رغم الصعوبات والحروب والأزمات الاجتماعية فى عالمنا اليوم، وفى قارة إفريقيا على وجه الخصوص، من النزاعات فى السودان والكونغو، إلى الأزمة الإنسانية فى الصومال، إضافة إلى التحديات الاقتصادية والاجتماعية التى تواجه شعوباً كثيرة، يبقى نداء السلام حياً. لأن السلام الذى يبشّر به المسيح لا يتوقف على الظروف التاريخية، بل يولد فى قلب الإنسان ويشعّ فى العالم بنعمة الروح القدس. فالخلاص الذى يقدّمه المسيح لا يُفرض، بل هو عطية وبركة إلهية ودعوة إلى شركة حرّة مع الكلمة. إن الله يحترم حرية الإنسان، فالنعمة تسبق، أمّا الخلاص فيتحقق بتعاون الإرادة البشرية، ومنذ طفولته، يقف المسيح إلى جانب الضعفاء والمضطهدين والمشرّدين. إن هروبه إلى مصر، وهو حدث تاريخى ورمز فى آنٍ واحد للحماية الإلهية، يَسبق صورة التعزية التى يمنحها الله لكل من يمرّ بالتجارب. وفى عصرنا الحاضر، كثيراً ما تُفرَّغ الأعياد الميلادية من عمقها اللاهوتى، وتتحول إلى حدث استهلاكى دنيوى. غير أن العيد الحقيقى هو مقاومة روحية للمادية، ومشاركة حقيقية فى سرّ التدبير الإلهي. فالكلمة «يولد دائماً بالروح فى الذين يريدون»، معلناً المبادرة الإلهية الحرة ومحبته للإنسان. ان العيد يجدّد وعى الحياة المسيحية، ويُنمى الحرية الروحية، وفى هذا الروح من المحبة، شاركنا فى الاحتفالات التى أُقيمت فى نيقية والقسطنطينية لمناسبة مرور ألف وسبعمائة عام على انعقاد المجمع المسكونى الأول. وفى هذا الروح عينها، صلّينا فى روما من أجل السلام والاحترام المتبادل. وبهذه الروح، قمنا بجولات رعوية فى كينيا وأوغندا وجنوب السودان ومدغشقر. وفى هذه الروح من المحبة، نصلّى أن ترافق نعمة المسيح المتجسّد ورحمته الجميع، مانحين الصحة والسلام والفرح الروحى و«كل عطية صالحة وكل موهبة كاملة من العلاء منحدرة»، ومع تأمّلنا فى سرّ الميلاد، ليتردّد فى قلوبنا صوت النبى إشعيا، الذى سبق وأنبأ منذ قرون بالمعجزة الخلاصية. بابا وبطريرك الإسكندرية وسائر أرض مصر وكل بلاد أفريقيا للروم الأرثوذكس