على قدم وساق، يجري فريق الترميم، بمتحف الفن الإسلامي في مصر، عمليات ترميم الآثار التي تعرضت لأضرار، جراء انفجار وقع بمديرية أمن القاهرة، المواجهة لمبنى المتحف، يناير/ كانون الثاني الماضي. 25 من الفنيين والحرفيين يعكفون على ترميم 150 قطعة أثرية، وسط توقعات بإنهاء عمليات الترميم خلال 15 شهرا. وكان انفجار ارهابي استهدف محيط مبنى مديرية أمن القاهرة، قد وقع في ساعة مبكرة من يوم 24 يناير/ كانون الثاني الماضي، ما أسفر عن مقتل 4 وإصابة 76 آخرين، بحسب وزارة الصحة المصرية. كما أسفر الانفجار عن إلحاق أضرار مادية في محال ومباني قريبة من المكان كان علي رأسها متحف الفن الإسلامي بالقاهرة. وترجع أهمية المتحف كونه الأكبر من نوعه في العالم؛ حيث يضم ما يزيد علي 100 ألف قطعة أثرية متنوعة من الفنون الإسلامية، تنتمى إلى دول ومناطق إسلامية مختلفة من العالم، كتركيا، والهند، والصين، وإيران، مرورا بالجزيرة العربية، والشام، ومصر، وشمال أفريقيا، والأندلس، بحسب وزارة الآثار. روائع المتحف محمد عبدالحكيم أمين الآثار بالمتحف، قال لمراسلة وكالة انباء الأناضول خلال جولة لها بأروقة المتحف: "الآثار التي يضمها المتحف تعود للعصور الإسلامية كالعثمانية والعباسية والصفوية والأموية؛ وغالبية القطع الأثرية التي تضررت من الانفجار تعود للعصر المملوكي، حيث كانت تعرض في القاعة الرئيسية المطلة على الشارع". وأضاف: "آثار الحقبة العثمانية حالفها الحظ، فقد كانت تعرض في قاعة بعيدة عن الشارع، فلم يتلف منها سوى 10% أو أقل من مشكاوات وبلاطات خزفية وقطع خشبية صغيرة". وتابع: "الانفجار طال 150 قطعة من إجمالي 1700 كانت معروضة بالمتحف وقت وقوعه، أما آلاف القطع الأخرى، فكانت في المخازن ولم تتعرض لسوء". وأوضح أنه "يتم العمل حاليا على إعادة ترميمها بشكل متزامن؛ إلا أنه تأسف لعدم قدرتهم علي ترميم 20 قطعة أثرية من الزجاج، يعود معظمها للعصر المملوكي (1216 - 1811م)، تم تدميرها بالكامل، وتحولت إلى مسحوق تعجز عمليات الترميم عن إعادته للحياة". وأشار إلى أن منظمة منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو) أرسلت وفدا للمتحف الإسلامي كي يرفع لها تقريرا عن حجم الخسائر التي ألمت به، ومن ثم ستبدأ في جمع التبرعات المطلوبة لإتمام عمليات الترميم التي ستتكلف قرابة المائة مليون جنيه (14.3 مليون دولار)، وتستغرق حوالي 15 شهرا". المعمل الرئيسي بالمتحف تم تحويله إلي مقر ترميم أبواب وشبابيك وقطع خشبية نادرة، من بينها أحد أهم القطع الأثرية المعروضة بالمتحف وهو عبارة عن "محراب مملوكي" كان معروضا بالجامع الأزهر الشريف، قبل أن يتم نقله للمتحف، ويعود نسبه لعصر الخليفة الحاكم بأمر الله (985-1021م). ثاني المعروضات القيمة التي تم تدميرها جراء الانفجار، كان محراب آخر يحمل اسم ابنة النبي محمد خاتم المرسلين "السيدة رقية". وبالرغم من القيمة العالية للمحرابين إلا أن الانفجار أتى عليهما بشكل كبير بسبب عرضهما في واجهة الشارع الذى شهد التفجير، إلا أن فريق الترميم تمكن من إنجاز 70% من مهمة ترميمه لإعادته كما كان"، بحسب ما قاله عبد الحكيم. وقال حمدي عبدالمنعم، مدير عام الترميم بالمتحف، إنه كان حريصا على جمع كسر كل "فاترينة" (واجهة عرض) أثرية بمفردها، حتى يسهل تجميع بقايا كل قطعة أثرية تهشمت". وأضاف: "لا يتم إنهاء عملية الترميم لأي قطعة أثرية، تحسبا لوجود كسر تابع لها ضمن الأنقاض الأثرية لفاترينة عرض أخرى". كما أوضح أن غالبية المشكاوات التي يتم ترميمها في هذا القسم تعود لمساجد شيدت في العصر العثماني (1299- 1923م)، بعضها تم تفتيته لأكثر من 35 قطعة، إلا أن فريق الترميم نجح في تجميعها؛ فضلا عن قارورة ناصر الدمشقية التي يعود نسبها للعصر الأيوبي (امتد خلال القرنين الثاني عشر والثالث عشر للميلاد) . ويعكف الفنيون داخل قسم "الزجاج والخزف" على ترميم 7 قطع من الخزف و 9 من الزجاج . وأوضحت مها محمود، أخصائية ترميم، أن هناك قسما خاصا يتم فيه إعادة ترميم القطع الخشبية والنسيج والسجاد. وأضافت أن "هذا القسم يولي اهتماما كبيرا بإعادة ترميم "كرسي العشا" الذى فتت لعشرات القطع جراء الانفجار، وسقطت عنه تطعيماته شديدة الرقي والقيمة". وأوضحت مها أن "هذا الكرسي منسوب للعصر المملوكي (1216 - 1811م) وكان يستخدم في تناول وجبة العشاء داخل القصور" . التقط عبدالمنعم أطراف الحديث، حيث قال "كرسي العشا" من أهم معروضات المتحف وهو مسدس الشكل، شديد الزخرفة، وبسبب الانفجار انفصل كل ضلع فيه عن الآخر، لذلك نعمل حاليا على إعادة ترميم كل ضلع فيه منفصلا، قبل أن نقوم بتركيب الضلع العلوي الذي يضم الأركان الستة ." واختتم تصريحاته بأن فريق الترميم يعمل حاليا بروح معنوية مرتفعة للغاية، بعد حالة الإحباط الشديد التي أصابتهم عقب وقوع الانفجار، ورؤيتهم ما حدث من تدمير. ولفت إلى أن "عملية الترميم ستستغرق مدة زمنية تتراوح ما بين 12 و15 شهرا، بعدها تصبح كل القطع الأثرية جاهزة للعرض، وعندها سيفتح المتحف أبوابه للجماهير".