بورصة الذهب العالمية تتجه لتكبد خسائر أسبوعية بنحو 10 دولارات    وزير الخارجية يختتم جولته الإفريقية بعد زيارة 6 دول    قيادي بحزب مستقبل وطن: دعوات التجمهر أمام السفارات مدفوعة ومشبوهة ومصر لا تُبتز بمسرحيات مأجورة    خامنئي: إسرائيل فشلت في تحقيق هدفها.. وتقدمنا العلمي والعسكري سيتطور بوتيرة أسرع من ذي قبل    رئيسة المفوضية الأوروبية تلتقي ترامب في أسكتلندا الأحد المقبل لبحث العلاقات التجارية عبر الأطلسي    تقارير: نجم أتلتيكو مدريد يزامل ميسي في إنتر ميامي    روما يوافق على رحيل سعود عبدالحميد إلى الدوري الفرنسي    نادين الحمامي تضرب موعدًا مع أمينة عرفي في نهائي بطولة العالم لناشئي الإسكواش    فرق الإنقاذ تنتشر بطول شاطئ بورسعيد لتحذير المصطافين وتطبيق تعليمات السلامة    المهرجان القومي للمسرح يكرم سليم كتشنر بندوة وكتاب تحليلي عن مسيرته    قصور الثقافة تواصل تقديم فعاليات جودة حياة دعما للوعي المجتمعي بالمناطق الجديدة الآمنة    بعد أزمة القبلات.. راغب علامة يعلن عن حفل غنائي رفقة نانسي عجرم    مشروبات طبيعية تخفض ارتفاع ضغط الدم    الجلوكوما أو المياه الزرقاء: سارق البصر الصامت.. والكشف المبكر قد يساهم في تجنب العمى الدائم    رفعت فياض يكتب: نصيحتي لكل الناجحين في الثانوية العامة.. لا تلتحق بأي كلية استخسارًا للمجموع أو على غير رغبتك    البدري يتصدر.. أهلي طرابلس ينتصر في بداية مرحلة سداسي تتويج الدوري الليبي وخسارة كهربا    محافظ قنا يزور أديرة نقادة استعدادًا لانطلاق مهرجان الحرف التراثية    «الخطيب هو إللي عمل كدة».. نقاش حاد على الهواء بين إكرامي وأحمد سليمان    وزير الأوقاف: الحشيش حرام كحرمة الخمر سواء بسواء.. والادعاء بحِلِّه خطأ فادح    يسرى جبر: حديث السقاية يكشف عن تكريم المرأة وإثبات حقها فى التصرف ببيتها    التحالف الوطني: جاهزون لاستئناف قوافل دعم الأشقاء في غزة فور عودة حركة المعابر لطبيعتها    زيلينسكي: أوكرانيا بحاجة إلى مزيد من التمويل لمواصلة الحرب ضد روسيا    الشيوخ اختبار الأحزاب    «الجوز» ومرض السكري.. وجبة مثالية بفوائد عديدة    بالأسماء.. إصابة 8 عمال زراعيين في انقلاب سيارة على صحراوي البحيرة    حدث في 8ساعات| دخول 161 شاحنة مساعدات لقطاع غزة.. وموعد انكسار الموجة شديدة الحرارة    عالم أزهري: خمس فرص ثمينة لا تعوض ونصائح للشباب لبناء المستقبل    ضبط مواد غذائية غير صالحة وسجائر مجهولة ودقيق مهرب بالإسكندرية    برلماني: الدولة المصرية تُدرك التحديات التي تواجهها وتتعامل معها بحكمة    جامعة دمنهور الأهلية تعلن فتح باب التسجيل لإبداء الرغبة المبدئية للعام الجديد    رددها الآن.. أفضل أدعية لاستقبال شهر صفر 1447 هجريًا    ترامب: أُفضل الدولار القوي رغم فوائد انخفاضه لقطاع التصنيع    أنوشكا: تخوفت من فارق السن مع كريم فهمي في «وتقابل حبيب» (فيديو)    «ابتدينا» لعمرو دياب يواصل اكتساح منصات الموسيقى العربية    مهرجان البحرين السينمائي يكشف عن هويته الجديدة ويستعد لدورة خامسة تحت شعار قصص عظيمة    جيسوس يوجه رسالة إلى جماهير النصر    معهد بحوث تكنولوجيا الأغذية يواصل جهودة لدعم التصنيع الغذائي في مصر    أسعار حديد التسليح مساء اليوم الجمعة 25 يوليو 2025    وزير العمل عن دمج وتوظيف ذوي الهمم: قضية تحتاج تكاتف المؤسسات    نيابة باب شرقي تطلب تحريات اتهام شخص بهتك عرض طفل في الإسكندرية    مصرع شخصين وإصابة 2 آخرين في تصادم موتوسيكلين بالشرقية    الجيش اللبناني يُشارك في إخماد حرائق بقبرص    وزير الاستثمار والتجارة الخارجية يلتقي مسؤولي 4 شركات يابانية لاستعراض مشروعاتها وخططها الاستثمارية بالسوق المصري    برنامج تأهيلي مكثف لنجم الهلال السعودي    محافظ الجيزة يوجه بضبط «الاسكوتر الكهربائي للأطفال» من الشوارع    نائب وزير الخارجية الإيراني: أجرينا نقاشا جادا وصريحا ومفصلا مع "الترويكا الأوروبية"    باستقبال حافل من الأهالي: علماء الأوقاف يفتتحون مسجدين بالفيوم    «100 يوم صحة» تقدّم 14.5 مليون خدمة طبية مجانية خلال 9 أيام    أسعار الأرز في الأسواق اليوم الجمعة 25-7-2025    شرطة النقل تضبط 1411 قضية متنوعة في 24 ساعة    الحكومية والأهلية والخاصة.. قائمة الجامعات والمعاهد المعتمدة في مصر    بعض الليالي تترك أثرا.. إليسا تعلق على حفلها في موسم جدة 2025    واشنطن تدعو إلى وقف فوري للاشتباكات بين تايلاند وكمبوديا    إزالة 196 حالة تعدٍ على أراضي أملاك الدولة بأسوان خلال 20 يومًا - صور    متحف الفن المعاصر بجامعة حلوان يستعد لاستقبال الزوار    نجم الزمالك السابق يوجه رسالة خاصة ل عبد الله السعيد    شديد الحرارة والعظمى 44.. حالة الطقس في السعودية اليوم الجمعة    لا ترضى بسهولة وتجد دائمًا ما يزعجها.. 3 أبراج كثيرة الشكوى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ساعة في بلاد شنقيط "3" صفقات قيادات المجلس العسكري مع شيوخ القبائل تحدد من هو الرئيس الموريتاني

ليس من سمع كمن رأي بعين الناقد المدقق في تفاصيل المشهد، لذا حرصت في رحلتي إلي بلاد شنقيط أن أنقل لقراء «روزاليوسف» صورة قلمية بكامل تفاصيلها، ليري معنا واقعاً مغايراً تماماً لواقع البلدان العربية فموريتانيا بلد إسلامي لديه فهم خاص للإسلام وتطبيقات اجتماعية، لن أبدي فيها رأيي بقدر ما أحرص علي نقلها كما هي للقارئ ليستخلص ما يشاء، لكن المؤكد أنها مدهشة وصادمة في بعض الأحيان ففي تلك الدولة القابعة في أقصي الجنوب الغربي للوطن العربي وغرب القارة الأفريقية علي المحيط الأطلسي، تخوض اليوم معركة التنمية، وصراع تأكيد الهوية العربية، فيما لا تزال بصمات الاستعمار الفرنسي جلية علي أراضيها، وفي لسان عدد من سكانها متحدثي الفرنسية الجاهلين باللغة العربية.
وفي المقابل تجد عرب موريتانيا، متحدثي الحسانية نسبة إلي قبائل حسان وهي اللغة العربية الفصحي، مما ساعد تلك الأرض علي انجاب شعراء ينظمون الشعر بعفوية واقتدار، فعرفت ببلد المليون شاعر رغم أن سكانها لا يتعدون ال 3 ملايين نسمة.
المدهش في موريتانيا أن المرأة هي الأكثر نفوذاً هناك فهي الأكثر تحكماً في المجتمع والاقتصاد،وشرط جوهري في عقد الزواج ألا يكون علي ذمة الزوج سابقة ولا لا حقة، والأطرف أن هناك من وصلت زيجاتها 10 مرات، وانهم هناك يحتفلون بالمطلقة .. لان قيمة المرأة تزداد مع زيادة مرات زوجها وطلاقها.. في رحلتنا سنتجول في الواقع السياسي والاقتصادي والإعلامي والاجتماعي، فلتتابعوا رحلتنا المليئة بالمفاجآت. ها أنا ذا في موريتانيا بعد 5 سنوات من الانقلاب العسكري الذي قاده العقيد أعلي محمد ولد فال لينهي به حكم ولد طايع الذي استمر قرابة العشرين عاماً منفرداً بالسلطة، خمس سنوات مضت علي التصفيق الحاد في العالم العربي للتجربة الديمقراطية التي تمخض عنها المجلس العسكري والتنازل الطوعي لولد فال عن السلطة، لكن الحياة السياسية الموريتانية مليئة بالألغاز، يستعصي علي غير المدقق عن قرب فك طلاسمها وسبر أغوارها.
8 انقلابات ناجحة و7 فاشلة في 50 عامًا فولد فال تنازل طواعية عن السلطة التي اعتلاها سيدي محمد ولد عبدالله بعد 18 شهراً من الانقلاب ليشاهد العالم ولد فال يصوت في انتخابات لم يكن طرفاً فيها، وسرعان ما بدأت التجربة الديمقراطية تتعثر حتي فوجئ العالم بانقلاب الجنرال ولد عبدالعزيز في 6 أغسطس 2008 مبرراً ذلك بأنه في صالح الوطن معلناً عن مجلس عسكري لإدارة البلاد التي ماجت بالصراع السياسي ما بين مؤيدي العسكريين وأنصار الرئيس المخلوع الذي قيل إنه وصل إلي السلطة بإرادة شعبية من خلال انتخابات نزيهة.
انقلاب ولد عبد العزيز هو الثامن في 50 عامًا منذ أن استقلت موريتانيا 1960 بخلاف انقلابات فاشلة ضد حكم ولد طايع الذي انتهي بانقلاب ناجح لولد فال لينهي 21 عاما من الحكم الفردي.
في مصر والعالم العربي كان هناك من انبهر بتجربة ولد فال وسرعان ما تراجع الانبهار بانقلاب أغسطس، وتجدد الصراع السياسي الذي نجحت وساطات دولية خاصة من السنغال التي ساهمت في جمع الفرقاء في دكار للوصول إلي اتفاق نص علي حفظ ماء وجه الرئيس المخلوع بأن يستقيل في حفل دستوري يعزف فيه السلام الوطني وينادي بفخامة الرئيس علي أن تجري انتخابات خلال ثلاثة أشهر لانتخاب رئيس جديد يشكل حكومة وحدة وطنية حيث يختار 50% من أعضاء الحكومة ال26 من أنصاره ومثلهم من زعماء المعارضة.
اللافت أن ولد فال خاض المنافسة ضد مرشحين عدة أبرزهم ولد عبدالعزيز الرئيس الحالي الذي حصل علي 52% من إجمالي الأصوات لكن لماذا لم يحصل ولد فال الذي تحدثت عنه المعارضة في مصر والعالم العربي بانبهار سوي علي 4% من أصوات الناخبين؟
ذلك السؤال داعب ذهني خلال الزيارة التي رتب لها أحد الزملاء للقاء الوفد المشارك في مؤتمر منتدي الحوار للإعلام والبيئة من أجل التنمية لولد فال ذلك اللقاء الذي لم يكن يعلم به أي من أعضاء الوفد باستثناء معد اللقاء سوي قبل لحظات من الدعوة التي وجهت إلينا عقب انتهاء حفل افتتاح المؤتمر مساء 26 مايو الماضي رغم أن الوفد ضم مكرم محمد أحمد الأمين العام لاتحاد الصحفيين العرب والدكتورة ميرفيت التلاوي وزيرة الشئون الاجتماعية السابقة والدكتورة وهيبة فارع وزيرة حقوق الإنسان السابقة باليمن وحاتم زكريا سكرتير عام نقابة الصحفيين وسالم الجهوري سكرتير نقابة الصحفيين بسلطنة عمان وفاطمة الملاح ممثلة عمرو موسي الأمين العام لجامعة الدول العربية وإيمان حسن وصفية العمري سفيرة النوايا الحسنة بالجامعة العربية، وسالم بوليفه رئيس مركز البحوث والدراسات لجمعية الصحفيين التونسيين السابق، والمستشارة نجوي الصادق نائب رئيس النيابة الإدارية ومحمد مطر الصحفي بالأهرام وكاتب هذه السطور.
رغم علمنا المفاجئ بموعد لقاء فال ظننا أن اللقاء مبرمج من قبل القائمين علي المؤتمر وانطلق الموكب متجهاً إلي منزل فال وفجأة توقف الموكب علي بعد بضع مئات الأمتار من منزل الرئيس الأسبق بعد أن جرت اتصالات بين المعدين للمؤتمر والسائقين والمرافقين للاعتراض بشدة علي اللقاء الذي فاجأهم به أحد أعضاء الوفد الذي تربطه علاقات سابقة بفال، مطالبين الموكب بالعودة للفندق، لتدخل جهات سيادية، غير أن القائمين علي المؤتمر تعاملوا بلباقة مبررين رفض الزيارة بأن هناك برنامجًا يقتضي تناول العشاء وحفل احتفاء بالضيوف وحتي لا توقع منظمي المؤتمر في حرج قررنا العودة «للخلف» مستنكرين أن يسبب أحد أعضاء الوفد حرجاً للمنظمين رغم ما شعرت به وأعضاء الوفد من الصحفيين من ألم كون الطموح المهني وحب الاستطلاع والبحث عن المعلومات من صانع أهم الأحداث في موريتانيا في السنوات الأخيرة كان يدفعنا للترحيب بهذا اللقاء.
لم نقصد الإساءة
جميع أعضاء الوفد أجمعوا علي أننا لم نقصد بزيارة فال الإساءة لنظام الحكم الحالي، بل أعلنا ترحيباً بلقاء الرئيس ولد عبدالعزيز غير أنه كان مغادرًا البلاد للمشاركة في حفل تنصيب البشير بالسودان كما أن حفل افتتاح المؤتمر خلا من التمثيل الرسمي الرفيع رغم كون الدعوات حملت نص «تحت رعاية فخامة الرئيس محمد ولد عبدالعزيز»، ذلك الموقف تبعه استدعاء رئيس جهاز أمن الدولة للزميلة أم كلثوم بنت محمد المصطفي رئيس المؤتمر للاستعلام عن سبب توجه الوفد إلي فال.
رئيس موريتانيا يدعو الوفد لمد اقامته يومين في ضيافة الرئاسة
عقب الواقعة تغير الوضع تماماً فرحب وزير الإعلام الموريتاني بزيارة الوفد المصري ليتناول اللقاء دعوة اتحاد الصحفيين العرب للحكومة الموريتانية لرعاية جهود توحيد صفوف الصحفيين الموريتانيين فيما أوضح مكرم محمد أحمد أننا لم نقصد بزيارة فال أي إساءة وطالب الوزير بنقل تحيات الوفد واحترامه وتقديره للرئيس ولد عبدالعزيز ونفس الرسالة نقلت إلي نائب رئيس الحزب الحاكم فما كان من عبدالعزيز إلا أن دعا الوفد للإقامة في ضيافة الرئاسة يومين إضافيين حتي يلتقي شخصياً بالوفد في قصر الرئاسة إلا أن الدعوة كانت قد جاءت متأخرة فتذاكر الطيران تم تأكيدها بشكل نهائي وكل من الأعضاء رتب أجندته وفقاً لارتباطاته.
رغم كوني لم أكن واضعاً في خطتي لقاء فال بل كنت قد طلبت رسمياً من إدارة المؤتمر نقل رغبتي في لقاء الرئيس ولد عبدالعزيز لإجراء حوار معه مرفقًا طلبًا موجها إلي الوزير شياخ ولد أعلي رئيس ديوان رئاسة الجمهورية فإن وجود الرئيس ولد عبدالعزيز في الخرطوم حال دون اللقاء بينما أثار الموقف الذي حدث بداخلي التحدي الصحفي وقررت أن أصل إلي فال لأطرح عليه تساؤلات مهنية أظنها تفيد القارئ في فك طلاسم التجربة الديمقراطية الموريتانية، الوقت كان ضيقًا جداً فالبرنامج مزدحم و50 ساعة فقط عمر الزيارة قضيت 15 ساعة منها في النوم علي مدار يومين.
تحدثت مع أحد الأصدقاء الجدد بموريتانيا عن رغبتي في إجراء سلسلة حوارات مع القيادت الموريتانية بداية بالرئيس ولد عبدالعزيز ومرورًا بالناها بنت مكناس وزيرة الخارجية وعدد من رؤساء أحزاب المولاه والمعارضة غير أن الرئيس والوزيرة خارج البلاد فطلبت مساعدتي في تسهيل ترتيب بعض اللقاءات فرشح لي بعض الأسماء بالاتصال بها فتعذر اللقاء لارتباطهم بمواعيد مسبقة سألته عن منزل ولد فال فأبدي استعداده لأن يصحبني إليه وقررت المغامرة بالذهاب إليه دون معرفة أو موعد سابق.
لقاء ولد وفال والحوار المؤجل
علي باب منزل الرئيس الأسبق وهو قصر متوسط الفخامة ذو حديقة صغيرة يحرسه 5 أفراد بزي مدني منهم سكرتارية يحوي «مجلس عربي» نادينا الحارس فتصادف وجود نجل فال البالغ من العمر قرابة 14 عاماً علي الباب فطلبت منه أن يوصل بطاقة التعريف الخاصة بي «كارت شخصي» إلي والده ويخبره أنني أرغب في لقائه، انتظرت عشر دقائق حتي عاد أحد العاملين بالقصر يعلن ترحيبه باللقاء، وقادني ورفيقي إلي قاعة شديدة الاتساع بها زخارف وجلسة عربية، ودقائق حتي دخل علينا ولد فال مرتدياً الدراعة «الزي الشعبي الموريتاني» مرحباً بحفاوة فيما قابلته باعتذار للحضور دون موعد سابق وتجاذبنا أطراف الحديث سريعًا وبلطف أعتذر عن عدم إجراء حوار صحفي مبرراً ذلك بأن الظرف السياسي الداخلي بالبلاد لا يسمح وأنه ينتظر الوقت المناسب للحديث فهو لا يريد التأثير علي الحياة السياسية، اقترحت أن نتحدث حول رأيه في القضايا التي يشهدها الشرق الأوسط وأفريقيا دون التطرق للشأن الداخلي فابتسم قائلاً أي من هذه القضايا لا بد أن يتداخل مع السياسة الموريتانية الخارجية وأنا أرحب بإجراء حوار معك في ظرف سياسي أفضل من ذلك فاتفقنا علي أن يكون بيننا حوار في وقت آخر.
كرم واعتذار رسمي وشاعر موهوب
في المساء كان لقاؤنا، بعض أعضاء الوفد بالشيخ المختار ولد حرمة ولد بنانة وزير الصحة في منزله بدعوة كريمة منه لاحظنا خلالها الكرم العربي ليفاجئ الوزير الوفد بإعلان اعتذار رسمي نيابة عن الحكومة لما حدث من تقصير في الترحيب المفترض للوفد رفيع المستوي مكرراً دعوة الوفد للبقاء يومين في موريتانيا للقاء الرئيس ولد عبدالعزيز، داعياً الوفد للاستماع إلي قصيدة شعر تمدح الوفد، وهي عادة موريتانية يقوم خلالها أحد الشعراء بقرض الشعر لمدح الضيوف واللافت أن القصيدة ضمت الأسماء الأولي لأعضاء الوفد، فقابلنا الاعتذار بتأكيد شكرنا العميق لموريتانيا حكومة وشعباً معربين عن سعادتنا بلقاء الرئيس ولد عبدالعزيز مستقبلاً عندما تسمح الظروف بذلك، متمنين لموريتانيا الاستقرار والازدهار.
فيما وقف شاعر موريتاني ملقيًا علي الوفد قصيدة شعر مديح تحمل أبياتها أسماء جميع أعضاء الوفد وهي عادة موريتنانية للحفاة بضيوفهم.
الحزب الحاكم وليد يسعي للتحالف مع الأغلبية
في موريتانيا تموج الساحة السياسية بالأحزاب الأكثر قرباً منها للانتماء القبلي من الانتماء السياسي فعلي الساحة وفقاً للإحصائيات الرسمية 74 حزباً حصلت علي تراخيص قليل منها فاعل وتسمي أحزاب الأغلبية، واللافت أن الحزب الحاكم حزب الاتحاد من أجل الجمهورية لم يمضٍ علي تأسيسه بضعة أشهر حيث أسسه الرئيس ولد عبدالعزيز ثم استقال من رئاسته إعمالاً للدستور الذي يحظر علي رئيس الجمهورية أن يكون رئيساً لحزب سياسي، فيما يسعي الحزب الآن لتوسيع عضوياته بضم عناصر جديدة فيما تتهمه المعارضة الصغيرة بأنه يمارس الترغيب والترهيب لتوسيع عضويته لكن قيادات الحزب التي التقيناها أكدت احترام الحزب لحرية الإعلام وحرية إبداء الرأي والعمل السياسي مشيرين إلي أن الحزب الحاكم يسعي للتحالف مع أحزاب الأغلبية الأمر الذي طرح تساؤلاً: لماذا تسعي الحكومة للتحالف مع المعارضة التي يفترض أنها تراقب الحكومة وتنتقد أداءها لتوفير ضمانات تداول السلطة وتحجيم الفساد الذي يكثر الحديث عنه.
وهل إدماج المعارضة القوية في السلطة يقلل من قدرة المعارضة علي كشف الفساد وأخطاء الإدارة نتيجة ما سينالها من مصلحة؟
بعض المراقبين أكدوا أن القانون الجديد الخاص بالمعارضة يكفل لها الحق في الوجود وحق أعضائها في الوظائف العامة كما يمنح زعماء المعارضة امتيازات تتعلق بالسيارة والسكن وراتب شهري وحصانة ضد الاعتقال وبالتالي دورها مهم للغاية وتحالفها مع الحزب الحاكم يقلص دورها في مراقبة الإدارة ويعيق التداول الحقيقي للسلطة كون الاختيارات ما زالت يغلب عليها العشائرية أكثر من كونها قناعات فردية.
الإخوان في موريتانيا رغم الرفض المعلن لإنشاء الأحزاب الدينية وموجة الإرهاب التي تتكاتف الجهود الدولية لتحجيمها في صحراء المغرب، فقد تمكن أعضاء تنظيم الإخوان المسلمين في موريتانيا والسلفيون من إنشاء حزب «التجمع الوطني للإصلاح والتنمية» «تواصل» ويكثفون جهودهم لتوسيع العضوية لإبراز قوتهم بما يمكنهم من الدخول في صفقات سياسية لاقتسام السلطة، فرغم هذا العدد الكبير من الأحزاب فالقليل منها النشط علي الساحة.
التحليل الأقرب لفك الطلاسم
التنازل الطوعي عن السلطة لولد فال 2007 وإجراء انتخابات حرة لم يرسخ الديمقراطية بعد فما زالت طافية علي سطح الحياة السياسية بلا جذور بينما يقبع في العمق وخلف الكواليس العسكر يحركون الأحداث ويتحكمون في اختيار الرئيس المقبل من خلال عقد الصفقات ما بين قيادات المجالس العسكرية وقادة القبائل الذين يقومون بدورهم بتوجيه أصوات أعضاء القبيلة للتصويت وفقاً لمن تعقد معه الصفقات السياسية.
جاءت الرياح بما لم تشتهي السفن
فنجاح ولد عبدالله كان بدعم من ولد فال ومجلسه من وراء الكواليس بسبب وجيه هو أن ولد عبدالله شيخ كبير السن يصل إلي70 عاماً مع انتهاء ولايته الرئاسية الأولي ومن ثم لن يخوض المنافسة بعد ذلك فتكون فرص ولد فال في العودة للسلطة مدنياً منتخباً أكبر بعد إصلاحاته الدستورية وتنازله الطوعي فالمنافسون سيكونون مرشحين جددًا تسهل هزيمتهم.
غير أن الرياح جاءت بما لا تشتهي السفن حيث كان ولد عبدالعزيز الذي شارك في العديد من الانقلابات وأحبط عددًا منها يقظاً فما إن حدث بينه وبين ولد عبدالله خلاف وهو رئيس قيادة الحرس الرئاسي وصلت إلي حد إقالة ولد عبدالله له ولعدد من قيادات الجيش حتي فاجأه ولد عبدالعزيز بانقلاب في اليوم التالي لإقالته صبيحة 6 أغسطس 2008 مشكلاً مجلسًا عسكريا لإدارة البلاد ليتكرر السيناريو. قيادات المجلس من خلف الستار يدعمون ولد عبدالعزيز ليأتي رئيساً ب54% فيما يحصل ولد فال الذي كان ملء السمع والبصر علي 4% فخريطة الصفقات تغيرت والمحركون للساحة خلف الكواليس يدعمون الجنرال الجديد، بيد أن الديمقراطية والتعددية مازال بإمكانها أن تغرس جذورها في العمق الموريتاني لتكون هي المحرك الحقيقي في المستقبل خاصة مع الإقبال المتزايد علي المشاركة في الحياة السياسية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.