تواصل حملات المرشحين الستة للرئاسة الجزائرية حملاتهم الدعائية على شبكات التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية رغم الإعلان الرسمي عن انتهاء الحملة ليلة الأحد الإثنين الماضية عند منتصف الليل، إذ ليس هناك نص قانوني يمنع ذلك. واشتعلت "حرب إلكترونية" بين أنصار المرشحين وخاصة أنصار الرئيس عبد العزيز بوتفليقة 78 عامًا ومنافسه الأول رئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس 70 عامًا، بحسب ما رصده مراسل الأناضول. وأتاح الفضاء الافتراضي للمرشحين الاستمرار في مخاطبة جماهيرهم على الشبكة العنكبوتية، واجتهدت قيادات الحملات في الترويج لمرشحيهم بقوة قبل انطلاق الموعد الانتخابي المُقرّر الخميس القادم. فالرئيس بوتفليقة، الطامح إلى ولاية رابعة، واصل "نشاطًا افتراضيًا" على موقعه الرسمي على الانترنت. كما أطلق القائمون على موقع بوتفليقة إذاعة إلكترونية مباشرة، فضلا عن تفعيل الموقع على الهواتف المحمولة، كما نشطت صفحتا بوتفليقة الرسميتان على موقعي التواصل الاجتماعي "فيسبوك" و"تويتر" بصفة قوية. وعرض القائمون على حملة بوتفليقة ما أسموه "إنجازات الرئيس" طيلة سنواته ال15 التي قضاها في السلطة، من بينها: "إنجاز الطريق السيار شرق - غرب بطول 1200 كلم، وإطلاق المترو والترامواي والقروض للشباب وإنجاز مليوني مسكن وإرساء المصالحة الوطنية ووقف نزيف الدماء بعد عشرية كاملة من الخراب والدمار" عُرفت ب"العشرية السوداء". وشهدت الصفحة الرسمية لبوتفليقة على موقع "فيسبوك" نقاشًا كبيرًا بين أنصاره ومعارضيه وخاصة الرافضين لولاية رابعة وأيضًا أنصار غريمه رئيس الحكومة الأسبق والمرشح أيضًا للرئاسة علي بن فليس. ويرفض مناهضو بوتفليقة أن يكون له الفضل في كل ما سبق، ويعزون تلك الإنجازات إلى توفّر أموال طائلة من عائدات البترول، كما يطالبون بمحاسبة اللصوص الذين تكاثروا في عهدته - على حد وصفهم - وأولهم وزير الطاقة وصديق طفولته الفار إلى أمريكا، شكيب خليل، بتهمة نهب أموال الشعب الجزائري، ويتهمونه بجلب إخوته ووضعهم في مفاصل حساسة في السلطة، بحسب تعليقاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي. وفي المقابل، يخوض المرشح القوي أيضًا علي بن فليس حملة افتراضية على الشبكة العنكبوتية، حيث يشهد موقعه الإلكتروني هو الآخر نشاطًا مكثفًا هذه الأيام، إذ لا يزال يعرض تاريخه كمحام ثم قاض ثم وزير للعدل ثم رئيس للحكومة، وأهم الإنجازات في عهده والقرارات التي اتخذها وأيضا جولاته في محافظات البلاد ال48 خلال الحملة الدعائية للانتخابات، وأهم خطاباته وبرنامجه لكل الفئات وخاصة الشباب. والحال أيضا بالنسبة لصفحاته على "تويتر" و"فيسبوك" و"يوتيوب"، حيث يملك حسابات في كل منها بالإضافة إلى إطلاقه قناة إلكترونية تبث مباشرة وتعرّض نقاشات حول برنامج المرشح وأسئلة مباشرة للقائمين على حملته. ويركز بن فليس من خلال شبكات التواصل الاجتماعي على مهاجمة التزوير والتحذير منه، كما يعمل على "مضايقة" خصمه بوتفليقة من خلال هذه الأساليب، لكن معارضيه على الشبكة الافتراضية يتهمونه بنقص الكفاءة وعدم القدرة على تسيير الجزائر كما سيرها بوتفليقة. وتبدو الاتهامات كبيرة وشديدة بين أنصار الرجلين سواء على صفحاتهما أو من خلال تعليقات القراء على مواقع الصحف الجزائرية الكبرى مثل "الشروق أونلاين" و"الخبر" و"الوطن"، وهي كبرى الصحف في البلاد، حتى تجاوزت التعليقات على المواضيع المتعلقة ببوتفليقة وبن فليس ألف تعليق لكل منهما. ومن بين التعليقات التي نشرت على مواقع الصحف تعليق على موقع صحيفة "الشروق"، قال صاحبه مهاجمًا بن فليس: "كيف يحكمنا رجل ينصّب نفسه قائدا قبل الاقتراع ولا يحترم الاختلاف ويدعو إلى الفوضى ويهدد أبناء المحافظين ورؤساء الدوائر"! وردّ عليه من سمى نفسه مراد قائلا: "بن فليس تكلم عن التزوير وليس تهديدا ولم يشتكِ إلى الأجانب وأنتم تشتكون وتهددون الشعب، ماذا قال فخامة رئيسك لوزير الخارجية الإسباني (خوسيه مانيول مارغايو) والمبعوث الأممي الأخضر الإبراهيمي؟ ألم يشكُ لهما من بن فليس؟" في إشارة إلى زيارة مارغايو للجزائر السبت لماضي، والإبراهيمي الأحد. وعلى صفحات يومية "الخبر"، ثاني كبرى الصحف الجزائرية، كتب معلق رمز لنفسه ب atomicsniperman "كل مؤسسات الدولة دمّرت في عهد بوتفليقة ومع ذلك يجب أن ننتظر حتى يموت لتبدأ المرحلة الانتقالية؟! يا للجزائر المسكينة! حررها الشهداء ليعبث بمصيرها أناس لا يهمهم إلا مصلحتهم وأموالهم المهربة، يا خوفي من انفجار يأتي على الأخضر واليابس في هذه البلاد". وردّ عليه آخر يدعى زايد قائلا "مؤسسات الجزائر لم تهدم، كفاكم استخفافا بعقول الناس، فخامة الرئيس أعطى حياته للجزائر، أهكذا يُكرّم من أرجع الأمن والأمان وجسد دولة القانون ودعم الشباب ولا يزال، نعم لبوتفليقة وقولوا ما شئتم.. لكن أنا مع الرئيس". أما بقية مرشحي الرئاسة، وهم لويزة حنون، وعبد العزيز بلعيد، وموسى تواتي، وعلي فوزي رباعين، فاكتفوا بمواقع إلكترونية بسيطة وصفحات عادية على "فيسبوك" و"تويتر". جدير بالذكر أن مواقع التواصل الاجتماعي تدخل لأول مرة سباق الرئاسيات في الجزائر، حيث لم تكن حاضرة في انتخابات 2009، ورغم مشاركتها لأول مرة إلا أنها حققت حضورا قويا بالنظر لعدد المعجبين المرتفع الذي تسجله صفحات المرشحين ولحجم النقاش الدائر فيها. وانتخابات 17 أبريل القادم هي خامس انتخابات رئاسية تعددية في تاريخ الجزائر، وتجرى وسط احتجاجات ودعوات للمقاطعة من قبل المعارضة التي ترفض استمرار بوتفليقة في الحكم، وترى في ترشحه لولاية رابعة "حسم مسبق" لنتائج الانتخابات لصالحه. وبجانب بوتفليقة، يضم السباق الانتخابي كلا من: علي بن فليس، رئيس الوزراء الأسبق، وبلعيد عبد العزيز، رئيس حزب جبهة المستقبل، وتواتي موسى، رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية، ورباعين علي فوزي، رئيس حزب عهد 54، بالإضافة إلى حنون لويزة، الأمين العام لحزب العمال اليساري.