مدبولي: 12 جامعة أهلية جديدة تدخل الخدمة قريباً    مدبولي: الاقتصاد المصري يتجه نحو التحسن رغم التحديات    برلمانيون: سياسة مصر الخارجية القوية أحد أعمدة الجمهورية الجديدة | تقرير    التعادل يحسم الشوط الأول من مباراة الجونة أمام مودرن بالدوري    تقرير: دي ليخت يقترب من الغياب أمام أتليتك بلباو    الأرصاد: غدًا طقس حار نهارًا معتدل ليلًا على أغلب الأنحاء    محافظ القليوبية يُسلِم ملابس الإحرام لحجاج الجمعيات الأهلية    أبطال «نجوم الساحل» يكشفون كواليس العمل مع منى الشاذلي..غدا    ميرتس وماكرون يدعوان الهند وباكستان إلى التهدئة    «ضربوه لأن رجله بتوجعه ومقدرش يجري».. القبض على والدَي تلميذ اعتديا على زميل ابنهما داخل ملعب المرج    رسميا.. اعتماد جداول امتحانات النقل والشهادة الإعدادية للفصل الدراسي الثاني 2025 ببني سويف    آيساب روكي يكشف سبب حمل ريهانا المتكرر    محافظ أسوان ينيب السكرتير العام لحضور ختام فعاليات مهرجان أفلام المرأة    إنقاذ حياة طفل.. فريق جراحى بأورام المنوفية ينجح فى إجراء عملية استئصال ورم ضخم    رأس المال السوقي يخسر 25 مليار جنيه.. مؤشرات البورصة تهبط بختام جلسة اليوم    رئيس مسار بعد التتويج بدوري السيدات: هدفنا المساهمة في تطوير كرة القدم المصرية    جوندوجان يحلم بأن يكون مساعدًا ل "الفيلسوف"    بالصور.. ملك أحمد زاهر تتألق في أحدث ظهور لها    ضبط 3507 قضية سرقة تيار كهربائى خلال 24 ساعة    عدوان الاحتلال الإسرائيلي على طولكرم ومخيميها يدخل يومه 101    "الشباب في قلب المشهد السياسي".. ندوة تثقيفية بالهيئة الوطنية للانتخابات | صور    بينها «أخبار اليوم» .. تكريم رموز الصحافة والإعلام في عيد العمال    "التعليم" تعلن إطلاق مسابقة للمواهب في مدارس التعليم الفني    5 أبراج تُعرف بالكسل وتفضّل الراحة في الصيف.. هل أنت منهم؟    خلافات مالية تشعل مشاجرة بين مجموعة من الأشخاص بالوراق    الهلال الأحمر المصري يشارك في النسخة الرابعة من منتدى «اسمع واتكلم»    جوتي ساخرًا من برشلونة: أبتلعوا الأهداف مثل كل عام    البابا تواضروس يستقبل وكيل أبروشية الأرثوذكس الرومانيين في صربيا    محافظ الدقهلية يلتقي المزارعين بحقول القمح ويؤكد توفير كل أوجه الدعم للفلاحين    تعرف على وضع صلاح بين منافسيه في الدوري الإنجليزي بعد 35 جولة    عمر طلعت مصطفى: العمل الاحترافي يجذب 400 ألف سائح جولف لمصر سنويًا    وزير البترول: التوسع الخارجي لشركة "صان مصر"على رأس الأولويات خلال الفترة المقبلة    أوبرا الإسكندرية تقيم حفل ختام العام الدراسي لطلبة ستوديو الباليه آنا بافلوفا    كندة علوش: دوري في «إخواتي» مغامرة من المخرج    قطاع الفنون التشكيلية يعلن أسماء المشاركين في المعرض العام في دورته 45    ب12 هاتفًا.. عصابة تخترق حساب سيدة من ذوي الاحتياجات وتنهب أموالها    إطلاق صندوق لتحسين الخدمة في الصحة النفسية وعلاج الإدمان    حزنا على زواج عمتها.. طالبة تنهي حياتها شنقا في قنا    المراجعات النهائية للشهادة الإعدادية بشمال سيناء    وظيفة قيادية شاغرة في مصلحة الجمارك المصرية.. تعرف على شروط التقديم    سحب 49 عينة سولار وبنزين من محطات الوقود بالإسكندرية لتحليلها    وائل غنيم في رسالة مطولة على فيسبوك: دخلت في عزلة لإصلاح نفسي وتوقفت عن تعاطي المخدرات    وزارة الأوقاف تعلن أسماء المقبولين لدخول التصفيات الأولية لمسابقة القرآن الكريم    آخر تطورات مفاوضات الأهلي مع ربيعة حول التجديد    فيديو.. خالد أبو بكر للحكومة: مفيش فسخ لعقود الإيجار القديم.. بتقلقوا الناس ليه؟!    مدبولي يُكلف الوزراء المعنيين بتنفيذ توجيهات الرئيس خلال احتفالية عيد العمال    وكالة الأنباء الفلسطينية: ارتفاع حصيلة القصف الإسرائيلي لمدرستين في مخيم البريج ومدينة غزة إلى 49 قتيلا    هل انكشاف أسفل الظهر وجزء من العورة يبطل الصلاة؟.. الإفتاء توضح    «مستقبل التربية واعداد المعلم» في مؤتمر بجامعة جنوب الوادي    مصر ترحب باتفاق وقف إطلاق النار في اليمن مع الولايات المتحدة    زيادة قدرتها الاستيعابية.. رئيس "صرف الإسكندرية يتفقد محطة العامرية- صور    بتكلفه 85 مليون جنيه.. افتتاح مبنى امتداد مركز الأورام الجديد للعلاج الإشعاعي بقنا    عضو مجلس الزمالك: كل الاحتمالات واردة في ملف زيزو    أسامة ربيع: توفير الإمكانيات لتجهيز مقرات «الرعاية الصحية» بمواقع قناة السويس    اليوم.. الرئيس السيسي يتوجه إلى اليونان في زيارة رسمية    ما حكم إخراج المزكى زكاته على مَن ينفق عليهم؟.. دار الإفتاء تجيب    الأزهر يصدر دليلًا إرشاديًا حول الأضحية.. 16 معلومة شرعية لا غنى عنها في عيد الأضحى    عاجل- مصر وقطر تؤكدان استمرار جهود الوساطة في غزة لوقف المأساة الإنسانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خروج على ثابت فلسطيني
نشر في مصر الجديدة يوم 27 - 11 - 2011

(لا يزال تأييد فلسطين لتعليق عضوية سورية في الجامعة العربية ينتظر تفسيرا رسميا يوضح حيثياته وأسبابه والغموض الذي لا يزال يحيط بدواعيه)
كان وما زال عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، وفي المنازعات بينها، ثابتا من الثوبت الفلسطينية، ومحل إجماع فلسطيني، يتجاوز الانقسام الوطني الراهن وكل الخلافات بين فصائل العمل الوطني. لكن تأييد ممثل فلسطين في جامعة الدول العربية لقرار تعليق عضوية سورية في الجامعة في الثاني عشر من الشهر الجاري مثل خروجا واضحا على هذا الثابت الفلسطيني، لا يحظى باجماع فلسطيني، ولا يزال ينتظر تفسيرا رسميا يوضح حيثياته وأسبابه والغموض الذي لا يزال يحيط بدواعيه.
وفي غياب أي تفسير رسمي، يتلخص ما حدث، حسب ما ورد في وسائل الاعلام، في تنازل فلسطين المفاجئ دون مقدمات عن الرئاسة الدورية للدورة ال 136 لجامعة الدول العربية لصالح قطر، وهذه واقعة ليست موضع جدل، فقد أعلنها في الثالث عشر من سبتمبر الماضي وزير خارجية سلطنة عمان يوسف بن علوي بن عبد الله الذي كانت بلاده الرئيس الدوري للدورة ال 135 السابقة. وكانت هذه المبادلة مفاجئة، ففي اليوم السابق كان ممثل فلسطين بركات الفرا قد تولى الرئاسة، ونقلت عنه وكالة الأنباء الرسمية للسلطة "وفا" حثه للأقطار العربية الشقيقة على الدعم السياسي لطلب عضوية فلسطين في الأمم المتحدة، ودعم السلطة الفلسطينية ماليا، ودعم المؤسسات الفلسطينية في القدس المحتلة.
غير أن الجدل يدور حول أسباب التنازل الفلسطيني، وسط تكهنات إعلامية قال أحدها، على ذمة "مصادر" نقلت عنها صحيفة الأنباء الكويتية، وغيرها، إنه حدث ضمن "تفاهم" مع قطر، تتولى الدوحة بموجبه تغطية النفقات المالية للسلطة الفلسطينية في رام الله لمدة أربعة أشهر، في إطار مواجهة السلطة للأزمة المالية الناجمة عن العقوبات المالية التي فرضتها دولة الاحتلال الاسرائيلي وراعيها الأميركي عليها مؤخرا لإرغامها على سحب طلب عضوية دولة فلسطين في الأمم المتحدة وعدم تنفيذ اتفاق المصالحة الوطنية مع حركة المقاومة الفلسطينية "حماس". ولم يصدر لا عن السلطة ولا عن قطر ما ينفي تلك "التكهنات" حتى الآن.
ومع أن بعض وسائل الاعلام المؤيدة لسورية اعتبرت أن توقيت "المبادلة" الفلسطينية القطرية مكن قطر من احتلال موقع قيادي في الجامعة العربية استغلته الدوحة للتصعيد العربي ضد دمشق، فإن الموقف السوري الرسمي المنشغل بمنع أي تدخل عسكري أجنبي من الخارج وبالتصدي لما يقول إنه "عصابات إرهابية مسلحة" في الداخل قد تحاشى الدخول في ملاسنة ثانوية تحمل أي مسؤولية لمنظمة التحرير الفلسطينية جراء قرارها التنازل عن رئاستها الدورية لقطر ثم قرارها بتأييد تعليق عضوية سورية في الجامعة العربية وفرض عقوبات اقتصادية عربية عليها.
لكن انعدام رد الفعل السوري لا يجب أن يكون سببا كافيا لعدم وجود رد فعل فلسطيني، يصر في الأقل على معرفة أسباب وحيثيات القرارين، ليس فقط لأن مبادلة "ثابت" وطني ب"نجدة" مالية هو أمر مرفوض وطنيا من حيث المبدأ، وليس لأن القرارين لا يحظيان باجماع فلسطيني فحسب، بل أيضا لأن الخروج على هذا الثابت الفلسطيني بالذات يثير مجموعة من الأسئلة الوطنية الهامة.
وأول هذه الأسئلة يتعلق بالتناقض بين القرارين وبين ما أعلنه رئيس السلطة محمود عباس برام الله في السادس عشر من الشهر الجاري حول موقفه من "الربيع العربي" عندما قال: "موقفنا هو أن لا نتدخل في الشؤون العربية الداخلية. نحن نراقب ولا نقول كلمة هنا وكلمة هناك". وهذا هو موقف حماس ايضا، وقد كرر عضو المكتب السياسي للحركة د. محمود الزهار التأكيد عليه بقوله لصحيفة الأخبار اللبنانية في الخامس والعشرين من مايو الماضي إن "موقفنا مما يحدث في سورية هو ذاته موقفنا مما حدث في تونس ومصر وليبيا واليمن: نحن لا نتدخل في الشأن الداخلي العربي في وقت الثورات ولا في وقت الهدوء. نحن ضيوف على القطر هدفنا هو العودة الى فلسطين. من يتدخل في الشأن السوري في هذا الاتجاه أو ذاك عليه أن يدفع ثمن ذلك". لكن "ثمن" القرارين المناقضين لهذا الموقف المعلن لا يمكن أن يقتصر على فصيل فلسطيني بعينه، ولذلك لا يجوز السماح لأي فصيل بالخروج على الاجماع الفلسطيني على هذا الموقف باعتباره من الثوابت الوطنية.
ولا يسع أي مراقب محايد إلا ان يتساءل كيف يمكن للانحياز الفلسطيني الى محور عربي ضد سورية والتدخل الفلسطيني في شأن سوري داخلي أن يساهم ايجابيا، على سبيل المثال، في إنجاح مساعي المصالحة الوطنية عشية لقاء عباس في القاهرة مع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل الذي يتخذ من دمشق مقرا له.
وثاني الأسئلة يتعلق بمصير أكثر من نصف مليون لاجئ فلسطيني تستضيفهم سورية معززين مكرمين منذ النكبة عام 1948. وسواء صدق أم لم يصدق الخبر الذي نشرته صحيفة المدينة السعودية يوم الأربعاء الماضي عن قلق أردني من تهجيرهم الى الأردن، فإن تجربة اللاجئين الفلسطينيين الى العراق ما زالت نازفة بعد "التحرير الأميركي للعراق من الدكتاتورية"، والقلق على مصير مماثل لأشقائهم في سورية قلق مشروع يتزايد طرديا مع تزايد احتمالات التدخل الخارجي في الأزمة وتصعيد التمرد المسلح المدعوم من ذات القوى الأجنبية المسؤولة عن مأساة الفلسطينيين في العراق، ناهيك عن مصير فصائل المقاومة الفلسطينية التي تحتضنها دمشق.
وثالث الأسئلة يتعلق بالموقف الفلسطيني المتناقض الذي يجد نفسه اليوم في مواجهة دبلوماسية وسياسية مع دولة الاحتلال الاسرائيلي وراعيها الأميركي اللذين يسعيان فيها الى عزل فلسطين وقياداتها جميعا لكنه يتخذ قرارين يستهدفان عزل السند العربي السوري التاريخي الاستراتيجي لحركة التحرر الوطني الفلسطينية. يوم الأربعاء الماضي نشرت اليومية العربية السعودية باللغة الانكليزية، "أراب نيوز"، مقالا بعنوان "عزل سورية هدية لاسرائيل" قالت فيه كاتبته، ليندا هيرد، ما كان يجب ان يدركه متخذ قرار تعليق عضوية سورية في الجامعة العربية، ففي رأيها أن "إخراج سورية من المعادلة الاقليمية" سوف يطلق يد "اسرائيل حرة لتفعل الأسوأ" في جعبتها و"يمهد الطريق لهجوم اسرائيلي على ايران تسنده الولايات المتحدة" وهو الهجوم الذي يردع رد الفعل السوري واللبناني والفلسطيني المتوقع دولة الاحتلال عن شنه الآن، لتخلص الى القول إن "سورية حاليا قد تكون خارج الجامعة العربية مؤقتا لكن يجب عدم التخلي عنها لمن يعوون كالذئاب على أعتابها".
ورابع الأسئلة الهامة يتعلق بالأولوية التي تحتلها القضية الفلسطينية على جدول الأعمال العربي في الوقت الراهن. إن سحب الملف الفلسطيني من احتكار الرعاية الأميركية له والذهاب به الى الأمم المتحدة مباشرة قاد الى وضع القضية الفلسطينية في مركز الصدارة التي كانت تحتله إبان المقاومة الوطنية التي وضعتها على رأس جدول الأعمال الدولي الاقليمي. لكن الولايات المتحدة نجحت كما يبدو في إزاحتها عن مركز الصدارة لصالح قضايا عربية وشرق اوسطية اقل اهمية منها بكثير في تقرير مصير الحرب والسلم في المنطقة.
وكان المطلوب عربيا وفلسطينيا تعزيز الموقف الفلسطيني كي تظل قضيته الوطنية في موقع الصدارة دوليا، والرئاسة الفلسطينية الدورية للجامعة العربية تخدم هذا الهدف، لكن التنازل المجاني عن هذه الرئاسة يظل بحاجة الى تفسير مقنع ينفي كونه مجرد ثمن باهظ لمجرد تمويل رواتب موظفي السلطة لبضعة اشهر. فبعد هذا التنازل لا يجادل اثنان اليوم في أن القضية الفلسطينية لا تحتل صدارة ما تبقى من العمل العربي المشترك، بينما كل دولة عربية على حدة منكفئة على ذاتها ومنشغلة بالخروج سالمة من عاصفة الحراك الشعبي التي يختلط فيها حابل الثوران الداخلي المشروع بنابل التدخل الأجنبي غير المشروع.
لقد أوصى المجلس الاقتصادي والاجتماعي للجامعة العربية في السادس والعشرين من هذا الشهر بحزمة عقوبات عربية ضد سورية، وفلسطين جزء من هذه العملية. وكان المقرر يوم الجمعة الماضي أن تبلغ الجامعة "مجلس الأمن الدولي بهذا القرار" وتطلب منه "دعم جهود الجامعة العربية في تسوية الوضع المتأزم في سورية". وفلسطين جزء من هذه العملية العربية لتدويل الأزمة السورية.
والرئيس عباس يقول: "نحن نقول إننا مع الشعوب". وقال أمين عام مجلس الوحدة الاقتصادية العربية، د. محمد ربيع، في مذكرة سلمها الأربعاء الماضي الى أمين عام الجامعة العربية، د. نبيل العربي، إن عزل سورية اقتصاديا "سيعاقب الشعب السوري أكثر مما سيعاقب النخب السياسية". فهل كان القرار الذي اتخذه عباس بتأييد تعليق عضوية سورية و"الاجراءات" اللاحقة المبينية عليه قرارا في خدمة "الشعوب" حقا، وبخاصة الشعبين الشقيقين الفلسطيني والسوري؟
* كاتب عربي من فلسطين
* [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.