رسالة متضاربة من تركيا وليم بفاف يعبر النصر الانتخابي المدوي الذي حققه حزب العدالة والتنمية في تركيا في الانتخابات التي جرت في 22 يوليو الجاري والتي شارك بها 80% من الناخبين الاتراك عن رغبة الاتراك في تحقيق هدفين متناقضين فهم من جهة تمسكوا بحكومة رجب طيب اردوغان الذي يعمل بجد للحصول على عضوية الاتحاد الاوروبي لبلاده، في نفس الوقت عبر الاتراك عن دعمهم للحركة الدينية التي خرجت من الطبقة الوسطى التي تشكل القاعدة العريضة لحزب العدالة والتنمية ولا يخفى من النتيجة التي ظهرت رفض معظم الاتراك للقيم العلمانية التي رفعها كمال اتاتورك في 1923 والتي اقيمت على اساسها الجمهورية التركية الحالية هناك مشكلة قائمة بين تركيا والاوروبيين ففي الوقت الذي يبدي فيه الاوروبيون استعدادهم لرؤية تركيا العلمانية كعضوة في الاتحاد الاوروبي لا انهم إلا يريدون لتركيا ان تحكم من قبل حزب اسلامي وتصبح في نفس الوقت عضوة في الاتحاد الاوروبي. هناك اسباب عديدة للموقف الاوروبي يأتي على رأسها الحرب التي تخوضها الولاياتالمتحدة ضد الارهاب وتحديدا ضد الحركات المتطرفة الاسلامية هناك اسباب اخرى ثقافية وعملية فالحضارة الاوروبية تشكلت بصورة حاسمة حول المسيحية وقيمها وهو شيء واضح للجميع بطريقة او بأخرى. تركيا ايضا بلد كبير جدا وبه نسبة مواليد عالية ويبلغ تعداد السكان فيها 78 مليون نسمة ولا يوجد بلد اوروبي اكثر تعدادا للسكان منها باستثناء المانيا التي يبلغ عدد سكانها 83 مليون نسمة. الحكومة الفرنسية الحالية تقول بانها ستستخدم الفيتو ضد قبول تركيا والحقيقة انه اذا ما وضعت العضوية التركية في استفتاء امام الشعوب الاوروبية فإنها بالتأكيد لن تحصل على الموافقة. يوجد في تركيا قطاع صناعي قريب من حجم ما هو موجود في بولندا والمجر ولكن معظم الاتراك لا يزالون يعيشون في مجتمعات زراعية. مشكلة تركيا باختصار هي حجمها وتأخر قطاعات كبيرة من سكانها حيث يوجد لديها الكثيرمن الفلاحين. يعتبر اتاتورك من اكثر الاشخاص طموحا وثورية، في العصر الحديث فلقد استلم السلطة في مجتمع شرقي كان في القرن الخامس عشر يسيطر على الكثير من الدول الاوروبية مثل اليونان وصربيا والبوسنة والبانيا وهدد في يوم من الايام فيينا وكانت سيطرته تشمل الشرق الاوسط وشمال افريقيا الى جبل طارق. في 1914 تحطمت الامبراطورية العثمانية بسبب طبيعتها الاقطاعية كانت تركيا عاجزة عن التعامل مع ضغوطات التحديث التي كانت جارية في الامبراطورية النمساوية - الهنغارية وفي الامبراطورية الروسية من اجل ذلك بدأت تتراجع. حاول اتاتورك تحويل تركيا من بلد متخلف الى دولة عصرية حيث عمل على اقامة نظام علماني وأحل الحروف الاوروبية محل الحروف العربية ونظم انتخابات ديمقراطية وحدث ادارة الدولة والجيش الذي اصبح لاحقا هو حارس العلمانية في تركيا وهو شيء دعاه للتدخل ضد اي حكومة منتخبة اذا ما رأى ان سياساتها تتعارض مع مبادىء العلمانية وهذا حصل اربع مرات حتى الان. الجيش قمع ايضا مطالبات وتحركات الاقليات وأصر على «تركنة» تركيا. اتاتورك الذي توفي في 1938 اراد ان يجعل من تركيا بلدا اوروبيا وكان يرى ان قدر تركيا في ان تكون قوة اوروبية النخبة التركية لها توجهات وطموحات اوروبية. بالتأكيد يوجد هناك مكان لتركيا في اوروبا ليس كعضو مثلها مثل اي بلد اوروبي بل كشريك لاوروبا ففي النهاية فإن تركيا كبلد لها ثقافتها وشخصيتها التي لا تلتقي مع الشخصية والثقافة الاوروبية. عن صحيفة الوطن القطرية 1/8/2007