السؤال: هل ينتقض الوضوء بخروج الدم من البدن ؟. *** خروج النجاسة من البدن لها ثلاثة أحوال : الأولى : أن تكون بولا أو غائطاً وخرجت من المخرج المعتاد ، فهذا ناقض للوضوء ، بأدلة الكتاب والسنة والإجماع . قال الله تعالى : " وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ " المائدة/6 . وروى الترمذي (96) عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ رضي الله عنه قَالَ : " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُنَا إِذَا كُنَّا سَفرًا أَنْ لا نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ إِلا مِنْ جَنَابَةٍ ، وَلَكِنْ مِنْ غَائِطٍ وَبَوْلٍ وَنَوْمٍ " . صححه الألباني في صحيح الترمذي . فذكر الغائط والبول والنوم من نواقض الوضوء . الثانية : أن تكون بولا أو غائطاً وخرجت من غير المخرج المعتاد ، كمن أجريت له عملية جراحية وصار يخرج منه الخارج من فتحة في بطنه – مثلاً ، فهذا ناقض للوضوء لأن الأدلة السابقة تدل على نقض الوضوء بخروج البول والغائط ، وعمومها يشمل خروجها من المخرج المعتاد أو غيره . الثالثة : أن تكون النجاسة الخارجة من البدن غير البول والغائط ، كالدم ، والقيء عند من قال بنجاسته من العلماء . فهذا مما اختلف العلماء فيه ، فذهب بعضهم – كالإمام أبي حنيفة وأحمد على اختلاف بينهما في تفصيل ذلك – إلى أنه ناقض للوضوء . واستدلوا على ذلك بعدة أدلة : 1- قول النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة المستحاضة : ( إِنَّمَا ذَلِكِ عِرْقٌ ، فتَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلاةٍ ) . قالوا : فَعَلَّلَ وجوبَ الوضوءِ بأنه دم عرق ، وكلُّ الدماء كذلك . 2- ما رواه الترمذي (87) عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاءَ فَأَفْطَرَ فَتَوَضَّأَ ، فَلَقِيتُ ثَوْبَانَ فِي مَسْجِدِ دِمَشْقَ ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ ، فَقَالَ : صَدَقَ ، أَنَا صَبَبْتُ لَهُ وَضُوءَهُ . صححه الألباني في صحيح الترمذي . وقد ذهب كثير من العلماء إلى أن خروج النجاسة من البدن لا ينقض الوضوء ، واحتجوا بأن الأصل عدم نقض الوضوء ، وليس هناك دليل صحيح يدل على نقض الوضوء بذلك . قال النووي رحمه الله : " وأحسن ما أعتقده في المسألة أن الأصل أن لا نقض حتى يثبت بالشرع ، ولم يثبت " انتهى . وأجابوا عن أدلة من قالوا بالنقض بما يلي : أما حديث المستحاضة ، فأجابوا عنه بأن النبي صلى الله عليه وسلم أراد بذلك نفي كونه دم حيض ، أي ليس هذا الدم دم حيض وإنما هو دم عرق ، وإذا كان كذلك فإنك لا تتركين الصلاة ، بل تصلين ، غير أنك تتوضأين لكل صلاة . قال النووي في "المجموع" : " لو صح – يعني حديث المستحاضة- لكان معناه إعلامها أن هذا الدم ليس حيضاً ، بل هو موجب للوضوء لخروجه من محل الحدث ، ولم يُرِدْ أن خروج الدم - من حيث كان - يوجب الوضوء " انتهى . وأما حديث ثوبان ، فأجابه عنه بعدة أجوبه : 1- أنه ضعيف . قال النووي في "المجموع" " وأما الجواب عن احتجاجهم بحديث أبي الدرداء فمن أوجه : أحسنها أنه ضعيف مضطرب , قاله البيهقي وغيره من الحفاظ " انتهى . 2- أنه مع تقدير ثبوته وصحته لا يدل على نقض الوضوء بخروج القيء ، لأنه مجرد فعل من الرسول صلى الله عليه وسلم فيدل على استحباب الوضوء من القيء ، لا على وجوبه . والله أعلم . المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب