عسكرة موريتانيا حامد إبراهيم حامد في أقل من عام ونصف العام من العهد الديمقراطي التعددي تشهد موريتانيا انقلابا عسكريا علي حكومة الشيخ سيدي ولد الشيخ عبد الله المدنية المنتخبة من الشعب في مارس 2007م والمستغرب ان يحدث الانقلاب بسبب عصيان من نواب الحزب الحاكم واعلانهم الاستقالة الجماعية، ومن المسغرب أيضا ان قائد الانقلاب الجنرال محمد ولد عبد العزيز كان عضواً في العسكري الذي سلم السلطة للحكومة المنتخبة الأمر الذي يؤكد عودة موريتانيا لدوامة العسكرة وعدم الاستقرار السياسي. مشكلة موريتانيا ليس في عسكريها وإنما في سياسييها من المدنيين وقادة الأحزاب، فلا يعقل ان يستقيل 52 عضواً في البرلمان و32 مجلس الشيوخ من الحزب الحاكم لمجرد الخلافات مع الرئيس، ان الأمر يحتاج إلي مراجعة باعتبار ان مثل هذا التصرف يغري العسكريين للعودة من جديد للحكم، وهذا ما حصل وسيحصل مستقبلا إذا لم يتم تدارك هذا الواقع. فالعسكر في موريتانيا مثلهم مثل نظرائهم في الدول النامية تغريهم السلطة وان أي اخفاق من السياسيين يمثل مدخلا لهم لقيادة الانقلاب علي السلطة الشرعية وان ماحدث بموريتانيا من فوضي سياسية خلال الفترة الأخيرة هو السبب المباشر لعودة العسكريين من جديد، وان ماحدث هو مسعي لانهيار تام للحكم من أجل غايات أخري للسياسيين خاصة ان اغلبهم لهم ارتباطات مع الحكومات العسكرية السابقة. ان السياسيين بموريتانيا فشلوا للأسف الشديد في حماية وصيانة الديمقراطية التي قدمها لهم العسكريون علي طبق من ذهب عام 2007م وأنهم اثبتوا عدم جدارتهم بحمل الامانة، فكيف يستقيم العمل ونواب الحزب الحاكم يتمردون علي الرئيس ويغررون بنا العسكريين، وكيف تستقيم الأوضاع السياسية و84 من نواب وشيوخ الحزب الحاكم يتقدمون باستقالات جماعية من الحزب ويكيدون للرئيس. ان الأمر يحتاج إلي مراجعة، فموريتانيا عانت من دوامة الانقلابات العسكرية وكان من المؤمل ان يكون انقلاب 2005 آخر انقلاب خاصة ان الرئيس الموريتاني أكد في أكثر من مرة ثقته في قادة جيشه ولكن يبدو ان ثقته ليست في محلها وانه كان ضحية هذه الثقة التي اكلت حكومته وجعلته مجرد رئيس سابق بأول بيان عسكري. من المؤكد ان عسكر موريتانيا لهم دور سياسي واضح وكبير في البلاد منذ استقلالها وأنهم حكموا أكثر من المدنيين حتي بات أمر وجودهم في السلطة شيئا طبيعيا ومقبولا ووجود المدنيين في الحكم أصبح شيئا غير معتاد وان هذا الواقع له جذور سياسية عميقة قادت وتقود الي عدم الاستقرار السياسي في الحكم وهكذا عادت موريتانيا الي قديمها مرة أخري وضرب عسكريوها القرارات الجماعية الافريقية عرض الحائط والسؤال هل يصمد العسكريون في مواجهة الرياح العاتية داخليا وخارجيا، هذا ما تجيب عنه الأيام القادمة. عن صحيفة الراية القطرية 7/8/2008