كشف البيت الأبيض، الإثنين، عن خطة سلام جديدة لإنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، تضمنت إنشاء هيئة دولية تحت اسم "مجلس السلام" برئاسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وبمشاركة شخصيات سياسية بارزة، بينها رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، الذي لم يُحدد بعد طبيعة دوره بدقة. تنص الخطة على تشكيل لجنة فلسطينية انتقالية تضم تكنوقراط غير سياسيين لإدارة غزة خلال مرحلة مؤقتة، على أن تشرف عليها الهيئة الدولية الجديدة بقيادة ترامب وعضوية قادة دول آخرين، من بينهم بلير. وستكون مهمة اللجنة تولي إدارة الشؤون البلدية والخدمات العامة، بمشاركة "فلسطينيين مؤهلين وخبراء دوليين"، لكن من دون ذكر أسماء محددة أو أطراف فلسطينية بعينها. وتؤكد الخطة بشكل واضح أن حركة حماس لن يكون لها أي دور في حكم غزة، وإلى أن تنجز السلطة الفلسطينية إصلاحات واسعة النطاق، ستظل هذه الهيئة مسؤولة عن إعادة تطوير القطاع وإدارته، بما يشمل تمويل الإعمار. كما يشمل المقترح الأمريكي تشكيل لجنة من الخبراء الذين شاركوا سابقًا في تطوير مدن حديثة مزدهرة في الشرق الأوسط، وتهدف هذه اللجنة إلى وضع تصور لإعادة إعمار غزة من خلال مشروعات اقتصادية واستثمارية، إضافة إلى إنشاء منطقة اقتصادية خاصة تُمنح فيها امتيازات جمركية وتفضيلات تجارية عبر تفاوض مع الدول المشاركة. وبحسب الخطة، فإن بعض الأفكار الاستثمارية أُعدت من قبل "مجموعات دولية" لم يُفصح عنها. بلير.. بين الانتقادات والدور الجديد اللافت في الخطة هو الدور الذي أُعطي لتوني بلير، الذي أثار جدلًا واسعًا بسبب تاريخه السياسي، خصوصًا مشاركته في غزو العراق عام 2003 تحت مزاعم أسلحة الدمار الشامل التي تبيّن لاحقًا عدم صحتها. وهو ما دفع منتقدين فلسطينيين ودوليين إلى رفض أي دور له في غزة. بدوره قال مصطفى البرغوثي، الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية، لصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية: "لقد كنا تحت الاستعمار البريطاني بالفعل. إذا ذكرت توني بلير، فإن أول ما يذكره الناس هو حرب العراق". فيما علقت المقررة الأممية الخاصة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، فرانشيسكا ألبانيز: "توني بلير؟ بالطبع لا. ارفعوا أيديكم عن فلسطين". ورغم هذه الانتقادات، أشاد بلير نفسه بالخطة، واصفًا إياها بأنها "شجاعة وذكية"، مؤكدًا أنها قادرة على إنهاء الحرب وإدخال الإغاثة العاجلة إلى غزة، مع ضمان أمن إسرائيل والإفراج عن جميع الرهائن. ولم تكن الخطوة وليدة اللحظة؛ ففي أواخر أغسطس الماضي، كشفت تقارير صحفية بريطانية وأمريكية أن بلير التقى ترامب وصهره جاريد كوشنر في البيت الأبيض، بحضور عدد من المسؤولين، حيث تركزت المحادثات على "اليوم التالي" للحرب، وسبل إعادة إعمار غزة، وزيادة المساعدات الغذائية، فضلًا عن ملف الأسرى لدى حماس. كما أفادت صحيفة فاينانشال تايمز أن بلير عمل خلال الأشهر الماضية على ترويج خطة لإنشاء "وصاية دولية" لإدارة غزة، بالتنسيق مع الإدارة الأمريكية. فيما ذكرت تايمز أوف إسرائيل أن المقترح بدأ تحت اسم "السلطة الانتقالية الدولية في غزة" (غيتا) قبل أن يتطور إلى خطة شاملة لإنهاء الحرب. وعرض ترامب خطته على مجموعة من القادة العرب والإسلاميين خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، الأسبوع الماضي، وقد رحّب القادة بالجهود، وأصدروا بيانًا أشاروا فيه إلى "الوضع المأساوي غير المحتمل في قطاع غزة"، مؤكدين رفضهم التهجير القسري وضرورة السماح بعودة النازحين. وأعلن البيت الأبيض، مساء أمس الاثنين، رسميًا خطة ترامب لإنهاء الحرب في غزة، والتي تضمنت 20 نقطة أبرزها: أن تكون غزة منطقة منزوعة التطرف وخالية من الإرهاب ولا تشكل تهديدًا لجيرانها، وإعادة إعمار غزة بشكل يضمن حياة كريمة لسكانها الذين عانوا كثيرًا، وإطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة لدى المقاومة الفلسطينية. وتأتي هذه التطورات في ظل حرب إسرائيلية مستمرة منذ أكتوبر 2023، وصفتها تقارير أممية وعدد من خبراء حقوق الإنسان بأنها تصل إلى مستوى "الإبادة الجماعية".