لنبدأ أولاً بأن ننظر بإمعان في بعض الاعتقادات والمخاوف الخاطئة التي تدور في أذهان البعض عن الصيام وتأثيره على القلب والدورة الدموية: 1- الصيام يضعف القلب ويسبب نقص السكر في الدم وهو غذاء القلب الرئيسي! هذا أبعد ما يكون عن الحقيقة, فنسبة السكر في الدم تبقى في حدود الطبيعي, والجسم لديه مخزون كبير من الغذاء, فهو يختزن السكريات في الكبد, ويختزن الدهنيات تحت الجلد وحول الأحشاء, ويستطيع الجسم ببساطة أن يستخدم من هذا المخزون ما يشاء لتغذية القلب وباقي الأعضاء في ساعات الصيام يضخ القلب عادة الدم إلى مختلف أعضاء الجسم, ويستفيد الجهازالهضمي من 10% من هذه الكمية, لكن أثناء الصوم يرتاح الجهاز الهضمي ويتوقف القلب عن ضخ هذه الكمية, مما يساعد مرضى القلب والذبحة الصدرية الذين سمح لهم الطبيب بالصوم على تحسين حالتهم. وقد أجرى استشاري أمراض القلب الدكتور حسان شمسي باشا وزملاؤه بقسم القلب بمستشفى الملك فهد للقوات المسلحة بجدة بحثا على 86 مريضا مصابين بأمراض القلب المختلفة خلال شهر رمضان, وبينت الدراسة أن حوالي 80% من هؤلاء المرضى استطاعوا صيام رمضان بينما اضطر 10% من هؤلاء المرضى إلى الإفطار لعدة أيام في رمضان, ومع نهاية شهر رمضان, شعر 78% من المرضى بتحسن في حالتهم الصحية بينما شعر 11% منهم بازدياد الأعراض التي كانوا يشكون منها.. 2- الصيام يسبب زيادة في تركز الدم ولُزُوجته بسبب السوائل, وهذا بالتالي يؤدي إلى حدوث جلطات في القلب. لا يوجد أي أساس علمي لهذا الاعتقاد, ففترة الصيام لا تزيد على 16 ساعة بأي حال, وما يفقده الجسم من الوسائل في هذه الفترة لا يحدث تركيزا يذكر في قابلية الدم للتجلط, وقد كان المسلمون الأوائل يصومون رمضان في ظروف بالغة الصعوبة, وفي صحراء شبه الجزيرة العربية, حيث تصل درجة الحرارة في الظل إلى خمسين درجة مئوية, وحيث تعز شربة الماءحتى بعد الإفطار نظرا لقلة المطر, وندرة الآبار, ولا يزال الحال كما هو حتى الآن في بادية السعودية, ولم نسمع بأن أحدًا من هؤلاء أصيب من جراء هذا بأي تجلط! 3- الصيام يسبب هبوطًا خطرًا في ضغط الدم خاصة عند أولئك المصابين بمرض ضغط الدم المنخفض!. حكاية ضغط الدم المنخفض هذه قد بولغ فيها بدرجة كبيرة وانظر "مريض ضغط الدم في الصيام".. أما وقد فنّدنا المخاوف والأوهام عن زعم التأثير الضار للصيام, فقد أصبح من الممكن لكل الأصحاء, وغالبية المصابين بالدرجات البسيطة والمتوسطة في كثير من أمراض القلب أن يؤدوا فريضة الصيام. وأصبح خطر الصيام لا يتجاوز نسبة بسيطة من مرض الدرجات الأكثر شدة قبل الجلطة الحديثة والذبحة الصدرية غير المستقرة أو غير المستجيبة للعلاج, وهبوط القلب, والاضطرابات الخطيرة في النبض, والضيق أو الارتجاع الشديد في صمامات القلب, والتهابات الصمامات, والحمى الروماتيزمية النشطة, وكذلك مريض القلب الذي أجريت له جراحة حديثة, وأيضًا المرأة الحامل المريضة بالقلب; لأن الحمل عبء على القلب, فيجب عليها الأفطار حرصًا عليها وعلى سلامة جنينها. الصيام يؤثر على الأدوية التي يتعاطاها المريض, أما عن استعمال الأدوية في رمضان.. فعندما يتطلب العلاج استخدام الأدوية في جرعات متقاربة الزمن (أي كل 6 ساعات أو 4 ساعات) عندئذ يتعذر الصيام, ومثال ذلك غالبية المضادات الحيوية والكثير من الأدوية المنظمة لنبض القلب والموسّعة للشرايين, ولكن بعد التطور في علم الفارماكولوجي والوصول إلى أدوية طويلة المفعول تصل إلى 24 ساعة أمكن للمريض أن يتناول الدواء مرة واحدة في اليوم أثناء فترة الإفطار, مع استمرار مفعول الدواء بالجسم خلال فترة الصيام, وبذلك يمكن لمريض القلب أن يصوم من دون حدوث أي مضاعفات, غير أن تقدير ذلك لا بد أن يرجع للطبيب المعالج