القاهرة: انتهي حجاج بيت الله الحرام من أداء الفريضة المقدسة ليبدأوا حياة جديدة مع الله بعد أن غفرت ذنوبهم ورجعوا كيوم ولدتهم أمهاتهم. حيث قال رسول الله صلي الله عليه وسلم "من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه". من هنا وجب علي كل حاج أن يحافظ علي هذه الصفحة البيضاء فلا يلوثها بالمعاصي بل يحرص علي أداء الطاعات وعمل الخيرات والإكثار من الصدقات وقراءة القرآن، فالحج بداية لحياة جديدة يسير فيها المسلم في أثنائه وبعد أداء الشعيرة راجيا أن يكون بالله ومن الله وإلي الله وعلي ملة رسول الله صلي الله عليه وسلم ولكن السؤال الذي يفرض نفسه.. وماذا بعد الحج؟ .. وما علي الحاج اتباعه حتي يكون حجه مبروراً ويتقبل الله منه. يقول د. عبدالغفار هلال الأستاذ بجامعة الأزهر، بحسب جحريدة "المساء" المصرية، الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة. لذا فعلي المسلم بعد انقضاء فترة الحج التي أخلص وجهه لله فيها أن يصبح من البراءة والطهر كيوم ولدته أمه خالصا من الدنس مبرءا من الآثام.. هذا هو الأساس المطلوب منه بعد الحج لأن الحج يزكي النفس فإذا ما تزكت النفس يصبح المسلم في حالة يفيض الله سبحانه وتعالي عليه نوراً. وأضاف هلال أن الله سبحانه وتعالي فتح أبواباً كثيرة يدخل منها طلاب المغفرة والرحمة إلي مغفرته ورحمته منطلقة من الحج.. وفي حديث عمرو بن العاص فيما رواه عن مسلم أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : "أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها وأن الحج يهدم ما كان قبله". فعلي الحجاج الراجين رحمة الله أن يسيروا علي نفس الدرب الذي بدأوه من التعرف علي الله في حياتهم وأن يتابعوا بين الحج والعمرة بحيث تكون قلوبهم دائماً خالصة لله عز وجل. يقول د. عبدالحكم الصعيدي الأستاذ بجامعة الأزهر : إن الشريعة الإسلامية علمتنا أن نذكر الله كثيراً لا في أعقاب أداء فريضة الحج فقط ولكن في عبادة الصلاة التي تتكرر يومياً وفي يوم الجمعة وغيرها من المناسبات. أكد أن من أهم فوائد الحج تجميع المسلمين علي هدف واحد وتوحيد مواقفهم تجاه الأحداث الكبري التي تشهدها مجتمعاتهم. من هنا يجب توظيف موسم الحج لتحقيق الوحدة المأمولة بين المسلمين والتخلص من أسباب الشقاق والفرقة. أضاف أن الله عز وجل قال في كتابه الحكيم "فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكراً فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار" ومن هذه الآية نستخلص أن علي الحاج أن يكثر من ذكر الله سبحانه وتعالي وحمده وشكره علي أن وقفه لأداء النسك فقد عاهد الله علي الصفاء والوفاء والتعارف الإنساني العام.. ورجم رمز الشر والعداوة والبغضاء وها هو رجع إلي أهله مزوداً بهذه المعاني الكبيرة.. فعليه أن يتقرب إلي الله عز وجل وليعلم أن ذكر الله ينبغي أن يكون للدين والدنيا والآخرة. كذلك ينبغي علي الحاج أن يتجنب المعاصي كبيرها وصغيرها ما استطاع إلي ذلك سبيلاً وأن يستحضر في نفسه تلك الذكريات التي رأها في بيت الله الحرام وفي مسجد نبيه عليه الصلاة والسلام ويجدد العهد مع الله كلما غفل عنه.. ويعين من أراد أن يحج بشئ من المال فإنه لو فعل ذلك كان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجر الحاج شيئاً وأن يكثر من تلاوة القرآن فإن لم يكن قارئا فليكثر من ذكر الله عز وجل فإن ذكر الله هو دواء القلوب وشفاؤها.