سيطرت الخلافات على المؤتمر الذى دعت إليه أحزاب الائتلاف الرباعي "الوفد والتجمع والناصرى والجبهة الديمقراطية" والتى عقدت اليوم السبت مؤتمرها الموسع حول "البديل الآمن للوطن ومحاولات تقديم مشروع موحد للإصلاح وتغيير الدستور". وقدم كل حزب ورقة خاصة به ما عدا حزب الجبهة، فقد قدم حزب التجمع ورقة حملت عنوان "طريق التغيير يبدأ بالمشاركة الشعبية- برنامجنا من أجل الشعب والوطن"، فيما قدم الحزب الناصرى ورقة بعنوان "مشروع الإصلاح والتغيير" أما الوفد فقدم ورقة عمل حول الحوار وتعديلات دستورية عادلة. وقد شمل المؤتمر 3 محاور "ضمانات العملية الانتخابية- ضرورة تأكيد الطبيعة الجمهورية لنظام الحكم- إعادة التوازن بين السلطات". وقد أكد الدكتور محمود أباظة رئيس حزب الوفد فى كلمته أنهم لا يدعون احتكار الحقيقة فى التعديلات الدستورية ولكنهم يقدمون محاور للمناقشة من أجل سلامة الوطن. أما الدكتور رفعت السعيد رئيس حزب التجمع فقال: لن نمل من المطالبة بتعديل الدستور ويجب ان نعبئ الرأي العام ونحاول تقديم تغيير يحترم حقوق المرأة والاقباط والفقراء ويرسى العدل والعدالة للجميع. وطالب السعيد فى كلمته بضرورة أن تكون التعديلات الدستورية مستندة على مصالح الجماهير القومية من أجل أن يكون تغييرًا للأمام مؤكدًا في الوقت ذاته على أن معركة التغيير الدستورى بدأت منذ نهاية السبعينات من القرن الماضى، وقال: إن التغيير إذا لم يكن صادرًا من الرأي العام للشعب ومعروفاً ومحددًا للقائمين به والشعب فى وقت واحد فإننا سنجد أنفسنا أمام نموذج مكرر من التجربة الإيرانية التى كلنا نعرف إلى أين وصلت الآن. وأضاف السعيد : لا نحتكر الحقيقة ولا نحتكر الدعوة للتغيير بل نريد أن نتوافق على تغيير يقوم على دولة مدنية بأسلوب تقدمى ودستور وضعى حقيقى والقانون هو الفيصل بين جميع طوائف الشعب، وأن الدستور الجديد يضمن حصول المرأة والأقباط على حقوقهم كاملة مثل باقى المواطنين. في حين كشف الدكتور أسامه الغزالي حرب رئيس حزب الجبهة فى كلمته عن أنهم أمام 3 أمور ستنتهى لا محالة وهى انتهاء نظام سياسى بدأ منذ عام 1952 والثانية هى انتهاء حقبة التعدد الحزبى المحدود والمقيد، أما الثالثة فهى نهاية فترة ولاية خامسة للرئيس مبارك وبداية فترة رئاسية جديدة نصرّ أن نكون متواجدين فيها بقوة. وأضاف الغزالى: إن هذا المؤتمر خطوة حقيقية نحو إصلاح دستورى وتعيد التوازن بين السلطات كما نأمل بأن يوفق مؤتمرنا فى التركيز على قضايا دستورية أخرى أهمها إعادة النظر فى المادة 179 المتعلقة بالإرهاب والتى تقضى على العديد من الحريات الدينية. وأكد حرب أن هذا المؤتمر يتكامل مع جهود عظيمة قامت بها أحزاب أخرى وحركات سياسية عظيمة مطالبًا في الوقت ذاته بأن التعديلات الدستورية والتشريعية يجب أن تشمل تحرير الصحافة وأجهزة الإعلام بالإضافة إلى ضرورة إبعاد شبح السيطرة الأمنية عن منظمات المجتمع المدني. من ناحيته أكد سامح عاشور النائب الأول لرئيس الحزب الناصرى أن زمن رفاهية المنافسات الحزبية انتهى، وأضاف: "يجب أن ندع خلافاتنا ونشترى مستقبل مصر". يأتي ذلك في ذات الوقت الذى سيطرت فيه الخلافات الداخلية على أحزاب المعارضة الكبرى قبل ساعات من انطلاق المؤتمر. فقد شهدت الأحزاب الكبرى حالة من الغليان الداخلى والانشقاقات قبل انعقاد المؤتمر بساعات قليلة، فقد شهد حزب الوفد الذى ينظم المؤتمر انقسامًا داخليًا خطيرًا حول الدكتور محمد البرادعى وإمكانية دعم الحزب له فى الانتخابات المقبلة. وتشير المصادر إلى انقسام الوفد إلى تيارين: الأول يتزعمه الدكتور محمود أباظة رئيس الحزب ومنير فخرى عبد النور السكرتير العام، والتيار الثاني يقوده المستشار مصطفى الطويل الرئيس الشرفى للحزب وفؤاد بدراوي نائب رئيس الحزب، وفى الوقت الذى يدعو فيه التيار الأول إلى ضرورة البعد عن دعم البرادعى أو حتى مجرد التفكير فى ذلك شكل التيار الثانى جبهة قوية تدعو لدعم البرادعى وهى الجبهة التى استطاع الطويل وبدراوى تشكيلها بمساندة جبهة وفديون ضد التوريث، وتدعو هذه الجبهة لضم البرادعى للحزب والدفع به فى الانتخابات الرئاسية المقبلة، وهو التوجه الذي يرفضه أباظة وعبد النور على الرغم من انهما حاولا ضم البرادعى للوفد مسبقًا إلا أن الأخير لم يبدِ مرونة في هذا الطلب. وعلى صعيد الحزب الناصرى فيعانى من خلافات طاحنة أيضا نظرًا لرغبة الشباب فى دعم البرادعى وهو ما ترفضه معظم قيادات الحزب. ولا يقل الامر سخونة داخل حزب التجمع الذى تشكلت فيه جبهة قوية ترى ضرورة الاستعانة بالبرادعى ودعمه وضمه للمكتب الرئاسى للحزب على خلاف رغبة الدكتور رفعت السعيد رئيس الحزب وهو الأمر الذي ينذر بانشقاق كبير داخل بيت اليسار المصرى. إلا أن الأمر يبدو مستقرا قليلا داخل حزب الجبهة الذى أعلن مرونة واسعة فى التعامل مع امر دعم البرادعى ويكفى للتدليل على ذلك ما فعله الدكتور أسامة الغزالي حرب رئيس الحزب حينما تقدم باقتراح دعوة الدكتور «محمد البرادعي» أثناء مناقشة الأسماء المرشحة لحضور المؤتمر، لكن الاقتراح واجهه اعتراض شديد من قبل «رفعت السعيد» رئيس حزب التجمع و«محمود أباظة» رئيس حزب الوفد مؤكدين أن «البرادعي» ليس رجل سياسة ولا يعرف شيئاً عن المجتمع المصري ومشكلاته ولن يفعل شيئاً من الناحية العملية. وعلى صعيد الاشكاليات الاخرى تبقى الاشكالية الكبرى والمتعلقة باختلاف ائتلاف الاحزاب الكبرى حول التعامل مع الاخوان ففى الوقت الذى يرحب فيه حزب الجبهة الديمقراطية على التحالف مع الاخوان ولا يمانع الناصرى فى ذلك يقف حزبى الوفد والتجمع ضد هذا الامر ويرقضونه تماما،وهو الامر الذى ينذر بفشل المؤتمر وربما فض الائتلاف.