أصحاب هذه الكتب يتعرضون لتهديدات الشرطة ، بمن فيهم الكاتب الصحفي ابراهيم عيسى وروايته الممنوعة "يوم مقتل الزعيم" ، وكتاب شرفاء منهم حمدي قنديل، علاء الأسواني، عبدالحليم قنديل، وغيرهم . ولكن بعد الثورة نستطيع القول أنه لم يعد هناك خوف أو محظورات عامة، إلا تلك التي يمليها ضمير المؤلف عليه، وسوف تخرج للنور العشرات من الكتب الممنوعة في النظام السابق، ولن يتنازل المصريون عن حالة الحرية اللامحدودة كما يرى الكاتب. وعن كتابه "الطريق إلى قصر العروبة" قال خير: الكتاب يرصد من وجهة نظري قوى جديدة ظهرت في الحياة السياسية المصرية، وكانت ستحدد شخص رئيس مصر القادم، منها رجال الأعمال والإعلام والأحزاب والإخوان المسلمون والمؤسسات الدينية مثل الأزهر والكنيسة والسفارة الأمريكية . ولكن هناك قوى أخرى أخطر ومن أهمها الحركات الاحتجاجية، وقد أثبتت الأيام بعد صدور هذا الكتاب أن هذه الحركات ومنها "كفاية"، جروب "كلنا خالد سعيد"، وحركة "6 أبريل" كان لها دور هام جدا في ثورة 25 يناير التي قادت لرحيل النظام . محمد خير كاتب مصري مضيفا أنه ذكر بكتابه الصادر قبل أسابيع من الثورة أن التغيير سيحدث حينما ينزل لشوارع مصر أكثر من مائة ألف متظاهر لميدان التحرير، ويبيتون على الأقل لثلاث ليالي متوالية في إصرار على تحقيق المطالب، ولكننا شاهدنا أعداد أكبر واعتصامات وكان من الطبيعي أن يحدث التغيير . وعن الصعوبات التي واجهته لإعداد الكتاب يقول محمد خير : بعض الشخصيات المسئولة رفضت مقابلتي لإفادتي بالمعلومات، وكان من الأمانة أن ألتقى بمسئولين داخل النظام ليشرحوا رأيهم . وقد أكدت أنه إذا لم تكن دار صفصافة قد تحمست لنشر الكتاب، ولم أجد ناشرا سواها، كنت سأنشر المادة عبر الصحف لتصل للناس. يتابع خير : لدي الرغبة في إصدار الجزء الثاني من الكتاب بعنوان "الطريق إلى مصر الجديدة" ولا أعني الحي القاهري المعروف، بل مصر المستقبل التي نحلم بها ، والتي جاءت الثورة لترسم خريطتها . عبدالحليم قنديل ضغط الأمن من جهته قال الكاتب د. عبدالحليم قنديل وهو الرئيس السابق لحركة "كفاية" وأحد أشهر المعارضين لنظام مبارك : مصر تعيش حرية واقعية وإن كانت تحتاج لشيء من التقنين، وعلى الجانب الرسمي لا توجد رقابة على الكتب في عصر مبارك، ولكن الحظر كان يتم بطرق غير مباشرة ، وبتدخل من مباحث أمن الدولة التي تضغط على الناشرين أو الموزعين للكتاب. كما تضغط الجهات الأمنية بحسب قنديل على النقابات المهنية وأهمها نقابة الصحفيين المصريين. يقول قنديل: في الثلاث سنوات الأخيرة أنتجت ثلاثة عناوين وهي "الأيام الأخيرة" ، "كارت أحمر للرئيس" و"الرئيس البديل" وكنت اتفق مع لجنة الحريات بنقابة الصحفيين على إقامة حفلات توقيع ، ونفاجأ بكل مرة بإغلاق أبواب النقابة بأوامر أمنية ! ولكي تكون مصر حرة فعلا لابد من إطلاق حرية إصدار الصحف، وحرية تداول المعلومات، وإلغاء قوانين الحبس بتهم النشر والتعبير . الأيام الأخيرة كتاب عبدالحليم قنديل وأكد قنديل بحواره للشبكة أنه أصدر كتبه الأخيرة عن دار "الثقافة الجديدة" لصاحبها الأديب المعروف صنع الله ابراهيم الذي رفض جائزة الدولة في عصر مبارك وقال : لا أقبل جائزة من نظام ديكتاتوري. يواصل الكاتب: أسست حركة كفاية عام 2004، وكنت آخر منسق لها، وقضيت العشر سنوات الأخيرة أرأس تحرير جريدة "العربي الناصري" و"الكرامة" و"صوت الأمة" ، وكل هذه الصحف كان موضوعها الرئيسي هو الدعوة للثورة على النظام الفاسد وإسقاط الرئيس ورجاله ، ودعوت في عام 2005 لمظاهرة المائة ألف التي تتحول لمليون بعد اليوم الأول . وعن دار "ميريت" أصدر قنديل كتاب "ضد الرئيس" ، ثم تعمد أن يكون المانشيت الرئيسي بجريدة الكرامة في أحد أعدادها عام 2006 هو "سقوط مبارك في ميدان التحرير" حيث كانت الدعوة للتظاهر من ميدان التحرير . يواصل الكاتب : في مؤلفي "الأيام الأخيرة" كتبت تصورا لكيفية تخليق ثورة وتساءلت "ماذا لو حكم الجيش بعد مبارك الخامس؟" وقصدت حينها أن مبارك لن يصل للفترة الخامسة للرئاسة ، وفي هذا العام أي 2006 كتبت مقالي الشهير "أشعر بالعار لأنك الرئيس" ، وبالطبع مع قرب انتهاء ولايته عام 2011 كنت واثقا من نشوب الثورة ضده حتى لا يتم مسلسل التوريث ، ولكني توقعتها في نهاية العام الماضي فتأخرت شهرا واحدا . ثم يضيف قنديل في حديثه أنه في العامين الأخيرين منذ مارس عام 2009 إلى مارس الحالي مُنع من الكتابة في مصر تماما، ولكنه مصر الآن بدرجة أكبر على الكتابة وسيصدر له كتاب يجمع مقالاته خلال العام الماضي والحالي ، وربما يعود بحسب تأكيده لرئاسة تحرير جريدة "صوت الأمة" قريبا . شعبان يوسف حريات أخرى يرى الناقد الكبير شعبان يوسف أن حرية نقد نظام الرئيس مبارك ستكون كبيرة في الفترة المقبلة باعتبار أن النظام انتهى فعلا، لكن لا تزال هناك رقابة على نوعية أخرى من الكتب مثل الكتب الدينية فالمهمة شاقة لإعادة نشر كتاب مثل "الله والإنسان" لمصطفى محمود ، أو "فقه اللغة" للويس عوض، ومن هنا فإن الحرية لا تتحقق بالإطاحة بنظام سياسي، ولكن بإرساء ثقافة الرأي والرأي الآخر في المجتمع . يؤكد الكاتب أن تعديل الدستور مازال يركز على الإنتخابات وترشيح الرئيس، وليس على الحريات العامة، معتبرا أن الرقابة ستظل مفروضة على الكتب والمجلات والمقالات . اعتبر يوسف أن أكثر عصور حرية التعبير في الكتب بمصر كانت في الثلاثينات والأربعينات، فظهر مثلا كتاب د. اسماعيل أدهم "لماذا أنا ملحد" فرد عليه محمد فريد وجدي بكتاب "لماذا أنا مؤمن" ، والشيخ عبدالمتعال الصعيدي بكتاب "لماذا أنا مسلم"، وكتاب خالد محمد خالد "من هنا نبدأ " والشيخ الغزالي يرد على كتاب خالد بكتاب اسمه "من أين نبدأ ؟ " وهذا يعطي فكرة عن حرية الرأى والرأي الآخر . كما كان سقف الحرية في الفنون والسياسة والفكر مرتفعا في هذه الحقب التاريخية، فنشرت مجلة "الجديد" لوحات بغاية الأهمية والحرية كما يرى الناقد ، ويصعب حاليا نشر لوحات من هذا النوع. في فترة الستينيات كانت الحريات متاحة وظهرت كتابات العقاد ومحمد حسين هيكل وطه حسين واسماعيل أدهم ولكن الليس بمجال السياسة، أما في عصر مبارك فبرأي شعبان يوسف ظهرت الرقابة وأصعب أنواعها الرقابة الذاتية من داخل المؤلف ورأينا مصادرات الكتب من ذلك رواية ادريس علي "الزعيم يحلق شعره" عن معمر القذافي، ولم تكن السلطات المصرية ترغب في إثارة الطرف الليبي .