مكتب التنسيق الإلكتروني يباشر أعماله هذا العام من جامعة القاهرة    الآن.. جدول امتحانات الصف الأول الإعدادي الأزهري 2025    وفاه زوجة الإعلامي محمد مصطفى شردي بعد صراع مع المرض    توجيه مهم من السياحة بشأن المعتمرين المتخلفين قبل موسم الحج 2025.. مهلة لهذا الموعد    أسعار البقوليات اليوم السبت 10-5 -2025 في أسواق ومحال محافظة الدقهلية    مدبولي يزور شركة قناة السويس للحاويات بميناء شرق بورسعيد    رئيس الوزراء يزور شركة قناة السويس للحاويات بميناء شرق بورسعيد    التخطيط والتعاون الدولي: مصر أكبر شريك تجاري لدولة سويسرا في قارة أفريقيا    روسيا: إيقاف إمدادات الأسلحة لأوكرانيا شرط للهدنة    عاجل - لماذا استدعى العراق قواته من بكستان؟    القناة 12 العبرية: شركة ITA الإيطالية تمدد تعليق رحلاتها من وإلى إسرائيل حتى 19 مايو    لليوم 104 على التوالي| الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة طولكرم بالضفة    تقرير: ترامب سيعلن اعترافا أمريكيا بدولة فلسطينية بدون حماس    الأمم المتحدة تؤكد استعدادها لزيادة المساعدات إلى غزة بمجرد رفع الحصار    رئيس البنك الأهلي يكشف لمصراوي حقيقة عرض ال "152 مليون جنيه" لصاحب هدف الحسم في بيراميدز    بعد فقد الصدارة.. تعرف على مواعيد مباريات بيراميدز المقبلة في الدوري    موعد مباريات اليوم السبت في دوري المحترفين والقنوات الناقلة    اليوم.. انطلاق الجولة 35 ببطولة دوري المحترفين    متروكة ومتهالكة في الشوارع.. رفع 42 سيارة ودراجة نارية بالقاهرة والجيزة    الأرصاد تحذر: ذروة الموجة الحارة غدًا وهذا هو موعد انخفاض الحرارة    حريق هائل في 5 منازل ببني سويف    ضبط 8 أطنان دقيق بلدي مدعم قبل بيعها في السوق السوداء بدمنهور    ثِقل القلب    المتحف المصري الكبير يستقبل رئيس جمهورية جزر القمر ووزيرة التعليم والثقافة اليابانية    غدا.. محمد مصطفى شردي يستقبل عزاء زوجته في مسجد الشرطة    «سيكو سيكو» يقترب من 166 مليون جنيه    «رئيس الرعاية الصحية»: منصة وطنية للتشخيص عن بعد باستخدام الذكاء الاصطناعي قريبا    صرف مكافأة استثنائية للعاملين بمستشفيات جامعة القاهرة    بخطوات سهلة واقتصادية.. طريقة تحضير الناجتس    «الثقافة» تنظم زيارة تثقيفية لأطفال المناطق الجديدة الآمنة بمركز الحضارة والإبداع    أمين الفتوى: طواف الوداع سنة.. والحج صحيح دون فدية لمن تركه لعذر    3 قرارات جمهورية مهمة و6 هدايا رئاسية سارة للمصريين وتكليفات حاسمة للحكومة    «الصحة»: تدريب 5 آلاف ممرض.. وتنفيذ زيارات ميدانية ب7 محافظات لتطوير خدمات التمريض    ثلاثية بصرية.. معرض يوثق الهوية البصرية للإسكندرية بأسبوع القاهرة للصورة    قوات الدفاع الشعبى والعسكرى تواصل تنفيذ الأنشطة والفعاليات لدعم المجتمع المدنى    الرمادي يعقد جلسة مع لاعبي الزمالك قبل مواجهة بيراميدز    رئيس جامعة القاهرة يصدر قرارات لشغل عدد من المناصب الأكاديمية والإدارية    وفاة زوجة الإعلامي محمد مصطفى شردي بعد معاناة مع المرض    هل أصدرت الرابطة قرارا بتأجيل مباراة القمة 48 ساعة؟.. ناقد رياضي يكشف مفاجأة (فيديو)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 10-5-2025 في محافظة قنا    حاجة الأمة إلى رجل الدولة    تفاصيل مفاوضات الأهلي مع جارسيا بيمنتا    المركزي للتعبئة العامة والإحصاء: ارتفاع معدل التضخم السنوي إلى 13.5% خلال ابريل    شعبة مستأجري عقارات الإيجار القديم: نرفض بند الإخلاء بعد 5 سنوات    الصحة: تدريب أكثر من 5 آلاف ممرض.. وتنفيذ زيارات ميدانية ب7 محافظات لتطوير الخدمات    مستشفيات جامعة القاهرة: صرف مكافأة استثنائية 1500 للعاملين    اليوم.. محاكمة 9 متهمين بخلية "ولاية داعش الدلتا"    45 دقيقة تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. السبت 10 مايو 2025    حبس لص المساكن بالخليفة    مشجع أهلاوي يمنح ثنائي البنك مكافأة خاصة بعد الفوز على بيراميدز    الرئيس السيسي يعود إلى أرض الوطن بعد مشاركته في احتفالات عيد النصر في موسكو    الشعب الجمهوري بالمنيا ينظم احتفالية كبرى لتكريم الأمهات المثاليات.. صور    مدير مدرسة السلام في واقعة الاعتداء: «الخناقة حصلت بين الناس اللي شغالين عندي وأولياء الأمور»    هل تجوز صلاة الرجل ب"الفانلة" بسبب ارتفاع الحرارة؟.. الإفتاء توضح    السيطرة على حريق داخل عصارة عسل أسود بقنا    الهند توقف العمل في 32 مطارا مدنيا بسبب القصف الباكستاني    جامعة القاهرة تكرّم رئيس المحكمة الدستورية العليا تقديرًا لمسيرته القضائية    هل يجوز الحج عن الوالدين؟ الإفتاء تُجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"البدو الرحالة".. كواليس التعايش على هامش الحياة (فيديو)
نشر في مصراوي يوم 30 - 08 - 2020

البدو.. كلمة عربية إذا ما طالعها أحدنا، أو لاحت بمخيلته؛ فإنه -دون مشقة ذهنية وبلا بحث منهجي- يقف على ذلك الشكل البدائي للحياة في كل مظاهره، وفي مدى ارتباطه بالبادية بحرّها اللافح الذى يذيب دماغ الضب، وبردها القارس الذى يعقِد ذنَب الكلب، وصولا إلى ذلك النوع الأوحد والمستقل من الثقافة عابرة الحدود، والتي تمتد يقينا خارج النطاق الجغرافي لمجموعة أو مجموعات منها.
وهنا رصدت الكاميرا في إحدى قرى دلتا النيل المصرية بمحافظة كفر الشيخ "البدو الرحالة" ولحسن الحظ هذه المرة، وهم يدقوا أوتاد خيامهم البسيطة؛ بعدما قطعوا المسافة نفسها عبر أمكنة تصارع أحلام يقظتهم فيها بالعثور سريعا على البقعة الملائمة للرعي وإضفاء طقوس حياتهم عليها زمانا لا يكاد يتحرك، ككل مرة يوشكون أن ينزلوا فيها بأرض تحيا بهم ويحيَوْن بها، وذلك خلال رحلتهم التي تطوى العام كله شهرا خلف شهر؛ بحثا عن موطئ قدم تغدو وتروح بين الماء والكلأ.
مع بزوغ أول خيط للضوء.. تنهض السيدات أولا، ويتنقلن على تلك الرقعة الواسعة من الأرض الممتلئة بأغراضهن.. كل واحدة منهن تعرف مَهماتها، وما يطرأ ترشدهن إليه كبيرتهن وهي السيدة (سُلومَة)، امرأة قوية البنيان دائمة الابتسامة شخصيتها حاضرة في كل التفاصيل؛ سواء إذا تعلق الأمر بشئون الرعية أو العمل.
لا تقف الحكايات عند حدود الشكوى من سوء الحال بإشارات تدعم ما تحكيه عن أطفال يرثون الكد وقلة التعليم، والملابس الرثة كابرا عن كابر. حتى إن أراد غريب أن يقتحم حياتهم لدقائق، لا يحتاج إلى شرح أو تفسير، لكن ذلك لا يمنعهم من حضور العفوية واستحضار واجب الضيافة.
دقائق قليلة.. ويستيقظ الرجال تباعا، ينهضون لمباشرة أعمال الرعي بعد تناول الفطور الذى يُعد وعناصرهم الرئيسية "اللبن والشاي".
يحكى السيد (سلامة) -الذى يبدو علي مشارف الستين- عن الكثير من تفاصيل حياتهم.. عن كيفية تنقلهم من مكان إلى آخر؛ حتى أنه حكى عن أسفار قطعوها مشيا خلف ماشيتهم، وقد عبروا الحدود بين مدينة وأخرى، بل من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب؛ طلبا لطعام الماشية حسب مواسم الزراعة ونوعية المحاصيل في كل منطقة.
تطرق الرجل إلى أصولهم العِرقية التي تعود إلى إحدى قبائل وعشائر شبه الجزيرة العربية؛ والتي تسمى (قبائل الشام) والتي وصلت إلى مصر وعاشت بها منذ أكثر من قرن أو قرن ونصف تقريبا، أما هم فينحدرون من "قبيلة عرب مطير" كما أشار هو وزوجته إلى منظومة التقاليد التي تحكم المجتمع البدوي، ونظام الخِطبة والزواج والمهور، ومدى تشابك المصاهرة القبلية والنسب، والذي يشير ضمنيا إلى أن نظام الزواج في هذه المجتمعات هو ما يمثل العلاقات السياسية فيما بينها ومعاهدات الحماية والدفاع المشترك.
تناول حديثهم بعض الحكايات عن طقوس أعراسهم، والأغاني والفنون التي توارثوها عن أسلافهم، وعن مظاهرهم الخاصة وما يتعلق بها كحياكة الملابس؛ خاصة كيفية تطريز ملابس السيدات والفتيات.. ولم يخلُ كلامهم من الدخول إلى العالم المجاور لهم، وكيف يكابدون مشقة الترحال وشظف العيش وسوء أحوال أطفالهم، بحسب تعبيرهم.
هؤلاء الناس قد ألفوا ذلك النوع من الحياة الشاقة، و قد تكيفوا مع كامل ظروفها.. قبلوا حياة العراء بما يأتي به نهارُها من القيظ الشديد صيفا والأمطار والرياح الشديدة شتاء، وبما قد يفاجئهم به ليلُها من معارك لم يعدّوا لها عُدّتها؛ فيشهدون عالمهم المشيد وقد أضحى هشيما تذروه الرياح، وقد اجتثت أركانه رحى حرب ضروس لم يملك المعتدَى عليه من أسلحتها سوى نباح الكلاب.
حين تراقب (ليلى) و(حُسنة) اللتين تسعيان ذهابا ومجيئا بين أطراف تلك الرقعة من الحقول، تطعمان الحيوانات والطيور، وتحلبان الأبقار والشياه، وتعتنيان بالأطفال والرضع، وتطهوان طعام العشيرة، وتشعلان النار في جوف حفرة تسع لزير من الفخار يستخدم كفرن لإعداد الخبز؛ بإلقائها يداها بداخله على أحد جوانبه وتثبيت الخبز بعصا لأقل من نصف دقيقة... تدرك معنى الرضا والتصالح مع الذات، ومفهوم التضحية الذي هو نفسه جوهر الأخلاق التي تحل بمنزلة المحرك لآلة هذا المجتمع ضمن النسق المتكامل لمبادئه وأعرافه.
إن تفانيهما وتنقلهما بملابسهما المزركشة بألوان صيفية تشبه حمرة وجنتيهما وضحكة ثغريهما.. يعكس صورة السعادة المقرونة بالرضا الحقيقي، والفطرة الطيبة، عفوية السلوك وبساطة الطموح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.