.. ولا يكفي الرفض أو الاستنكار! رجب البنا كانت جلسة مجمع البحوث الاسلامي الأخيرة برئاسة الإمام الأكبر مخصصة لبحث مقترحات تقدم بها الاتحاد الأوروبي الي منظمات أهلية في مصر تتضمن تعديل أحكام الشريعة الاسلامية, وكانت مقترحات الاتحاد الأوروبي منع تعدد الزوجات, ومنع تجريم الزنا, وإباحة الاجهاض وجراحات إعادة العذرية, وانهاء وصاية الآباء علي الأبناء بعد سن16 سنة, وفرض عقوبة علي الزوج في حالة ممارسته العلاقة الشرعية معها دون رغبتها واعتبار ذلك جريمة اغتصاب, وتقسيم ثروة الزوج والزوجة مناصفة في حالة الطلاق.. ورفض المجمع طبعا هذه المقترحات. ولم تكن هذه هي المرة الأولي التي يطالب فيها أوروبيون بتعديل الشريعة الاسلامية وتطبيق النظم والقيم الغربية, فقد سبق أن طالب البرلمان الأوروبي بإباحة العلاقات المثلية قانونا, ومنذ أيام وجه بعض أعضاء هذا البرلمان( من الأحزاب الليبرالية وأحزاب الخضر) اتهاما الي النظام المصري باضطهاد الاقباط. معلوم طبعا أن هذه المطالب وهذا الهجوم يعبر عن تيارات سياسية واجتماعية تظن أن بامكانها أن تتمكن بالضغوط السياسية والاقتصادية أن تغير في الاسلام ماتري انه يختلف عما هو سائد في الثقافة الأوروبية وحضارتها, ولعلنا نتذكر ما أعلنته وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس حين كانت مستشارا للأمن القومي الأمريكي من أن الولاياتالمتحدة سوف تكرس جهودها لتغيير العالم الإسلامي, ولعلنا نتذكر أيضا ماقاله بيرلسكوني حين كان رئيسا لوزراء ايطاليا من أن الحضارة الاسلامية متخلفة وعلي الغرب أن يغيرها. ومنذ سنوات حاولت أن أنبه الي دراسة خطيرة نشرتها مجلة الايكونومست البريطانية أفردت لها20 صفحة وجعلتها موضوع الغلاف بعنوان( الاسلام والغرب: الحرب القادمة كما يقولون) ونشرت رسما علي صفحة كاملة يمثل الحروب الصليبية وغزو أوروبا للعالم الاسلامي وعلقت عليه بقولها يجب الا يتكرر ذلك مرة ثانية باسم الرب وقالت في المقدمة إن أهم تنبؤات نهاية القرن العشرين أن العالم الاسلامي يسعي الي محاربة الدول الأخري التي لا تؤمن بعقيدته, وكما قال البروفيسور الأمريكي صموئيل هانتجتون الاستاذ بجامعة هارفاد إن للاسلام حدودا دموية وهانتجتون هو صاحب نظرية صراع الحضارات التي تتلخص في أن العالم الآن فيه ثلاث حضارات( أو ثقافات) هي التي سيدور بينها الصراع, وهي: الحضارة الغربية الأوروبية الأمريكية وهي نتاج عصر النهضة والاصلاح والتنوير, وهي التي أفرزت الرأسمالية والديمقراطية المعاصرة, والثانية هي الحضارة الكونفوشية القائمة علي الخضوع للسلطة, وهذه العقيدة الصينية السائدة في شرق آسيا ليست سوي ايديولوجية لحماية الحكام في بكين وسنغافورة وكوالالمبور, أما المنافس الثالث فهو الاسلام, وهو وحده المنافس فكريا للغرب, فهو عقيدة تعتمد علي اليقين المعتمد علي كلمات الله مباشرة. والظاهرة اللافتة للاهتمام ان الكثيرين يتسابقون للانضمام الي هذا الدين بشكل متزايد, كما شهد الربع الأخير من القرن العشرين نموا متزايدا لما يسمي الأصولية الاسلامية وهناك من يعتبرون هذه الحالة صحوة أو انبعاثا وهذا مايسبب المخاوف لدي الغربيين لأنهم يرون أن الزحف الاسلامي يهدد التخوم الجنوبية والشرقية لأوروبا, وربما تكون هناك حرب باردة جديدة في الطريق. وهناك بعض المسلمين يتصرفون بوحشية, كما أن هناك بعض الأمور السيئة تظهر في أوروبا, وفي الماضي حاولت جيوش المسلمين اقتحام أعماق أوروبا, وحدث الهجوم المضاد الذي يسمي الحروب الصليبية, ثم سيطرة الامبراطوريات الأوروبية علي العالم الاسلامي في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين, وهكذا شهد التاريخ فترات لم تكن العلاقة فيها بين الاسلام وأوروبا علاقة حسن جوار, وقد كتبت منبها الي خطورة هذا الفكر وضرورة الرد عليه هناك وليس هنا وبلغاتهم وليس بلغتنا وان نذهب اليهم ولا ترد عليهم ونحن جالسون في مقاعدنا. وبعدها زارني الأمين العام لمنظمة العلوم والثقافة الاسلامية( الايسيسيكو) الدكتور عبدالعزيز التويجري وطمأنني الي ان المنظمة سوف تتحرك وتفعل الكثير.. وطمأنني أكثر من مسئول في الأزهر ووزارة الاوقاف, ورابطة العالم الاسلامي.. وها هي النتيجة: يطالبون بتغيير الشريعة الاسلامية.. ومجمع البحوث الاسلامية اكتفي بالرفض.. هل الرفض يكفي؟ عن صحيفة الاهرام المصرية 16/3/2008