تباينت ردود أفعال العديد من الشخصيات والخبراء حول استخدام الفحم في توليد الكهرباء في مصر ، بين معارض ومؤيد مع إجراء دراسات جدوى بمعايير صارمة . حمدين يرفض فقد أعلن حمدين صباحي المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية عن رفضه لاستخدام الفحم في توليد الكهرباء لما يسببه من تلوث. وأشاد صباحي - في هذا الصدد في تصريحات لبرنامج "بوضوح " على قناة الحياة الليلة الماضية - بموقف وزيرة البيئة الدكتورة ليلى اسكندر الرافض لاستخدام الفحم في توليد الكهرباء. وعلى العكس من ذلك ، وخلال برنامج "الحياة اليوم" على نفس القناة، أكد الدكتور ماهر عزيز استشاري الطاقة والبيئة وتغير المناخ أن استخدام الفحم آمن تماما باستخدام التكنولوجيات ونظم الحماية البيئية الحديثة التي تحجز 6ر99 في المائة من التراب وأكاسيد الكبريت والنيتروجين الناتجة عن استخدام الفحم والتي أصبحت كما قال جزءا من التاريخ وما يعود إلى 150 عاما مضت مع بداية استخدام الفحم.. مشيرا إلى أنه لا يمكن استيراد محطات الفحم إلا ومعها أجهزة الحماية البيئية كجزء لا يتجزأ منها. وهنأ الشعب المصري على ما وصفه ب "القرار الشجاع والجرئ" الذي اتخذه مجلس الوزراء بإضافة الفحم إلى سلة الطاقة إضافة إلى استخدام المخلفات في توليد الطاقة حتى نسبة 40 في المائة، وكذلك تنمية الطاقات المتجددة. ونوه بأن إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة بما في ذلك الطاقة الشمسية على مستوى العالم يبلغ نصف في المائة، مقابل 3 في المائة للطاقة النووية، و41 في المائة للفحم. وأوضح أن أكثر 65 دولة في العالم تولد الكهرباء من الفحم ، منها حوالي 20 دولة مصدره له والباقي يستورده. ونوه بأن تكلفة توليد ميجاوات ساعة من الكهرباء باستخدام الفحم، وفقا ل 6 دراسات جدوى حول العالم، تبلغ من 52 إلى 71 دولارا مع أجهزة الحماية البيئية ، ومن 65 إلى 78 دولارا باستخدام الغاز الطبيعي، ومن 65 إلى 110 باستخدام الطاقة النووية، ومن 97 إلى 181 دولارا باستخدام طاقة الرياح، ومن 674 إلى 1140 دولارا باستخدام الطاقة الشمسية.. مشيرا إلى أنه في ظل عدم توفر الغاز الطبيعي والمخلفات فإنه لا بديل عن استخدام الفحم. كما أوضح أن سعر المليون وحدة حرارية بريطانية من الغاز الطبيعي يبلغ من 14 إلى 15 دولارا في السوق، مقابل من 5 إلى 6 دولارات للفحم. ونفي عزيز أن دول العالم تتجه إلى إنهاء استخدام الفحم خلال 20 عاما، وقال إن هناك 1160 محطة ستدخل الخدمة خلال السنوات العشر القادمة حول العالم تستخدم الفحم في توليد الكهرباء.. حيث ستبني الصين 365 محطة، والهند 455، وروسيا 40، وتركيا 45، وأوروبا 69 محطة إضافة غلى ما هو موجود ويعمل بالفعل. وقال إن محطات الفحم تعمل لمدة تصل إلى 40 عاما ، وإذا دخلت الخدمة في عام 2020 في مصر فإنها ستعمل حتى عام 2065، مشيرا إلى أن الفحم الموجود في العالم يكفي استخدامات العالم أجمع باستهلاك اليوم حتى 200 عام قادمة. اقل تكلفة من جانبه، كان الدكتور إبراهيم العسيري مستشار وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة للشئون النووية والطاقة قد أبدى مؤخرا عدم اعتراضه على استخدام الفحم الآمن في توليد الكهرباء إذا ثبت أنه أقل تكلفة من الغاز الطبيعي. وقال إنه ليس ضد استخدام الفحم "على الإطلاق" بل ضد استخدام أحد المصادر بدون دراسته دراسة كافية، مشيرا إلى أنه مع استخدام الفحم فقط لتنويع مصادر الطاقة ولأغراض الصناعة فقط ولفترة مؤقتة لتوفير نوع من التأمين لمصر بشأن مصادر توليد الكهرباء. وأشار إلى أنه يرى أن مصر يمكن أن تستورد الغاز الطبيعي على المدى القصير والمتوسط بدلا من استيراد الفحم، واللجوء إلى الطاقة النووية على المدى الطويل ، خاصة وأنها ستستورد أيا من الإثنين سواء الفحم أو الغاز الطبيعي.. مشيرا إلى أن استخدام التكنولوجيات الحديثة سيجعل سعر الكيلووات كهرباء المنتج من الفحم أكثر من سعره باستخدام الغاز الطبيعي الذي يعتبر أكثر نظافة بطبيعته من الفحم. ونوه بأن استخدام الفحم لا يجب أن يكون بموجب قرار سياسي بل بموجب دراسة جدوى اقتصادية كاملة، يتم إجراؤها في مصر وليس خارجها، لمحطتين بنفس القدرة أحدهما تعمل بالفحم والأخرى بالغاز الطبيعي، مع إضافة تكلفة التكنولوجيات الحديثة التي ستقلل التلوث والأثر البيئي لتكلفة محطات الفحم وكذلك تكاليف الشحن والنقل. وأشار إلى أن إقامة محطة فحم لتوليد الكهرباء بقدرة 500 إلى 600 ميجا فقط تحتاج إلى ما بين مليون ومليون ونصف مليون طن فحم سنويا، كما أنه لابد من توفير مخزون استراتيجي منه حتى لا تتوقف المحطات، وهو ما سيشكل عبئا في عملية الشحن والنقل وإنشاء خطوط سكة حديد وإقامة ميناء خاص للفحم. وقال إن نسبة انتاج أوروبا للكهرباء من الفحم "المتوفر لديها" تبلغ 26 في المائة، مقابل 28 في المائة من الطاقة النووية، لأن أوروبا تحد من استخدام الفحم لما يسببه من تلوث. وأعرب عن مخاوفه من التهاون لاحقا في أساليب التعامل النظيف مع توليد الطاقة باستخدام الفحم، مشيرا إلى أنه لازالت هناك مصانع تصرف مخلفاتها في النيل رغم وجود قوانين تمنع ذلك ، ونوه بأن الطاقة النووية أكثر نظافة للبيئة من الفحم بكثير، وحتى من الطاقة الشمسية. أما الدكتور عماد الدين عدلي رئيس المنظمة المصرية للمستهلكين والطاقة، فيرى أن طريقة التعامل مع مشكلة الطاقة في مصر خاطئة على ضوء مقومات التنمية المستدامة ، مشيرا إلى أن مصر مرت بثورتين وتمر بمرحلة من الديمقراطية تستوجب ممارسة تجربة كيفية اتخاذ قرار صحيح. وأوضح أنه لا بد من إجراء حوار مجتمعي وإشراك المجتمع، ربما من خلال استفتاء، في اختيار نوع الوقود المستخدم في توليد الكهرباء سواء الفحم أو الغاز أو الطاقة الشمسية أو النووية. دراسة جدوى وأيد رؤية الدكتور العسيري بشأن إجراء دراسة جدوى اقتصادية تشمل دراسة الأثر البيئي ويتم بناء عليها اتخاذ قرار من الفنيين المتخصصين، إلا أنه اضاف أن ذلك يجب أن يتم طرحه للحوار المجتمعي في ظل وجود معايير وضوابط ملزمة، ويتم استفتاء الشعب عليه بعد ذلك لاتخاذ قرار نهائي ، ولفت إلى أن المخاطرة بيئيا في استخدام الغاز الطبيعي أقل بكثير جدا من المخاطرة باستخدام الفحم. وفيما يتعلق بما إذا كان يمكن أن نطلق على موضوع الفحم واستخدامه "أزمة"، قال العسيري "لا" ولكن يجب دراسة الموضوع من جميع جوانبه ومقارنة تكلفة جميع البدائل واتخاذ القرار على ضوء ذلك ، مشددا على ضرورة تنويع مصادر الطاقة مع مراعاة أولويات وموارد مصر بناء على دراسات جدوى داخل مصر وليس في دولة أخرى. من جانبه وصف الدكتور عماد الأمر بأنه نوع من أنواع أزمات اتخاذ القرار التي تحتاج إلى رؤية بشأن مواجهة أي مشكلة، مع ممارسة كل ما هو مطلوب للتعامل مع الموضوع بالشكل الصحيح والعلمي، والاستفادة من كل ما هو متاح داخل مصر أولا، والاستثمار في تحسين كفاءة الطاقة، وأيد رأي الدكتور العسيري بشأن ضرورة إجراء دراسة جدوى، وشدد علي ضرورة وضع سيناريوهات تعتمد على برامج زمنية لموارد الطاقة. تنويع مصادر أما الدكتور عزيز فقال إن مصر تواجه أزمة طاقة، وقال إن مجلس الوزراء اتخذ قراره بشأن إضافة الفحم لمصادر الطاقة لصالح مصر ككل وليس لصالح مصانع الأسمنت فقط، مؤكدا أن الفحم مصدر نظيف لتوليد الطاقة ، وأضاف "إن الدراسات تشير إلى أن تنويع مزيج الطاقة في مصر يجب أن يكون بنسبة 25 في المائة للفحم، و 25 في المائة للغاز الطبيعي، و 3 في المائة للمازوت، و2 في المائة للمساقط المائية، وما يصل إلى 15 في المائة للطاقة النووية، و 30 في المائة للطاقة المتجددة". وأوضح أن "دورة الفحم" بداية من الاستيراد إلى الموانئ إلى الطرق إلى الاستخدام "آمنة جدا"، لافتا إلى أن إنشاء موانئ الفحم سيشغل 5ر2 مليون عاطل.