أجهد الجميع أنفسهم فى محاولة لمعرفة مدى التقارب الذى بدأ يظهر جليا بين مصروتركيا فى كل نواحى وتنافس المحللون أن الشارع المصرى الذى كان قد بدأ يرى فى اردوغان زعيم قومى أمامهم سيمهد الطريق لتطبيق السيناريو التركى فى مصر وخاصة بعد الثورة التى أطاحت بنظام كان يصنف على أنه مهادن لأمريكا وإسرائيل . من جانبها رأت مجلة فورين بوليسى الامريكية أن مصر وتركيا لهما تاريخ طويل من هيمنة المؤسسة العسكرية على الحكم، وهو ما دعمته الولاياتالمتحدةالأمريكية في كل منهما بقوة، وهو ما يجعل الشأن المصري قريب الشبه بالشأن التركي، مما يجعل مصر على مشارف تجربة تركيا التقدمية. وتساءلت المجلة عن إمكانية ان تتعلم مصر الدرس من أنقرة، وتستطيع ان تصبح دولة تقف فيها المؤسسة العسكرية القوية جنبا إلى جنب مع الأحزاب الإسلامية فى الدولة الجديدة . وأضافت أن الجيش استولى على السلطة لنفسه عقب تنحى الرئيس السابق حسنى مبارك، ورغم تعهد المجلس الأعلى للقوات المسلحة بتسليم السلطة لقيادة مدنية جديدة لكنه الآن يبدو عازما على الابقاء على الامتيازات التي كان يتمتع بها في العهد السابق. وأوضحت أن هذا الوضع شبيه بما كان يحدث فى تركيا قبل وصول حزب العدالة والتنمية الاسلامى الى السلطة، حيث ظلت قبضة الجنرالات فى تركيا مسيطرة حتى صعود حزب العدالة الذى سرعان ما أثبت نجاحا سريعا في الحفاظ على جذوره، وفى الوقت نفسه الحفاظ على الديمقراطية كما نجح بصورة مدهشة في ادارة الاقتصاد. واستطردت المجلة: "عندما تولى رجب طيب اردوغان منصب رئيس وزراء تركيا عام 2002 كان الاقتصاد التركى على حافة الكارثة، وبلغ معدل التضخم أكثر من 70 % وكان القطاع المصرفي منهار وبعد عقد من الزمان تضاعف حجم الاقتصاد التركي إلى 3 أضعاف ليحتل الآن المرتبة رقم 17 على مستوى العالم. ولفتت المجلة إلى أن ما حدث فى تركيا يمكن أن تكون له دلالات كثيرة وأوجه شبه مذهلة ودروس مفيدة لمصر وخصوصا بعد فوز الاخوان المسلمين في الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية المصرية. وأوضحت أن مصر تمر بمنعطف حاسم فإذا استجاب الاخوان لنصيحة اردوغان وتعلم قادة الجيش من النموذج التركى فإنهم سيقطعون شوطا طويلا فى تحديد مصير الربيع العربى. من جانبه ذكر محمد مهدى عاكف، المرشد السابق لجماعة الإخوان المسلمين فى تصريحات صحفية: "إذا حصل الإخوان على أغلبية برلمانية فى الإنتخابات فمصر ستتغير فى إتجاه العدل والحرية والمساواة وسيتم تطبيق النموذج المصرى وليس النموذج التركى أو الإيرانى"، مشيرا إلى أنه ليس هناك شئ فى الإسلام يسمى بدولة دينية ولكن هناك الدولة التى يحكمها الشعب، منتقدا ربط مصر بالنماذج الاخرى بأفغانستان والسودان. وأضاف عاكف -: " أن المرحلة الأولى من الإنتخابات أظهرت من هو الشعب المصرى بعظمته وفهمه ووعيه وأنا لم أفقد ثقتى فيه"، موضحا أنه توقع أن يحصل حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية للجماعة على 40% من مقاعد المرحلة الأولى من إنتخابات مجلس الشعب لأن الشارع المصرى يرى أن حزب الحرية والعدالة لديه ثقل كبيرة. وتابع:"أنه لا يهمه أن يحصل حزب الحرية والعدالة على أغلبية أو لا، لكن يهمه أن يتواجد كافة أطياف المجتمع السياسى وأن تدار العملية الإنتخابية بشكل راقى"، متوقعا أن تكون المرحلتين الثانية والثالثة من الإنتخابات أفضل من المرحلة الأولى وتسير العملية بشكل راقى. ولفت الإنتباه إلى أن التنظيم العالمى للإخوان المسلمين هدفه نهضة الإسلام على المستوى العالمى لكن مصر لها خصوصياتها وأحزابها وشعبها، نافيا تدخل التنظيم العالمى فى شئون مصر. وأشار إلى أنه لا يوجد ما يمنع وجود تنسيق فى البرلمان المقبل بين الإخوان والسلفيين ومعهم التيار الليبرالى والحرية والعدالة يسعى للتتعاون مع جميع الناس. وصرح المحلل العسكري الاسرائيلي المعروف رون بن يشاي، وهو الذي قام بتغطية احداث انتفاضة الاقصى كاملة، ومن ثم طار الى العراق وغطى الاحتلال الامريكي هناك، وبعدها الى تركيا ومن ثم تابع احداث دول اخرى مثل حرب لبنان وحرب غزة، كتب يقول حول مصر، من خلال مقالة موسعة نشرتها صحيفة يديعوت احرونوت وتناقلتها المواقع الالكترونية، ان مصر في طريقها الى التحول الى دولة القيمية قوية على الطراز التركي. وينصح المحلل الاسرائيلي قادته ان لا يظنوا ان مصر القديمة في عهد مبارك سوف تعود ثانية وانما ان يستعدوا لمصر جديدة على الطراز التركي ، وغير محبة لإسرائيل في طريق التكون بالمنطقة.