منها مبادلة الديون.. مصر والصين توقعان مجموعة وثائق لتعزيز التعاون المشترك    «النقل» تستهدف جذب مليون سائح سنويًا من محطات الكروز السياحية    مباحثات مصرية كندية للتعاون بمجال تطوير عمليات البحث والتنقيب عن البترول والغاز    بريطانيا وفرنسا توقعان اتفاقية بشأن تنسيق الردع النووي    وزير الدفاع التونسي: مشروع "إعلان تونس" سيكون مرجعا دوليا لحماية المدنيين    زعيم الحوثيين: هجماتنا في البحر الأحمر تأتي ردا على محاولة إعادة تشغيل ميناء إيلات    رسميًا.. انتقال أقطاي عبد الله إلي صفوف إنبي    علي جبر: بيراميدز يمتلك أقوى إسكواد في إفريقيا.. و"عوامل خارجية" سبب خسارتنا للدوري والكأس    بالصور.. بحضور فتحي عبد الوهاب وبيومي فؤاد ونجم المنتخب زيزو    مهرجان الإسكندرية السينمائي ينعى المخرج سامح عبد العزيز: فقدنا أحد صناع الصورة المبدعين    "السقطي" يوضح تداعيات حريق سنترال رمسيس على قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة    3 مرشحين فى اليوم الأخير.. 13 مرشحا يتقدمون بأوراقهم لانتخابات الشيوخ بالأقصر    آرسنال يضم الدنماركي كريستيان نورجارد كصفقة ثالثة في الميركاتو الصيفي    شيكابالا يوجه رسالة دعم لإبراهيم سعيد: "لا شماتة في الأزمات"    الأهلي يراقب إياد العسقلاني تحسبًا لرحيل أشرف داري    "أما براوه".. طالبات الثانوية العامة بكفر الشيخ يحتفلن بانتهاء الامتحانات بالمزمار والطبل البلدي (صور)    متحدث الوزراء: الدولة لا تعتمد على سنترال واحد ومنظومة الاتصالات أثبتت كفاءتها    أوبك تخفض توقعات الطلب العالمي على النفط للسنوات الأربع المقبلة    وزيرا الإنتاج الحربي والكهرباء يبحثان تدبير احتياجات شركات الكهرباء من الخامات والمستلزمات    إشادات واسعة ل سارة التونسي بعد تألقها في مملكة الحرير بدور ريحانة    تعليم البحيرة تعلن بدء المرحلة الأولى لتنسيق القبول بمدارس التعليم الثانوي الفني    محافظ كفر الشيخ يهنئ أبطال المحافظة المشاركين في تتويج منتخب مصر البارالمبي للكرة الطائرة ببطولة إفريقيا    تقارير تونسية: انتقال غربال إلى الزمالك يبدو صعبًا.. وأوروبا أولوية اللاعب    «بمشاركة صلاح».. موعد مباراة ليفربول وبريستون والقنوات الناقلة    بعد مقتل إسرائيلي في هجوم فلسطيني بالضفة.. أبوعبيدة: من الخليل إلى جنين يواصل الفدائيون بطولاتهم    «قصر العيني» تستقبل سفير كوت ديفوار لبحث التعاون في إطلاق البرنامج الفرنسي الطبي «KAF»    محامٍ يسلم نفسه لتنفيذ حكم بالسجن 10 سنوات في قضية تزوير توكيل عصام صاصا    الأمن الاقتصادي: ضبط 5600 قضية في حملات موسعة خلال 24 ساعة (تفاصيل)    تحرير 521 مخالفة ل«عدم ارتداء الخوذة» وسحب 943 رخصة خلال 24 ساعة    رئيس الوزراء يفتتح مقر مكتب خدمات الأجانب بالعاصمة الإدارية الجديدة    "وزير قطاع الأعمال: العمال العمود الفقري ولن يتطور القطاع دون مشاركتهم    ما لك وما عليك.. تطبيق قانون العمل الجديد رسميا أول سبتمبر    لشباب الباحثين.. إطلاق البرنامج التدريبي الصيفي للسلامة والأمان الحيوي بجامعة بنها    مشاركة متميزة لقنصلية دولة فلسطين في معرض مكتبة الإسكندرية للكتاب    إغلاق باب المشاركة في دورة «كوكب الشرق» ب ملتقى القاهرة للمسرح الجامعي    ياسر ربيع يكتب : من قلب ال " فيلينج " للتشكيلية مها الصغير: " انا لا ارسم ولكني اتجمل"    وزير الصحة يعقد اجتماعًا لمتابعة العمل بمنظومة خدمات نقل الدم القومية    وزير الصحة يعقد اجتماعًا لمتابعة مستجدات العمل بمنظومة خدمات نقل الدم القومية    المفتي السابق يوضح حدود الاستمتاع بين الزوجين أثناء الحيض    لله درك يا ابن عباس.. الأوقاف تنشر خطبة الجمعة المقبلة    أحمد عصام السيد فديو بلوجر في فيلم "الشاطر" أمام أمير كرارة وهنا الزاهد    وكالة الأنباء المغربية: إعادة فتح سفارة المملكة المغربية في دمشق    الهيئة العليا للوفد تطالب عبد السند يمامة بالاستقالة    "الصحة" تنظم أول ورشة عمل في مصر بالتعاون مع مركز برشلونة لسرطان الكبد    تصل للفشل الكبدي والأورام.. دليلك للوقاية من مضاعفات الكبد الدهني    جمال شعبان يحذر من ألم البطن.. علامة خادعة تنذر بأزمة قلبية    قراءة مبسطة فى قانون الإيجارات القديمة بعد التعديلات.. إجابات للمستأجرين والملاك    أهالي القنطرة شرق ينتظرون تشييع جثمان الفنان محمد عواد وسط أجواء من الحزن    باريس سان جيرمان ينهي سجل ريال مدريد المثالي في كأس العالم للأندية    حالة الطقس في الكويت اليوم الخميس 10 يوليو 2025    «التضامن» تقر قيد وتوفيق أوضاع 5 جمعيات في 4 محافظات    متحدث «الصحة العالمية»: مئات الشاحنات تنتظر خارج معبر كرم أبو سالم    طلاب الثانوية العامة بفيصل: امتحان الرياضة التطبيقية مباشر    أمين الفتوى يحذر من الزواج العرفي: خطر جسيم على المرأة (فيديو)    رابط الاستعلام عن نتيجة التظلمات في مسابقة 20 ألف وظيفة معلم مساعد    وزير الدفاع الأمريكي يبحث مع نتنياهو عملية "مطرقة منتصف الليل"    عصام السباعي يكتب: الأهرام المقدسة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 10-7-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر تتنصّر .. كيف؟ / د. حلمي محمد القاعود
نشر في محيط يوم 23 - 09 - 2009


مصر تتنصّر .. كيف؟


* د . حلمي محمد القاعود

الدكتور حلمي القاعود
يقول المستشرق صموئيل زويمر إنّه لا يدعو لإدخال المسلم في النصرانية، وإنّما يدعو إلى إخراجه من الإسلام ويقول: وعندي أننا يجب أن نعمل حتى يصبح المسلمون غير مسلمين. إنّ عملية الهدم أسهل من البناء في كل شيء إلاّ في موضوعنا هذا، لأنّ الهدم للإسلام في نفس المسلم معناه هدم الدين على العموم. وقد دعا زويمر إلى توسيع نطاق التعليم التنصيري تحت أسماء أُخرى لخداع المسلمين.

وخطة زويمر تسير على قدم وساق في مصر والعالم الإسلامي منذ بداية عصر الاستعمار الحديث ؛ لإخراج المسلمين من الإسلام ولو لم يدخلوا النصرانية ، وقد حققت هذه الخطة نجاحا ملحوظا في العديد من الدول الإسلامية على أكثر من مستوى حيث صار الإسلام في أذهان النخب التي تقود المسلمين مرادفا للتخلف والجمود والضعف والعنف ، وإن كانت خطة التنصيرالمباشرالذي يستخدم المساعدات الطبية والصحية والاجتماعية طريقا لإدخال المسلمين في العقيدة النصرانية قد حققت نجاحات ملحوظة في أكثر من مكان إسلامي.

كانت الفلبين دولة إسلامية بأكملها فتحولت إلى المسيحية وتراجع المسلمون إلى الجنوب المتخلف يعانون الفقر والجوع وسوء الأحوال ، وراح بعض الصحفيين المصريين الذين زاروهم في جزيرتهم الرئيسية ميندناو يتندرون عليهم ويسخرون منهم لأنهم في رمضان ينتظرون السفير السعودي ليعلن لهم موعد الإفطار ! والأمر ينطبق على أتشيه التي انتزعت من إندونيسيا وأعلنوها دولة نصرانية ، والهند نفسها التي كان يحكمها المسلمون ، وقس على ذلك جنوب السودان والحبشة وإريتريا وغير ذلك من بقاع العالم الإسلامي .

وقد تجددت خطة زويمر بعد قرون من خلال ما عرف بخطة ميتشل التي نشرتها مجلة الدعوة في أواخر السبعينيات عقب مبادرة السادات وزيارته إلى القدس المحتلة ، وشارك فيها مع الحكومة المصرية الولايات المتحدة وحكومة الغزو النازي اليهودي في فلسطين المحتلة ؛ وعرفت بخطة تجفيف المنابع ، أي تجفيف منابع الإسلام وذلك باستئصال الدعاة المؤثرين ، والناشطين في مجال الإسلام السياسي ، وإغلاق الصحف الإسلامية وعدم منح تصريحات لصحف إسلامية جديدة بالصدور ، وملاحقة الجماعات الإسلامية والتضييق عليها بكل السبل ، وإتاحة الفرصة للتيار العلماني في الثقافة والإعلام والتعليم والصحافة كي يملك الحركة والعمل وحيدا بعد تصفية العناصر الإسلامية في المجالات كافة حتى الأندية الرياضية .

تم نفي ما ذكر عن خطة ميتشل مرارا وتكرارا ولكن ما جرى على الساحة السياسية والاجتماعية على مدى ثلاثة عقود أكد وجود الخطة لأن يتم تنفيذ عناصرها على أرض الواقع بدأب وإصرار .

إن عملية تجفيف المنابع حقيقة واقعة لا شك فيها ، ومطاردة الإسلاميين يثبتها وجود أعداد هائلة من المعتقلين الذين لم يفرج عنهم إلا بعد أن بلغوا مرحلة المشيب ، وكانوا قد اعتقلوا وهم شباب يمتلكون الحيوية والنضارة ، ومازالت المعتقلات والسجون تغص بأبناء لحركة الإسلامية وفيهم من هو مفخرة لبلاده وللإسلام والمسلمين.. ولكن الخطة تقضي بتجفيف المنابع !

ولا تستطيع أينما وليت وجهك الآن إلا أن تجد التعليم بعيدا عن الدين الإسلامي. لقد تم إعفاء الأزهر من مهمته الأساسية وهي الدعوة إلى الإسلام ، وخلت المدارس في التعليم العام من الإسلام ؛ بل إن المدارس الجديدة التي تسمى مدارس المنح كان من شروط بنائها إلغاء المساجد فيها ، أما حصة التربية الدينية ، فهي حصة صورية لا وجود لها على أرض الواقع إذ إن الطالب يعلم أنها لا تضاف إلى المجموع ، وأن المدرسين يستغلونها لتدريس ما فاتهم في المواد الأخرى مثل الكيمياء والانجليزي والهندسة والجغرافيا .. إلخ .

في الثقافة لا تجد بين قادتها من يفخر بإسلامه ويعلن انتماءه إليه . إنهم يعلنون انتماءهم إلى ما يسمى الاستنارة ، أي الإيمان بالتجربة دون الغيب ، وأغلبهم من اليسار الذي دخل الحظيرة أو الأرزقية الذين يعرفون أن دينهم هو المصلحة أو المنفعة حيث كانت .

في الإعلام والصحافة صارت الأبواق والأقلام ملكا للسلطة أو الأقلية الطائفية في الغالب الأعم . السلطة تعين رؤساء التحرير والقيادات المهمة ، والصحف المستقلة والخاصة ؛ يملك معظمها رجال أعمال طائفيون متعصبون يخدمون التمرد الطائفي ويشاركون بأموالهم في التنصير.

ولوحظ مثلا أن رجل الأعمال الطائفي المتعصب الذي يعد من أغنى أغنياء العالم ، ويتحرك غالبا في إثر القوات الأميركية الغازية ، يسيطر على أكثر من قناة تلفزيونية ، وأكثر من صحيفة يومية وأسبوعية مؤثرة ، وقد استطاع أن يشترى كثيرا من الأبواق والأقلام لصحفه وقنواته التلفزيونية ، ومن لا يقدم برنامجا في هذه القنوات فهو ضيف ، وكلهم يقبض من أمواله !

بل إنه استطاع أن يستقطب الأدباء ومعظمهم من أهل الحظيرة لإدارة واستحقاق جوائزه التي رصدها للتبشير بكل ما هو ضد الإسلام ، كما أعلن وأذاع في قنواته التلفزيونية مواد إباحية ، وألغى اللغة الفصحى وجعل المذيعين يستخدمون العامية حتى في نشرات الأخبار !

وتستطيع أن تضيف إلى ذلك تبنيه لعدد غير قليل من الأدباء والكتاب الماركسيين سابقا والمعادين للإسلام دائما ، يدعوهم إلى حفلاته ولقاءاته الخاصة ويرعاهم ماديا وإعلاميا ، وخاصة من يراهم أكثر عداء لديننا وتاريخنا حتى لو رفضهم الناس في بلادنا.

بيد أن المحنة الحقيقية تتمثل في الإعلام الراهن وخاصة التلفزيون الذي يفترض فيه أنه يعبر عن قيمنا وعقيدتنا ، فتجده يتطوع بل ينفذ ما يؤمر به ، من استضافة العناصر التي تشوش على الإسلام وتشوهه وتحاربه ، ولا يجد في ذلك غضاضة في مقابل حرمان الجمهور من الصوت الإسلامي الحقيقي والتعتيم عليه لصالح الصوت المنكر الذي يخرج الناس من النور إلى الظلمات !

تأمل البرامج والأفلام والمسلسلات التي تنتهك حرمة شهر رمضان الكريم وتستضيف العوالم والغوازي وتجار الفن الرخيص ، وخدام النظام ،واستمع إلى ما يقولونه من فاحش القول وبذيئه عن زواجهم السري وممارستهم للزنا ومفاخرتهم بالتحشيش ، وازدرائهم للعبادات ، وسبهم للعلماء والفقهاء ، واحتقارهم لمن ينتمون إلى التدين أو يرتدون الملابس المحتشمة ..

ثم تأمل الصورة التلفزيونية التي خلعت فيها مصر ثوب الإسلام وجعلت من الرجل مسخا مشوها ، وكيانا مخنثا يقلد النساء في الكلام والحديث ، ويرتدي السلاسل ويصبغ شعره وهو طاعن في السن أو يصنع له ذيلا ، ويبدو أقرب إلى الأنوثة منه إلى الرجولة ويعد ذلك حرية وتقدما وتحضرا !

ثم انظر إلى صورة المرأة التي تحولت إلى مجرد سلعة تجارية تجذب المشاهدين عن طريق التفنن في الإغراء والغواية من خلال غرفة النوم أو باستخدام الأصباغ والشعر المستعار والرموش الصناعية والعدسات اللاصقة ، وعمليات التجميل بالكولاجين والبيوتكس ، والملابس العارية وقمصان النوم المثيرة والتأوهات والألفاظ والتلميحات والإيماءات والكنايات الدالة على الشبق والنظرات الموحية به ، وكأن الشعب المصري صار لا يتقن إلا فنون الجنس ..

لقد تحول الممثلون والممثلات إلى رقيق يباع ويشترى في سوق التغريب والنخاسة الجديد ، وهو سوق ينحاز إلى القبح والشر والدم والجريمة والإدمان والمخدرات والانتهازية والكذب والرشوة والسكر والعربدة والمال الحرام والإنفاق السفيه ، ونقل نفايات الغرب الاستعماري الصليبي من عادات وتقاليد ، فضلا عن سلوكيات لا عهد للمصريين بها ؛ مثل تدخين المرأة للشيشة وكأن هذا ذروة التقدم كما يراه بعض كتاب السيناريو السكارى دائما !

صار المسلم على شاشة التلفزيون مثالا للازدواجية والفصامية والتدين المغشوش وتفسير الانحراف وفقا للهوى ، لدرجة الإلحاح مثلا على أن الحشيش بوصفه نباتا فهو حلال مثله مثل أي نبات آخر أما الهيروين فهو الحرام وحده لأنه صناعة بشرية! لقد خرج المصري المسلم من دينه على شاشة التلفزيون كما أراد صموئيل زويمر وخلفاؤه ، وتعمد بماء المؤسسة الاستعمارية الصليبية الملوث !

وهذه هي الخطوة الحاسمة في طريق التنصير الكامل ، والخضوع للغرب!

الاستثناء من تلك الصورة التلفزيونية نادر ، وهو استثناء يثبت القاعدة ، ويؤكد على إخراج المسلمين من الملة ، ويحقق ما أراده صموئيل زويمر في تخطيطه الشيطاني لتنصير المسلمين !

هل ترون مصر تتنصر ؟ وهل دعوة بعض بنيها إلى إلغاء المادة الثانية من الدستور خطوة في هذا الاتجاه ؟ وهل زرع أرض مصر بالكنائس التي لا تجد من يصلي فيها خطوة أخرى ؟ وهل استعراض العضلات من جانب بعض المتنصرين ومساندتهم من جانب بعض العملاء الذين يحملون أسماء إسلامية خطوة ثالثة ؟ وقبل ذلك هل إصرار زعيم التمرد على تسليم وفاء قسطنطين التي اسلمت بمحض ارادتها إلى الكنيسة خطوة رابعة في إثبات الوجود للمنصرين ؟

مصر تتنصر عندما يطارد الإسلام ويتم حماية المنصرين الذين يخرجون الناس من إسلامهم أو يعمدونهم !

* مفكر مصري واستاذ بجامعة طنطا
[email protected]*
صحيفة المصريون
23 - 9 - 2009


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.