الشيخ آل مكتوم : اذا اردت ان تعرف ما في دمشق اذهب الى طهران! سلطان الحطاب هكذا فعل الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم رئيس وزراء دولة الامارات العربية المتحدة الذي اتخذ خطوة شجاعة غلب فيها المصلحة العليا لمنطقة الخليج كلّها وحتى المصلحة العربية على الموقف الخاص بالامارات ازاء ايران التي ما زالت تحتل الجزر الاماراتية الثلاث طنب الصغرى والكبرى وابي موسى.. الشيخ محمد بن راشد امير دبي اراد ان يمسك رأس الخيط وان يعالج اسس المشكلة من اجل انجاح القمة العربية القادمة في دمشق لما يترتب على هذه القمة من استحقاقات كبيرة لا تتعلق بالمصالح السورية فقط وانما بجملة مصالح عربية في القضية الفلسطينية التي تشهد انقساماً داخلياً بين حماس والسلطة الوطنية وحيث يمكن لسوريا ان تلعب دوراً في تصفية الخلافات الفلسطينية - الفلسطينية ووقف تداعياتها وتأزيمها سيما وان قيادة حماس تقيم في سوريا وكذلك الفصائل الفلسطينية الاخرى التي تنازع السلطة الوطنية الفلسطينية مسؤولياتها وتزيد من شلل ادائها في تحقيق الوحدة الوطنية. كما ان دمشق ترهن الكثير من الاوراق اللبنانية وتستطيع ان تلعب دوراً ايجابياً لمنع المزيد من الاستقطاب في الحالة اللبنانية وتقرب الفريقين اللبنانيين المعارضة والموالاة من اعادة انتاج لبنان متصالح قادر على ان ينتخب رئيساً للجمهورية اذ يدرك الشيخ محمد بن راشد ذو الهمة العالية والمبادرة الجريئة ان تغيير الموقف السوري باتجاه دور سوري افعل وافضل في لبنان تقتضي زيارة طهران والدخول في مفاوضات وحتى مقايضات. فالمصالحة بين الاماراتوطهران لها ثمنها الذي على ايران ان تدفعه ولكن الشيخ محمد بن راشد يرى ان هذا الثمن يمكن ان يكون سلفة من الامارات لصالح المصالحة في الاقليم ولصالح انتاج موقف ايراني جديد متفهم للقضايا العربية وغير معطل لها سواء بشكل مباشر او غير مباشر فمن شأن مثل هذه المصالحة تحييد ايران في بعض القضايا وكسب تاييدها في قضايا اخرى ولعل الخطوة التي اتخذتها قطر في استقبال الرئيس الايراني قبل شهرين قد فتح الباب ولو قليلا لتطوير علاقات عربية ايرانية جاءت خطوة الشيخ محمد بن راشد الهامة والنوعية والمفاجئة والكبيرة لتحدث المطلوب في اصابة الهدف.. مفتاح دمشق اذن بخصوص لبنان وفلسطين في طهران ليس بحكم التبعية وانما بحكم التحالف الذي تمكنت سوريا من خلاله كما يرى المسؤولون فيها من حماية المصالح السورية وردع اي عدوان يمكن ان يصيبها من جانب اسرائيل وايضا الحفاظ على اوراقها في لبنان كون ايران تدعم الموقف السوري في لبنان.. ويبدو ان الشيخ محمد بن راشد الذي وضع يده على الوجع واصبعه على الموقع الصحيح رأى في زيارته الى طهران العديد من الالغاز وامكانية الاجابة على العديد من الاسئلة التي يمكن ان توقف انقسام العرب الى عربين عرب اللجنة الرباعية التي تقودها السعودية والعرب الاخرى التي تصطف في خندق دمشق المدعوم من ايران.. يدرك الشيخ ان هناك ثمناً للمصالحات وهاهو يقدم عليه بشجاعة على حساب ديون سياسية على ايران كانت الزيارة اقرب الى جدولتها اذ ارتفعت الامارات فوق جرحها واعتراضها على دخول ايران الى المحافل الخليجية وهو بهذا الموقف ينتظر موقفا ايرانيا متفهما للحركة العربية باتجاه المصالحة الفلسطينية - الفلسطينية وباتجاه المصالحة اللبنانية - اللبنانية حيث يتجلى التأثير الإيراني في هاتين الورقتين.. نعم تسطيع دول الخليج وخاصة الامارات ان تفعل الكثير وتستطيع الامارات ان تلعب بهذه المبادرة (زيارة طهران) دوراً حاسماً نيابة عن الدور السعودي الذي يتحفظ على الموقف السوري من لبنان ومن الخلاف الفلسطيني - الفلسطيني وهو موقف يوازي الموقف القطري الذي دفع بالاتجاه الاخر.. احتفاء طهران بزيارة الشيخ محمد بن راشد كان ملموساً ومقدراً فالموقف العربي والخليجي تحديداً يستطيع أن يساعد ايران في تخفيف التوتر المحيط بموقفها ومنع تفاقم علاقاتها مع الادارة الامريكية حين يصبح طريق ايران المملوء بالعقبات أكثر قابلية ان يكون سالكاً.. الامارات والشيخ محمد بن راشد يمكن ان يكون احسن وسيط بين ايران وقائمة خلافاتها وسياساتها في الاقليم ومع المنطقة كونه ينتقل من موقع الخصومة لايران الى موقع الوسيط مع ما يتمتع به من مصداقية وثقة وامكانيات كبيرة ونوايا حسنة في هذا الباب.. اعتقد أن دمشق ستصبح الان وبعد زيارة محمد بن راشد لطهرانودمشق مقروءة افضل وقادرة ان تذهب بسهولة الى تصفية خلافاتها العربية وتمكين قرارات قمة دمشق من ان تقوم.. لن يخرج السوريون من المولد بلا حمص فالمبادرة الاماراتية باتجاه ايران تقايض على مواقف تاريخية مسبقة وهي في دمشق تقايض باستثمارات اماراتية ضخمة تجعل دمشق ترى في المبادرة خطوة مباركة اذ جعلت مع الدعاء كثيراً من القطران..!!! اعتقد ان مبادرة الشيخ محمد جاءت في وقتها ولها زخمها كونها طرقت الباب الصحيح ولم تقم من قبيل رفع العتب وانما العمل لانقاذ القمة القادمة والموقف العربي. وما زلنا نذكر مبادرة الامارات للرئيس العراقي السابق التي لم تكتب لها الحياة على اهميتها..!!! عن صحيفة الرأي الاردنية 20/2/2008