مصر وجنوب السودان.. خطوات هامة نحو تعاون مثمر في مجال المياه    مش الأفضل في مصر.. إبراهيم سعيد يهاجم لاعب الزمالك زيزو    عاجل.. 16 شهيدا من عائلتين في غارات إسرائيلية على رفح    150 جنيهًا متوسط أسعار بيض شم النسيم اليوم الاثنين.. وهذه قيمة الدواجن    محمد عبده يعلن إصابته بمرض السرطان    البابا تواضروس : التحدي الكبير لكل الأسر المصرية هو كيفية مواجهة الشر والانتصار عليه    أقباط الأقصر يحتفلون بعيد القيامة المجيد على كورنيش النيل (فيديو)    الجرام يتجاوز ال3500 جنيه.. سعر الذهب والسبائك بالمصنعية اليوم في الصاغة بعد الارتفاع    بعد ارتفاعها.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الإثنين 6 مايو 2024 في المصانع والأسواق    تزامنا مع شم النسيم.. افتتاح ميدان "سينما ريكس" بالمنشية عقب تطويره    تخفيضات على التذاكر وشهادات المعاش بالدولار.. "الهجرة" تعلن مفاجأة سارة للمصريين بالخارج    شهداء بينهم أطفال في قصف للاحتلال على رفح    قادة الدول الإسلامية يدعون العالم لوقف الإبادة ضد الفلسطينيين    مئات ملايين الدولارات.. واشنطن تزيد ميزانية حماية المعابد اليهودية    ما المحذوفات التي أقرتها التعليم لطلاب الثانوية في مادتي التاريخ والجغرافيا؟    رضا عبد العال ينتقد جوزيه جوميز بعد خسارة الزمالك أمام سموحة    خالد مرتجي: مريم متولي لن تعود للأهلي نهائياً    مدحت شلبي يكشف تطورات جديدة في أزمة افشة مع كولر في الأهلي    ضبط طن دقيق وتحرير 61 محضرًا تموينيا لمحال ومخابز مخالفة بالإسماعيلية    من بلد واحدة.. أسماء مصابي حادث سيارة عمال اليومية بالصف    "كانت محملة عمال يومية".. انقلاب سيارة ربع نقل بالصف والحصيلة 13 مصاباً    برنامج مكثف لقوافل الدعوة المشتركة بين الأزهر والأوقاف والإفتاء في محافظات الجمهورية    فتحي عبدالوهاب يكشف عن إصابته في مسلسل «المداح»    الجمهور يغني أغنية "عمري معاك" مع أنغام خلال حفلها بدبي (صور)    وسيم السيسي: الأدلة العلمية لا تدعم رواية انشقاق البحر الأحمر للنبي موسى    هل يجوز تعدد النية فى الصلاة؟.. أمين الفتوى يُجيب -(فيديو)    أمير عزمي: خسارة الزمالك أمام سموحة تصيب اللاعبين بالإحباط.. وجوميز السبب    عاجل - انفجار ضخم يهز مخيم نور شمس شمال الضفة الغربية.. ماذا يحدث في فلسطين الآن؟    بعد عملية نوعية للقسام .. نزيف نتنياهو في "نستاريم" هل يعيد حساباته باجتياح رفح؟    يمن الحماقي ل قصواء الخلالي: مشروع رأس الحكمة قبلة حياة للاقتصاد المصري    كشف ملابسات العثور على جثة مجهولة الهوية بمصرف فى القناطر الخيرية    نقابة أطباء القاهرة: تسجيل 1582 مستشفى خاص ومركز طبي وعيادة بالقاهرة خلال عام    تصل ل9 أيام متواصلة.. عدد أيام إجازة عيد الأضحى 2024 في مصر للقطاعين العام والخاص    أستاذ اقتصاد ل قصواء الخلالي: تصنيف «فيتش» بشأن مصر له دور في تدفق الاستثمار    الأوقاف: تعليمات بعدم وضع اي صندوق تبرع بالمساجد دون علم الوزارة    أشرف أبو الهول ل«الشاهد»: مصر تكلفت 500 مليون دولار في إعمار غزة عام 2021    طاقم حكام مباراة بيراميدز وفيوتشر في الدوري    مصطفى عمار: «السرب» عمل فني ضخم يتناول عملية للقوات الجوية    بيج ياسمين: عندى ارتخاء فى صمامات القلب ونفسي أموت وأنا بتمرن    حظك اليوم برج الحوت الاثنين 6-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    رئيس البنك الأهلي: متمسكون باستمرار طارق مصطفى.. وإيقاف المستحقات لنهاية الموسم    الإفتاء: احترام خصوصيات الناس واجب شرعي وأخلاقي    تؤدي إلى الفشل الكلوي وارتفاع ضغط الدم.. الصحة تحذر من تناول الأسماك المملحة    عضو «المصرية للحساسية»: «الملانة» ترفع المناعة وتقلل من السرطانات    تعزيز صحة الأطفال من خلال تناول الفواكه.. فوائد غذائية لنموهم وتطورهم    إنفوجراف.. نصائح مهمة من نقابة الأطباء البيطريين عند شراء وتناول الفسيخ والرنجة    أسباب تسوس الأسنان وكيفية الوقاية منها    لفتة طيبة.. طلاب هندسة أسوان يطورون مسجد الكلية بدلا من حفل التخرج    المدينة الشبابية ببورسعيد تستضيف معسكر منتخب مصر الشابات لكرة اليد مواليد 2004    سعرها صادم.. ريا أبي راشد بإطلالة جريئة في أحدث ظهور    بإمكانيات خارقة حتدهشك تسريبات حول هاتف OnePlus Nord CE 4 Lite    إصابة 10 أشخاص في غارة جوية روسية على خاركيف شرق أوكرانيا    وزيرة الهجرة: 1.9 مليار دولار عوائد مبادرة سيارات المصريين بالخارج    إغلاق مناجم ذهب في النيجر بعد نفوق عشرات الحيوانات جراء مخلفات آبار تعدين    أمطار خفيفة على المدن الساحلية بالبحيرة    أمينة الفتوى: لا مانع شرعيا فى الاعتراف بالحب بين الولد والبنت    "العطاء بلا مقابل".. أمينة الفتوى تحدد صفات الحب الصادق بين الزوجين    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ملف خاص: 100 سنة محفوظ
نشر في التحرير يوم 11 - 12 - 2011


تحرير: محمد فوزى – محمد توفيق
عبقرية محفوظ تكمن فى أنه عاش منفتح العقل على كل التيارات والاتجاهات، وانحاز لليبرالية والعلمانية لكنه لم يتعصب ولم يتطرف ولم يتخندق فى نظريته، بل كان جسرا بين اليسار واليمين بين التثوير والتنوير، إنه لم يتصلب فى سن أو جيل، بل كان على قدر من التفاعل والتواصل مع كل الأجيال التى كانت تجلس معه فى كل المقاهى على الأرصفة، لم يمنع نفسه عن معرفة كل جيل والاستفادة منه وتفهمه سواء كان جيلا فى العمر أو جيلا فى الأدب، فلم يكن محفوظ من ناحية أديب جيل بل أديب أجيال «يكتب عنهم ويقرؤون له»، كما كان من ناحية أخرى أديبا متعدد العطاءات والنفحات الروائية عبر مدارس وأجيال مختلفة، فانتقل من الرواية الطويلة إلى الرواية القصيرة فى الستينيات.. ثم قدم أدبا فى اللاوعى والتجريب والتجريد فى نهاية الستينيات وركز فى القصص القصيرة حين كانت الصيحة والظاهرة، ثم انتقل إلى رواية التراث والموروث فى الحرافيش وليالى ألف ليلة، وابن فطومة، وأجواء روايات السبعينيات والثمانينيات، ثم هو من قبل ومن بعد يكتب الرواية ذات الرؤية الدينية («أولاد حارتنا» مثلا)، وكذا الفلسفية («الطريق» مثلا)، والواقعية المغموسة فى التفاعل مع السياسة اليومية («ثرثرة» و«اللص والكلاب» و«الكرنك» مثلا).
كان نجيب محفوظ مجاملا جدا ودمثاً للغاية موظفا أكثر من اللازم لكن فى حقب مصر الجمهورية الثلاث (ناصر والسادات ومبارك) لم يكن أبدا منافقا ولا مداهنا ولا لف ولا دار، ربما تحفظ أو تجاهل لكنه لم ينافق أبدا، بل لعل أكثر ما تحدث عنه محفوظ فى حياته كان عن الديمقراطية والحرية، ثم محفوظ الروائى، وهو الذى يهمنا أكثر، كل رواياته ثورية من حيث الرغبة فى التغيير الجذرى والانتصار للعقل والعلم والعدل، ولا يمكن أن ينسى التاريخ أن محفوظ وقع على بيان الأدباء والمفكرين عام 1972 الذى طالب السادات بالحسم فى الجبهة والحرب ضد إسرائيل.
ربما كان أدب محفوظ الأشهر جماهيريا لأسباب كثيرة، لكن السبب الرئيسى عندى هو أنه أدب أخلاقى فى الأصل والفصل ولا أكاد أعثر على نص غير أخلاقى فى مجمل أعمال الرجل، وربما كان حازما حين يكتب أكثر مما كان حين يعيش!
إبراهيم عيسى
أفراح القبة
المكان: مسرح.. الحدث: التحضير لمسرحية جديدة هى «أفراح القبة».. الشخصيات: طارق رمضان، الممثل وبطل المسرحية، ومدير المسرح والمخرج، ومؤلف المسرحية عباس كرم يونس ووالده كرم يونس، وأم المؤلف حليمة الكبش.. تبدأ الرواية بقراءة المسرحية واستعراض وجهات النظر فيها.
هذه الآراء تشكل محور مسرحية (الرواية) التى يتم سردها من خلال حكاية عائلة هى أسرة المؤلف تعيش أجواء ما بعد هزيمة 67، ويحيا كل شخص فيها مع نفسه وتكمن المأساة الحقيقية لهذه الأسرة على لسان الابن، المؤلف فى مقطعين وردا على لسان الأب والأم وكيف يراهما الابن، الأب يقول: «رغم استهتارى توترت أعصابى. فيم تهمنى مسرحية وأنا لا تهمنى الحياة!».
يوجد أكثر من الجريمة والخيانة. الأم تبدو عاهرة بلا ضابط. علاقتها تتتابع مع المدير والمخرج والناقد وطارق رمضان! هكذا يرى الابن (المؤلف) أمه، من يتصور أن رأسه المتزمت يحوى هذه الخرائب كلها؟ إنى سعيد برأيه فى أمه، يقول الأب «سعيد بإطلاعها على رأيه فيها. المسرحية تنكل بى وتنتقم لى... ثم إنه لم يفهمنى» تنتهى كلمات الأب لتبدأ مأساة الأم حين تقول «وجدتنى مرة أخرى فىّ الجحيم.. ما هذا الطوفان من الجرائم التى لم يدر بها أحد؟ وما هذه الصورة الغريبة التى يصورنى فيها؟ أهذا حقا هو رأيه فى؟ ما هذا يا بنى؟ ترانى عاهرة محترفة وقوادة؟ أهو الخيال أم هو الجحيم؟ إنك تقتلنى يا عباس. لقد جعلت منى شيطان مسرحيتك..» هذه الرواية ليس فيها من الأفراح سوى الاسم.
بين القصرين
لم يقف أحد أمامه فالكل ينتظر خلفه .
السيد أحمد عبد الجواد الأب الصارم تجاه أسرته المكونة من زوجته وخمسة أبناء، كلهم يخضعون له دون معارضة.
زوجته أمينة لا تخرج من بيت الزوجية إلا لسببين فقط طلاقها ووفاتها، لذلك كاد يطلقها عندما علم بخروجها، أما أبناؤه فالابن الأكبر هو ياسين الذى كان ضحية طلاق أبيه من أمه التى كانت الزوجة الأولى له، وهو أيضا تزوج مرتين ولكنه طلق فى المرتين، وأصبح أسيرا لشهواته، أما الابنة الثانية فهى خديجة التى تزوجت وفقا لرغبة والدها، بينما كانت أختها عائشة المراهقة تختلس النظر إلى ضابط شاب كان يمر كثيرا أمام بيتهم، فى الوقت الذى كان فيه أخوها فهمى يتبادل النظرات مع بنت الجيران على سطح البيت فى أثناء مراجعة دروس شقيقه الصغير كمال.
تحكى الرواية وقائع ثورة 19، وتصور مصر بلدا جديدا بعثت فيه الثورة الروح بعدما نجحت فى الإفراج عن سعد زغلول ورفاقه.
فصول الرواية تظهر لنا كل المتناقضات التى يحملها السيد أحمد عبد الجواد داخله فهو يعتبر نفسه وطنيا، لكنه رغم ذلك ثار على ابنه فهمى، حين اكتشف أنه عضو فى إحدى الجمعيات السرية، لأنه رأى فى انغماسه بالحركة الوطنية -من غير إذنه- خروجا على طاعته لكن فهمى كان قد عرف طريقه ولم يحد عنه حتى تسلم راية القيادة، وقاد مظاهرة أدت إلى استشهاده فى سبيل الوطن، وبموت فهمى تنتهى رواية بين القصرين.
الباقى من الزمن ساعة
هذه رواية ثلاثة أجيال، لكل جيل همومه ومآسيه. الجيل الأول يبدأ فى أروقة الملكية والوفدية، ونرى حامد برهان الوفدى الأصيل الذى ينتمى إلى حزب الوفد أكثر من انتمائه إلى بلده ويعتبر وفديته وساما يتباهى به أمام زوجته وأولاده خصوصا حادثة تحريضه للموظفين للنهوض وراء ثورة 1919 ومساندة سعد زغلول.
بعد ذلك نرى الجيل الثانى الذى ينطلق من ثورة 23 يوليو والناصرية، حيث يبدأ محمد حامد بالعمل فى المحاماة والانتماء إلى جماعة الإخوان المسلمين وأخته كوثر التى يفوتها قطار الزواج حتى تصل إلى سن السادسة والعشرين ثم تتزوج من أول شخص يطرق بابها رغم كبر سنه خوفا من العنوسة، وأختهم الثالثة منيرة التى تخرجت بتفوق فى كلية الآداب وكانت تحب شابا أصغر منها بسبع سنوات. مأساة أسرة برهان تتجسد فى الجيل الثالث أبناء محمد وكوثر، وهو الجيل الأكثر تعاسة وهموما، حيث ولد فى ظروف سياسية مضطربة ومُحيرة. وبدأ هذا الجيل بولادة (رشاد النعمانى) ابن كوثر، ثم أنجب محمد (شفيق وسهام) وأنجبت منيرة (أمين وعلى) اللذين شبا على الانفتاح وسلام كامب ديفيد. وتدور فى البيت القديم القاطن بحلوان.. و«سنية» الجدة تتابع كل هذا بعين مطمئنة وقلب لا ينسى «البيت» وجدرانه المشتاقة إلى التجديد والحياة، بقلب يهفو إلى الذكريات وربط بين ما جرى للبيت وما حدث من تغير وتغيير للوطن خلال الأجيال الثلاثة.
أمام العرش
تلك هى محكمة التاريخ
رئيس المحكمة أوزوريس.. وعضو اليمين إيزيس.. وعضو اليسار حورس.. وكاتب المحكمة تحوت.. والمكان: قاعة العدل..
هنا يقف كل زعماء مصر وحكامها فى انتظار أن ينادى «تحوت» على أسمائهم، ليمثلوا أمام المحكمة، وعند وصول أحدهم، ودخوله إلى القاعة، يبدأ تحوت فى سرد ما فعله هذا الحاكم لخير مصر وأهلها أو ما قصر فيه تجاهها وتجاههم وفقا لكتاب القانون، وبعد ذلك تستمع المحكمة إلى دفاع الحاكم عن نفسه، ثم تنطق المحكمة بحكمها، إما بالجلوس بين الخالدين، وإما الذهاب إلى الجحيم.
الرواية تقدم نقدا موضوعيا يبين مواطن الضعف والقوة فى كل من حكم مصر فى تاريخها القديم والحديث بداية من الملك مينا وحتى الرئيس السادات، لكن محكمة أوزوريس تجنبت إطلاق أحكام قاطعة على حكام مصر فى بداية دخول الإسلام، وذلك لاختلاف ديانتهم، ولكن بقى للمحكمة الحق فى إبداء رأيها بتزكية الحكام.
وفى نهاية الرواية يقول أوزوريس «ها هى ذى حياة مصر قد عرضت عليكم بكل أفراحها وأحزانها»، أما إيزيس فقد قالت لكل الحكام والزعماء الذين جمعهم مشهد النهاية «ليضرع كل منكم إلى إلهه أن يهب أهل مصر الحكمة والقوة لتبقى على الزمان منارة للهدى والجمال».
فبسط الجميع أكفهم واستغرقوا فى الدعاء.
أولاد حارتنا
انعقدت كل محاكم التفتيش التى عرفتها البشرية من أجل هذه الرواية.. لكن المدهش أن أغلب من طالب بإحراقها وبقتل كاتبها لم يقرأها!
فالرواية مليئة بالرموز التى بسببها اتهم كاتبها بالكفر، ولم يتم التعامل مع الرواية كعمل أدبى تدور أحداثها داخل واحدة من حارات نجيب محفوظ، هى حارة الجبلاوى، التى جاء اسمها نسبة إلى صاحب الوقف الوحيد بها، الذى تدور فيه كل أحداث القصة فى خمسة أزمنة متعاقبة، تبدأ بجيل أولاده الذين ينشأ بينهم صراع سببه تفضيل الجبلاوى لأدهم أصغر أولاده على أخيه الكبير إدريس، ثم ينتقل الصراع بين بقية الحارة.
عندما تقرأ الرواية للمرة الأولى ستجد فيها رموزا كثيرة، قد تم تفسيرها فى سياق واحد دينى، وهو أن الرواية تروى قصة الخلق، وتتحدث عن الذات الإلهية وقصص الأنبياء، لكن إذا لم تتسرب هذه الفكرة إلى نفسك وقرأت الرواية كعمل أدبى يرصد ما يدور من صراعات داخل النفس البشرية منذ بدء الخليقة، ستخرج منها برؤية مختلفة.
ربما تختلف مع الأفكار التى تطرحها، ويمكن أيضا أن ترفضها تماما، وترى أن رموزها كانت واضحة أكثر مما ينبغى، لكنك أبدا لن تذهب إلى ما ذهب إليه من وضع سكينته فى رقبة كاتبها، ظنا منه أن هذا يقربه إلى الله، رغم أنه ربما لو قرأها لوجد بداخلها رؤى يتفق معها، مثل أن الثعابين أصلح فى المعاشرة من أناس كثيرين.
قصر الشوق
فى قصر الشوق تخف نبرة السياسة ويظهر بطل جديد هو الحب.
فالسيد أحمد عبد الجواد تاجر فى منتصف العقد الخامس من العمر، له خمسة أبناء استشهد أحدهم فى ثورة 19، لكنه ظل رجل المتناقضات فى البيت، هو الزوج والأب الصارم المحافظ على الصلاة، ومع أصدقائه هو سهّير الليالى، أما زوجته فهى السيدة أمينة التى تتسم بكل صفات ربة البيت فى ذلك الزمان، الجهل والطاعة العمياء للزوج واعتباره سيدها، وهى على الجانب الآخر تحمل كل صفات الأم من طيبة وحنان. أما ياسين فهو الابن الأكبر، شاب فى نهاية العشرينيات، شهوانى بكل ما فى الكلمة من معنى ولا يعرف فى حياته سوى الخمر والنساء، وقد تزوج للمرة الأولى من ابنة صديق والده «زينب» وأنجبا طفلهما «رضوان»، لكنهما انفصلا بسبب نزوات ياسين. فى المرة الثانية تزوج «مريم»، وبعدها يتزوج «زنوبة» وأنجبت منه. أما أخته «خديجة» فهى متزوجة من إبراهيم شوكت ولديها طفلان، وهى تميل إلى الحدة فى التعامل مع زوجها الذى تزوجت أختها عائشة أخاه خليل لكن طباعها عكس أختها فى كل شىء، فهى كسولة ومسالمة. أما كمال الذى كان طفلا فى بين القصرين قد أصبح فى البكالوريا، وصار واحدا من أهم أبطال «قصر الشوق» إن لم يكن أهمهم، فقد بدأت الرواية بالتحضير للاحتفال بنجاحه فى البكالوريا، ثم نقاشه مع والده حول الكلية التى ينوى الالتحاق بها، هذا بجانب جلساته مع أصدقائه: حسن سليم وإسماعيل وحسين شداد الذى يقع كمال فى هوى شقيقته «عايدة» لكن حسن هو الذى تقدم لخطبتها وتزوجها.
السكرية
هى ذروة أحداث الثلاثية ومسك ختامها التى تصل فى النهاية إلى حكمة خالدة وهى: ربما كان من الخطأ أن نبحث فى هذه الدنيا عن معنى، بينما مهمتنا الأولى أن نخلق هذا المعنى.
فهذه الرواية تدور أحداثها حول جيل ما بعد الثورة، وتمرده على آبائه وأجداده، وعن حارة السكرية وأحوالها من خلال أسرة السيد أحمد عبد الجواد، الذى يعد الشخصية الرئيسية فى الروايات الثلاث، لكن هناك شخصية محورية أيضا تسير فى الظل فى الجزء الأول، وتظل تنمو على مدار الأجزاء الثلاثة، وهى شخصية كمال ابنه الأصغر الذى تبدأ الرواية وهو طفل وتنتهى وقد وصل إلى سن الرشد، وقد ظهر أحفاد السيد أحمد عبد الجواد فى الأحداث، وبدؤوا يطرحون أفكارهم، ويصلون إلى أنه من يستهين بحق إنسان فى أقصى الأرض فقد استهان بحقوق الإنسانية جميعا.
لكن اللافت للنظر فى الثلاثية أن شخصياتها واقعية، وبالتالى فهى ليست مثالية، بل هى مليئة بالمتناقضات سواء، بدءا من جيل الأجداد وصولا إلى جيل الأحفاد، هذا إلى جانب أن أبطال الرواية ينتمون إلى الطبقة الوسطى «تجار، وطلبة، وموظفين، وحرفيين»، وذلك للتعبير عن ظهور الروح الوطنية والمطالبة بالحرية فى تلك المرحلة التى تمثلها الرواية التى وقعت أحداثها بين الحرب العالمية الأولى والثانية وترصد كل ما جرى خلال هذه الفترة من خلال السيد أحمد عبد الجواد وأسرته.
الشحاذ
مأساة عمر الحمزاوى هى المحرك، والبحث عن معنى السعادة هو الدافع. البداية عندما يشعر المحامى الكبير بالإعياء، يذهب إلى طبيب كان زميله أيام الدراسة، يسأله الطبيب عما يشتكى، يرد عمر: لا أشكو عرضا من الأعراض المرضية المألوفة. يكمل: أشعر بخمود غريب، وهذا الخمود سبّب لعمر كما يقول للطبيب: ماتت الرغبة فى العمل بحال لا تصدق.. من هنا تبدأ تراجيديا عمر عندما يخبره الطبيب، صديق الدراسة، أن دواءه بيده ويذكره بالشعر الذى كان يكتبه: لماذا توقفت يا عمر عن الشعر؟ الإجابة عن السؤال فتحت أبواب جهنم، لأن الشعر كان نتاج الحالة النفسية التى كان يحياها مع زينب زوجته الآن، ومحبوبته التى كانت «عيناها تصعقانى» منذ عشرين عاما كنت فى حال غير الحال، كانت حياتى جنونية، ولكن ذكرى الجنون غير الجنون نفسه.. تبخر كل هذا وتبدل حال عمر وأضحى شخصا يبحث عن شىء لا يعرف أحد ما هو. هو فقط يعرف، يريد أن يعرف ما السعادة وكيف تتحقق. ترك زوجته وابنته بثينة وهام على وجهه بحثا عما يريد، تعرف على الراقصة «وردة» التى تركت الدنيا من أجله، وسرعان ما هجرها هى أيضا. وفى طريق البحث كان يصادف أصدقاءه القدامى الذين كانوا يذكرونه بأيام النضال، منهم عثمان خليل المطارد من البوليس، الذى تعرف على ابنة عمر «بثينة» وتزوجها فى الوقت الذى كان عمر يهيم على وجهه بحثا عن ضالته.. ترك الحمزاوى الدنيا كلها وذهب بعيدا متأملا فى الدنيا سعيا وراء أسئلته الوجودية حتى انتهت به الحال مصابا بطلق نارى فى أثناء مطاردة الشرطة لعثمان وأخ يردد: إن تكن تريدنى حقا فلم هجرتنى؟!
الطريق
البحث..!
تلك كانت وصية «أم صابر» له، وهى على فراش الموت، للوصول إلى «سيد سيد الرحيمى» والده الذى سيجد فى كنفه الاحترام والكرامة، وسيحرره من ذل الحاجة إلى مخلوق، بعد أن عودته أمه الاتكال عليها، والذى لا يحمل له سوى صورة التقطت مع أمه منذ أكثر من ثلاثين عاما، حين أحبها فى القاهرة.
استعان بأصدقائه الضباط فى محاولة للعثور عليه بالإسكندرية -مسقط رأسه- ولكن بلا فائدة، أنهكه البحث فقرر السفر إلى القاهرة، ليبدأ رحلة البحث فى مكان لا يعرف فيه أحدا.. يستعين بأساليب واهية فى طريقه للوصول إلى والده، بدأها بدليل التليفون الموجود بالفندق الذى كان نزيلا فيه، الذى يملكه كهل متزوج بشابة فاتنة -كريمة- والتى مثلت الغواية لصابر، فوقع فى حبها لتقنعه بأن يقتل زوجها ليخلو لهما الجو بعد أن ترث عجوزها، وفى أثناء ذلك يتعرف على إلهام الموظفة بإحدى الصحف التى ينشر فيها إعلانا للبحث عن والده، التى كانت بمثابة طوق النجاة له حتى لا يقع فريسة فى شباك كريمة، فقد حاولت مساعدته بطريقة أكثر جدية وعملية، إلا أنه قرر اختيار الطريق الأسهل، طريق الغواية، بأن يقتل صاحب الفندق، ظنا منه أنه سيظفر بالمال والمتعة مع كريمة، بدلا من السير فى الطريق الأصعب مع إلهام، قبل أن ينتهى به السبيل فى السجن، ليضل طريقه إلى السيد الرحيمى والده.
حكايات حارتنا
هذه الرواية حكايات منفصلة متصلة. منفصلة من حيث أسماء الأبطال، ومتصلة فى جانب سعى الذين يلعبون أدوار البطولة، فى تغيير مصيرهم أو تغيير مصير من يحبونهم، طفل صغير «البطل» يرقب ويراقب البشر عن بعد ثم يقترب منهم ليعرف. ويظهر هذا فى الحكاية الثانية أم زكى السيدة الخمسينية التى تملأ حياة الطفل الشغوف بالأسئلة لمعرفة سر محبة الناس لها، حيث إنها لا تكنُّ ضغينة لأحد ولها فى كل منزل صديقة حميمة، والتى تنتكس صحتها فجأة وتغيب عن حياته. معظم حكايات الحارة يدور بالقرب من الأضرحة القديمة والأسبلة..
حكايات عن الدراويش وأولياء الله الصالحين، الذين لا يمسسْهم سوء من عمل البشر. فى الحكايات أشباح تسير فى الشوارع وأرواح هائمة تبحث عن ملجأ آمن ودفء مفقود، فى الحكايات أيضا بحث متصل عن أسباب السعادة ومبررات الشقاء وفيها الأهم التفكر فى الكون بكل ما فيه ومن فيه، فى الحكاية قبل الأخيرة يجلس أنور جلال على سلم السبيل الأثرى وهو يضحك عاليا وعندما يسأله البطل ماذا يضحكك؟ يجيب: تذكرت أنى كائن بين ملايين الكائنات المنظورة وغير المنظورة، فى كرة أرضية تهيم وسط مجموعة شمسية لا سلطان لى عليها.
ثم ينتهى الحوار بين البطل وجلال بسؤال من جلال: هل تضمن أن تشرق الشمس غدا؟ فيجيب البطل أراهن على ذلك، فيرد جلال: طوبى للحمقى فهم السعداء.
رحلة ابن فطومة
رحالة عربى يهاجر من بلاده بعد فشله فى الزواج من محبوبته بحثا عن الكمال والعدالة المفقودين. يشجعه على ذلك أستاذه الذى فشل فى إكمال الرحلة بسبب الحرب التى لم تتوقف بين البلاد المتجاورة.
يمر فى رحلته على بلاد المشرق، حيث يلتقى بعروسة ويتزوجها وينجب منها 5 أطفال. ولكنه يفرق بينه وبينهم بسبب محاولته تعليم أطفاله عقيدته. بعد ذلك يرحل إلى بلاد الحيرة. يرى فيها أن الملك يعتبره الناس تمثيلا لله وتدور حرب بين الحيرة والمشرق وتنتصر جيوش الحيرة وتصبح عروسه إحدى السبايا ويشتريها. ولكن الحكيم الأكبر للملك يريدها لنفسه فيتسبب فى دخول ابن فطومة إلى السجن لمدة 20 عاما. يحدث انقلاب على الملك ويأتى ملك جديد ويحرر ابن فطومة. يترك دار الحيرة راحلا إلى «بلاد الحلبة»، حيث تتعايش كل الديانات بما فيها الإلحاد فى جو شديد الحرية. يتزوج للمرة الثانية من «سامية» الممرضة وينجب منها.
ثم يرحل إلى دار الأمان بحثا عن استكمال رحلته ويرى فى البلد الجديد أن كل فرد يتجسس على صاحبه. وأنه لا يحق لأحد إبداء آرائه فى غير مجاله وعمله ثم يتركها راحالا إلى بلاد الغروب التى تعتبر المحطة قبل الأخيرة، ومنها يرحل إلى دار الجبل بسبب الحرب الدائرة، وبعد سفر شهر متواصل يصل بوابات «دار الجبل»، وهنا تصل الأحداث إلى نهايتها ويترك نجيب محفوظ القارئ أمام نهاية مفتوحة يستنتج منها: هل وجد ابن فطومة فى نهاية رحلته ما كان يبحث عنه أم لا؟
قشتمر
طاهر عبيد الأرملاوى.
هذا هو بطل رواية «قشتمر» التى ترصد أحداثها قرابة 70 عاما من تاريخ مصر من خلال علاقة خمسة من الأصدقاء وهم، الراوى، وإسماعيل قدرى، وصادق صفوان، وهم من أبناء الطبقة الشعبية، وحمادة يسرى الحلوانى، وطاهر عبيد الأرملاوى، وهما من أبناء الطبقة الثرية. وبعد نهاية المرحلة الثانوية يقرر صادق صفوان أن يسلك طريق التجارة، ويفتتح محلا للخردوات بمعاونة قريب لهم ثرى، ويفشل إسماعيل قدرى فى الالتحاق بكلية الحقوق حلم عمره، نظرا لظروف والده المريض، فيدخل كلية الآداب مضطرا، ثم يفصل منها بعد أن قبض عليه فى مظاهرة خارج الجامعة تنادى بالوفد، وقد توسط له قريب صادق الثرى فعينه فى وظيفة بدار الكتب، أما حمادة فقد التحق بكلية الحقوق، لكنه لاذ بثرائه وعاش للكيف والجنس ولم يمارس عملا، بينما عشق طاهر الشعر. يتخذ هؤلاء الأصدقاء من مقهى قشتمر مكانا مفضلا للقائهم كل يوم، ولقد جمعتهم صداقة متينة لم تهتز رغم تباين أقدارهم واختلاف وجهات نظرهم، لكن ظل «طاهر» هو النجم الأبرز، فقد بزغ نجمه الأدبى بشدة فى عصر جمال عبد الناصر، أما إسماعيل فقد قرر أن يدرس الحقوق من منزله، وبالفعل نجح وحقق حلم عمره وحصل على ليسانس الحقوق، وظل حمادة كعهده مدمنا للكيف والجنس. وتمر بهم الأيام، ويقع معظمهم فريسة للمرض، لكنهم يصمدون، ويواصلون الانتظام على جلسات قشتمر، بل ويحتفلون بمرور 70 عاما على صداقتهم فى ذات المقهى. المدهش فى هذه الرواية أن بطلها الحقيقى هو صلاح جاهين، وقد أراد نجيب محفوظ أن يخلد قصة حياته وصداقتهما فيها.
ميرامار
هنا بنسيون «ميرامار».
عمارة ضخمة شاهقة تطالعك كوجه قديم، يستقر فى ذاكرتك فأنت تعرفه، لكنه لا يعرفك. المكان هو بطل هذه الرواية، بنسيون ميرامار الذى يطل على البحر وتملكه يونانية عجوز تدعى ماريانا، تلتقى فى بنسيونها شخصيات عديدة، عامر وجدى الصحفى الذى قصد الإسكندرية ليلتقى بمريانة الصديقة الباقية له فى دنياه. فى نفس التوقيت لجأت إلى البنسيون «زهرة» الهاربة من أسرتها بعد أن حاولوا إرغامها على الزواج من ثرى عجوز، فقد وجدت فى العمل كخادمة بالبنسيون، نجاتها، وبدأت تتعرف من بين النزلاء على «طلبة مرزوق» الإقطاعى، وكيل الوزارة السابق، الذى يحقد على الثورة، و«حسن علام» الثرى العابث، و«سرحان البحيرى» الشاب الانتهازى الذى يعد زهرة بالزواج، وهو كان قد ترك شقته لعشيقته، و«منصور باهى» الشاب المناضل المثقف. تؤمن زهرة من خلال اختلاطها بالمثقفين بأن الحياة الحقة لا تجود بنفسها إلا للأكْفَاء، فتقرر تعلم القراءة والكتابة من خلال «عليّة» المدرسة، وعندما يتقدم إليها «سرحان» لطلبها كزوجة، ترفضه، وتتزوج من «محمود» بائع الجرائد الشهم الذى يحميها من ذئاب البنسيون، فهى قد أدركت أن ابن الحلال ثروة فى ذاته. يمثل «ميرامار» لكل منهم معنى مختلفا، فمن يراه مستقره الأخير بجوار أحبائه، كالأستاذ عامر وجدى، ومَن يراه مكانا لصناعة المؤامرات كما يعتبره سرحان، ومن يراه ملجأ ينفس فيه عن أفكاره كمنصور المناضل الهارب من القاهرة، وهناك أيضا من صار المكان حياته كزهرة التى جاءت للبنسيون وهى خادمة، ثم صارت تمتلك رؤية جعلتها تؤمن بأنه على الإنسان أن يجد طريقه، وإذا ساقه الحظ إلى طريق مسدود فعليه أن يتحول إلى آخر.
الحب هو الحياة والحياة هى الحب
هذا هو المعنى والمغزى الذى تصل إليه ويصل إليك من خلال «عزت» بطل الرواية، وأمه «الست عين» أرملة العم عبد الباقى.
«الست عين» تثير عجب وإعجاب الناس من رقتها وحنانها وإيمانها، فلا عمل لها سوى فعل الخير، فهى أكثر أهل الحارة ثراء ورغم ذلك تنفق مالها كله فى سبيل إرضاء الله، وتربية ابنها عزت الذى أرسلته إلى الكتاب، وهناك تَعرّف إلى «حمدون»، وهناك أيضا دق قلبه قبل أوانه حين رأى بدرية المنشاوى. باح عزت لأمه بحبه عندما أرادت أن تزوجه، ولكنها رفضت زواجه من بدرية، وقد تمزق قلبه عندما سمع بقرب زواجها، وفكر فى الهروب من بيت أمه ليتزوجها، لكنه لم يستطع، وفى ظل هذه الظروف وجد أمامه «سيدة» التى كانت قد تأخرت عن أمها حين جاؤوا لزيارة أمه، فلم يستطع أن يتحكم فى سلوكه تجاهها، فأجبر على الزواج بها ولكنه لم يحسن التعامل معها حتى بعد أن أنجبت له ابنه سمير. كان عزت لا يعرف شيئا فى الحياة ولم يفلح فى دراسة ولا وظيفة، بل كان شغله الشاغل النوم والأكل والسهر فى الغرزة مع صاحبها رمضان الزينى، وسارت حياته من سيئ إلى أسوأ، فقرر بعد سلسلة طويلة من الإخفاقات أن يغير من نفسه، وأن يرجع إلى الحارة وإلى البيت، لكن الحارة لم تعد كما تركها، ولكنه وجد سيدة فى البيت كما تركها، وأخبرها بأنه يريد أن يتغير.
لكن أين الست عين؟ أقعدتها الشيخوخة وأخذت منها السمع والبصر فلم تعرف ابنها حين جاء إليها بعد طول غياب.
قلب الليل
البحث عن المعانى الكبرى رحلة محفوفة بالألم، من هنا ينطلق جعفر (بطل رواية «قلب الليل») عندما يذهب إلى دائرة الأوقاف للمطالبة بأملاك جده، لكن الموظف فى الأوقاف يفاجئ جعفر عندما يخبره أنه لا يمكنه الحصول على الإرث، لأن الجد أوصى بالثروة قبل مماته فى شكل وقف. لكن جعفر يصر على أن يحصل على ثروة جده.
من هنا تتوطد العلاقة بين الموظف وجعفر، وفى إحدى المرات فى مقهى بالباب الأخضر يقوم جعفر بقص حكايته على الموظف. ينطلق جعفر فى الحكى، بداية من وفاة والده وهو صغير ثم بعد ذلك توفيت والدته، حيث انتقل للعيش مع جدة سيد الراوى الذى كان غضبان على أبيه حتى إلى حين وفاة أمه تكفل برعايته.
الجد يفرض حياة معينة على جعفر على الرغم من ترفها ورغدها، إلا أن جعفر يهجر جده بعد أن أراد الزواج من إحدى الفتيات التى وقع فى حبها، وهكذا يمضى فى طريقه وتزوج وأنجب ثم طلق زوجته ومضى وحيدا نحو البحث عن معانى الحرية... عمل مع صديق له فى فرقة للمدح وتعرف على سيدة من طبقة غنية لكن محافظة تكبره فى السن، ثم تزوج منها وأنجب وصار ذا قيمة فى المجتمع ودخل عالم السياسة. ثم اختلف مع صديق له وتشاجرا حتى أرداه قتيلا... دخل السجن ومات جده بعد ذلك بعام وماتت بعده زوجته. لما خرج من السجن وجد أن كل شىء تغير عاد إلى قصر جده فوجده خرابا.. ليعيش وحيدًا يتذكر كيف عاش وكيف انتهت به الحال وحيدا.
يوم قتل الزعيم
تتجلى الحكمة والصدق فوق جباة العاهرات والقوادات، يقلن لنا بكل تواضع ألسنا أرحم بكم من حكامكم العظام؟ نحن نبذل أنفسنا فى سبيل الترفيه عنكم وهم يضحون بكم بغية الترفيه عن ذواتهم.
هذا ما جاء على لسان «محتشمى زايد» أحد أبطال رواية «يوم قتل الزعيم» التى تدور أحداثها يوم اغتيال الرئيس السادات، وتقدم لنا رؤية سياسية واجتماعية واقتصادية ونفسية من ملامح جيل معاصر، يتمثل فى الشخصيتين الرئيسيتين من شخوص الرواية قليلة العدد، وهما علوان فواز محتشمى، ورندة سليمان مبارك، اللذان يمثلان معاناة جيل كامل بكل إحباطاته. الرواية تغلبت على كل نوازع المباشرة والخطابية والسطحية حتى إن الجزء الخاص بمقتل الزعيم لم يكن مشهدا تسجيليا نقل من الواقع، ولكنه جاء ممزوجا بانفعالات وأحاسيس بطل الرواية «علوان فواز محتشمى» الذى يحمل موقفا مضادا من أنور علام مديره فى العمل، الذى تزوج من رندة سليمان مبارك الخطيبة السابقة له، وأيضا يأخذ موقفا مضادا من جلوستان أخت أنور علام الأرملة الغنية التى تكبره بعشرين سنة، وتحاول الإيقاع به لتتزوجه ليدير أعمالها المشبوهة بعد أن افتضح أمر أخيها الذى يريد الثراء السريع، فلم يتورع عن دفع زوجته رندة إلى هذا الطريق. لكن المشهد الأبرز والختامى للرواية هو عندما ذهب علوان إلى المقهى ليرى الجميع وقد التفوا حول الراديو ليستمعوا إلى احتفالات عيد النصر، وفجأة يصرخ المذيع ويقول: «الخونة.. الخونة»، وينتظر الجميع مضطربين لا يعلمون ماذا حدث، حتى وصل الخبر باغتيال الرئيس السادات، وتضاربت الأقوال واختلط الحزن مع الفرح والشماتة مع الأسى وعلت أصوات الشامتين كما علا نحيب المحبين.
خان الخليلى
دارت أحداث هذه الرواية فى حى «خان الخليلى».. وهى عن «أحمد أفندى عاكف» الموظف الذى يعمل فى إدارة المحفوظات بوزارة الأشغال، وتبدأ فى سبتمبر عام 1941 عندما يخرج أحمد أفندى فى موعد انصراف الدواوين مع جموع الموظفين وقد أنهكها الجوع والملل، لكنه يستقبل تجربة جديدة بعد أن أجبرته الغارات الألمانية على أحياء القاهرة مغادرة حيه القديم «السكاكينى» والانتقال إلى حى الحسين بعد إلحاح والده الذى تصور أن الألمان أعقل من أن يُغيروا على حى الدين والمساجد، وأفطن من أن يضربوا قلب الإسلام وهم يخطبون ود المسلمين. تنتقل العائلة الصغيرة المكونة من أم وأب وأخوين إلى هذا الحى طلبا للأمان فى رحاب آل البيت.. ونرى الشاب الجموح المتهور «رشدى» الأخ الأصغر الذى ينقلب حاله ويصير وديعا مستأنسا حين يقع فى غرام جارته وكيف أن هذا الحب قلب حياته، فى نفس الوقت نعيش مع أحمد أفندى الأخ الأكبر الذى يحيا فى طالب العلم.. ليس سعيا وراء شهادة تمنح له بقدر ما يحاول معرفة الحق من خلال الدراسة والبحث.. فى نفس الوقت يكون رشدى هائما وشاردا فى مطاردات البنات قبل أن يستقر قلبه. ويضطر أحمد إلى قطع دراسته حتى يعول أسرته وليستكمل شقيقه الأصغر رشدى دراسته. وبعد أن تنتقل الأسرة إلى خان الخليلى يلتقى بالمعلم «نونو» الذى يعيش حياته طولا وعرضا. يستكمل رشدى دارسته وهو الشىء الوحيد الذى يحققه أحمد فى حياته، لأنه يكتشف أنه فشل فى تحقيق كل ما تمناه إلا مساعدة شقيقه فى الحصول على شهادة. يبحث أحمد المشغول بأسرته والمهموم بعلمه عن الحب ويجده فى «نوال» جارتهم الجميلة، غير أنه يصاب بالصدمة عندما يعرف أن محبوبته تحب شقيقه الأصغر «رشدى». هنا يندمج أحمد فى حياة الخان ويبدأ ارتياد منزل عليات مع المعلم «نونو» حيث اللهو.. وتأتى الصدمة الثانية والأخيرة: يصاب رشدى بالسل ويموت.
ثرثرة فوق النيل
العبث هو فقدان المعنى! معنى أى شىء.. انهيار الإيمان، الإيمان بأى شىء.. والسير فى الحياة بدافع الضرورة وحدها دون اقتناع وبلا أى أمل حقيقى.
هذا هو ما آلت إليه حياة أهل العوامة الموجودة فى نيل القاهرة، من وجهة نظر «سمارة بهجت»، الصحفية الشابة التى قررت أن ترصد حياة مجموعة من الشخصيات تحولت حياتهم إلى مجرد عبث بفضل الانغماس فى تغييب أنفسهم عن الواقع. ولكن «ثمة موت يدركك وأنت حى»، كما جاء على لسان «أنيس»، الشخصية الرئيسية فى الرواية، الذى يناديه زوار العوامة ب«ولىّ الأمر»، وعميدهم الذى يمثل قمة الغياب عن العالم بالحشيش، فهو فقد زوجته وأولاده وكان الحشيش هروبه، وكان فى الطريق إلى فقدان وظيفته الحكومية.
ويجتمع كل ليلة داخل العوامة مجموعة من الشخصيات المختلفين فى التوجهات والمتفقين فى شىء واحد هو «التغييب عن الواقع»، فأحمد نصر موظف كفء يحاول أن يظهر بمظهر الرجل المؤمن المتزن، ومصطفى راشد المحامى الساخر مدعى الثقافة، وعلى السيد الأزهرى النشأة والناقد الفنى الذى لا يقول الحق إلا إذا خانه الحظ، والذى تربطه علاقة غريبة بسنية كامل التى تمارس تعدد الأزواج على طريقتها، وخالد عزوز الذى يعيش حياة رغدة لكنه عاجز ولا يجد ملاذه إلا فى الجوزة والجنس، وهو على علاقة بليلى زيدان، العانس، المترجمة بوزارة الخارجية، لكن أهمهم رجب القاضى، وهو فنان شاب له علاقات نسائية عديدة، آخرها مع سناء الطالبة المراهقة التى تحلم بالارتباط بشخص فى نجوميته، والتى تغار من سمارة بسبب إعجاب رجب الشديد بها.
وفى المرة الوحيدة التى يقررون فيها الخروج بعيدا عن العوامة بالسيارة يصدمون رجلا فى الشارع ويهربون فيموت هذا الرجل المجهول حسبما يقرؤون فى الجريدة فى اليوم التالى.
الكرنك
فى الكرنك يسيطر حديث واحد، يوما بعد يوم، أسبوعا بعد أسبوع، شهرا بعد شهر، عاما بعد عام، لا حديث سواه. الجميع فى ذلك سواء.
محمد بهجت، رشاد مجدى، طه الغريب، زين العابدين عبد الله، إسماعيل الشيخ، زينب دياب، عارف سليمان، إمام الفوال، جمعة، وشبان آخرين، أما قرنفلة فقد انزوت فى ثوب الحداد تراقب وتصغى أحيانا ولا تخرج من الصمت. إنه حديث الحرب ولا شىء سواه يسيطر على الجميع، فرواية الكرنك تتحدث عن الفترة ما بين نكسة يونيو وحرب أكتوبر، وترصد فساد جهاز المخابرات آنذاك، وقصص الاعتقال المخيفة وزوار الفجر الذين يمثلهم خالد صفوان أحد الأبطال الأربعة الرئيسيين للرواية، إضافة إلى قرنفلة الراقصة المعتزلة صاحبة مقهى الكرنك، وإسماعيل الشيخ الطالب بكلية الحقوق، الذى حصل على الليسانس، رغم اعتقالاته المتقطعة، وزينب دياب الطالبة بكلية الطب وابنة الحارة التى يسكن فيها إسماعيل. شباب الرواية حلمى وإسماعيل وزينب أبناء الثورة، ومثقفوها، اعتادوا ثلاثتهم التردد على الكرنك. يتعرض الشبان إلى اعتقال عدت مرات بتهم مختلفة من انضمام لجماعة الإخوان المسلمين، إلى الشيوعية، ثم يكتشف أن الاعتقال تم على أساس خاطئ، فيُطلق سراحهم، ويتعرفون خلال الاعتقال على خالد صفوان رئيس المخابرات، الذى يبدع فى أنواع العذابات المرة، فى إجبار المعتقل على الاعتراف، يمارس جميع الوسائل، من جلد، والعزل الانفرادى، وحتى اغتصاب الفتيات كما حدث مع زينب. تنتهى الاعتقالات بتجنيد زينب وإسماعيل مخبرين للمخابرات، وتنتهى القصة باعتقال آخر لإسماعيل وحلمى، يموت فيه حلمى جراء التعذيب. وتنتهى الرواية ليخبرنا نجيب مآل إسماعيل وزينب التى لم تعد علاقة الحب تعنيهما بل الصداقة، الصداقة فقط، والتردد على الكرنك، التى أصبحت فيها قرنفلة جثة بلا روح بموت حلمى.
الحب تحت المطر
هذه الرواية البطل فيها هو التتابع الدرامى لحياة أبطالها. مرزوق أنور الشاب حديث التخرج الذى يسعى للزواج من زميلته «عليات»، تتم الخطبة، ويُعين الخطيبان فى وقت واحد فى الحكومة. يتعرف المخرج السينمائى محمد رشوان، على مرزوق ويعرض عليه دورا فى فيلمه أمام الممثلة المشهورة فتنة، تعجب به فتنة وتنجح فى إيقاعه فى حبها وينشغل بها عن خطيبته عليات. وبعد فسخ خطبتها من «مرزوق» تتحول الفتاة المحافظة إلى فتاة ليل، وتقيم علاقة مع كهل، يسافر إلى يوغوسلافيا، وتستدعى «عليات» للتحقيق فى الحادثة الذى وقعت ل«مرزوق» وتسبب فى تركه السينما. ورغم وقوف زوجته الممثلة إلى جانبه ومساندتها إياه فى محنته، فإنه يطلقها لاعتباره أنها تسانده شفقة وعطفا لا بدافع الحب. ثم يقرر الاختفاء فترة حتى تنسى المجلات الفنية قصتهما ويقرر العودة إلى «عليات»، التى تتعرف فى عزومة عشاء على «حامد» شقيق زوج «منى زهران»، الذى يقرر خطبتها. فى ذلك الوقت تحاول «سمراء» أن تجر «عليات» إلى طريق الشذوذ، وعندما ترفض تفضحها أمام خطيبها، لكنه يقاوم انفعالاته ويعلن تمسكه ب«عليات». تذهب المرأة إلى والد «عليات» وتفضح سر إجهاضها أمامه، فيغضب الرجل، ثم ينقض على «سمراء» ويقتلها ويدخل السجن، ويلتزم الصمت صونا لسمعة ابنته المخطوبة. تقرر «عليات» وخطيبها توكيل محام للدفاع عن والدها، هو «حسن حمودة» الذى يرفض القضية خوفا من أن يظهر أحد أقارب «سمراء» ويتذكره ويشوه سمعته، لأنه كانت تربطه علاقة قديمة ب«سمراء وجدى»، وهى النزوة الوحيدة فى حياته.
القاهرة الجديدة
مضى «محجوب عبد الدايم» فى سبيله فقيرا بلا خلق يرصد الفرص ويتوثب للانقضاض عليها بجرأة لا تعرف الحدود.
هكذا يصفه الراوى بطل الرواية التى ترسم أحداثها صورة المجتمع المصرى فى الثلاثينيات، وترصد الفساد السياسى والأخلاقى الذى كان متفشيا بين كبار الموظفين فى تلك الفترة من خلال بطليها: محجوب عبد الدايم وإحسان شحاتة. تبدأ أحداث الرواية بسرد حياة محجوب عبد الدايم وزملائه خلال فترة الجامعة، التى يتخرج فيها مفلسا، فيقع فى يد أحد الموظفين الكبار فى الوزارات، الذى يتفق معه على أن يعقد قرانه على عشيقة «قاسم بك فهمى»، وبالفعل يتزوجها حتى يغطى بزواجه على العلاقة الأثيمة التى تربط بينها وبين قاسم بك، ويتقاضى ثمن ذلك وظيفة فى الدرجة السادسة، لها مستقبل باهر ومضمون. بينما كانت المفاجأة عندما وجد أن العشيقة التى صارت زوجته هى «إحسان شحاتة» حبيبة صديقه القديم، لكن هذا لم يغير شيئا فقد اتجه بخطى سريعة إلى سلم المجد، وفق تصوره، راضيا بوضعه، والقرنين على رأسه، فقد تجرد من كل القيم الاجتماعية، كى يصل إلى أعلى المراتب الوظيفية، فهو يؤمن بالتحرر من كل شىء، من القيم والمثل والعقائد والمبادئ ومن التراث الاجتماعى عامة!فهو القائل لنفسه ساخرا: «إن أسرتى لن تورثنى شيئا أسعد به، فلا يجوز أن أرث عنها ما أشقى به»، لكنه كان يريد أن تبقى فلسفته سرية، لأنها لا تؤتى أكلها إلا إذا كفر الناس بها وآمن بها وحده! ولكن الأحداث تتغير بزيارة من أبيه الفقير وزيارة زوجة الوزير لمنزل العشيقة، لتنتهى القصة بنقله.
حديث الصباح والمساء
إنها إرادة الله..
تتعاقب الأجيال جيلا بعد جيل ويتعاقب الموت والحياة كما الصباح والمساء، لكل منهم بداية ونهاية وأجل مسمّى.
قرر الراوى أن يحكى لنا الحكاية من الألف إلى الياء، وذلك من خلال 66 شخصية تنحدر من ثلاث عائلات: عائلة عطا المراكيبى وعائلة يزيد المصرى وعائلة معاوية القليوبى.
يسرد الراوى حكاية أبطاله بترتيب أبجدى، على عكس المتبع فى الروايات، وهو تقسيمها إلى فصول، يمكنك أن تقرأ شخصياتها دون ترتيب، فالرواية لا تعترف بالتصاعد الزمنى، فأحداثها تمتد لأكثر من مئة وثمانين عاما، وشخصياتها لا تعبر فقط عن نفسها لكنها تعبر عن تاريخ بلد بأكمله.
تبدأ الرواية بحكاية «أحمد محمد إبراهيم» التى حدثت فى عشرينيات القرن الماضى، وتنتهى بقصة يزيد المصرى الذى جاء من الإسكندرية إلى القاهرة قبل وصول الحملة الفرنسية بأيام، بعد أن قضى الوباء على أهل الإسكندرية فلم يُبقِ على رجل أو امرأة سواه، وتحير فى القاهرة فترة حتى وجد مأواه فى بيت الغورية، ثم تاقت نفسه إلى الزواج ب«فُرجة» بائعة السمك، وبمعاونة جاره عطا المراكيبى يتمكن من الزواج بها، ويمتد به العمر حتى يشهد مولد أحفاده. ويزوره سيدى نجم الدين فى المنام ويأمره بأن يبنى قبره فى جوار ضريحه، فيصدع لأمره، ويشيد الحوش الذى دُفن فيه، وما زال يستقبل الراحلين من ذريته المنتشرة فى أنحاء القاهرة.. كل صباح ومساء.
المأساة الحقيقية هى أن عدونا هو صديقنا فى الوقت نفسه!
هذه كانت مأساة سعيد مهران بطل رواية اللص والكلاب، الذى دخل السجن بعد وشاية من صديقه عليش، الذى خانه، وقام بالزواج من زوجته، بعد أن قام بتطليقها منه فى أثناء وجوده فى السجن. لكن حين خرج سعيد مهران من السجن، وجد أنه آن للغضب أن ينفجر، وأن يدفع الخونة ثمن أربعة أعوام قضاها خلف القضبان، خصوصا أنه ذهب إليهما، ووجد أن ابنته لا تعرفه، وتظن أن عليش هو والدها. فقرر اللجوء إلى صديقه القديم رؤوف علوان، الذى صار صحفيا كبيرا، لكنه فوجئ بأن علوان قد باع مبادئه، وتخلى عن أفكاره التى كان يؤمن بها، ويحرص على أن ينقلها إليه، بل إنه صار نسخة أخرى من عليش الخائن، فبدلا من أن يقف بجواره فى محنته قام بتحريض رجال الأمن عليه. هنا يدرك مهران حقيقة ما جرى ويجرى ويصطدم بالواقع الأليم، فيذهب إلى شيخه، الذى يدعى الشيخ الجندى ملتمسا أن ينتشله من هذا المستنقع، لكنه يفشل فى إيجاد حل لأزمته. لقد كانت أزمة مهران، نابعة من خيانة الزوجة وغدر الأصدقاء، الذين جعلوا منه لصا لكن كانت مفاجأة رحلته أنه خرج من السجن ليحل جانبا من اللغز فكشف عن لغز أكثر غموضا -مثلما جاء على لسانه- فالأقرباء خذلوه ولم ينصفه سوى نور بائعة الهوى، التى اتخذ من بيتها وقلبها مأوى له، لكن الكلاب ظلت تطارده، وتتربص به، وتسد عليه المسالك حتى اضطر إلى الاستسلام فى النهاية. إنها واحدة من روايات نجيب محفوظ الواقعية، فبطلها كان يعيش بيننا فى ستينيات القرن الماضى، وكانت حكايته ملء السمع والبصر، لكنها كان يمكن أن تموت مثل مئات القصص، لولا أن خلدها محفوظ برائعته «اللص والكلاب».
حكايات ألف ليلة وليلة
نحن أمام مدينة اجتاحها الفساد، وساد فيها انعدام الأمن. وكبير الشرطة «جمصة البلطى» المشغول دائما بمتابعة أنشطة الجماعات الدينية التى أعلنت عزمها إسقاط الحاكم. إذن هو عالم خيالى يحمل إسقاطا مباشرا على الواقع، عالم السلطان شهريار، وحاكم الحى، وكاتم السر، وكبير الشرطة. وأهل الحى الذين ينقسمون إلى سادة وعامة، بينهم التاجر ومضحك السلطان، والحمال والحلاق والسقا. يتعرض الحى لأحداث وأهوال جسام يعترف المسؤولون عنها بأنهم أجبروا على ارتكابها بأمر الجان. وبالطبع لا تؤخذ اعترافاتهم مأخذ الجد ويساقون إلى ساحة الإعدام. ولكنهم لا يموتون. لأن الجان يتدخل لإنقاذهم. تسير الرواية فى طريق طويل مذهل بحثا عن الحق والخير. فى حى صغير يجسد أزمة مدينة تسلطت عليها العفاريت، فقلبتها رأسا على عقب، وخلال زمن قصير «مات كثيرون فشبعوا موتا، وولد كثيرون لا يشبعون من الحياة، هبط من الأهالى قوم وارتفع قوم، أثرى أناس بعد جوع وتسول آخرون بعد عز، وفد على مدينتنا عدد من أخيار الجن وأشرارهم، وآخر أخبارنا أن وليا حكم حينا هو معروف الإسكافى». ليظهر التعبير الموجز لمأساة هذه المدينة «استشهد الشرفاء الأتقياء، أسفى عليك يا مدينتى التى لا يتسلط عليك اليوم إلا المنافقون. لم يا مولاى لا يبقى فى المذاود إلا شر البقر؟». وتتناول الرواية حكاية كل شخصية فى فصل. ورغم هذا لا يبدو أن هناك أى انفصال فى أحداث الرواية فنجد أن السلطان يطلب من السندباد أن يقص عليه طرفا مما تعلم من رحلاته، فيقول «تعلمت يا مولاى أول ما تعلمت أن الإنسان قد ينخدع بالوهم فيظنه حقيقة، وأنه لا نجاة لنا إلا إذا أقمنا فوق أرض صلبة. وتعلمت يا مولاى أن النوم لا يجوز إذا وجبت اليقظة، وأنه لا يأس مع الحياة. وتعلمت يا مولاى أن الحرية حياة الروح وأن الجنة نفسها لا تغنى عن الإنسان شيئا إذا خسر حريته».
حضرة المحترم
أحزان الدنيا موجودة.. لا لتثبيط الهمة ولكن لتشحذها
هذا ما يؤمن به بطل الرواية عثمان بيومى الموظف البسيط، الذى يحلم بأن يصل إلى منصب المدير العام، رغم أنه من أصل فقير، فهو ابن سائق «كارو» لكنه قرر التمرد على ماضيه بالاجتهاد، عسى أن يفى بالعهد الذى قطعه على نفسه أمام قبر والديه: (عهد الله أن أنقلكما إلى قبر جديد إذا حقق الله آمالى). بدأ عثمان حياته موظفا صغيرا فى قسم المحفوظات فى إحدى إدارات الدولة، وقد نال شهادة البكالوريا معتمدا على نفسه بعد وفاة والديه الكادحين. ثم يبدأ بالادخار استعدادا للزواج من فتاة تكون سبيله إلى العلاء، فهو يرى أن الحب هو القوة التالية لله سبحانه، ولكن الزمن يتسرب من خلال أصابعه، وقد أعرض عن الزواج من اثنتين، أحبهما فى فترتين متباعدتين من حياته، هما «سيدة» و«أنيسة» لأنهما لا تقدمان له ما يبغى من زواجه، ليجد فى طريقه «قدرية» الغانية التى تصبح سببا فى وصوله إلى منصب مدير الإدارة، ويتزوج من «قدرية» وحين أخفق معها تزوج ثانية من سكرتيرته «راضية» وفى اللحظة التى أحس فيها أن عمره بدأ فى الضياع صمّم على الإنجاب والاستمتاع بالحياة كأى شخص عادى، والتخلى عن حلمه بالدرجة العظيمة ومنصب المدير العام، وتتم ترقيته لمنصب المدير العام، حلمه المنتظر، إلا أن الخبر قد جاءه وهو على فراش المرض، لتوشك حياته على الانقضاء دون أن يعيش فيها كأى شخص طبيعى، ودون أن يمهله المرض الاستمتاع بحلم عمره، وسلم بأن تقلّده الوظيفة الجديدة حلم، كما سلم بأن نهوضه لإنجاب ذرية حلم آخر، ومع ذلك فمن يعلم؟!
بداية ونهاية
فى هذه الرواية تجسيد لمأساة الفقراء، تبدأ بموت رب العائلة وتنتهى بشتات أفرادها، بموت العائل تعانى أسرته من شظف العيش وينتهى الحال ب«حسن» الابن الأكبر إلى الاتجار فى المخدرات وبين أحضان النساء، أما «حسين» الأوسط فيقبل العمل بشهادته المتوسطة، حتى يتيح الفرصة لأخيه «حسنين» أن يكمل دراسته ويلتحق بالكلية الحربية.
لكن المأساة الحقيقية تتجسد أكثر وأوضح فى «نفيسة» التى تفتقر الى كل شىء، الجمال أو العلم، وتمثل نموذجا للعنوسة بما تعنيه من ألم وحظ عاثر، حيث ترتبط بسليمان البقال الذى يعدها بالزواج لكن سرعان ما يطردها من حياته لتسير فى طريق الرذيلة دون أن يعرف أحد من أشقائها شيئا عنها، وخلال هذا تساعد أخاها حسنين (الأنانى المتطلع إلى الارتباط بالطبقة الثرية فى المجتمع)، وأمها بالمبالغ القليلة التى تحصل عليها. يتخرج حسنين ويصبح ضابطا.
ومن ثم يتنكر لأسرته ووسطه الاجتماعى ويتطلع إلى الارتباط بالطبقة الغنية عن طريق الارتباط بإحدى بنات هذه الطبقة، هنا يكون حسن قد انخرط فى دنيا الجريمة ويصير مطاردا من الشرطة ويعود إلى أسرته جريحا، فى نفس الوقت يستدعى «حسنين» الضابط إلى قسم البوليس ليجد أخته «نفيسة» متهمة بالدعارة. ويدفعها إلى الانتحار بإلقاء نفسها فى النيل تخلصا من الفضيحة، ثم يتذكر حياته ويجد كل طموحه وما حلم به ينهار، فيلقى بنفسه فى النيل وراءها. لتنتهى أحداث الرواية كما بدأت بموت من كان يتوقع أنه سيكون رب الأسرة الجديد وعائلها الذى يصعد بها من ضنك الفقر إلى سطح الحياة الآدمية.
الحرافيش
تنقسم ملحمة الحرافيش إلى عشر حكايات، جميعها تدور حول حياة «آل الناجى» على مدى عصور متتالية تقع أحداثها فى إحدى حارات مصر. كل قصة تصوّر حياة رجل من تلك العائلة الأول هو عاشو الناجى تربّى فى كنف الشيخ عفرة زيدان بعدما قرر هو وزوجته أن يربيا الطفل. شبّ عاشور كاشفا عن جثة ضخمة قوية، وتعرف على عمّه «درويش»، ذلك الشاب المتمرد العربيد. تدهورت حال (والده) فوافته المنيّة، ورحلت (أمه) إلى قريتها وبقى هو وحده مع عمّه، ليبدأ حياة مليئة بالمغامرات. تزوج عاشور من زينب. وأنجب منها أربعة أولاد. ثم تزوج من فلة وهو الخبر الذى تناقلته الحارة، رحل عاشور مع فلّة وطفلهما «شمس الدين» عن الحارة لستة أشهر، عاشوا فيها فى الخلاء، إلى جانب سفح جبل، حيث كانت تجربة شاقة. وكان يمضى عاشور وقته هناك فى الليل متعبّدا متأملا فى أحداث حياته، ثم عاد ليكتشف أن الحارة خالية تماما من الناس.. أين ذهبوا؟ ماذا حل بهم؟ لكن سرعان ما بدأت الحارة تمتلئ بأناس جدد مع الوقت، وكان عاشور قد اتخذ من بيوت الوجهاء مقاما له عندما وجد أن لا أحد فيها. وازدهرت حالته المادية وراح يُنفق على الفقراء والمساكين وبات له كلمة مسموعة بين الناس، استغلها للدفاع عن المظلومين. ولُقب بعاشور الناجى، لأنه الوحيد الذى نجا من المرض الفتاك الذى أصاب الحارة. وفى أحد الأيام وبعد أن صار عاشور فتوة الحارة بلا منازع تستيقظ فلّة يوما لتجد أن زوجها ليس بجانبها فى الفراش. اختفى! لم يُلق له أثر فى الحارة. أين ذهب؟ هل هى مؤامرة؟ لم يُرَ له أثر ولم يُسمع عنه شىء . تنتهى القصة الأولى من الحرافيش، لتبدأ قصة ثانية نشهد فيها عهد شمس الدين ابن عاشور. وبعده نقرأ عن أحفاده ثم أحفاد أحفاده إلى حين نهاية القصة. صفحات مليئة بالأحداث عن حياة آل الناجى، صراعات وظلم وجنون وثراء وفقر.
زقاق المدق
حميدة، فتاة فى العشرين من عمرها، متوسطة القامة، رشيقة القوام، نحاسية البشرة، مغرورة متكبرة وفاتنة لا تخشى رجلا ولا امرأة، وكانت ترى أن جميع رجال الزقاق لا يستحقون ذلك الحسن الذى تملكه. تدور أحداث الرواية فى بيتين من بيوت زقاق المدق، البيت الأول يمتلكه السيد رضوان الحسينى. يسكن المعلم كرشة فى الطابق الثالث من منزل رضوان ويمتلك القهوة المشهورة فى الزقاق. أما فى الأرضى فيسكن عم كامل بائع البسبوسة وعباس الحلو صاحب صالون الحلاقة. فى البيت الثانى تسكن صاحبته الست سنية العفيفى، معها الست أم حميدة التى تسكن فى الشقة الوسطى مع ابنتها حميدة. تقدم عباس الحلو لخطبة حميدة أجمل بنات الزقاق إلا أنها فى البداية رفضته بحجة أن طموحها فى الحياة كبير لا يستطيع عباس الحلو أن يجاريه، لكن عباس حقق لها أمنيتها بأنه سيذهب للتل الكبير للعمل مع الإنجليز، وافقت حميدة على مضض ولكن قلبها لم يحبه أبدا. لكن حميدة لم تكن تريد عباس وهربت مع فرج إبراهيم، الذى أوهمها بالحب والزواج وصدقته لكنها اكتشفت بعد ذلك أنها وقعت فى شباك قواد لم يردها إلا أن تصبح عاهرة تبيع جسدها إلى الإنجليز ليقبض هو الثمن. عاد عباس الحلو من السفر حاملا شبكة حميدة لكنه علم بهروبها مع ذلك الرجل فقرر الانتقام.
ذهب عباس وحسين كرشة إلى أحد المقاهى فرأى حميدة تتوسط الإنجليز فى جلسة خليعة أثارت حفيظته، فهجم عليها، فما كان من الإنجليز إلا أن هجموا عليه وقتلوه. ولأن النسيان عادة من لا عادة له، يأتى مشهد النهاية فى الرواية وأهل الزقاق يمارسون أعمالهم وقد نسوا حميدة واختفاءها.. وعادوا إلى حياتهم.
السمان والخريف
عيسى الدباغ وفدى ينتمى إلى جيل ما بين ثورتين، وصل وهو فى الثلاثين من عمره إلى الدرجة الثانية، وأصبح مديرا لمكتب الوزير. أقيلت الوزارة الوفدية عقب حريق القاهرة، وانتقل الدباغ بعد أيام قليلة من مركزه الخطير، إلى إدارة المحفوظات، ورغم هذا كان يشعر أن هذا الإجراء عابر، وأنه سيعود ليواصل الصعود إلى القمة.. وانتهز الفرصة ليعلن خطبته على سلوى ابنة على بك سليمان المقرب من القصر الملكى، ليضمن بذلك مستقبله ويجمع بين دعم الوفد والقصر!
تقوم ثورة يوليو ويستولى الضباط الأحرار على السلطة، ويعزلون الملك لتتضارب مشاعر عيسى بين الفرح والحزن، لأن الثورة قد خلصت البلاد من عدو الوفد التقليدى، لكنها قامت بسواعد بعيدة عن الحزب.. وأعلنت حكومة الثورة أنها ستطهر الجهاز الحكومى من الفاسدين، وانهالت شكاوى تؤكد أن المناضل عيسى الدباغ استغل نفوذه فى تحقيق مكاسب شخصية.
انقلبت حياة الدباغ رأسا على عقب، واختار أن ينفى نفسه إلى الإسكندرية فى الخريف، وتعرف على ريرى فتاة الليل، التى تقيم معه فى منزله، إلى أن يكتشف أنها حملت منه، فيطردها ويعود إلى القاهرة ليدفن أمه التى غادرت الدنيا، ويفاجأ بأن حسن ابن عمه أصبح ذا حظوة فى العهد الجديد، وتزوج بخطيبته السابقة سلوى. يقوده الفراغ بعد ذلك إلى الزواج بامرأة ثرية، لكنها عقيمة سبق لها الزواج ثلاث مرات.. ويأتى عدوان عام 1956، ليزلزله فيغضب من أجل مصر.. وأبعد عن فكره كل ما يتعلق بالثورة ومصيرها، وبما فعلت به وبحزبه وجيله ليحتفظ بمشاعره الوطنية «أحيانا أقول لنفسى لأن نبقى بلا دور فى بلد له دور خير من أن يكون لنا دور فى بلد لا دور له».
العائش فى الحقيقة
«كن كالتاريخ يفتح أذنيه لكل قائل ولا ينحاز لأحد ثم يسلم الحقيقة ناصعة هِبةً للمتأملين» بهذه النصيحة يبدأ «مرى مون» رحلته الشاقة فى البحث عن لغز مدينة المارق «إخناتون» أو المدينة الكافرة الملعونة كما يصفها أبوه الذى يعرف تفاصيل ما جرى، وكيف حدثت المأساة التى مزقت الوطن وضيعت الإمبراطورية. وتحت إلحاح الشاب يستجيب الشيخ الكبير ويحرر له رسائل توصية للكبار الذين عاصروا الأحداث وشاركوا فيها من قريب أو بعيد. يبدأ «مرى» رحلته متسلحا بحكمة والده «أنت تريد الحقيقة، وكلٌّ على قدر همته». اللقاء الأول ل«مرى» كان بكاهن آمون التى يصف حال المملكة لحظة تولى إخناتون أمور الحكم والدعوة إلى توحيد الآلهة فى إله واحد، وأن هذه الدعوة تسببت فى خراب المملكة وعرضتها لطمع الغزاة. ثم يأتى اللقاء ب«آى» أبى «نفرتيتى» زوجة إخناتون، الذى عمل مستشارا للمارق، لكنه وبعد سرد طويل يصل إلى أن ما قاله المستشار لا يمكن الحكم عليه إلا حين يوضع قلب «آى» فوق كفة الميزان أمام عرش أوزوريس. تتواصل رحلة «مرى» بحثا عن الأسباب وحقيقة ما جرى للمدينة التى كانت زاخرة حتى يلتقى «نفرتيتى» زوجة إخناتون وحبيبته الحبيسة فى قصر، والممنوعة من الاتصال بأحد والتى لا تصدق أن حبيبها يمكن أن ييأس أو ينهزم أو يفقد ثقته بإلهه الذى خصه بمناجاته دون الناس جميعا. تنتهى الرحلة ولا تنتهى الأسئلة ويعود «مرى» إلى أبيه يحكى له ما رأى وسمع لكنه يُخفِى عنه ولعه بالأناشيد التى سمعها خلال رحلته، وحبه العميق لتلك السيدة الجميلة نفرتيتى.
المرايا
هذه رواية بلا بطل.
كثرة الشخصيات توهمك أنك أمام مجموعة قصصية، لكن الحقيقة مختلفة. فكل شخصية يسرد قصتها الراوى تتداخل بشكل ما مع باقى الشخصيات فى نهاية الرواية. نحن أمام راوٍ يستدعى الذكريات ويرى كل شخصية ويقدمها من وجهة نظره هو. أهم هذه الشخصيات هى «صفاء الكاتب» الحسناء بنت كبرى عائلات العباسية التى فتنته وطيّرت النوم من عينيه وكانت تكبره بخمس سنوات. وهنا لا بد أن يتوقف القارئ أمام سيل المشاعر والأحاسيس التى يصفها ويكشف عنها وهو يصف «صفاء» التى احتلت مكانا كبيرا فى حياته وبدلتها تماما. كذلك نجد شخصية عبد الرحمن شعبان المترجم وغيره من الشخصيات التى يصف الحكّاء مشوار حياتهم بلغة لا تخلو من فلسفة تكشف أبعادهم النفسية. من بين الشخصيات التى لا تقل فى أهميتها عن «صفاء» هى شخصية «عبد الوهاب إسماعيل» الناقد الفنى الذى تحول وتبدلت شخصيته من رجل مهذب، واثق، يتحدث بلطف، دون الخوض فى الدين، ويتبنى العادات الأوروبية فى المأكل والملبس، ويستمتع بالذهاب إلى السينما، وكيف أصبح إخوانيا.. يتبنى أفكارا متطرّفة ضدّ القوانين المستوردة وضدّ عمل المرأة، وضد الاشتراكية والوطنية والحضارة الأوروبية، وضدّ الجاهلية المعاصرة. وهو فى ذلك يجسد التحولات الهائلة التى مر بها الناقد المعروف، منتقلا من مجال الإبداع الشعرى والنقد الأدبى إلى التبشير بالأفكار المتطرفة وتكفير المجتمع الجاهلى، ومرحلة دخوله السجن الذى أثر كثيرا فى تحولاته. بعد الإفراج عنه يزوره الراوى، ويستمع إلى آرائه وأفكاره الجديدة فى جميع مناحى الحياة، التى تمثل نقطة الانطلاق لجيل جديد من الشباب.
السراب
بطل الرواية «كمال» هو الراوى.
يبدأ سرد ذكرياته منذ طفولته الأولى عندما يجد نفسه فى بيت جده لأمه المطلقة التى كانت تفرط فى تدليله حتى نشأ خجولا ومعزولا عن الآخرين.
وتروى له أمه قصة زواجها وكيف عانت مع أبيه السكير العربيد، وأن له أخا وأختا يعيشان مع أبيه فى قصر جده.
دخل كامل المدرسة غير أنه أخفق فيها لخجله وانطوائه لكنه تابع دراسته بشكل خاص حتى نال الثانوية وحين دخل الجامعة أخفق أيضا، فعمل موظفا فى إحدى الدوائر الرسمية، وفى أثناء ذلك رأى فتاة جميلة تعمل معلِّمة، راقبها لفترة ثم تزوجها.
ومنذ الليلة الأولى عجز عن القيام بمهامه الزوجية، فكان يعود إلى البيت سكران وعندما تكرر الإخفاق عرض نفسه على طبيب نفسى أخبره أنه طبيعى وأن سبب عجزه نفسى لا عضوى.
بدأ كامل يشك فى سلوك زوجته ومن ثم أخذ يراقبها وخلال تلك الفترة تعرف على إحدى المومسات ودخل معها فى علاقة لفترة طويلة ونظرا لكثرة المشاجرات بينه وبين زوجته تذهب إلى بيت أهلها وتموت هناك فيعلم أن سبب الوفاة يعود إلى خطأ فى عملية الإجهاض التى تعرضت لها ويخمن أن الحمل يعود إلى علاقة بين زوجته والطبيب النفسى فيرجع إلى أمه غاضبا ويهددها بأنه لن يعيش معها.
وفى اليوم التالى تموت أمه فى حين يستمر كمال فى علاقته بالمرأة اللعوب.

لتحميل الملحق كامل بصيغة PDF أضغط على الرابط التالي
nageb


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.