طبيبة كفر الدوار تطعن على حكم إيقافها 6 أشهر في قضية إفشاء أسرار المرضى    85% حد أدنى للشهادات المعادلة.. تنسيق برنامج تكنولوجيا تصنيع الملابس 2025    تنسيق الجامعات 2025.. كل ما تريد معرفته عن هندسة حلوان لطلاب الثانوية    ثورة «الأزهرى».. كواليس غضب الوزير من مشاهير الأئمة.. وضغوط من "جميع الاتجاهات" لإلغاء قرارات النقل.. الأوقاف تنهى عصر التوازنات وتستعيد سلطاتها فى ضبط الدعوة    برواتب تصل إلى 13 ألف جنيه.. وزارة العمل تعلن عن وظائف جديدة للشباب    فاتورة التصعيد الإسرائيلى- الإيرانى.. اشتعال أسعار الطاقة وارتباك الأسواق واهتزاز استقرار الاقتصاد العربى.. توقعات بزيادة التضخم مجددا فى الأسواق الناشئة وإضراب في سلاسل الإمداد    92.9 % صافي تعاملات المصريين بالبورصة    إسرائيل: الولايات المتحدة أنقذت العالم من كارثة نووية    «أكسيوس»: الهجوم على إيران كان عملية ترامب وليس البنتاجون    جراء الضربة الأمريكية.. معهد الأمن الدولي: مجمع أصفهان النووي الإيراني تضرر بشدة    ارتفاع عدد ضحايا الهجوم الإرهابي بدمشق ل20 قتيلًا و52 مصابًا    وزير الخارجية الإيراني يصل إلى موسكو للتشاور مع بوتين    لحظة بلحظة.. الهلال ضد سالزبورج 0-0    20 صورة من تحرك الأهلي لخوض مرانه الأخير استعدادا لمواجهة بورتو بكأس العالم للأندية    مواعيد مباريات اليوم الإثنين في كأس العالم للأندية والقنوات الناقلة    محمد صلاح: أرفض تدريب الأهلي    بيلينجهام: من الصعب لعب كرة القدم في تلك الحرارة.. وأخضع لعملية جراحية بعد المونديال    الكشف عن سر إشارة حكم مباراة ريال مدريد وباتشوكا    مشاجرة بالبنزين في بولاق الدكرور والضحية سيدة    مأساة في البحيرة.. طفلان خرجا للهروب من حرارة الصيف فعادا جثتين هامدتين    مصرع شابين غرقا ببركة زراعية في الوادي الجديد    إصابة 5 أشخاص في حادث انقلاب ميكروباص بالصف    بالصور.. خطوبة نجل سامي العدل بحضور الأهل والأصدقاء    نانسى عجرم تحيى حفلا ناجحا بمهرجان موازين بعد غياب 7 سنوات    حقيقة تحديد 4 نوفمبر المقبل موعدا لافتتاح المتحف المصري الكبير    الأزهر للفتوى يحذر من الغش في الامتحانات: المُعاونة على الإثم إثم وشراكة في الجريمة    ما حكم تسمية المولود ب اسم من أسماء الله الحسنى؟.. أمين الفتوى يُجيب    علي جمعة: المواطنة هي الصيغة الأكثر عدلاً في مجتمع متعدد الطوائف    بالأرقام.. ممثل منظمة الصحة العالمية: 50% من حالات السرطان يمكن الوقاية منها    نيللي كريم تكشف عن مواصفات فتى أحلامها المستقبلي (فيديو)    «الخدمات الطبية» تقدم فحصًا طبيًا ل312 حالة من العاملين بكهرباء جنوب القاهرة    جمال الغندور: الأهلي يفاضل بين ديانج وعطية الله للموسم المقبل    «الشيوخ» ينتقد أوضاع كليات التربية.. ووزير التعليم العالى: لسنا بعيدين عن الموجود بالخارج    محافظ كفر الشيخ يشيد بحملات طرق الأبواب بالقرى لنشر خدمات الصحة الإنجابية    موعد افتتاح المتحف المصري الكبير    أكسيوس عن مسؤول أمريكى: ويتكوف أكد أن واشنطن لا تزال تسعى لحل دبلوماسى    شكاوى من صعوبة «عربى» الثانوية.. وحالات إغماء بين الطلاب    تفاصيل القبض علي المتهم بقتل زوجته بعلقة موت في الدقهلية    رئاسة حى غرب المنصورة تواصل حملاتها المكبرة لرفع الإشغالات والتعديات على حرم الطريق    إصابة 6 أشخاص خلال مشاجرة ب الأسلحة البيضاء في المنوفية    ملخص وأهداف مباراة ريال مدريد ضد باتشوكا فى كأس العالم للأندية    سيناتور أمريكي: إدارة ترامب تكذب على الشعب الأمريكي    جامعة جزيرة الأمير إدوارد بالقاهرة تحتفل بتخريج دفعتها الرابعة لعام 2024/2025    مندوب إيران بمجلس الأمن: أمريكا الوحيدة تاريخيا من استخدمت أسلحة نووية    لا تسمح لأحد بفرض رأيه عليك.. حظ برج الدلو اليوم 23 يونيو    18 يوليو.. هاني شاكر يلتقي جمهوره على مسرح البالون في حفل غنائي جديد    «المهرجان الختامى لفرق الأقاليم» يواصل فعاليات دورته السابعة والأربعين    صنّاع وأبطال «لام شمسية»: الرقابة لم تتدخل فى العمل    بعد ارتفاعه رسميًا.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 23 يونيو 2025    سعر الطماطم والبصل والخضار في الأسواق اليوم الاثنين 23 يونيو 2025    منصة إلكترونية بين مصر والأردن لضمان حماية العامل    اعتماد نتيجة امتحانات الترم الثاني لمعاهد "رعاية" التمريضية بالأقصر.. تعرف على الأوائل    وشهد شاهد من أهله .. شفيق طلبَ وساطة تل أبيب لدى واشنطن لإعلان فوزه أمام الرئيس مرسي!    كورتوا ينتقد أسينسيو: كرر نفس الخطأ مرتين.. وعليه أن يكون أكثر ذكاءً    تقديم الخدمات الطبية ل1338 مواطناً فى قافلة مجانية بدسوق في كفر الشيخ    وداعًا لأرق الصيف.. 4 أعشاب تقضي على الأرق وتهدئ الأعصاب    هل يُغسل المتوفى المصاب بالحروق أم له رخصة شرعية بعدم تغسيله؟.. الإفتاء تجيب    محمد علي مهاجمًا محمد حسان بسبب إقامته عزاء لوالدته: تراجع عما أفتيت به الناس في الماضي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تركيا والاتحاد الأوروبي
شيزوفرانيا سياسية
نشر في العالم اليوم يوم 20 - 12 - 2006

القمة الأوروبية التي عقدت في بروكسل في الاسبوع الماضي اصدرت قرارا بوقف المفاوضات التي كانت تجري مع تركيا للانضمام الي الاتحاد الاوروبي! والسبب هو رفض تركيا فتح موانيها أمام السفن والطائرات القبرصية.
وكان رد الفعل السريع من جانب الطيب أردوجان رئيس وزراء تركيا هو أن البعض يحاول ان يجعل من الاتحاد الاوروبي مجرد ناد للمسيحيين، كما أعلن أيضا تمسكه وإصراره علي التحاق تركيا بالاتحاد.
والواقع انه ومنذ قرار القمة الاوروبية السابق - منذ حوالي 15 شهرا - بفتح الحوار مع تركيا للانضمام الي الاتحاد الاوروبي في أكتوبر 2005، وهناك قائمة طويلة من المطالب الاوروبية لتأهيل تركيا للعضوية منها المطالبة باعتذار تركي رسمي عن المجازر البشرية التي ذهب بعض المؤرخين بأن القوات التركية قامت بها ضد أرمينيا في الحرب العالمية الثانية وراح ضحيتها مئات الآلاف.
وكان الأمر صعبا ومعقدا لحكومة الطيب أردوجان التي كسبت الانتخابات تحت شعارات اسلامية ان تقدم الكثير من التنازلات خاصة تلك التي تتعلق بتعديل بعض القوانين التي يتصور البعض انها جزء لا يتجزأ من الشريعة الاسلامية مثل المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة، بما في ذلك المساواة في الميراث وفي حق الزواج والطلاق، وآخرها كان قانون "الزنا" الذي اضطر البرلمان التركي الي ادخال تعديلات جوهرية عليه وفقا للمشيئة الأوروبية واصدر الفقهاء الاتراك فتوي شرعية تبرر ما قام به أردوجان لأنه في صالح الشعب التركي.
وفيما أكد رئيس الوزراء التركي أن بلاده قدمت كثيرا من التنازلات بما فيه الكفاية بحثا عن أرضية مشتركة مع دول الاتحاد وانه ليس علي استعداد لتلبية مطالب جديدة خرجت قضية فتح المواني التركية امام السفن والطائرات القبرصية لتوقف القطار التركي المندفع نحو محطة الاتحاد الاوروبي.
وتركيا كانت من اوائل الدول التي طرقت أبواب الاتحاد الاوروبي بل والسوق الاوروبية المشتركة من قبل، منطلقة من حقيقة يفرضها واقع الجيوبولتيك من ان هناك جزءاً مهماً من تركيا يقع في أوروبا، إضافة الي ان تركيا تشرف علي معابر شرق ووسط أوروبا إلي البحر المتوسط من خلال مضيقي البوسفور والدردنيل.
كما ان تركيا وفي أعقاب الحرب العالمية الثانية ارتبطت ومن البداية بالنظم الدفاعية الغربية حين انضمت الي حلف الاطلنطي في بداية الخمسينيات جنبا الي جنب مع فرنسا والمانيا وايطاليا وانجلترا واليونان، وعدد آخر من دول غرب أوروبا التي تشكل الكتلة الرئيسية للاتحاد الاوروبي ومنذ ذلك التاريخ اصبحت تركيا إحدي قلاع الغرب الرئيسية في مواجهة المعسكر الآخر الذي كان متمثلا في الاتحاد السوفييتي ومعسكر دول حلف وارسو.
وإذا كانت عوامل الجغرافيا السياسية والامن الاوروبي تمثل عوامل دافعة لانضمام تركيا الي الاتحاد الاوروبي فان البعد التاريخي لتركيا العثمانية كان ومازال يمثل ندوبا غائرة علي طريق الانضمام التركي، فقد كانت الامبراطورية العثمانية اكبر قوة في التاريخ تقوم بغزو الاعماق الاوروبية.
ومنذ الاستيلاء علي القسطنطينية في اواسط القرن الخامس عشر شمل الغزو العثماني والسيطرة التركية منطقة واسعة من شرق ووسط أوروبا وشملت دولا مثل رومانيا وبلغاريا ويوغوسلافيا والمجر واليونان بل ان القوات التركية العثمانية حاصرت فيينا عاصمة أوروبا في ذلك الوقت لفترة امتدت ستة شهور، وتواصل الاحتلال التركي علي مدي قرون طويلة.
ومن يقرأ رواية جسر علي نهر درنبا الشهيرة يستطيع ان يدرك عمق الجراح التي خلفها الاستعمار التركي العثماني لبعض الدول الاوروبية، خاصة شعوب وسط وشرق اوروبا، بل هناك تعبير سائد في كل اللغات الأوروبية الحديثة - أنت تركي - بما يعني صفات سلبية مثل القسوة والغباء.
وارتبط التاريخ الاستعماري لتركيا في اوروبا بالصراع الديني الذي كان قائما وبالمذابح التي اتهم العثمانيون باقامتها في المجر ويوغوسلافيا وارمينيا الامر الذي جعل قطاعا من شعوب تلك المنطقة يعارضون بشدة دخول تركيا وقد بان ذلك بوضوح في التصويت الذي جري في البرلمان الاوروبي حول انضمام تركيا الي الاتحاد.
وتركيا المعاصرة مثل تركيا التاريخية دولة مفصلية مهمة ومؤثرة جسدها في آسيا وقلبها في أوروبا، وجمع تاريخها في صفحاته الكثير من التناقضات الغربية، فهي الدولة الاسلامية الوحيدة العضو في حلف الاطلنطي وهي ايضا الدولة الاسلامية الوحيدة التي تعقد معاهدات استراتيجية مع اسرائيل.
وتركيا المعاصرة مثل تركيا التاريخية هي بالفعل بلد الثنائيات المتناقضة، فالقسطنطينية عاصمة الامبراطورية الرومانية الشرقية ومركز المسيحية العالمية هي نفسها استانبول عاصمة الخلافة الاسلامية العثمانية حتي اوائل القرن العشرين.
وبعد ثورة كمال أتاتورك علي امبراطورية آل عثمان، تصور ان التحديث يعني فقط تغيير اللافتات والشعارات وذلك باصدار فرمانات من أعلي ولذلك جاءت العلمانية التي أعلنها مفتقدة للمضمون والجوهر مثل الخلافة التي الغاها وكلاهما كان وسيظل مجرد هيكل شكلي للهيمنة والسيطرة، فلا الخلافة العثمانية كانت خلافة اسلامية حقيقية، ولا علمانية أتاتورك تمثل العلمانية العقلانية الحقة.
وفي الداخل ترفع تركيا شعار الديمقراطية والتعددية، ولكنها ديمقراطية من طراز خاص يعطي للجيش وللقيادة العسكرية الحق في التدخل لتصحيح الاوضاع اذا رأي أن السياسات التي تجري تمس الامن القومي التركي من وجهة نظره، وقد حدث ذلك ثلاث مرات في العقود الاربعة الماضية كان آخرها اسقاط حكومة نجم الدين أربكان بتوجهاتها الاسلامية سنة 1997، والغريب في الامر ان الطيب اردوجان رئيس الوزراء الحالي كان عضوا مهما في وزارة أربكان.
وهكذا ظلت تركيا تعيش صراعا محتدما بين الماضي والحاضر اما المستقبل فقد ظل محاصرا وهامشيا لا يحلم به سوي بعض الجماعات من المثقفين والكتاب والشعراء الذين طالتهم يد السلطة الغليظة.
وإذا كانت الجغرافيا تساند والتاريخ يباعد فإن الثقافة أو ما يسمي بصراع الثقافات تلعب دورا مهما في الاتحاد الاوروبي وعلاقته بتركيا وبان ذلك عند مناقشة مشروع الدستور الاوروبي الجديد حيث جري صراع حاد بين بعض بلدان شرق أوروبا وخاصة بولندا وبلغاريا وسلوفانيا وايطاليا الذين كانوا يسعون الي اضافة بند في الدستور يؤكد ان المسيحية هي الدين الرسمي للاتحاد، بينما رفضت دول علمانية ذلك مثل انجلترا وفرنسا والمانيا.
وهناك مشاكل اخري مازالت تمثل مشكلة امام الالتحاق التركي بالركب الاوروبي منها العامل الاقتصادي اذ ان تركيا تعتبر دولة نامية فقيرة بالمعايير الاوروبية ومن الممكن ان تمثل عبئا علي اقتصادات الاتحاد فمازالت متوسطات الدخل والانتاج في تركيا اقل بكثير من متوسطات الدول الاوروبية الفقيرة نسبيا مثل اليونان والبرتغال وايرلندا.
كما ان تركيا ستصبح في السنوات الخمس القادمة أكبر دولة من حيث السكان مقارنة حتي بالدول الأوروبية الكبيرة مثل المانيا وفرنسا وانجلترا وايطاليا الامر الذي يعطيها في حالة انضمامها للاتحاد الاوروبي ثقلا خاصا حيث يرتبط تمثيل البلدان في البرلمان والمفوضية الاوروبية وفقا لعدد السكان مثلما ينص مشروع الدستور الجديد.
ولاشك أن مسيرة انضمام تركيا للاتحاد الاوروبي مازالت طويلة وتواجهها الكثير من العقبات والمشكلات بابعادها التاريخية والجغرافية والثقافية، تري هل يقوم الطيب اردوجان رئيس الحكومة التركية الذي وصل الي الحكم بشعارات اسلامية بتقديم تنازلات جديدة لفتح باب الاتحاد الاوروبي أمامه.. مرة أخري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.