موقع عبري: نتنياهو يُسلم السلطات لنائبه «مؤقتًا» لهذا السبب    فتح باب القبول بالدراسات العليا في جميع الجامعات الحكومية لضباط القوات المسلحة    أمين الأعلى للشئون الإسلامية: مواجهة التطرف تبدأ من الوعي والتعليم    انطلاق قافلة دعوية مشتركة إلى مساجد الشيخ زويد ورفح بشمال سيناء    تذليل العقبات أمام المستثمرين الأمريكيين ووقف حرب غزة يتصدران رسائل السيسي    ضبط تشكيل عصابة تخصص فى النصب على المواطنين بالقليوبية    3 ملايين جنيه في أول يوم عرض.. «ريستارت» لتامر حسني يحقق انطلاقة قوية    أفضل دعاء في العشر الأوائل من ذي الحجة للمغفرة مكتوب (ردده الآن كثيرًا)    «الرعاية الصحية» تعتمد قرارات إستراتيجية لدعم الكفاءة المؤسسية والتحول الأخضر    ماسك يكشف عن خلاف مع إدارة ترامب    إمام عاشور يحسم الجدل: باقٍ مع الأهلي ولا أفكر في الرحيل    بعد قليل.. نقل شعائر صلاة الجمعة من مسجد الشهيد بالقليوبية    التضامن: وصول آخر أفواج حجاج الجمعيات الأهلية إلى الأراضي المقدسة اليوم    رئيس التنظيم والإدارة يستعرض التجربة المصرية في تطبيق معايير الحوكمة    ريا أبي راشد: أجريت مقابلة تلفزيونية مع مات ديمون بعد ولادة ابنتي بيومين فقط    ذكرى رحيل "سمراء النيل" مديحة يسري.. وجه السينما المبتسم الذي لا يُنسى    في ذكرى رحيله.. "جوكر الكوميديا" حسن حسني بوصلة نجاح الشباب    محافظ أسيوط يعلن عن انطلاق تدريبات مهنية لتأهيل الشباب لسوق العمل    تكبير ودعاء وصدقة.. كيف ترفع أجرك في أيام ذي الحجة؟    وزير الطيران: مصر تسعى لترسيخ مكانتها كمحور إقليمي في صناعة الطيران الإفريقية    حملة للتبرع بالدم بمديرية أمن البحر الأحمر    مسؤولون إسرائيليون: توجيه ضربة لمواقع نووية إيرانية أمر ضروري    ملاكي دخلت في موتوسيكل.. كواليس مصرع شخص وإصابة 3 آخرين بحادث تصادم بالحوامدية    بري يرفض الاحتكاكات بين بعض اللبنانيين في جنوب البلاد واليونيفيل ويدعو لمعالجة الوضع بحكمة    وزير الإسكان: بدء إرسال رسائل نصية SMS للمتقدمين ضمن "سكن لكل المصريين 5 " بنتيجة ترتيب الأولويات    رئيسة القومي للمرأة تلتقي الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف    القومي للبحوث يرسل قافلة طبية إلى قرية دمهوج -مركز قويسنا- محافظة المنوفية    ضبط كيان مخالف لتصنيع الشيكولاتة مجهولة المصدر بالمنوفية    استمرار الأجواء الربيعية بالأقصر اليوم الجمعة    ماكرون يتحدث مجددا عن الاعتراف بدولة فلسطينية.. ماذا قال؟    «ذا أتلانتيك»: واشنطن تغيب عن جولة مفاوضات تسوية الحرب الروسية الأوكرانية المقبلة    طلب أموالا ومعلومات عن ترامب.. مجهول ينتحل شخصية كبيرة موظفي البيت الأبيض    أسعار البيض بالأسواق اليوم الجمعة 30 مايو    شهيدان ومصابون إثر قصف الاحتلال مركبة فى بلدة عبسان شرقى خان يونس    تواجد بنزيما.. تشكيل اتحاد جدة المتوقع أمام القادسية في كأس الملك    أسعار الفاكهة اليوم الجمعة 30 مايو في سوق العبور للجملة    المضارون من الإيجار القديم: مد العقود لأكثر من 5 سنوات ظلم للملاك واستمرار لمعاناتهم بعد 70 عامًا    حماس ترفض مقترح ويتكوف بشروطه الجديدة    طريقك أخضر‌‍.. تفاصيل الحالة المرورية الجمعة 30 مايو بشوارع وميادين القاهرة الكبرى    نصائح مهمة من القومي للبحوث للطلاب خلال فترة الامتحانات (فيديو)    مصرع وإصابة 4 أشخاص في حادث تصادم بطريق مصر السويس الصحراوي    انخفاض أسعار الذهب الفورية اليوم الجمعة    «عانت بشدة لمدة سنة».. سبب وفاة الفنانة سارة الغامدي    الإفتاء: الأضحية المعيبة لا تُجزئُ عن المضحي    رئيس وزراء اليابان يحذر من التوتر بشأن الرسوم الجمركية الأمريكية    مصرع شاب و إصابة أخر في تصادم موتوسيكل بأخر في المنوفية    «تعامل بتشدد».. تعليق ناري من طاهر أبو زيد على انسحاب الأهلي من القمة    موعد مباراة الاتحاد والقادسية في نهائي كأس خادم الحرمين والقنوات الناقلة    "فوز إنتر ميامي وتعادل الإسماعيلي".. نتائج مباريات أمس الخميس 29 مايو    مدحت العدل يصدر بيانا شديد اللهجة بشأن شكوى جمعية المؤلفين.. ما علاقة حسين الجسمي؟    «مالوش طلبات مالية».. إبراهيم عبد الجواد يكشف اقتراب الزمالك من ضم صفقة سوبر    البرلمان يوافق نهائيًا على تعديلات قوانين الانتخابات    مجموعة الموت.. المغرب تصطدم ب«إسبانيا والبرازيل» في كأس العالم الشباب 2025    العرض الموسيقي «صوت وصورة» يعيد روح أم كلثوم على مسرح قصر النيل    بعد أنباء رحيله.. كونتي مستمر مع نابولي    هل يجوز الجمع بين نية صيام العشر من ذي الحجة وأيام قضاء رمضان؟    "الإفتاء توضح" بعد الجدل الدائر.. حكم صلاة الجمعة إذا وافقت يوم عيد؟    «الإسعاف»| 123 سنة إنقاذ.. 3200 سيارة حديثة و186 مقعدا لاستقبال البلاغات يوميًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مقاومة الاستيطان بالمفاوضات
نشر في محيط يوم 29 - 12 - 2007


مقاومة الاستيطان بالمفاوضات
هاني المصري
منذ نشوء القضية الفلسطينية، يمارس الشعب الفلسطيني مقاومة الاستيطان (باعتباره فرعاً من أصل، هو الاحتلال)، بالمقاومة بكل أشكالها الشعبية والمسلحة، وهذا يشمل مقاطعة الاستيطان، عملاً وتعاملاً وتجارة، ويحتاج الى تعزيز، عبر مقاومة التطبيع المجاني مع إسرائيل، ومن خلال الدعم الدولي الشعبي والرسمي، ودعم أنصار السلام في إسرائيل.. كما يتطلب استخدام كافة الأسلحة السياسية والاقتصادية والقانونية والدبلوماسية والإعلامية والثقافية.
لقد توصل الشعب الفلسطيني في سياق مقاومته للاحتلال والاستيطان والعدوان، خصوصاً بعد اندلاع الانتفاضة الشعبية الأولى، الى أن المفاوضات شكل نضالي من شأنه أن يساعد على حصاد ما زرعته المقاومة.. أمّا أن تتحوّل المفاوضات الى الشكل الوحيد، تقريباً، لمقاومة الاستيطان، وفي ظل الانقسام السياسي والجغرافي الفلسطيني، والتعنّت الاسرائيلي المدعوم بشكل مطلق من الإدارة الأميركية، فهذا، والله، بدعة مرفوضة تماماً، وعلينا ألّا نسمح لها بخديعتنا.
لكي أثبت هذه الفرضية، لن أعود الى مسيرة هبوط سقف الموقف الفلسطيني منذ بداية عملية السلام وحتى الآن، ولا منذ الدعوة الى اجتماع أنابوليس، حين كان يجري الحديث عن اتفاق إطار تفصيلي، وجدول زمني محدد وقصير، الى الإعلان المشترك الذي تلاه الرئيس الأميركي بوش في مستهل الاجتماع، والذي خلا من كل المطالب والتوقعات الفلسطينية، ولكن سأتوقف أمام التراجع الأخير في الموقف الفلسطيني، والمتمثل بالكف عن التهديد أو التلويح بتعليق أو وقف المفاوضات، إذا لم يتم وقف الاستيطان، كما تنص خارطة الطريق الدولية.
أصبحنا، الآن، نسمع عبارات على لسان كبار المسؤولين الفلسطينيين تتحدث عن الاستيطان، لا بوصفه غير شرعي، ولا قانوني، ويجب إزالته كلياً، وإنما بأنه "يعرقل" أو "عقبة" أمام تقدم المفاوضات أو أمام السلام.. وأصبح الاستيطان على لسان القادة الفلسطينيين والمتحدثين الإعلاميين، يترك "ظلالاً سوداء" على المفاوضات، "وسنتوقف أمامه في جلسات التفاوض طويلاً طويلاً"، وأن الجانب الفلسطيني "لن يقاطع المفاوضات، رغم أنه يعرف أن عملية السلام لن تتقدم إذا لم يتم وقف الاستيطان"، ولكنه سيحصر "المفاوضات بنقطة واحدة هي الاستيطان"، وكأن حكومة أولمرت متلهفة جداً للانتقال للبحث في القضايا الجوهرية. وآخر ما توصل له الوفد المفاوض، أنه "إذا كان أحد يريد وقف المفاوضات فليكن إسرائيل، أما نحن فسنواصل التفاوض من أجل إحقاق حقوق شعبنا، فالمفاوضات ميدان للكفاح والنضال، لذلك سيظل يواصل المفاوضات رغم القرارات التوسعية الاستيطانية الأخيرة".
قمة أبو مازن - أولمرت: بيان غامض وترضية كلامية وما دامت المفاوضات هي "المقاومة الوحيدة" التي تملكها السلطة الفلسطينية، للاستيطان، من الطبيعي أن تكون نتائج جلسات التفاوض والقمة الفلسطينية - الإسرائيلية الأخيرة هي الفشل، حيث لم يتم الاتفاق على وقف الاستيطان في القدس ومحيطها، واكتفت ببيان رسمي غامض آخر، يتحدث عن الاتفاق على عدم القيام بأيّة خطوات من شأنها الاجحاف بقضايا الوضع النهائي، دون توضيح طبيعة هذا الاتفاق، وهل الاستيطان في القدس مجحف أم غير مجحف بهذه القضايا؟..
إن استمرار الاستيطان في القدس يسقط المدينة، عملياً، من جدول المفاوضات، لتضاف الى قضية اللاجئين، التي أسقطتها إسرائيل عملياً من هذا الجدول، ولذلك رفضت حكومة أولمرت تسمية القضايا الجوهرية بالاسم في الإعلان المشترك الصادر في أنابوليس..
وكترضية كلامية للرئيس أبو مازن، لرفض طلبه بوقف الاستيطان تماماً، وإزالة البؤر الاستيطانية العشوائية، ولكي لا يخرج من القمة خالي الوفاض تماماً، وللتمهيد لإنجاح زيارة بوش المقبلة للمنطقة، أعلنت الحكومة الاسرائيلية، في القمة وبعدها، أنها لن تقيم مستوطنات جديدة، ولن توسع المستوطنات القائمة، ولن تصادر أراضي خاصة جديدة، لأغراض الاستيطان، وستلغي الأفضليات للمستوطنات والمستوطنين خارج الخط الأخضر..
وقبل أن نسمع المبالغة الفلسطينية بأهمية هذه اللفتات الإسرائيلية، علينا أن نتذكر أن الحكومة الاسرائيلية، خصوصاً في عهد شارون، التزمت بكل هذه الالتزامات، وأكثر منها، ولكنها لم تطبقها كلياً، أو التفّت عليها.. فمثلاً، بدلاً من عدم إقامة مستوطنات جديدة، تم توسيع مساحة العديد من المستوطنات القائمة، وضم البؤر الاستيطانية العشوائية القريبة منها، وإعلانها قانونية، بعد أن أصبحت جزءاً من المستوطنات القائمة..
أما عدم مصادرة أراضٍ، فليس مسألة كبيرة، لأن الأراضي التي يحتاجها الاستيطان، إما قد صودرت فعلاً، أو أن الالتزام الاسرائيلي، كما لاحظنا، ينحصر بعدم مصادرة أراضٍ خاصة لأغراض الاستيطان، أي يمكن مصادرة أراضٍ حكومية لأغراض الاستيطان، ومصادرة أراضٍ خاصة وحكومية لأغراض الاستيطان ولأغراض أخرى أمنية..
إضافة الى ما تقدم، فإن الأحزاب اليمينية في الحكومة الاسرائيلية، لم تعجبها لفتات أولمرت المحدودة والشكلية لأبو مازن، وتهدد بالانسحاب من الحكومة.
وفي كل الأحوال، تواجه حكومة أولمرت امتحاناً عسيراً بعد منتصف الشهر المقبل، حين سينشر التقرير النهائي للجنة فينوغراد، حيث سيضع هذا التقرير أولمرت أمام احتمال الاستقالة، وسيضع شريكه ايهود باراك، زعيم حزب العمل، أمام الالتزام بتعهده بترك الحكومة إذا أدان التقرير -كما هو متوقع- أولمرت..
وحتى لو بقيت حكومة أولمرت، فإنها ستبقى ضعيفة، ومهددة بالسقوط من داخلها.. وإذا كانت عاجزة عن وقف الاستيطان وإزالة أية بؤرة استيطانية عشوائية، وإزالة حتى حاجز رئيسي واحد، وتواصل الحصار الخانق، والمجازر اليومية، خصوصاً في قطاع غزة، فكيف ستتفاوض حول القدس والحدود واللاجئين والاستيطان، وكيف ستعطي الفلسطينيين حقوقهم، أو أيِّ حقٍّ من حقوقهم!
إذاً، المفاوضات أصبحت هدفاً بحد ذاته، ودارت وستدور حول نفسها، دون تقدم جوهري حاسم.. إن المفاوضات دون مقاومة مثمرة وحشد واستخدام كافة أوراق القوة والضغط الفلسطينية والعربية والدولية، ستؤدي،
أولاً الى إضاعة وقت ثمين، والفشل في نهاية الأمر بعد انفجار لغم الاستيطان تحت أقدامها..
وثانياً الى الهبوط بالموقف التفاوضي الفلسطيني باستمرار..
وتغطي، ثالثاً، على ما تقيمه إسرائيل على الأرض من حقائق..
وتقطع، رابعاً، الطريق على المبادرات الأخرى وعلى أيّ نوع جادٍّ من التدخل الفاعل من المجتمع الدولي..
ويمكن، خامساً، أن تمنع حكومة أولمرت من السقوط.. ومن شأنها، أخيراً
وسادساً، أن تحافظ على السلطة، لأن إسرائيل تخشى من انهيار السلطة، وما يمكن أن يؤدي إليه ذلك من صعود لخيار الدولة الواحدة، وانهيار حل الدولتين، الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة، وسيموت إذا استمرت المفاوضات مجمدة.. لذا، الدولة الفلسطينية حسب المقاسات الاسرائيلية، أصبحت مصلحة إسرائيلية، وستسعى إسرائيل لإقامتها بعد استكمال مشاريعها التوسعية والاستيطانية..
في هذا السياق، أخذ المفاوض الفلسطيني يكرّر الآن، بأنه لن يعلق أو يقاطع المفاوضات "كِرْمال عيون" وقف الاستيطان، وإنما سيقاوم الاستيطان بالمفاوضات والمناشدات للإدارة الأميركية.. وهذه سياسة لا تجدي، وجُرِّبت وفشلت، وأضرّت سابقاً، وتضرّ حالياً، وفي المستقبل..
الاستيطان يُقاوَم بالمقاومة المثمرة التي تزرع، والمفاوضات التي تحصد.. ومَن لا يزرع لا يحصد!!
عن صحيفة الايام الفلسطينية
29/12/2007


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.