كنت أجلس في مسجدنا ازور بعض أصدقاء الطفولة فدعاني أحدهم علي الغداء وأسند إلي اختيار الوجبة فقلت له ساخراً. ليتك تطعمنا إستاكوزا.
فوجئت بنظرة حادة منه ومن الموجودين , ونسيت أن أخبرهم أن معظم الموجودين معممين وملتحين ومقصري الثياب , وكانت نظرتهم الحادة لي إنذاراً بتخويف لما أجتر فته من ذكر الإستاكوزا .
وأعقبوا ذلك بقولهم :ألا تتقي الله يا دكتور هل أهل الحديث والسنة يفعلون هذا؟ تأكل الإستاكوزا وتلبس الجينز إن هذا العصيان بين عسي أن يتوب عليك الله وتعود إلي رشدك واستمرت كلماتهم الصاعقة بالدعاء لي بالتوبة والرجوع والإنابة إلي الله .
ثم قالوا.أليست الإستاكوزا هي التي استخدمها الفاسق أحمد ذكي فى فيلمه للإشارات الجنسية القبيحة ؟ الإستاكوزا حرام شرعاً.
وتظل سلسلة المحرمات عند هؤلاء نابعة من استخداماتهم لبعض القواعد الأصولية وأعني بها قواعد أصول الفقه :
1 – ما يؤدي إلي الحرام فهو حرام .
2 – درء المفاسد مقدم علي جلب المنافع .
3 – الضرر يزال .
وغيرها من القواعد التي استخدمها المتسلفين استخداماً لا يفقهوا به كيفية تطبيقه إنه حق يراد به باطل.
وقد ناقش مصنفوا كتب أصول الفقه كالشاطبي والرازي والسرخسي وابن قدامه وابن حزم كل هذه النظريات وتطبيقاتها وهي تطبيقات بعيدة كل البعد عما طبقوه في واقعنا الذي حرموا فيه ما أحل الله تعالي.
وشددوا علي الناس دينهم و أؤكد أن مناقشة هذه التطبيقات تحتاج لساحات و ساعات ليس هذا وقت إفراد الحديث عنها.
ولكن تضاد تطبيقاتهم مع الواقع العملي إلى جانب تضادهم مع قواعد الأصوليين يجعلنا نقول على الدنيا السلام بل قل من لدين الإسلام يبين قواعده وأصوله.إن الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يأت دليل يحرمه، والأصل أيضاً في المنافع الإذن وفى المضار المنع.
يقول الله تعالى:(ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام) فالتحليل والتحريم ليس لنا والحلال والحرام لا يعلم الإبإذنه , وقال تعالى :(وقد فضل لكم ما حرم عليكم).
ومنطق المشددين المتفيهقين أن الأصل المنع درءاً للمفسدة وهذا من أعظم الجرم أن يحرم مسلمُ مباحاً أو أن يسأل عن أشياء تحرم من أجل سؤاله قال (صلي الله عليه وسلم ) كما في البخاري ومسلم ( إن أعظم المسلمين في المسلمين جرماً من سأل عن شئ لم يحرم علي السائل فحرم من أجل مسألته) (الصحيح).
وعن سليمان الفارسي قال : (سئل رسول الله صلي الله عليه وسلم عن السمن والجبن والفراء فقال: الحلال ما أحل الله في كتابه والحرام ما حرمه الله في كتابه وما سكت عنه فهو مما عفي عنه)(رواه ابن ماجة والزمري).
والحقيقة أن حملة لواء السلفية لم يعرفوا كيفية القراءة لأئمتهم أمثال ابن تيمية الذي قال (فما لم يبين تحريمه فليس محرم).
وتعمد النقل عن ابن تيمية مقصود لأن من عادة المتسلفين النقل عنه ما لم يقصده.
إن تحريم الأطعمة والأشياء الدنيوية يأباه الله ويرفضه العقل (قل من حرم زينة الله التي أحل لعباده والطيبات من الرزق).
وفي نهاية حديثي معهم كدت أن أكسر لهم المعالق والشوك والسفرة لأنها من البدع التي لم يستخدمها النبي (صلي الله عليه وسلم) هذا بمنطقهم الفاسد وزيادة استهبال مني.
وعلى العموم قد ضاعت الأكلة وأنا الآن في انتظار دعوة خاصة جدًا لي من محبي الإستاكوزا ليعوض بها ضياع وجبتي المفضلة التي ضاعت مع أصحاب العقول غير المرنة .