الكهرباء تدرس استخدام الفحم والطاقة النووية لمواجهة الطلب المستقبلي الشبكه القومية تفقد6 آلاف ميجاوات في يومين والخبراء يؤكدون: توليفة الطاقة هي الحل يبدو أن أزمة نقص إمدادات الوقود من الغاز والسولار سوف تستمر طويلا, وأن أزمات انقطاع التيار الكهربائي في مختلف محافظات الجمهورية, سوف تتفاقم هذا الصيف, دون بارقة أمل في تأمين احتياجات المحطات من الوقود.. فخلال يومين متتاليين فقدت الشبكة القومية وفقا لتقاريرالمركز القومي للتحكم في الطاقة- نحو5850 ميجاوات بسبب نقص الغاز والمازوت الذي يتم توريده من وزارة البترول الي محطات انتاج الكهرباء, مما أدي الي توقف عدد من المحطات, ومن ثم سيطر الظلام علي العديد من المناطق بالقاهرة الكبري والمحافظات بسبب قطع التيار الكهربائي عن عدد من القري والمدن المصرية, مما ينذر بكارثة تهدد استقرار الشبكة. في محاولة للتغلب علي أزمات نقص الوقود اللازم لتشغيل المحطات, تقوم شركات الكهرباء بين الحين والآخر بتخفيف الأحمال, عن طريق قطع التيار بالتناوب بين مختلف المناطق السكنية, وتخفيض الطاقة للمصانع كثيفة الاستخدام لها, بسبب نقص كميات الغاز التي يجب أن تقوم وزارة البترول بتوريدها لمحطات انتاج الكهرباء, والتي تعمل بنظام الدورة المركبة وتعتمد علي الغاز الطبيعي كوقود أساسي, لكن هذه الاجراءات تمثل حلولا مؤقتة للأزمة علي حد قول الدكتور أيمن جاهين المدير العام بالشركة المصرية للغازات الطبيعية.. ولأنه من غير المتوقع حل أزمة نقص الغاز والسولار نهائيا علي المدي القريب, ولا المتوسط, فإنه ينبغي البحث عن حلول بديلة, خاصة إذا علمنا أن محطات توليد الكهرباء تستأثر بنحو60% من معدلات استهلاك الغاز في مصر, لانتاج90% من الطاقة الكهربائية معتمدة علي الغاز وحده, ومن ثم فإن نقص الغاز والسولار يهدد الشبكة الكهربائية في مصر, مشيرا إلي أن استمرار نقص الغاز يؤدي الي تكرار خروج وحدات انتاج الكهرباء من الخدمة بين الحين والآخر, مما يهددها بالأعطال ويؤثر علي عمرها الافتراضي علي المدي الطويل, ومن ثم لا بديل عن اللجوء إلي ما أسميه ب مزيج الطاقة, بحيث نستخدم مصادر مختلفة من الطاقة لتشغيل المحطات, مثل الطاقة الشمسية, أو طاقة الرياح, أوالفحم, الذي تعتمد عليه العديد من الدول, ففي بريطانيا- مثلا- تبلغ نسبة مساهمة الفحم في إنتاج الكهرباء نحو الثلث, وحوالي50% في الولاياتالمتحدة, و59% في الهند,و78% في الصين.في حين يسهم الغاز الطبيعي بنحو20% في إنتاج الكهرباء علي مستوي العالم, بينما تسهم المساقط الكهرومائية بنحو16%, والطاقة النووية حوالي15%, ويتم إنتاج الباقي من مصادر الطاقة الأخري المتجددة كالطاقة الشمسية, و طاقة الرياح.. ولأن الفحم يعد أقل تكلفة من الغاز الطبيعي بنحو الثلث, فإنه من الضروري, وبشكل جاد وعاجل دراسة الفحم كبديل لتشغيل محطات توليد الكهرباء, خاصة في ظل محدودية احتياطيات مصر المؤكدة من الغاز الطبيعي, والتي لا تتعدي32 تريليون قدم مكعب, والتي يتم تصدير كميات كبيرة منها, وفقا لعقود تصدير الغاز المصري للخارج, مع أننا في أشد الحاجة إليه. تنويع مصادر الطاقة الأزمة الحالية- كما يقول المهندس أكثم أبو العلا وكيل وزارة الكهرباء والمتحدث الإعلامي باسم الوزارة, ترجع إلي نقص إمدادات الغاز والسولار اللازمة لتشغيل محطات التوليد, مشيرا إلي أن الشركة القابضة تدرس فرص استخدام الفحم كبديل للغاز في تشغيل محطات توليد الكهرباء, كما أن الوزارة اتجهت لدراسة إمكانات استخدام الطاقة النووية, مشيرا إلي أن الشركة القابضة تدرس إمكانات تنويع مصادر الطاقة اللازمة لتشغيل محطات الكهرباء لتقليل الاعتماد علي الغاز ومنتجات البترول الاخري, لتلبية الطلب المستقبلي علي الطاقة, من خلال إضافة قدرات توليد جديدة تصل لنحو52 ألفا و542 ميجاوات بحلول عام.2027 الطاقة النووية.. تكسب والسؤال الذي يطرح نفسه: هل بالاعتماد علي الفحم كحل عملي لمواجهة أزمات الغاز والسولار في محطات توليد الكهرباء ستحل المشكلة؟.. ولماذا لا يتم إنشاء محطات نووية في مصر لانتاج الكهرباء مثلما تفعل معظم دول العالم؟ - توجهت بسؤالي إلي الدكتور إبراهيم العسيري خبير الشئون النووية والطاقة, وكبير مفتشين بالوكالة الدولية للطاقة الذرية سابقا-, فأجاب: إذا قررنا- مثلا- إنشاء محطة توليد كهرباء بقدرة ألف ميجا وات من الفحم, فإننا بحاجة إلي ما بين3 و4 ملايين طن من الفحم, ونحن هنا أمام مشكلة تتمثل في تكاليف استيراد هذه الكمية الكبيرة من الفحم, فضلا عن مشاكل التخزين, ومنها صعوبة تخزين الفحم لأكثر من3 أشهر, إلي جانب تخصيص اماكن لتخزينه في الصحراء, مع ضرورة إنشاء ميناء خاص لاستيراده, وخطوط سكك حديدية لنقله, ناهيك عن التلوث الناتج عن استخدامه.وعلي ذلك, تصبح الطاقة النووية هي البديل الأقل تكلفة, والأكثر جدوي من الناحية الاقتصادية, والأكثر أمانا من الناحية البيئية, إذ تقل تكلفة الكيلو/ وات كهرباء في الساعة من المحطات النووية عن مثيلتها من جميع أنواع مصادر الطاقة الأخري, ويتكلف إنشاء محطة نووية نحو4 مليارات دولار, وتستغرق عملية الانشاء نحو48 شهرا منذ بداية صب الخرسانات, وحتي بدء التشغيل, إلي جانب عام آخر للوصول إلي أعلي معدل تشغيل, أي أنه خلال60 شهرا, يمكن أن تكون لدينا محطة نووية تعمل بأعلي معدل تشغيل, كما أن تكلفة الوقود والصيانة السنوية للمحطة, والتي تلزم لانتاج الف ميجا/ وات كهرباء لن تتجاوز نحو50 مليون دولار, في حين تقدر تكلفة استهلاك الغاز والسولار في محطات توليد الكهرباء بنحو مليار جينه سنويا.. وهو ما يعني أن المحطة النووية تغطي تكلفة إنشائها خلال5 سنوات, من خلال توفير استخدام الوقود المستخدم, كما أن العمر الافتراضي لتشغيل المحطة النووية يصل إلي60 عاما, مما يعني أيضا أن المحطة سوف تسترجع تكلفة الإنشاء خلال السنوات الخمس الأولي, ثم تعمل55 عاما أخري فتحقق وفرا إضافيا للدولة, ويكفي القول إن تأخير بناء المحطات النووية الثماني التي كان مخططا إنشاؤها خلال فترات الحكم السابق قد كلف الدولة خسائر تزيد علي200 مليار دولار كان يمكن توفيرها, لو تم إنشاء هذه المحطات, واستخدمناها في توليد الطاقة. وبالرغم من أن الصين تحتل المرتبة الأولي عالميا في انتاج الفحم, حيث تنتج وحدها نحو50% من الانتاج العالمي للفحم, كما أنها تعد ثاني أكبر دولة علي مستوي العالم امتلاكا لاحتياطي الفحم, إلا أنها تمتلك نحو16 محطة نووية, بالإضافة إلي29 محطة تحت الإنشاء, أما الولاياتالمتحدة ففيها104 محطات نووية, وواحدة تحت الإنشاء, مع أنها الأولي عالميا في احتياطي الفحم, وثاني دولة من حيث الانتاج علي مستوي العالم, كما أنها تخطط حاليا لاستخدام المحطات النووية كبديل عن محطات الفحم لانتاج الكهرباء, في المقابل, تمتلك الهند33 محطة نووية, و11 محطة تحت الإنشاء, بالرغم من أنها تعد ثالث دولة علي مستوي العالم انتاجا للفحم, وخامس دولة من حيث الاحتياطي العالمي, فيما تمتلك أوكرانيا15 محطة نووية ولديها محطتان تحت الإنشاء, مع أنها تحتل المرتبة السابعة عالميا من حيث امتلاكها لاحتياطي الفحم.. فيما انتهت دولة الإمارات من الغلاف الخرساني لأول محطة نووية العام الماضي, ضمن خطة لإنشاء4 محطات نووية, وسيتم الانتهاء منها وتشغيلها خلال عدة سنوات, بينما نحن مازلنا نعاني من أزمات انقطاع التيار الكهربائي بسبب نقص إمدادات الغاز والسولار لمحطات توليد الكهرباء, لكن فكرة المحطات النووية في مصر مازالت محلك سر!! ويتساءل د. العسيري: إذا كانت هذ الدول تنتج كميات كبيرة من الفحم, وتمتلك احتياطيا ضخما منه, ومع ذلك سعت لانشاء المحطات النووية منذ سنوات طويلة, ولديها محطات تحت الإنشاء, أليس من الأجدر بنا إنشاء أول محطة نووية في مصر لإنتاج الكهرباء وتحلية المياه, ونحن ليس لدينا أي كميات احتياطية من الفحم الذي يصلح كوقود لمحطات انتاج الكهرباء؟! التوليفة هي الحل وبشكل عام, لم يعد هناك مفر من تنويع مصادر الطاقة, وإيجاد بدائل للغاز والسولار.. هكذا قال لنا الدكتورإبراهيم زهران خبير الطاقة العالمي, لأنه من غير المعقول في ظل أزمات الوقود التي تعيشها مصر حاليا أن نعتمد علي الطاقة البترولية بنسبة90% في انتاج الكهرباء مع أن العديد من دول العالم اتجهت لاستخدام مصادر الطاقة غير البترولية, بنسبة تصل إلي85% منها41% باستخدام الفحم, وفي مصر يجب التوجه نحو توليفة من الطاقة, متضمنة15% فحما, و11% منتجات بترولية, و45%غازا, و18% طاقة نووية, و2% طاقة كهرومائية, و9% طاقة متجددة, بحيث تشارك هذه التوليفة بنسبة54% في انتاج الكهرباء, مقابل46% للطاقة البترولية, فالاتحاد الاوروبي يعتمد علي توليفة الطاقة بنسبة40% في إنتاج الكهرباء, لتجنب أزمات الطاقة التقليدية المعرضة للنضوب, ومن بينها البترول بشكل رئيسي.