اعتبر عدد من خبراء الإسكان أن قرار محافظة الجيزة بشأن السماح للعقارات التي أنشئت قبل القانون 106 لسنة 1976 بالتعلية كارثة يدفع ثمنها الأبرياء من المواطنين، مؤكدين انهيار هذه العقارات حسب حالتها الحالية .. واصفوا القرار بأنه جاء لدعم موارد صندوق الإسكان بالمحافظة بنسبة 12% من قيمة الأعمال المراد تعليتها. وكان المجلس الشعبي المحلي لمحافظة الجيزة قد أقر بالسماح للعقارات التي أنشئت قبل القانون 106 لسنة 1976 بالتعلية إلى 12 طابقًا مقابل 12% من قيمة التعلية لدعم موارد صندوق الإسكان بالمحافظة. وأكد خبراء الإسكان أن الأساسيات هي القاعدة السفلى للمنشأة أو المبنى، ومهمتها نقل حمولات البناء إلى التربة، وضمان الارتكاز على الأرض ارتكازًا ثابتًا، فهناك بعض الأعمال الهندسية في الأساسيات لا يمكن التحقق من أنه تم إنشاؤها على الدرجة المطلوبة من الدقة لإجراء أية تعلية، ومنها تغليف الحديد طبقا للمواصفات المحددة، وهي 5 مللي في القواعد المسلحة و2.5 فى الأعمدة والأسقف والكمرات والسميلات، وعدم ربط كانات الأعمدة جيدًا بالطريقة الصحيحة يؤدى إلى انهيارات في حالة التعلية، هذا إلى جانب مواصفات الزلط المطلوبة في الخرسانة إذا كانت عادية يجب ألا يزيد حجمها على 0.5 والمسلحة 0.2 والتي تستخدم الزلط الفينو، والخلو من جميع المواد والأتربة المنصوصة في المواصفات الهندسية، والتي تؤثر بالسلب على الخرسانة. وأوضحوا أن المشكلة هي كيفية التأكد من اتباع العقارات– التى يراد التعلية عليها– لهذه المواصفات الهندسية فى أساساتها، حيث إن الإحلال له آثار سلبية على قوة تحمل المبنى لأي من الأدوار، كما أن انخفاض العمر الافتراضى للمبنى له العديد من العوامل، منها عدم توزيع عوازل الرطوبة بالطريقة السليمة أو بالكميات الكافية أو إذا لم توضع من الأساس، والترميم فقط هو الحل السليم لها، وليس التعلية كما يقول الخبراء. هذا إلى جانب وجود عيوب تزيد من تأثير عوامل التعرية على المنشأ الخرساني، وهو الصدأ الذي يعمل على تآكل حديد التسليح مخلفًا شروخا بامتداد طولها، مما يؤدى إلى سقوط الخرسانة كاشفة الحديد بمساعدة كلوريدات الصوديوم الموجودة فى الخرسانة، وكل هذه العوامل لها تأثيرات خطيرة. ويؤكد الدكتور محمد مكاوي بالمعهد العالى للهندسة المعمارية بمدينة 6 أكتوبر أن موافقة المجلس الشعبي المحلي لا تصب إلا فى خانة جمع الأموال فقط، دون النظر للآثار المترتبة، لأن العقارات التي يراد التعلية عليها عمرها أكثر من أربعين عامًا، وتأثرت أساساتها بالمياه الجوفية بدرجة كبيرة، الأمر الذي يجعلها غير صالحة لبناء لإضافة أي أدوار أخرى. وأشار إلى أن التقارير الهندسية التى يعتمد عليها لتوضيح مدى قدرة المبانى على التحمل من الممكن التلاعب بها، مما يضعنا أمام كارثة حقيقية. وأضاف أن هذه المبانى لا توجد لها أى رسومات أو مخططات للاستعانة بها، وأن المشكلة الأخرى هي عدم التأكد من صحة بناء الأساسات وفقًا لمقاييس الجودة المتعارف عليها فى البناء، وأكد أن التعلية على شيء مجهول الهوية هو استخفاف بأرواح المواطنين. وأوضح مكاوي أن العقارات القديمة لا تهتم بعمليات الصيانة من الكشف الدوري على المزاريب بحثًا عن الأضرار والتسرب والترشيح ومعالجتها بالطرق الفنية، وأيضا على مجاري الصرف الصحي، لأن للصيانة لها دورا مهما ومحوريا فى زيادة العمر الافتراضى للمبنى، وإهمالها له أثر عكسى على قوة التحمل. ولفت مكاوي إلى أن الصيانة فى مصر محدودة لا تقام إلا على المبانى الأهلية والفيلات فقط، أما العقارات الأخرى فلا يتم الاهتمام بصيانتها، منتقدًا ما يحدث من إهدار للثروة العقارية، وذلك باتخاذ إجراءات الهدم للأدوار المخالفة، مع العلم أنها أنشئت على مرئى ومسمع من المسئولين وبالتواطؤ، متسائلا: أين البلديات والادارات الهندسية منذ البداية؟ وأكد المهندس جمال الشريف أن التصميمات الهندسية الجديدة لم يطبق عليها الكود المصرى، الذى يعمل على حماية المبانى من الزلازل والكوارث الطبيعية، وتأثرها أيضا بزلزال 1992، وتساءل: هل تم وضع النسب الصحيحة وفقًا للمواصفات الهندسية فى أساسات هذه العقارات، وهى 4.0 رمل، 8.0 زلط و 350 كم مكعب أسمنت، وقال: إن مخالفة تلك النسب له أثر سيئ على قوة تحمل هذه الأساسات لأي طوابق إضافية. ويضيف الشريف: أن أصحاب العقارات سواء مرخصة أم غير مرخصة يتخيلون أن ما وضعوه من حديد قد يتحمل عشرين دورا، ولكنه فى حقيقة الأمر قد لا يتحمل سوى خمسة أدوار فقط، ويطرح مثالاً لشارع عرضه 30 مترًا مسموح له بارتفاع كحد أقصى 36 مترًا، وتم استخراج ترخيص لمبنى ب5 أدوار ووضعت الأساسات على ذلك النسق، ويتقدم صاحب العقار بعد ذلك بطلب تعلية بالارتفاع المسموح به لعرض الشارع، أى إضافة سبعة أدوار ليكون الارتفاع إجماليا 36 مترًا طبقا للقانون، مشيرا في نفس الوقت إلى أنه ليس من المعقول إضافة أى أدوار على مبنى صمم خصيصا ليتحمل أدوار معينة، وقال: إن أية مغامرة فى ذلك تؤدى إلى كارثة كبرى محققة؛ لأنها تمثل عبئا شديدا على المرافق، وبذلك تعد هذه العقارات غير مطابقة لمواصفات الجودة والأمان لحماية السكان. ومن جانبه دافع الدكتور مصطفى الخطيب رئيس المجلس المحلي لمحافظة الجيزة عن القرار، مؤكدًا أن التعلية للمباني لن تتم سوى بشهادة معتمدة من كلية الهندسة بجامعة القاهرة تفيد بسلامة المبانى وإمكانية إضافة أدوار أخرى. وأضاف: أن الطعن على القرار من قبل المتخصصين تم بناءً على جهل بتفاصيله، وقال: كان من الأجدى العودة للجهة التى أصدرت القرار للتأكد من تفاصيل القرار.