تأجيل انتخابات الرئاسة اللبنانية د .هايل ودعان الدعجة استمرار مسلسل تأجيل انعقاد جلسات مجلس النواب اللبناني لاجراء انتخابات رئاسة الجمهورية لاكثر من ثماني عشرة مرة حتى الآن ، ينم عن تأزم الموقف بين طرفي النزاع الموالاة والمعارضة وتضارب مصالحهما ، بطريقة اضرت بالمصالح اللبنانية وجعلتها عرضة للتصادم والتجاذب في اتجاهات مختلفة ، حيث حالت ظروف لبنان الداخلية المرتبطة باجندة اقليمية ودولية دون تنفيذ هذا الاستحقاق الدستوري ، عندما ارتضى بعض الفرقاء اللبنانيين الترويج لهذه الاجندة ليجعل من خصوصيات بلده وشؤونه الداخلية عرضة لتدخل قوى خارجية تسعى الى توظيف الازمة اللبنانية كورقة سياسية لاستغلالها في ادارة صراعاتها ونزاعاتها مع بعض الاطراف الدولية . وما يحمل على الاعتقاد بأن الازمة اللبنانية مرشحة للمزيد من الاحتقان والتصعيد ، الاشارات التي تم التقاطها من الجولة الخارجية التي قام بها كل من فؤاد السنيورة رئيس الوزراء ونبيه بري رئيس مجلس النواب ، التي شملت بعض الاقطار العربية (والاوروبية ) بصورة اظهرت حجم التضارب في الاهداف التي يتطلع الى تحقيقها كل منهما . ففي الوقت الذي سعى فيه السنيورة الى مواصلة المشورات بشأن احتمال دعوة وزراء الخارجية العرب لعقد جلسة طارئة لبحث ملف العلاقات اللبنانية السورية ، والتطرق الى موضوع المبادرة العربية لحل الازمة اللبنانية ، فان بري سعى الى الحصول على دعم عربي لدعوته الى استئناف الحوار اللبناني اللبناني . لقد اثرت هذه الظروف والمستجدات سلبا في المشهد اللبناني الذي بات مفتوحا على احتمالات كثيرة ، لدرجة ان نبيه بري ترك موعد انتخابات الرئاسة التاسع عشر الى اجل غير مسمى ، وذلك قبل ان يتراجع عن ذلك ويحدد موعدا لاجراء هذه الانتخابات في الثالث عشر من الشهر الجاري . الامر الذي عزاه البعض الى التسريبات التي ذكرت بان الادارة الاميركية ليست معنية كثيرا بموضوع انتخابات الرئاسة اللبنانية ، وانه لا يحظى بالاولوية على اجندتها طالما ان الدستور اللبناني يمنح رئيس الوزراء ( حليفها السنيورة ) صلاحيات رئيس الجمهورية عند شغور منصبه . والامر نفسه ينطبق على موقف هذه الادارة من الانتخابات النيابية اللبنانية التي لو مددت ، فان ذلك سيصب في مصلحة حلفائها من الاكثرية ايضا كونها تسيطر على غالبية مقاعد مجلس النواب . وربما هذا ما دفع بري ( المعارضة ) الى تحديد الموعد الجديد لتفويت مثل هذه الفرصة على الادارة الاميركية ، لدرجة ان المعارضة اللبنانية اعتبرت ان هدف اللقاء الاخير الذي جمع ديفيد ولش مساعد وزيرة الخارجية الاميركية بقوى 14 آذار هو اطالة موعد الانتخابات في لبنان . هذا التفسير او الاحتمال يبقى بالضرورة المسؤول عن اشاعة اجواء التفاؤل التي اخذت تلوح بالافق على صعيد انتخاب الرئيس العتيد في الجلسة القادمة ربما ، بطريقة جعلت البعض ينظر لها على انها بمثابة فرصة فعلية من شأنها الاسهام في حل الازمة اللبنانية . دون ان نغفل احتمال ان تكون هذه التسريبات خطوة تكتيكية يراد منها دفع المعارضة لتصديقها واخذها بالاعتبارها بهدف تسريع عملية انتخاب رئيس الجمهورية. مع ان بري كان قد ربط تحديد مثل هذا الموعد بضرورة موافقة قوى 14 اذار ( الاكثرية ) على احياء طاولة الحوار التي اقترحها ، والتي كان يتطلع الى ادارتها ، وهو ما رفضته هذه القوى التي ترى بضرورة واحقية ان يدار هذا الحوار من قبل رئيس الجمهورية . لتعود في ما بعد لتؤكد على لسان سعد الحريري رئيس تيار المستقبل بانها ليست ضد هذا الحوار ، ولكنها بحاجة الى معرفة مصير نتائجه ، وما اذا كان بري مفوضا للحديث عن المعارضة نيابة عنها ، اضافة لحاجتها الى توفير ضمانات لغايات تأمين انتخاب المرشح التوافقي العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية ، وذلك حتى لا يستخدم هذا الحوار للالتفاف على الضغوط العربية والدولية الرامية الى تأمين انتخاب الرئيس في الجولة الانتخابية القادمة. عن صحيفة الرأي الاردنية 4/5/2008