469 مرشحًا وقائمة واحدة| انطلاق سباق مجلس الشيوخ رسميًا    ترامب يطالب بخفض سعر الفائدة 3% لتقليل كلفة الديون ودعم الاقتصاد الأمريكي    التحول الرقمي يقود نمو الشركات الصغيرة في مصر| تقرير    أمريكا تفرض عقوبات على المقررة الأممية المعنية بفلسطين    إنفوجراف| أبرز تصريحات مساعد وزير الخارجية ومدير إدارة ليبيا السفير طارق دحروج    ارتفاع عدد الشهداء الصحفيين في غزة إلى 229 صحفيًا    غزل المحلة يواجه وادي دجلة وديًا    منتخب مصر للهوكي يتوج ببطولة الأمم الدولية الودية بعد الفوز على عمان    ملك إسماعيل ومحمد حسن يتوجان بذهبية المختلط للناشئين ببطولة العالم للتتابعات للخماسي الحديث    تجارة وتعاطى المخدرات تقودان بائع وعامل بقليوب للسجن المؤبد    حوادث الطرق    على كرسي متحرك| بسمة وهبة تعزي أسرة سامح عبد العزيز داخل المستشفى    الصور الأولى ل تارا عماد من «ما تراه ليس كما يبدو»    بعد تألقها بدور ريحانة.. إشادات واسعة لسارة التونسي في «مملكة الحرير»    استشارية أسرية: حفظ أسرار البيت واجب شرعي وأخلاقي    الصحة تنظم حملة لفحص وعلاج الأمراض المزمنة والكشف المبكر عن الاعتلال الكلوي    الحوثيون: استهدفنا إسرائيل بصواريخ باليستية ونواصل منع الملاحة نحو إيلات    محو ألفى عام من التاريخ.. المسيحيون يختفون من سوريا بعد فرار الغالبية من البلاد    النيابة تطلب التحريات في واقعة العثور على جثة طفل بسفاجا    «عضّ زميله في أذنه».. فتح تحقيق عاجل في مشاجرة بين محاميين داخل محكمة شبين الكوم بالمنوفية    تنسيق الدبلومات الفنية 2025 دبلوم سياحة وفنادق.. الكليات والمعاهد المتاحة كاملة    ارتفاع في أسعار البن بالبرازيل عقب تهديد ل ترامب.. ماذا حدث؟    تصل ل 10 جيجا مجانًا.. «تنظيم الاتصالات» يكشف تفاصيل تعويضات حريق سنترال رمسيس    بينها «موقع ودير أبومينا».. «اليونسكو» تسحب 3 مواقع من قائمة الآثار المعرضة للخطر (صور)    بعد فوزها بلقب إكس فاكتور.. حنين الشاطر تطرح أول ألبوماتها بعنوان "بياع كلام"    بين الذكاء الحاد والرغبة في لفت الأنظار.. 5 أبراج تحب إثارة الجدل    رسالة شديدة اللهجة من إمام عاشور لمسؤولي الأهلي بسبب زيزو وتريزيجيه.. شلبي يكشف    خالد الجندي: بشاشة الوجه والضحك سُنة نبوية    سعرها نصف مليار جنيه وتحتوي على «ساونا وسينما».. قصة فيلا محمد صلاح الفاخرة في تركيا    مبادرات تثقيفية للأطفال بجناح الأزهر في معرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب (صور)    إطلاق الدليل التدريبي لمبادرة "دوي" الوطنية بطريقة برايل    انتبه- 5 علامات مبكرة تكشف عن وجود ورم في معدتك    تعزز صحة الكبد- 3 توابل أضفها إلى طعامك    بن غفير يحمل الحكومة الإسرائيلية ومفاوضاتها مع "حماس" مسؤولية هجوم "غوش عتصيون"    مباحثات مصرية كندية للتعاون بمجال تطوير عمليات البحث والتنقيب عن البترول والغاز    ميرتس يعلن اعتزام بلاده شراء أنظمة باتريوت من أمريكا لتقديمها إلى أوكرانيا    وزير قطاع الأعمال العام يستقبل رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة لبحث تعزيز التعاون المشترك    آرسنال يضم الدنماركي كريستيان نورجارد كصفقة ثالثة في الميركاتو الصيفي    شيكابالا يوجه رسالة دعم لإبراهيم سعيد: "لا شماتة في الأزمات"    رئيس الوزراء يفتتح مقر مكتب خدمات الأجانب (زواج–تملك) بالعاصمة الإدارية الجديدة    تعليم البحيرة تعلن بدء المرحلة الأولى لتنسيق القبول بمدارس التعليم الثانوي الفني    «قصر العيني» تستقبل سفير كوت ديفوار لبحث التعاون في إطلاق البرنامج الفرنسي الطبي «KAF»    تقارير تونسية: انتقال غربال إلى الزمالك يبدو صعبًا.. وأوروبا أولوية اللاعب    ضبط 43 قضية «أمن عام» وتنفيذ 347 حكمًا قضائيًا خلال 24 ساعة (تفاصيل)    رئيس الوزراء يفتتح مقر مكتب خدمات الأجانب بالعاصمة الإدارية الجديدة    ضمن مهرجان «العالم علمين».. انطلاق مؤتمر القسطرة المخية في مستشفى العلمين    المفتي السابق يوضح حدود الاستمتاع بين الزوجين أثناء الحيض    لله درك يا ابن عباس.. الأوقاف تنشر خطبة الجمعة المقبلة    الهيئة العليا للوفد تطالب عبد السند يمامة بالاستقالة    كامل الوزير يبحث مع نائب رئيس وزراء الكونغو تدعيم التعاون في مجالات النقل    جمال شعبان يحذر من ألم البطن.. علامة خادعة تنذر بأزمة قلبية    المؤبد ل4 متهمين بقتل شخص والشروع فى قتل آخر بالخانكة    باريس سان جيرمان ينهي سجل ريال مدريد المثالي في كأس العالم للأندية    أهالي القنطرة شرق ينتظرون تشييع جثمان الفنان محمد عواد وسط أجواء من الحزن    حالة الطقس في الكويت اليوم الخميس 10 يوليو 2025    «التضامن» تقر قيد وتوفيق أوضاع 5 جمعيات في 4 محافظات    أمين الفتوى يحذر من الزواج العرفي: خطر جسيم على المرأة (فيديو)    رابط الاستعلام عن نتيجة التظلمات في مسابقة 20 ألف وظيفة معلم مساعد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر تتنصّر .. كيف؟ / د. حلمي محمد القاعود
نشر في محيط يوم 23 - 09 - 2009


مصر تتنصّر .. كيف؟


* د . حلمي محمد القاعود

الدكتور حلمي القاعود
يقول المستشرق صموئيل زويمر إنّه لا يدعو لإدخال المسلم في النصرانية، وإنّما يدعو إلى إخراجه من الإسلام ويقول: وعندي أننا يجب أن نعمل حتى يصبح المسلمون غير مسلمين. إنّ عملية الهدم أسهل من البناء في كل شيء إلاّ في موضوعنا هذا، لأنّ الهدم للإسلام في نفس المسلم معناه هدم الدين على العموم. وقد دعا زويمر إلى توسيع نطاق التعليم التنصيري تحت أسماء أُخرى لخداع المسلمين.

وخطة زويمر تسير على قدم وساق في مصر والعالم الإسلامي منذ بداية عصر الاستعمار الحديث ؛ لإخراج المسلمين من الإسلام ولو لم يدخلوا النصرانية ، وقد حققت هذه الخطة نجاحا ملحوظا في العديد من الدول الإسلامية على أكثر من مستوى حيث صار الإسلام في أذهان النخب التي تقود المسلمين مرادفا للتخلف والجمود والضعف والعنف ، وإن كانت خطة التنصيرالمباشرالذي يستخدم المساعدات الطبية والصحية والاجتماعية طريقا لإدخال المسلمين في العقيدة النصرانية قد حققت نجاحات ملحوظة في أكثر من مكان إسلامي.

كانت الفلبين دولة إسلامية بأكملها فتحولت إلى المسيحية وتراجع المسلمون إلى الجنوب المتخلف يعانون الفقر والجوع وسوء الأحوال ، وراح بعض الصحفيين المصريين الذين زاروهم في جزيرتهم الرئيسية ميندناو يتندرون عليهم ويسخرون منهم لأنهم في رمضان ينتظرون السفير السعودي ليعلن لهم موعد الإفطار ! والأمر ينطبق على أتشيه التي انتزعت من إندونيسيا وأعلنوها دولة نصرانية ، والهند نفسها التي كان يحكمها المسلمون ، وقس على ذلك جنوب السودان والحبشة وإريتريا وغير ذلك من بقاع العالم الإسلامي .

وقد تجددت خطة زويمر بعد قرون من خلال ما عرف بخطة ميتشل التي نشرتها مجلة الدعوة في أواخر السبعينيات عقب مبادرة السادات وزيارته إلى القدس المحتلة ، وشارك فيها مع الحكومة المصرية الولايات المتحدة وحكومة الغزو النازي اليهودي في فلسطين المحتلة ؛ وعرفت بخطة تجفيف المنابع ، أي تجفيف منابع الإسلام وذلك باستئصال الدعاة المؤثرين ، والناشطين في مجال الإسلام السياسي ، وإغلاق الصحف الإسلامية وعدم منح تصريحات لصحف إسلامية جديدة بالصدور ، وملاحقة الجماعات الإسلامية والتضييق عليها بكل السبل ، وإتاحة الفرصة للتيار العلماني في الثقافة والإعلام والتعليم والصحافة كي يملك الحركة والعمل وحيدا بعد تصفية العناصر الإسلامية في المجالات كافة حتى الأندية الرياضية .

تم نفي ما ذكر عن خطة ميتشل مرارا وتكرارا ولكن ما جرى على الساحة السياسية والاجتماعية على مدى ثلاثة عقود أكد وجود الخطة لأن يتم تنفيذ عناصرها على أرض الواقع بدأب وإصرار .

إن عملية تجفيف المنابع حقيقة واقعة لا شك فيها ، ومطاردة الإسلاميين يثبتها وجود أعداد هائلة من المعتقلين الذين لم يفرج عنهم إلا بعد أن بلغوا مرحلة المشيب ، وكانوا قد اعتقلوا وهم شباب يمتلكون الحيوية والنضارة ، ومازالت المعتقلات والسجون تغص بأبناء لحركة الإسلامية وفيهم من هو مفخرة لبلاده وللإسلام والمسلمين.. ولكن الخطة تقضي بتجفيف المنابع !

ولا تستطيع أينما وليت وجهك الآن إلا أن تجد التعليم بعيدا عن الدين الإسلامي. لقد تم إعفاء الأزهر من مهمته الأساسية وهي الدعوة إلى الإسلام ، وخلت المدارس في التعليم العام من الإسلام ؛ بل إن المدارس الجديدة التي تسمى مدارس المنح كان من شروط بنائها إلغاء المساجد فيها ، أما حصة التربية الدينية ، فهي حصة صورية لا وجود لها على أرض الواقع إذ إن الطالب يعلم أنها لا تضاف إلى المجموع ، وأن المدرسين يستغلونها لتدريس ما فاتهم في المواد الأخرى مثل الكيمياء والانجليزي والهندسة والجغرافيا .. إلخ .

في الثقافة لا تجد بين قادتها من يفخر بإسلامه ويعلن انتماءه إليه . إنهم يعلنون انتماءهم إلى ما يسمى الاستنارة ، أي الإيمان بالتجربة دون الغيب ، وأغلبهم من اليسار الذي دخل الحظيرة أو الأرزقية الذين يعرفون أن دينهم هو المصلحة أو المنفعة حيث كانت .

في الإعلام والصحافة صارت الأبواق والأقلام ملكا للسلطة أو الأقلية الطائفية في الغالب الأعم . السلطة تعين رؤساء التحرير والقيادات المهمة ، والصحف المستقلة والخاصة ؛ يملك معظمها رجال أعمال طائفيون متعصبون يخدمون التمرد الطائفي ويشاركون بأموالهم في التنصير.

ولوحظ مثلا أن رجل الأعمال الطائفي المتعصب الذي يعد من أغنى أغنياء العالم ، ويتحرك غالبا في إثر القوات الأميركية الغازية ، يسيطر على أكثر من قناة تلفزيونية ، وأكثر من صحيفة يومية وأسبوعية مؤثرة ، وقد استطاع أن يشترى كثيرا من الأبواق والأقلام لصحفه وقنواته التلفزيونية ، ومن لا يقدم برنامجا في هذه القنوات فهو ضيف ، وكلهم يقبض من أمواله !

بل إنه استطاع أن يستقطب الأدباء ومعظمهم من أهل الحظيرة لإدارة واستحقاق جوائزه التي رصدها للتبشير بكل ما هو ضد الإسلام ، كما أعلن وأذاع في قنواته التلفزيونية مواد إباحية ، وألغى اللغة الفصحى وجعل المذيعين يستخدمون العامية حتى في نشرات الأخبار !

وتستطيع أن تضيف إلى ذلك تبنيه لعدد غير قليل من الأدباء والكتاب الماركسيين سابقا والمعادين للإسلام دائما ، يدعوهم إلى حفلاته ولقاءاته الخاصة ويرعاهم ماديا وإعلاميا ، وخاصة من يراهم أكثر عداء لديننا وتاريخنا حتى لو رفضهم الناس في بلادنا.

بيد أن المحنة الحقيقية تتمثل في الإعلام الراهن وخاصة التلفزيون الذي يفترض فيه أنه يعبر عن قيمنا وعقيدتنا ، فتجده يتطوع بل ينفذ ما يؤمر به ، من استضافة العناصر التي تشوش على الإسلام وتشوهه وتحاربه ، ولا يجد في ذلك غضاضة في مقابل حرمان الجمهور من الصوت الإسلامي الحقيقي والتعتيم عليه لصالح الصوت المنكر الذي يخرج الناس من النور إلى الظلمات !

تأمل البرامج والأفلام والمسلسلات التي تنتهك حرمة شهر رمضان الكريم وتستضيف العوالم والغوازي وتجار الفن الرخيص ، وخدام النظام ،واستمع إلى ما يقولونه من فاحش القول وبذيئه عن زواجهم السري وممارستهم للزنا ومفاخرتهم بالتحشيش ، وازدرائهم للعبادات ، وسبهم للعلماء والفقهاء ، واحتقارهم لمن ينتمون إلى التدين أو يرتدون الملابس المحتشمة ..

ثم تأمل الصورة التلفزيونية التي خلعت فيها مصر ثوب الإسلام وجعلت من الرجل مسخا مشوها ، وكيانا مخنثا يقلد النساء في الكلام والحديث ، ويرتدي السلاسل ويصبغ شعره وهو طاعن في السن أو يصنع له ذيلا ، ويبدو أقرب إلى الأنوثة منه إلى الرجولة ويعد ذلك حرية وتقدما وتحضرا !

ثم انظر إلى صورة المرأة التي تحولت إلى مجرد سلعة تجارية تجذب المشاهدين عن طريق التفنن في الإغراء والغواية من خلال غرفة النوم أو باستخدام الأصباغ والشعر المستعار والرموش الصناعية والعدسات اللاصقة ، وعمليات التجميل بالكولاجين والبيوتكس ، والملابس العارية وقمصان النوم المثيرة والتأوهات والألفاظ والتلميحات والإيماءات والكنايات الدالة على الشبق والنظرات الموحية به ، وكأن الشعب المصري صار لا يتقن إلا فنون الجنس ..

لقد تحول الممثلون والممثلات إلى رقيق يباع ويشترى في سوق التغريب والنخاسة الجديد ، وهو سوق ينحاز إلى القبح والشر والدم والجريمة والإدمان والمخدرات والانتهازية والكذب والرشوة والسكر والعربدة والمال الحرام والإنفاق السفيه ، ونقل نفايات الغرب الاستعماري الصليبي من عادات وتقاليد ، فضلا عن سلوكيات لا عهد للمصريين بها ؛ مثل تدخين المرأة للشيشة وكأن هذا ذروة التقدم كما يراه بعض كتاب السيناريو السكارى دائما !

صار المسلم على شاشة التلفزيون مثالا للازدواجية والفصامية والتدين المغشوش وتفسير الانحراف وفقا للهوى ، لدرجة الإلحاح مثلا على أن الحشيش بوصفه نباتا فهو حلال مثله مثل أي نبات آخر أما الهيروين فهو الحرام وحده لأنه صناعة بشرية! لقد خرج المصري المسلم من دينه على شاشة التلفزيون كما أراد صموئيل زويمر وخلفاؤه ، وتعمد بماء المؤسسة الاستعمارية الصليبية الملوث !

وهذه هي الخطوة الحاسمة في طريق التنصير الكامل ، والخضوع للغرب!

الاستثناء من تلك الصورة التلفزيونية نادر ، وهو استثناء يثبت القاعدة ، ويؤكد على إخراج المسلمين من الملة ، ويحقق ما أراده صموئيل زويمر في تخطيطه الشيطاني لتنصير المسلمين !

هل ترون مصر تتنصر ؟ وهل دعوة بعض بنيها إلى إلغاء المادة الثانية من الدستور خطوة في هذا الاتجاه ؟ وهل زرع أرض مصر بالكنائس التي لا تجد من يصلي فيها خطوة أخرى ؟ وهل استعراض العضلات من جانب بعض المتنصرين ومساندتهم من جانب بعض العملاء الذين يحملون أسماء إسلامية خطوة ثالثة ؟ وقبل ذلك هل إصرار زعيم التمرد على تسليم وفاء قسطنطين التي اسلمت بمحض ارادتها إلى الكنيسة خطوة رابعة في إثبات الوجود للمنصرين ؟

مصر تتنصر عندما يطارد الإسلام ويتم حماية المنصرين الذين يخرجون الناس من إسلامهم أو يعمدونهم !

* مفكر مصري واستاذ بجامعة طنطا
[email protected]*
صحيفة المصريون
23 - 9 - 2009


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.