بعد أن شاهدت د. معتز بالله عبدالفتاح على شاشة الفضائية المصرية في برنامج البيت بيتك مع محمود سعد، امتزجت لدى عدة أحاسيس صنعت حالة غريبة، ظاهرها التعاسة، وباطنها الحيرة عدت إلى العام 2004 حين كنت أتحدث عن أفكار بدت غريبة بعض الشيء، نشرتها في عدد من المواقع، وتحدثت عنها مع بعض الحمقى والمغفلين.. ثم وجدت من الأفضل أن أختزنها في العقل الباطن وانتهى الأمر.. حتى قرأت أحد مقالات الدكتور معتز بالله في مجموعته على فيسبوك، وتطوعت وتهورت وأبديت رأيي بعد أن تحمست.. وكتبت عنوانا غريبا "نظرية عربية سياسية في الحكم" أو كما قيل العنوان بدا أحمقا للغاية، وهذا نتيجة الاندفاع، وهو ما أتاح فرصة للداخلين كي يوجهوني إلى أمور مبدئية في حقل المعرفة.. للأسف أنها أمور معروفة لدى بالضرورة، على سبيل المثال فمن شروط النظرية أنها إنسانية عالمية، حاولت توضيح رأيي، فأنا لم أقصد عربية الهوية، بل أقصد أنها من هنا من مجتمعنا، تولدت نتيجة صراعات وظرف تاريخي.. كان هذا الكلام في الألفين وسبعة تقريبا، لكن نبرة كتابتي إن جاز التعبير كنت قد استعرتها من سذاجة العام 2004 التي ما زلت محتفظ ببعض منها، وبدأ الجدل ظهرت إحدى مديرات المجموعة وتدخلت في الحوار كي تضبطه، وتجاوبت مع فكرتي حول أن النظرية لا تولد إلا من رحم المرحلة، والحقيقة أنني أعترف الآن وسابقا أن فكرة "النظرية" نفسها لا يمكن قياسها إلا عند الحضارة الغربية حاولت أن أوضح، لكن العنوان كان قد قضى على فرصي في توضيح ما أقصده مجموعة د. معتز بالله عبدالفتاح اختفت تقريبا من الفيسبوك ولم أجدها حين أردت البحث عن هذا النوت، وعبدالرحمن 2004 بدأ يتلاشي قليلا، خاصة في مجتمع يحتقر التنظير.. إنت هتنظر؟؟ في حين أن الأمم لا تتقدم إلا في إطار فكري ونظري يسهم في تنظيم العلاقات بين أفراد المجتمع و......الخ كان ضمن أمراض هذه الحقبة أنني رأيت أن أكبر كوارث ثورة يوليو هي أنها لم تكن مؤهلة فكريا للوقوف في وجه الشعب، ومواجهته بحقيقة ألاف السنين التي عاشها بدون اجتهاد نظري ينظم علاقته بالحاكم، واتكاله على نظرية أجداده الفراعنة في الحكم التي استمرت حتى الآن، وبدلا من الاجتهاد كانت محاولات توفيق وتلفيق النظريات الغربية مع مجتمعاتنا، ودكترتها من الدكتاتورية وكنت مستمتعا بمشاهدة حركات من نوعية كفاية، وبطيخ من أجل التغيير، وأنا أفوّل عليها بالانهيار لأنها كانت وما زالت أقرب إلى غازات بغيضة انطلقت من موضع أبغض في حواره في البيت بيتك ظل محافظا على لكنته القرآنية، مستشهدا بالحديث والسنة، وكأنه أحد الشيوخ، لكنه اقترب قليلا من العام 2004 حين طمحت في رؤية من يواجه الماضي، كأحلام طالب بليد في التاريخ، واقترب د.معتز من تجسيد بعض ما كنت أتحدث عنه قديما من أفكار أهدرتها مع الحمقى والمغفلين لكنته القرآنية ما زالت تثير الشك تجاه هويته "الإسلامية وليست المسلمة" وتدفعني إلى الشك في أنه من الذين يتحدثون عن اسلمة المعرفة وهذا الجدل المريض الذي يريد خطف انجازات الآخرين.. على أي حال، أنا لا أعرفه جيدا لكن... أعتقد أنه ليس من هذه النوعية. ما أنا متأكد منه أنه اقترب وأعادني إلى ما كنت أفكر فيه قديما.. حتى إن كان ظهوره في البيت بيتك تاليا لزيارة أوباما محروق أبو نجاد على خامئني، وربنا يعين اللي بيموتوا في إيران.. دي مشكلة بلدهم، لكن مشكلتنا إننا بلد مملة عايشة ألاف السنين على المصطبة بتحكي، وعايشين في نظام قديم قدم الأهرامات هذه لغة العام 2009 قرأت قديما في الآلفين وأربعة وما قبلها ادعاءات تقول أن العقلية الشرقية لا تنتج نظرية وليس لديها القدرة على هذا، وليس لديها القدرة على إنشاء العلوم والتقعيد لها.. هذا الادعاء الاستشراقي الأخرق جعل من علامات مثل ابن خلدون وعلم العمران البشري مجرد ظواهر منفلتة... وكذلك طبق بعضهم هذا على اليونان القديمة التي أخذت عن الشرق ومصر الكثير، لكنها أنتجت علوما وقواعد تفتقدها الروح الشرقية التي تنتج اجتهادات دينية، وتفتقد العقلانية والمنطق بعد الألفين وأربعة بدأت في الإيمان بهذا.. أننا لا ننتج أفكارا والتنظير لدينا مرادف للثرثرة، وأننا ما زلنا نعيش في مزيج عجيب من عالم يحكمه كهنة أمون ومماليك قلعة الجبل أعترف أن لدي حنين لما كان قبل الألفين وأربعة، وأتمنى قراءة ما يعبر عن هذه الرؤية الغريبة التي تحاكم تاريخ ألاف السنين، دون ابتذال أو وطنية مفتعلة.