وزير التعليم: رفع السن في مسابقة معلمي الحصة يهدف لاستيعاب أكبر عدد    الجناح المصري ينظم جلسة حول فرص التصوير في مهرجان كان    رئيس اتحاد العمال: التشريعات الحديثة تعزز بيئة عمل آمنة وصحية    وزير النقل يتفقد خطوط السكك الحديدية ببئر العبد    23 % زيادة في أرباح مدينة الإنتاج الإعلامي خلال الربع الأول من العام المالي 2025    محافظ الإسماعيلية يتفقد موقع النصب التذكاري بجبل مريم    محافظ الفيوم يتابع موقف ملفي التصالح وأراضي الدولة المستردة    رئيس اقتصادية قناة السويس يجتمع بوفد شركة ميرسك العالمية لبحث تعزيز التعاون المشترك    وزير الكهرباء يراجع إجراءات تأمين التغذية والحفاظ على استقرار التيار    وزير الثقافة الفلسطيني: نوثّق تراثنا ونفضح الاحتلال بالكلمة والصورة والرواية    رئيس وزراء قطر عن تطورات مفاوضات غزة: لست متأكدا من حدوث تقدم قريبا    مسئول تركي: نهاية حرب روسيا وأوكرانيا ستزيد حجم التجارة بالمنطقة    الأونروا تحذر من تفشي الجوع في غزة واستخدام إسرائيل المساعدات كسلاح حرب    تعرّف على مباريات اليوم في كأس الكؤوس الإفريقية لكرة اليد    تفاصيل صدام حسام غالي مع كولر قبل رحيله من الأهلي    شبانة: تحالف بين اتحاد الكرة والرابطة والأندية لإنقاذ الإسماعيلي من الهبوط    منتخب الدراجات يقترب من الفوز بالبطولة الأفريقية للمضمار    المشدد لعاطل وسيدة زورا عقد زواج بالمطرية    الأرصاد تحذر: موجة حر شديدة تضرب مصر لمدة يومين    إحالة أوراق عامل إلى المفتي بتهمة قتل شخص وإصابة 4 آخرين بقنا    إحالة أوراق عامل للمفتي لاتهامه بقتل شخص والشروع في قتل 4 آخرين بقنا    اتهام عامل بهتك عرض طفلة داخل مغسلة بمنطقة بولاق    «قبل انطلاق مهرجان كان».. الإعلان التشويقي لفيلم «عائشة لا تستطيع الطيران» يُثير الحماس    نجل عبد الرحمن أبو زهرة يستنكر إيقاف معاش والده.. والهيئة ترد رسميًا    المهرجان القومي للمسرح يعلن فتح باب المشاركة في 3 مسابقات بدورته ال18    تزامنا مع ذكرى نكبة فلسطين.. قناة الوثائقية تعرض فيلم درويش شاعر القضية الليلة    مكتبة الإسكندرية تطلق فيلما وثائقيا للشباب عن نجيب محفوظ ضمن سلسلة عارف.. أصلك مستقبلك    «الكشف على 145 حالة».. جامعة بنها تواصل قوافلها الطبية بمدارس القليوبية    وزير الصحة: تطبيق معايير الجودة الوطنية أداة محورية في رفع كفاءة الخدمات    وصفة دايت شهية| سمك فيليه وبطاطس مشوية بطعم مقرمش دون قطرة زيت    وزير الصحة يوجه بفتح تحقيق فى واقعة تغيير مسار سيارة إسعاف أثناء نقل مريض لمستشفى    ضبط شخص ينصب على المواطنين فى مستلزمات الأدوية    زيلينسكى يصل تركيا لبحث فرص التوصل لوقف الحرب فى أوكرانيا    رئيس جامعة بنها يشارك فى المؤتمر العالمى للتعليم الرقمى بالصين    وزارة الأوقاف تنشر نص خطبة الجمعة بعنوان "حب التناهى شطط - خير الأمور الوسط"    الضرائب: تجديد العمل بقانون تسوية أوضاع بعض الممولين لتعظيم استفادتهم من التسهيلات    زيادة رأس المال شركة التعاون للبترول إلى 3.8 مليار جنيه    النائب تيسير مطر: نكبة فلسطين جرح مفتوح فى جسد الأمة    امتحانات الشهادة الإعدادية 2025.. تعليم دمياط تطلق رابط المراجعة النهائية    خوسيه ريفيرو يقترب من قيادة الأهلي رسميًا.. تصريحات تكشف كواليس رحيله عن أورلاندو بايرتس تمهيدًا لخلافة كولر    ترامب: الولايات المتحدة تجري مفاوضات جادة جدا مع إيران من أجل التوصل لسلام طويل الأمد    جهود لاستخراج جثة ضحية التنقيب عن الآثار ببسيون    استشاري صحة نفسية يحذر: "سناتر الدروس الخصوصية" أكبر الكبائر في العملية التعليمية    تعديل قرار تعيين عدداً من القضاة لمحاكم استئناف أسيوط وقنا    رفع الحد الأقصى لسن المتقدم بمسابقة «معلم مساعد» حتى 45 عامًا    4 وزراء في افتتاح المؤتمر العلمي الدولي ال13 ل جامعة عين شمس    الأهلي يواجه ريد ستار الإيفواري في كأس الكؤوس الأفريقية لكرة اليد    جامعة بنها تواصل قوافلها الطبية بمدارس القليوبية    هل يجوز لزوجة أن تطلب من زوجها تعديل هيئته طالما لا يخالف الشرع أو العرف أو العقل؟.. أمين الفتوى يوضح    وزير الخارجية يشارك في اجتماع آلية التعاون الثلاثي مع وزيري خارجية الأردن والعراق    أمين الفتوى: لا يجوز صلاة المرأة خلف إمام المسجد وهي في منزلها    أيمن بدرة يكتب: الحرب على المراهنات    نماذج امتحانات الصف الرابع الابتدائي pdf الترم الثاني لجميع المواد (صور استرشادية)    فى فيديو مؤثر.. حسام البدري يشكر الدولة على عودته الآمنة من ليبيا    مؤسسة غزة الإنسانية: إسرائيل توافق على توسيع مواقع توزيع المساعدات لخدمة سكان غزة بالكامل    كندة علوش تهنئ أصالة بعيد ميلادها: نجمتي اللي بشوف حالي فيها    حكم الأذان والإقامة للمنفرد.. الإفتاء توضح هل هو واجب أم مستحب شرعًا    ريال مدريد يقلب الطاولة على مايوركا ويؤجل حسم لقب الليجا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غزة : ظلام وظلم الاحتلال وظلامية الانقلاب
نشر في محيط يوم 23 - 01 - 2008


غزة : ظلام وظلم الاحتلال وظلامية الانقلاب
د. أحمد مجدلاني
لن نضيف شيئاً جديداً إلى ما تتناقله وكالات الأنباء، والأخبار الواردة من غزة عن ظلم الاحتلال، والظلام الذي فرضه على شعبنا بقطع الوقود عن محطات توليد الكهرباء، كما أنه لا يختلف اثنان على ما تورده التقارير المختلفة للمنظمات الإنسانية والحقوقية المحلية والدولية عن الآثار الخطيرة التي يخلفها الإغلاق والحصار على القطاع، وعلى الشعب الفلسطيني، باعتبار ذلك شكلاً من أشكال العقاب الجماعي، الذي يمارسه الاحتلال ضد المدنيين العزل.
كما أنه لا يختلف اثنان أيضاً على تقدير حجم الكارثة الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن الحصار، سواء بتقدير الخسائر اليومية من الإغلاق، إلى تعطل غالبية القطاعات الإنتاجية و/أو تدمير جزء أساسي من بنيتها التحتية ليس بفعل تدني او فقدان المواد الأولية والأساسية فحسب، وإنما بفعل التدمير الفعلي لهذه المنشآت جراء العدوان المتواصل على القطاع، أرضاً وشعباً.
وقد تكون نسب الفقر والبطالة مفزعة ومخيفة، وتهدد بكوارث اجتماعية طبعاً، إذا ما اقترنت بتدني الخدمات الصحية والتعليمية، وهي كما توردها بعض المنظمات المحلية والدولية تستدعي التوقف السريع ومعالجة نتائجها بسرعة، حتى لا تصل مفاعليها إلى حدّ لا يمكن معالجته والسيطرة عليه بالسرعة والسهولة الممكنة لسنوات عديدة لاحقة .
غير أن كل هذا صحيح، ولا يمكن أن نختلف كفلسطينيين فيما بيننا ومعنا أشقاؤنا العرب شعوباً وقوى وحكومات، والعديد من الدول والشعوب والقوى المحبة للعدل والسلم في العالم، على ان إسرائيل كقوة احتلال تنتهك القانون الدولي، والقانون الإنساني، بما في ذلك اتفاقية جنيف الرابعة، والتي تلزمها بعدم المس بحياة المدنيين في أوقات الحروب، رغم ان ما يجري عندنا لا يمكن أن نسميه حرباً بالمعنى المتعارف عليه للحروب.
لكن السؤال الرئيسي، الذي يبدو أنه بحاجة للتوضيح ولنقاش جدّي، ما هي مسؤولية سلطة الأمر الواقع في قطاع غزة، وهل هي ضحية كما هو حال الشعب الفلسطيني بفئاته المختلفة في القطاع، أم أنها تحاول الظهور بمظهر الضحية لظلم وتعسف الاحتلال الإسرائيلي، وتحميل ما يجري في قطاع غزة من مسؤولية للاحتلال فقط، مخلية نفسها من أية مسؤولية، على الأقل أدبية وأخلاقية عما يجري، أم أن مشروعها السياسي لا تكتمل فصوله إلا إذا قدم ضحايا أكثر في طريق تحقيقه من دماء وعذابات أبناء الشعب الفلسطيني، الذي تدعي، صباح مساء، حرصها على مصالحه وعلى أمنه واستقراره، ودون أدنى شك فإن المسؤولية هنا لا تتصل بأن سلطة الأمر الواقع هذه، بحكم مسؤولياتها التي تفرضها عليها كقوة أخذت زمام الأمور بالقوة المسلحة، مراعاة مصالح حياة السكان المدنيين كما هو الحال ما يسمى بالمسؤولية القانونية لكل حكومة انقلاب تتسلم زمام الأمور في بلد او إقليم تجري السيطرة عليه بالقوة المسلحة، وإقصاء او إبعاد السلطة الشرعية بفعل هذه القوة؟.
وحتى لا ندخل في الجدل العقيم والقائل إن الاحتلال لا يريد ذرائع من اجل تصعيد عدوانه ضد شعبنا، وإن القتل والحصار والعدوان هو جزء من الطبيعة العدوانية للاحتلال، لكنه ينبغي التذكير بأن الحرب والعدوان واستخدام الوسائل العسكرية والقوة هي امتداد للسياسة، وليست ممارسة من اجل القتل والعدوان فحسب، وإذا ما دققنا في أسباب التصعيد العدواني الأخير على قطاع غزة، فإن الذرائع التي تستخدمها سلطة الاحتلال لهذا التصعيد، وللأسف الشديد، تجد مَن يؤيدها على المستوى الدولي بادعاء ان (الصواريخ) الفلسطينية تهدد الأمن الوطني الإسرائيلي، وأنها أصبحت تضرب بالعمق، حسب ادعاءات البعض من مطلقيها.
وتبدو إسرائيل بهذه العمليات وكأنها تقوم بحرب الدفاع عن النفس، هذا علاوة على أن استخدام هذه الوسائل البدائية، رغم قيمتها الشكلية بالنسبة لأصحابها باعتبارهم يمارسون (المقاومة)، فإنها لا تلحق ولا تحقق توازناً استراتيجياً، حسبما يدعي أصحابها، لكن الأسوأ من ذلك أنها تقدم المبررات الواحدة تلو الأخرى للتصعيد العدواني ولإلحاق أفدح الخسائر البشرية والاقتصادية والاجتماعية، بعموم أبناء الشعب الفلسطيني، ليس في قطاع غزة فحسب، وإنما في الضفة الغربية، وفي الشتات، الذين لا يجدون قوة الإقناع الكافية لتبرير ما يمكن أن يسمى بهذا الشكل من (المقاومة) الذي أصبح هدفا بحد ذاته وليس وسيلة لتحقيق نتائج سياسية.
ولم يعد أيضاً خافياً على أحد ان هذا التصعيد وفي توقيته يتصل والى حد بعيد بالمفاوضات التي تجري ما بين قيادة حركة حماس وإسرائيل ولا يهم إن كانت عبر طرف ثالث او رابع، بل المهم ان هذا التصعيد يعكس حالة استعصاء تفاوضي ترمي إسرائيل من خلفه إلى تجريد حماس من أية مكاسب أخرى غير عملية التبادل التي قيل عنها إنها قطعت مرحلة كبيرة في مجال تحديد العدد ومعايير إطلاق سراح الأسرى والمعتقلين، لكن السؤال الأساسي أيضاً.
هل التصعيد المتقابل مع الفارق في القدرة على التأثير عند كل طرف يستحق كل هذه التضحيات التي يقدمها أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، من اجل ان تحصل حماس وسلطة الأمر الواقع، التي تقودها، على بعض المكاسب السياسية الأخرى والجانبية، وهل تستحق كل هذه المعاناة والتضحيات المجانية، التي يقدمها أبناء الشعب الفلسطيني، حتى تظل حماس مصرة على مواصلة مشروعها، رغم ما يجري يوميا من انهيار مجتمعي أمام أعينها، أم ان احتكار السلطة وأوهام فرض الأمر الواقع والارتباط بما يسمى مشروع الممانعة الإقليمي هي فوق كل اعتبار، وهل تتماشى سياسة مواجهة العدوان والحصار مع سياسة التنكيل والاعتقال والقتل، والتعسف ومصادرة الحريات للمواطنين وللقوى السياسية الأخرى.
إن محاولة استخدام وتوظيف معاناة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والظهور بمظهر الضحية أمام الرأي العام الداخلي والخارجي واستدرار عطف العالم على حجم المأساة الإنسانية التي يعاني منها الشعب في قطاع غزة من أجل قطف ثمارها سياسيا، والادعاء في الوقت ذاته بالاستعداد للحوار غير المشروط، والذي هو مشروط بحد ذاته من خلال القبول بالانقلاب ونتائجه كشرط للحوار، أليس كل ذلك يشير إلى ان ظلام الاحتلال الذي يفرضه بالقوة القاهرة، يتلاقى موضوعيا مع ظلامية الانقلاب وأهداف أصحابه للخروج من المأزق، الذي تورطوا فيه وورطوا أكثر من مليون ونصف المليون مواطن معهم وأخذوهم كرهينة لحين إجبار العالم على التعاطي مع سلطة الأمر الواقع؟.
اعتقد أن هناك الكثير من الدروس والعبر التي ينبغي على قوة الأمر الواقع قراءتها من واقع هذه التجربة، وأن التعاطف والتضامن الذي تلقاه غزة من قبل كل المتضامنين، وأولهم الشعب الفلسطيني بمختلف فئاته واتجاهاته، وفي كافة أماكن تواجده، هو مع أبناء شعبنا بغزة، وليس مع قوة الأمر الواقع المسيطرة عليها، مهما حاولت التلطي وراء أهل غزة ومعاناتهم.
وإن الاستجابة العربية والدولية لمحاولة فك الحصار او التخفيف منه لم تأت بفعل نداءاتها ولا الاستغاثات التي أطلقتها، وإنما كان بفعل التحرك النشط والفاعل والمؤثر للقيادة الشرعية والرسمية للشعب الفلسطيني، وقد كان هناك أكثر من مؤشر واضح على ذلك، قطع الطريق على من كان يعتقد انه، وفي سياق مأساة شعبنا في القطاع، من الممكن ان تنفتح قنوات التعاطي الرسمي معه.
لكن وهو الأهم فإن محاولات إدانة السلطة الشرعية وتحميلها مسؤولية ما يجري في قطاع غزة وكأنه جزء من ما سمي (مؤامرة أنابوليس) لم تقنع حتى مروجي هذه الاتهامات، ولم تنطلِ على أحد.
إن المَخرج الحقيقي هي في تراجع حركة حماس عن انقلابها ونتائجه، لفتح الطريق أمام استعادة الوحدة الوطنية الداخلية، وتعزيز قوى شعبنا في مواجهة الاحتلال والتوقف عن العبث بمصيره بحجة المقاومة، واللجوء لأكثر الخيارات فاعلية، خيار المقاومة الشعبية لتجريد الاحتلال من استخدام قوته المدمرة، والتي هي ميدانه المفضل ليس لإلحاق الأذى والدمار بشعبنا فحسب، وإنما الادعاء بنفس الوقت بأنه يدافع عن نفسه ويحملنا، نحن الضحية، مسؤولية هذا التصعيد.
إن المسؤولية الوطنية والحرص على مصلحة الشعب الفلسطيني، هي بالتوقف عن استخدام وتوظيف معاناته لأغراض سياسية ضيقة معروفة الأفق والنتائج سلفاً، هذه المسؤولية تحتم على صاحب القرار في غزة او أي مكان آخر، حيث يقيم، إنهاء هذا الوضع الشاذ هناك، كمقدمة لنزع الذرائع من يد الاحتلال، ولفك الحصار والإغلاق والعدوان، وإنهاء معاناة الشعب، الذي لا ناقة له ولا جمل في هذه الأزمة، التي حشر فيها حشراً.
عن صحيفة الايام الفلسطينية
23/1/2008


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.