وقعت حكومة السودان الخميس في الدوحة اتفاقية سلام مع حركة التحرير والعدالة المتمردة من دون مشاركة حركات التمرد الكبيرة في اقليم دارفور الذي يشهد نزاعا داميا منذ 2003. وتم التوقيع على "وثيقة الدوحة للسلام في دارفور" بحضور عدد كبير من رؤساء ورؤساء الوزراء وكبار المسؤولين في الدول الافريقية لاسيما الرئيس السوداني عمر البشير ونظرائه في تشاد واريتريا وبوركينا فاسو. وياتي التوقيع على هذه الوثيقة "النهائية" بعد ثلاثين شهرا من المفاوضات برعاية الاممالمتحدة والاتحاد الافريقي وقطر والجامعة العربية. الا ان كبرى الفصائل المتمردة رفضت التوقيع على الوثيقة لاسيما حركة العدل والمساواة والفصائل المنبثقة عن "جيش تحرير السودان" وخصوصا فصيلي عبد الواحد نور ومني مناوي. وتعد حركة التحرير والعدالة تحالفا من المنشقين عن الحركات المتمردة الكبيرة وهي لا تتمتع بثقل عسكري كبير في الاقليم. واشار امير قطر الشيخ حمد بن خليفة ال ثاني في كلمة بمناسبة التوقيع على الوثيقة الى ان انقسام الفصائل وعدم وجود "موقف تفاوضي واحد" اثر سلبا على المفاوضات التي ترعاها قطر منذ 2008 مما اخر التوصل الى اتفاق. ودعا امير قطر "جميع الاطراف" الى الانضمام الى "وثيقة الدوحة" مذكرا بان هذه الوثيقة التي تم التوصل اليها بعد جهود كبيرة قد وافق عليها ممثلو المجتمع المدني في الاقليم. وذكر ان التوقيع يشكل "بداية" ودعا الاطراف في الاقليم الى "تغليب مصلحة دارفور والسودان". ويشهد اقليم دارفور في غرب السودان منذ 2003 حربا اهلية سقط خلالها 300 الف قتيل، وفقا لتقديرات الاممالمتحدة، وعشرة الاف وفقا للخرطوم، كما ادت الى نزوح ما لا يقل عن مليون و800 الف شخص. وتعليقا على التوقيع، قال المتحدث باسم حركة العدل والمساواة جبريل ادم ان هذا الاتفاق لا يحل ازمة دارفور. وقال آدم لوكالة فرانس برس "هذه ليست اتفاقية سلام، بل +اتفاقية توظيف+ اذ تعطي وظائف دبلوماسية للذين يوقعون عليها وتفشل في ايجاد حل للمشاكل الحقيقية في دارفور". واعتبر ان الاتفاقية لم تتطرق الى مسائل رئيسية مثل "انتهاكات حقوق الانسان وتقاسم الثروة والسلطة ومحاسبة المجرمين وتعويض النازحين". وسبق ان وقعت حركة العدل والمساواة اتفاقا لوقف الاعمال العدائية مع الخرطوم في 2010 ضمن مفاوضات الدوحة، الا ان الاتفاق سرعان ما انهار وانسحبت الحركة من هذه المفاوضات. اما فصيل مني مناوي فقد وقع اتفاق سلام مع الخرطوم في 2006 في ابوجا لكنه عاد الى القتال في كانون الاول/ديسمبر متهما الحكومة بعدم تنفيذها بنود هذا الاتفاق. ومنذ ذلك الحين يقاتل جناح مناوي الى جانب حركة العدل والمساواة، والفصيل الذي يتزعمه عبد الواحد نور من جيش تحرير السودان. ووعد عبد الواحد نور يوم الجمعة الماضي بالاطاحة بنظام الخرطوم الاسلامي واستبداله بدولة علمانية "مشابهة لجنوب السودان" الذي اصبح رسميا دولة مستقلة. يذكر ان مذكرة توقيف بحق الرئيس السوداني عمر البشير صدرت من المحكمة الجنائية الدولية التي تتهمه بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية في دارفور. وفي المقابل، اصبح جنوب السودان السبت دولة مستقلة بعد خمسة عقود من الصراع مع الشمال وانفصل بذلك اكبر بلد افريقي من حيث المساحة الى بلدين، ومازال التوتر والصراع مخيما على العلاقات بينهما.