صدرت في وارسو عن دار الحوار الترجمة العربية لمسرحية "زواج" للروائي والكاتب المسرحي البولندي فيتولد غومبروفيش في الذكرى المئوية لميلاده، ترجمة وتقديم جورج يعقوب الأستاذ في معهد الاستشراق بجامعة وارسو. ووفقا لأحمد حسين بموقع "إيلاف" تعد هذه المسرحية التي أنجزها فيتولد غومبروفيتش في منفاه الأرجنتيني أشهر مسرحياته الثلاث التي كتبها طوال حياته، وهي جزء مهم من تراثه الأدبي الذي يشمل القصص القصيرة والروايات واليوميات والمقالات الفكرية والنقدية. وتمت ترجمة مسرحية "زواج" وغيرها من مؤلفات غومبروفيتش بعد رحيله عن عالمنا الى أغلب لغات العالم، ومن بينها اليابانية. أما العربية ونصيبها من الأدب البولندي المترجم فقد ظهرت بوادره منذ سنوات قليلة. تتكون المسرحية - وفقا لنفس المصدر- من ثلاثة فصول، في الفصل الاول :أمامنا الجندي البولندي هنريك في فرنسا أثناء الحرب العالمية الثانية وهو يحلم ببيته في بولندا ووالديه. وفي هذا الحلم يظهر البيت وكأنه تحول الى خمارة، وأن أبويه أصبحا ساقيين فيها.. يدرك هنريك بصعوبة أن خادمة الخمارة هي خطيبته مانيا. وفجأة يدخل سكير على رأس مجموعة من السكيرين ويحاول أن يتحرش بمانيا فيمنعه الأب، فيبدأ السكير حينها باضطهاده. لكن الأب يصرخ وهو في حالة رعب، أنه ذو حصانة ولايمكن مسه، فيصرخ السكيرون بأنه ذو حصانة كالملك. عندها يركع هنريك أمام أبيه بعد أن تشبع بحالة من حالات الجلال والعظمة. وفي اللحظة التي يقَدم فيها هنريك شعائر الولاء لأبيه، يعلن أنه ذو حصانة. والحصانة هذه تمنع السكير من لمسه، وبهذا يستطيع أن يتجنب اضطهاده. وهنا تبدأ مشاعر هنريك تضعف تجاه أبيه، فيقترح عليه أبوه الاتفاق التالي : أنت تعترف بي ملكاً، وأنا وبفضل سلطاتي الملكية سأرد لخطيبتك - العذراء- شرفها ونقاوتها اللذين فقدتهما في الخمارة. سأحولها الى عذراء ذات حصانة، وسآمر بزفكما "زفافا لائقاً" يقدس ويطهر من كل شيء. في الفصل الثاني: تبدأ مشاهد الإعداد لزواج لائق لهنريك من مانيا، وأثناء ذلك تتعرض سلطة الملك للخطر فهناك مؤامرة تحاك من قبل الوجهاء. وهنا يشعر هنريك أن كل شيء يتعلق بموقفه من منامه، وهل سيقف موقفاًً حكيماًً أم غبياً، فيلقي كلمة حكيمة وبفضل ذلك يستطيع السيطرة على تهور الخونة. وفي هذه اللحظة المقررة للزواج، يقتحم السكير الذي تمكن من الهرب من السجن بمساعدة الخونة المكان ويهجم على الملك محاولا لمسه بإصبعه المهول. يهرع هنريك لمساعدة أبيه وخطيبته، ويبدأ الواقع يترنح بين الغباء والحكمة... السكير ينهزم أمام حكمة هنريك ويتظاهر أنه يتراجع، ويطلب منه الكلام على انفراد كي يستطيع بطريقة أخرى وبالحيلة أن يصل الى مبتغاه. يبدأ المشهد يتطور الى لقاء شرب الشاي لفترة ما بعد الظهر. وهنا يحاول السكير اغراء هنريك: ساعدنا بالإطاحة بهذا الملك الضعيف الأعزل.. ونحن سنجعل منك ملكاًً تستطيع أن تمنح بركة الزواج بنفسك ولنفسك بفضل قوتك أنت. تتملك هنريك النشوة والمرح، ليس بفضل النبيذ.. بل بفضل اللعبة ذاتها، ويبدأ ينجر لهذه اللعبة الى أن يبدو وكأنه أذعن لدسائس السكير: سيخون أباه ويعلن نفسه ملكاًً... لكنه ينسحب في اللحظة الأخيرة.. أنه لن يخون. أما الملك - الأب - فإنه لايستطيع السيطرة على مخاوفه الملكية المهولة وتبدأ عملية الخوف من ابنه التي تصنع من هنريك خائناً حقيقيا فيقف ضد أبيه ويطيح بعرشه ويعلن نفسه ملكاًً. وبعد أن سيطر على الموقف عليه أن يزوج نفسه بنفسه. غير أن السكير يحاول بشكل مصطنع أن يوحي بوجود علاقة بين فواجو صديق هنريك ومانيا وذلك أمام البلاط، مما يقذف هنريك في جحيم الغيرة. في الفصل الثالث: يظهرهنريك كطاغية، ويعد لزواجه وعندما يفهم أن الناس يرفعون الانسان إلى كائن متعال ويسلحونه بالسلطة، بل ويحولونه الى إله، عندها يقرر إكراه رعيته بأن تضخ فيه الألوهية عن طريق التقديس والطاعة ليتمكن من منح نفسه بركة الزواج ويكون زواجه مقدساًً حقاًً يعيد الطهارة والبتولة الى خطيبته. ولكن الغيرة تضعف كيانه.. ويعمل الوالدان على تأجيج نيران الشك في قلبه انتقاماًً منه بسبب الاضطهاد والتعذيب. وفي هذه الحالة لايستطيع أي شيء أن يعيده الى هدوئه وقوته سوى موت فواجو. ولكي يكون موت فواجو تأكيداًً نهائياًً للسلطة الملكية، فإن على فواجو أن يقتل نفسه بأمر من هنريك. وفعلا ً يسر هنريك لفواجو بهذه الفكرة، وهو يعلم أنها ليست مسألة جدية. وفي اللحظة الحاسمة التي يريد فيها هنريك تزويج نفسه، وبسبب عذاباته وتأنيب ضميره وغيرته، يبدأ بالانهيار أمام ضربات السكير الذي جدد حربه. وفي هذه اللحظة نرى جثة فواجو: لقد انتحر الصديق لكي يحقق إرادة الطاغية.